ثَمَّة مَثل سعودي يقول: “كل كلمة ولها مِكْيل” وهناك حكمة عند البولنديين تقول: “الكلمات يجب أن تُوزن لا أن تُعَدّ”!
يذكر اللغوي الألماني فلوريان كولماس في كتابه “اللغة والاقتصاد (1992م) – المُترجم للعربية (2000م) – أنَّ التطوُّرات اللغوية في أوروبا تزامنت مع التطوُّرات الاقتصادية. واصفاً العلاقة بين اللغة والاقتصاد بعبارة أن الكلمات تُسَك كما تُسَك العملات، وأن المفردات عُملة التفكير.
من الواضح أن القولين الموجزين في المقدِّمة يحثِّان على السلوك المقبول في التواصل الاجتماعي، ولكن معناهما الأوسع يتفق مع البحث الذي أجراه كولماس حول علاقة اللغة (أو الكلمات) مع الأنشطة الاجتماعية المرتبطة بالإنتاج.
صدرت مؤخراً عن اليونسكو دراسة تمهيدية بعنوان “اللغة العربية والإبداع” (2021) سلَّطت الضوء على الإبداع عند الشباب العربي من خلال قياس تأثير اللغة العربية والتحوُّل الرقمي، وتأثير الصناعات الثقافية والإبداعية على التنمية والعلاقات الاجتماعية.
ذكرت الدراسة أن الإنتاج الفني والإبداع يشهد نمواً ملحوظاً في العالم العربي، وأن اللغة العربية التي تُعدُّ مرجعاً أساسياً معرّفاً وفي جوهر مبادرات متعدِّدة في المنطقة، شكَّلت مُحرِّكاً مهماً لتطوير التعابير الإبداعيّة في الأدب والموسيقى والمسرح، والخطابة والكتابة، والخط وفنون الأداء والفنون الرقميّة، وطوّرت جماليّاً الشعر والفلسفة، والهندسة المعماريّة، وصناعة المجوهرات والموضة، ومجموعة أخرى من التعابير الثقافيّة والإبداعيّة.
هذه هي الأخبار السارة في الدراسة، أما التحديات فقد ظهر أحدها في محور “نشر اللغة العربيّة: تحدّي التنوّع الثقافي”. فهناك نسبة لافتة وهي %1.1 التي تشير إلى المواد المنشورة بالعربية في شبكة الإنترنت، في حين أنَّ نسبة المواد بالإنجليزية تبلغ أكثر من %61.4.
وبالتأكيد، إنَّ نسبة %1.1 في البيئة الرقميّة لا تتوازى مع موقع اللغة العربية بوصفها إحدى اللغات الخمس عشرة الأعلى استخداماً في العالم بنسبة من يتحدثون بها %9.94. ربما تكون النسبة دقيقة، ولكن في ظل عدم معرفة طريقة حسابها فإنها تثير تساؤلاً أيضاً حول طبيعة المحتوى العربي الإبداعي في هذه البيئة، لا سيما أن الإحصاءات الحديثة تشير إلى ازدياد عدد مستخدمي هذه اللغة في الشبكة من شرائح اجتماعية وعمرية مختلفة.
ومع ذلك، تُوصِّل أراء فلوريان، وتُبرهن دراسة اليونسكو على إمكانات الإبداع والاستثمار في اللغات ومنها اللغة العربية، خصوصاً مع التوجه نحو الاقتصاد المبني على المعرفة. فالاستثمار المقصود هنا يتجاوز التعابير الإبداعية والأعمال الفنية إلى الاستثمار في اللغة العربية في قطاع التعليم، والحوسبة، وتصميم البرامج، والترجمة، والنشر، والإعلام، ووسائل الاتصالات، وإنشاء مراكز تعلُّم اللغة العربية في دول العالم، وغيرها. تلك القادرة على الإنتاج الإبداعي والثقافي، وفي الوقت نفسه تحقق الإسهام في التنمية والنمو الاقتصادي.
ومن هنا يظهر سؤال: متى يمكن استثمار هذه الإمكانات اقتصادياً؟ الواقع يقول الآن. خصوصاً عندما نعرف أن من أهم محفّزات هذه الإمكانات هي المبادرات التي تُنفِّذها اليوم عديد من الدول العربية. فمثلاً، أكدت الدراسة المذكورة جهود المملكة في تشجيع الثقافة واللغة العربيتين بقوله: “إن المملكة العربية السعودية تشكّل إحدى الجهات الفاعلة التي بدأت تظهر على صعيد هذا النظام الإيكولوجي المبدع […] ومن هذا المنطلق، تهدف رؤية السعودية 2030 إلى تشجيع الاقتصاد الثقافي وريادة الأعمال الإبداعية والمشاركة الثقافية لأغراض التنويع الاقتصادي وتحسين نوعية الحياة”.
وهكذا، تخبرنا هذه الحقائق والمؤشرات إنه من المتوقع في العقود القليلة المقبلة أن تحظى إمكانات اللغة العربية الإبداعية والاستثمارية بقدرٍ من الاهتمام يفوق التغني بها وإبراز جمالياتها المستحقة بالتأكيد.
قرات المقال لا يتضح ماهو الهدف من المقال ؟ هل متوقع ان يتعلم العالم اللغه العربيه؟ نتكلم علميا او فخرا و حبا للغه . يوجد فرق بين التعصب و بين الفخر و بين تقديم ماينفع البلاد و يوضعها في مصاف الدول العالميه
مستغرب مثل هذا المقال و يبدو انه كتب على عجل !