المضاعِف هو عاملٌ في الاقتصاد الكلي يقيس مدى التغيُّر الذي حصل في قيمة أي توظيف أولي خلال دورة اقتصادية معيَّنة، تقاس عادة بالسنة.
فإذا تم ضخ مئة ريالٍ في الاقتصاد مثلاً، على شكل شراء سلعٍ مصنوعة محلياً أو فتح حساب في البنك أو تشغيل أحد العمال للقيام بأي شيء وغير ذلك، فإن هناك احتمالاً كبيراً أن تنعكس قيمة هذا المبلغ في الناتج المحلي الإجمالي أضعاف ذلك. ونسبة الزيادة للقيمة النهائية لمبلغ المئة ريال نسميها “المضاعِف”؛ فإذا أصبحت 500 ريال، يكون المضاعِف 5.
تعتمد قيمة المضاعِف على عدة عوامل اقتصادية يتميز بها أي اقتصاد، وأهمها هو “المَيل الحدي للاستهلاك”، أي ما هو ميل هذا العامل (أو الشركة أو المؤسسة أو الإدارة الحكومية) الذي تلقّى أجراً يبلغ 100 ريال ليستهلك أو يوفر منها. فإذا قرَّر أن يصرف 80 ريالاً يكون هذا المَيل للاستهلاك (م= 80/100 = 0.8) أو المَيل إلى التوفير (ت= 1-0.8 = 0.2). هذا العامل بدوره سوف يُشغِّل عاملاً آخر (أو يشتري سلعاً أو خدماتٍ معينةً وغير ذلك) بقيمة 80 ريالاً. العامل الآخر بدوره سيصرف منها 64 ريالاً ويوفر 16. وآخر عاملٍ سيقوم بدوره بالعملية نفسها وهكذا دواليك.
من المهم أن نعرف أننا عندما نصرف مبلغاً من المال لأحد العمال (أو لأي جهةٍ أخرى) فإن هذا المبلغ يصبح مدخول هذا العامل الجديد أو الجهة الأخرى. وهكذا إذا افترضنا أن المَيل الحدي للاستهلاك هو 0.8 وجمعنا هذه المداخيل جميعها تصبح: 100+80+64+51.2 +…=500 ريال.
إن المعادلة المعبِّرة عن المضاعف التي تعكس هذه العملية الحسابية هي (1/1-م)، أو (1/ت)، وترجمتها في المثل أعلاه هي 500/100=5، أي إن المضاعِف هو 5.
ومعنى ذلك أنه إذا تم ضخ 100 ريال في اقتصاد معيَّن، سيتضاعف هذا المبلغ خمس مرات في الناتج المحلي الإجمالي خلال سنة.
هذا على الصعيد النظري المبسط للشرح. أما في الواقع، فتصبح العملية أكثر تعقيداً. إذ يعتمد المضاعِف على أكثر من العامل الواحد الذي أوردناه. فهو يعتمد أيضاً على مستوى الضرائب وعلى نسبة الواردات إلى الناتج المحلي الإجمالي، وعلى طبيعة سرعة الحركة الاقتصادية. فإذا كان الاقتصاد متأخراً ونظامه البنكي ضعيفاً، يكون المضاعف منخفضاً، وعكس ذلك يجعله مرتفعاً.
فعندما نحتسب الضرائب والحركة التجارية يصبح المضاعف: 1/ت+ض+ح حيث إن ض= نسبة الضرائب، ح=نسبة الواردات إلى الناتج المحلي الإجمالي. وإذا افترضنا أن ت=0.1، ض=0.2، وح=0.2 يصبح المضاعف: 1/0.5=2
فإذا أخذنا اقتصاد دولة حيث نسبة الواردات إلى الناتج المحلي مرتفعة جداً وتصل إلى حدود %40، أو ح=0.4، ونسبة الضرائب مرتفعة وتصل إلى %35 أو ض=0.35، وافترضنا أن الميل إلى التوفير أو ت=0.2 فإن المضاعف هو ضعيفٌ جداً، أو غير موجود ويساوي 1/0.95=1.05
بينما في الاقتصاد السعودي مثلاً، حيث نسبة الواردات إلى الناتج منخفضة وكذلك نسبة الضرائب ونسبة التوفير فإن المضاعِف يكون مرتفعاً جداً.
ونستطيع أن نستدل مما سبق على أهمية إنتاج السلع الاستهلاكية محلياً في أي اقتصادٍ، وكذلك أهمية نسبة الضرائب في التحكم بنسب النمو الاقتصادي.
ويمكن، في حالاتٍ معيَّنةٍ، أن يتحوَّل أثر المضاعف سلبياً على الاقتصاد، عندما يتم سحب الأموال وتجفيفها من البنوك المحلية إلى الخارج مثلاً، أو في حالات حصول الكوارث الطبيعية من دون تلقي مساعدات معتبرة من الخارج.
مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
يناير – فبراير | 2019
المضاعِف الاقتصادي
مقالات ذات صلة
في عام 2077م، شهد معظم سكان أوروبا كرة نارية تتحرك في عرض السماء، ثم سقطت كتلة تُقدّر بألف طن من الصخور والمعادن بسرعة خمسين كيلومترًا في الثانية على الأرض في منطقة تقع شمال إيطاليا. وفي بضع لحظات من التوهج دُمرت مدن كاملة، وغرقت آخر أمجاد فينيسيا في أعماق البحار.
نظرية التعلم التعاضدي هي: منهج تتعلم عبره مجموعة من الأفراد بعضهم من البعض الآخر من خلال العمل معًا، والتفاعل لحل مشكلة، أو إكمال مهمة، أو إنشاء منتج، أو مشاركة تفكير الآخرين. تختلف هذه الطريقة عن التعلم التعاوني التقليدي، فبين كلمتي تعاون وتعاضد اختلاف لغوي بسيط، لكنه يصبح مهمًا عند ارتباطه بطرق التعليم. فالتعلم التعاوني التقليدي […]
حتى وقتٍ قريب، كان العلماء مجمعين على أن الثقافة هي سمةٌ فريدةٌ للبشر. لكن الأبحاث العلميّة التي أجريت على الحيوانات، منذ منتصف القرن العشرين، كشفت عن عددٍ كبيرٍ من الأمثلة على انتشار الثقافة لدى أغلب الحيوانات. وعلى الرغم من الغموض الذي يلفّ تعبير الثقافة، حسب وصف موسوعة جامعة ستانفورد الفلسفيّة، هناك شبه إجماعٍ بين العلماء […]
اترك تعليقاً