مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
يناير – فبراير | 2019

جرثومية المرض


الاعتقاد السائد حالياً أن الأمراض والأوبئة مثل الإنفلونزا والجدري والتهاب الرئة وغيرها، مصدرها كائناتٌ مجهريةٌ متناهية الصغر، على شكل بكتيريا وفيروسات وأشكال أخرى لا تُرى بالعين المجردة، هي حديثةٌ نسبياً. ظهرت أواخر القرن التاسع عشر، وفتحت الباب واسعاً أمام الاكتشافات الكبيرة في الطب وعلم الأمراض.
كان الاعتقاد قبل ذلك، ومنذ الطبيب اليوناني أبقراط، 460 قبل الميلاد، أن الأمراض والأوبئة تتولد ذاتياً في بيئاتٍ معينةٍ مثل “الهواء الرديء”.
وفي القرن التاسع عشر الميلادي، مكَّنت التحسينات في تكنولوجيا الميكروسكوب، جيلاً من علماء الأحياء المجهرية من إجراء مزيد من البحث في عالم الكائنات الحية المسببة للأمراض غير المرئية سابقاً. وقام عدد من هؤلاء العلماء بأبحاثٍ أسهمت في النهاية بتشكيل نظرية الجراثيم. مع ذلك، لم يتم إثبات الدليل العلمي للنظرية إلا عندما أثبت العالم الفرنسي لويس باستور أن البكتيريا موجودة في الهواء.

لوحة فنية للعالم لويس باستور في مختبره، للفنَّان ألبرت إيديلفت

اختبر باستور عديداً من السوائل المختلفة، بما في ذلك تلك التي عادة ما يتم تخميرها بسهولة بالغة. ووجد أن أياً منها لم يتخمر بعد غليه. وخلص إلى أن عمليات التخمير والتحلل كانت بسبب الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في الهواء، وأن هذه الكائنات الدقيقة يمكن أن تُقتل بالتسخين بدرجة حرارة بين 50 – 60 درجة مئوية. ولا تزال هذه الطريقة تُستعمل على نطاقٍ واسعٍ حتى يومنا، وتعرف باسم باستور أي (Pasteurization) أو بالعربية البسترة.
أرست هذه النتائج نظرية جرثومية المرض التي لا يزال العلم يستند إليها في أبحاثه واختباراته وعلاجاته إلى يومنا هذا. وتنص على أن عدداً من الأمراض، سببها الكائنات المجهرية الدقيقة، متناهية الصغر، التي تغزو البشر والحيوانات والمضيفين الأحياء الآخرين. إن نموها وتكاثرها داخل مضيفها هو ما يسبِّب المرض. وكلمة “جرثوم” لا تطلق فقط على البكتيريا، بل على أي نوعٍ من الكائنات المجهرية، خاصةً تلك التي تسبِّب المرض، مثل الفطريات أو الفيروسات أو البريونات (بروتينات معتلة) أو الطلائعيات (ليست نباتات أو حيوانات أو فطريات) أو أشباه الفيروسات (التي تغزو النباتات).


مقالات ذات صلة

في عام 2077م، شهد معظم سكان أوروبا كرة نارية تتحرك في عرض السماء، ثم سقطت كتلة تُقدّر بألف طن من الصخور والمعادن بسرعة خمسين كيلومترًا في الثانية على الأرض في منطقة تقع شمال إيطاليا. وفي بضع لحظات من التوهج دُمرت مدن كاملة، وغرقت آخر أمجاد فينيسيا في أعماق البحار.

نظرية التعلم التعاضدي هي: منهج تتعلم عبره مجموعة من الأفراد بعضهم من البعض الآخر من خلال العمل معًا، والتفاعل لحل مشكلة، أو إكمال مهمة، أو إنشاء منتج، أو مشاركة تفكير الآخرين. تختلف هذه الطريقة عن التعلم التعاوني التقليدي، فبين كلمتي تعاون وتعاضد اختلاف لغوي بسيط، لكنه يصبح مهمًا عند ارتباطه بطرق التعليم. فالتعلم التعاوني التقليدي […]

حتى وقتٍ قريب، كان العلماء مجمعين على أن الثقافة هي سمةٌ فريدةٌ للبشر. لكن الأبحاث العلميّة التي أجريت على الحيوانات، منذ منتصف القرن العشرين، كشفت عن عددٍ كبيرٍ من الأمثلة على انتشار الثقافة لدى أغلب الحيوانات. وعلى الرغم من الغموض الذي يلفّ تعبير الثقافة، حسب وصف موسوعة جامعة ستانفورد الفلسفيّة، هناك شبه إجماعٍ بين العلماء […]


0 تعليقات على “جرثومية المرض”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *