طاقة واقتصاد

الخليج النفطي.. منطقة استراتيجية تزداد أهمية
الزيت.. الذروة والانخفاض

  • opec-non-opec(Outline)

من المتوقع أن يكون لبلوغ إنتاج العالم من الزيت ذروته خارج دول أوبك، ثم توجهه نحو الانخفاض، تأثيراً على ازدياد أهمية إنتاج دول أوبك.لذلك فإن الشركات ومنظمات الطاقة العالمية تركز انتباهها ومجمل دراساتها على هذا الموضوع. المهندس عبدالعزيز الخويطر، المتخصص في دراسات الزيت، يقدم فيما يلي رؤية عن إنتاج الزيت في المستقبل المنظور.

لم يلعب أي مصدر من مصادر الثروة في القرن الماضي دوراً استراتيجياً يضاهي الدور الذي لعبه النفط. وبطبيعة الحال وكأي مورد استراتيجي، فإن المعلومات الخاصة باحتياطيات وإنتاج النفط المستقبلي تحاط بالكثير من الجدل حولها.

ترى شركات النفط العالمية أن ذروة إنتاج النفط خارج أوبك، ستكون مابعد 0202م، في محاولة منها لتهدئة المخاوف حول وصول الإنتاج خارج أوبك إلى ذروته، وذلك خشية تأثير ذلك على أسعار أسهم هذه الشركات، علماً أن معظم إنتاج نفطها يقع في دول غير أعضاء في أوبك. وفي رأي بعض الشركات أن مصادر النفط غير التقليدي (مثل الرمل الزيتي في كندا) من الممكن أن تقلل الاعتماد على النفط التقليدي، ولكن الحقيقة أن إنتاج الزيت غير التقليدي يقل عن مليون برميل في اليوم وذلك من إجمالي 77 مليون برميل في اليوم من الإمدادات، ولهذا فإن تأثيره سيكون محدوداً.

ونتيجة للجدل الدائر حول إنتاج الزيت المستقبلي، أخذت منظمات الطاقة العالمية مثل وزارة الطاقة الأميركية ووكالة معلومات الطاقة الدولية وشركات مثل إكسون موبيل وبريتيش بتروليوم تبدي اهتماماً متزايداً حيال هذا الموضوع.

وباستثناء بعض المختصين بصناعة النفط، فإنه من الصعوبة تقدير إمكانات الإنتاج المستقبلية للشركات النفطية العالمية. لقد عملت شركات ومنظمات صناعة الزيت على تركيز الاهتمام على الكميات الباقية من احتياطيات الزيت وإغفال القضية الأهم وهي معدلات إنتاج الزيت، وهذه هي النقطة الأساسية نظراً إلى اعتماد العالم على وفرة الزيت الذي يُؤمّن 59% من جميع أنواع الوقود المستخدم في النقل.

وما يحاول المحللون المستقلون إبرازه هو وجوب تركيز انتباهنا على التاريخ الذي يبدأ إنتاج النفط فيه بالتناقص وليس متى سيتم إنتاج آخر قطرة من الزيت. ويبني خبراء متخصصون في النفط مثل كامبل ولاهيرير ودنكان وديفيز توقعاتهم بقرب بلوغ ذروة إنتاج النفط على ملاحظاتهم بأن أعلى مستوى إنتاج يتزامن مع متوسط استنزاف المورد المعني، وهذا يعني في حالة النفط أننا عند الوصول إلى ذروة الإنتاج نكون قد استهلكنا نصف كميات الزيت القابلة للاستخراج في العالم.

وأكثر النماذج المستخدمة في تقدير إنتاج وإمدادات الزيت شهرة في مجال صناعة النفط هو النموذج الذي وضعه كينج هيوبرت عام 6591م والذي تمكّن من خلاله من توقّع ذروة إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية في عام 0791م، وذلك استناداً إلى الافتراض بأن كميات الزيت القابلة للاستخراج تبلغ 002 بليون برميل. ويطبق بعض المحللين الآن نموذج هيوبرت على نطاق عالمي في محاولة لتوقع طاقة إنتاج الزيت العالمية المستقبلية.

لقد قام محللون آخرون بدراسة مناحي اكتشافات الزيت ولاحظوا أن هذه الاكتشافات تصل دائماً إلى ذروتها أولاً، وهذا ما ينعكس بالضرورة على مستوى إنتاجه الذي يبلغ ذروته بعد ذروة الاكتشافات بمدة تتراوح ما بين 03 و05 عاماً. ويعد بحرالشمال من الأمثلة الحديثة على ذلك، حيث جاءت ذروة الإنتاج في عام 2000م بعد 82 عاماً من ذروة الاكتشاف. وقد بلغت اكتشافات الزيت في العالم ذروتها في عام 4691م، ولهذا فليس هناك مجالاً للدهشة عندما نعرف أن الإنتاج العالمي يوشك أن يبلغ هو الآخر ذروة تُناظر الذروة التي بلغتها الاكتشافات.

وبلغ الإنتاج في أوروبا، الذي تأتي نسبة 09% منه من بحر الشمال، ذروتــه في عـام 0002م عندما وصل إلى مستوى 2.6 مليون برميل في اليوم. ومن الممكن تقويم الانخفاض المتوقع في إنتاج بحر الشمال من الزيت بصورة دقيقة، لأن حكومتي المملكة المتحدة والنرويج تصدران تقارير سنوية مفصّلة عن الاحتياطيات والإنتاج وتوقعات الإنتاج المستقبلية في كل حقل.
وعلى الرغم من التوقعات الإنتاجية المتفائلة التي تضعها شركات النفط، لم يحصل أن استعادت أية منطقة منتجة للزيت مستوى إنتاجها بعد بلوغ الذروة، بل إن هبوط معدل الإنتاج يصبح أمراً حتمياً.

لقد وصل إنتاج الاتحاد السوفيتي السابق إلى ذروته في عام 7891م ولكنه بدأ يتناقص بعد الانهيار الاقتصادي الذي حدث فيه في الأعوام القليلة الماضية. وعلى الرغم من زيادة إنتاج دول الاتحاد السوفيتي السابق من الزيت بصورة تدريجية خلال السنوات الثلاث الماضية إلا أن معظم الخبراء لا يتوقعون أن يصل ذلك الإنتاج إلى الذروة البالغة 5.21 مليون برميل يومياً (وصل الإنتاج في عام 2002م إلى 4.9 مليون برميل يومياً).

وإذا تتبعنا الرسم البياني لإنتاج الزيت في الدول غير الأعضاء في أوبك سنلاحظ وصول إنتاج تلك الدول في عام 4891م إلى ما يقرب من 24 مليون برميل في اليوم، وأن هذا الإنتاج لم يزد إلا بمقدار ثلاثة ملايين برميل في اليوم خلال الثمانية عشر عاماً الأخيرة، في حين زاد إنتاج الدول الأعضاء في أوبك خلال الفترة الزمنية نفسها بمقدار 31 مليون برميل في اليوم.

ولذلك، فإن أوبك ستكون في موقف يتيح لها اكتساب أهمية أكبر في إمدادات الزيت بصورة عامة، وسيكون نشاط أوبك لاستقرار الأسعار مقتصراً على تقلبات الطلب العالمي للنفط والقدرة الإنتاجية الإضافية لدول المنظمة.

وهنا يظهر بوضوح أن الدور التاريخي الحاسم الذي لعبته أوبك في التخفيف من الصدمات الناجمة عن تقلبات مستوى إمدادات العالم من الزيت ستزداد أهميته مع مرور الوقت، وستقوم دول أوبك بتعويض كل من الطلب المتزايد والنقص في إمدادات الزيت من خارج هذه المنظمة.

ويعتقد البعض أنه بحلول عام 0102م، سيقتصر فائض الطاقة الإنتاجية في أوبك على الدول المنتجة في منطقة الشرق الأوسط. ووجود هذا الفائض الإنتاجي سيتيح لهذه الدول زيادة إنتاجها بدون أن يؤثر ذلك على أسعار النفط، وبما أنها ستكون آخر من يصل إلى ذروة الإنتاج فإنها ستبقى منطقة استراتيجية مهمة .

أضف تعليق

التعليقات