أدَّى التطور العلمي والتقني في التعامل مع النفايات الصلبة إلى إعادة النظر في أطنان المخلّفات التي تنتجها حضارتنا المادية يومياً، والنظر إليها كمصادر بديلة للطاقة. ويقوم مفهوم توليد الطاقة من النفايات على معالجة المخلفات الصلبة كيميائياً لإنتاج طاقة كهربائية أو حرارية. وعلى الرغم من وجود سوق واعدة لهذا التوجه، نظراً إلى حجم النفايات على المستوى العالمي بسبب الزيادة الحادة في أعداد السكان والتغيّر في أنماط الحياة، فإن التكلفة العالية لتقنيات معالجة النفايات الصلبة والمردود المحدود من الطاقة الناتج عنها، تشكِّل عوائق تحدّ من انتشار هذه التقنيات في البلدان النامية.
تمثِّل الزيادة المطردة لمعدلات إنتاج النفايات مشكلة بيئية مُلحَّة عالمياً، ذات تبعات بيئية خطرة وخاصة على المدن الكبرى، حيث يصعب التوسع بزيادة مساحة المكبّات التي تشوِّه المناظر، ولا تكاد تتسع لأطنان النفايات والمخلفات المتوالية يومياً بفعل حضارتنا الاستهلاكية الممعنة في الرمي والاستبدال.
إننا حين نلقي بشيء في حاوية المهملات فإننا في الحقيقة لا نتخلص منه، بل نكتفي بإبعاده عن أعيننا وحيّز حركتنا، ونجعل منه مشكلة سوانا. لكن الواقع يقول إن كل فرد على هذا الكوكب بات ينتج كيلوغرامين من النفايات يومياً في المعدل (USEPA 2013). وتستأثر المجتمعات الصناعية الاستهلاكية بنصيب الأسد، إذ تنتج الولايات المتحدة ما يقرب من 300 مليون طن من النفايات الصلبة سنوياً (USEPA 2013). وتشمل هذه منتجات البلاستيك والزجاج والخشب والمعادن ونواتج البستنة والورقيات وبواقي الأطعمة، دون احتساب النفايات العضوية من مخلفات بشرية وحيوانية بطبيعة الحال.
أكثر من مجرد نفايات
إن المشكلات البيئية لتراكم النفايات تتجاوز الروائح المزعجة والمناظر السيئة إلى تسرب السميّات وتكوّن بيئات خصبة لانتشار عديد من الأمراض والأوبئة، بالإضافة إلى زيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من خلال حرق الوقود الأحفوري أثناء عمليات إتلاف النفايات، أو من خلال انبعاثات غاز الميثان والأمونيا وثاني أكسيد الكبريت من النفايات مباشــرة، مما يسهــم بتعمق ظاهرة الاحتباس الحراري.
ولهذا، كانت المبادرة لإيجاد حلول لإدارة هذه الكميات المتراكمة وغير المنقطعة من النفايات. من ذلك فرز ودراسة مكوّناتها المختلفة، ومعرفة مدى إمكانية الاستفادة من بعض هذه المكوّنات إما عن طريق إعادة الاستخدام والتدوير، وإما من خلال معالجة بعض المكوّنات لإنتاج الطاقة.
إن فكرة تحويل النفايات إلى مصادر للطاقة ليست حديثة، حيث كان الآباء والأجداد يستخدمون مخلفات الحيوانات للتدفئة والتسخين وذلك بالحرق المباشر. ثم إن بعض الأمم مثل الهند اكتشفت باكراً احتواء مخلفات الأبقار على كميات كبيرة من الغازات، فقامت بسحب هذه الغازات الحيوية بطريقة العزل اللاهوائي والتخمير، ومن ثم جمع الغاز المتكوّن وتخزينه واستخدامه في إنتاج الحرارة والطهي، رغم أن تلك التقنيات غير آمنة تماماً وتقترن بحوادث الانفجار والاختناق.
وتُعد النفايات حالياً ثالث مصدر من مصادر الطاقة المتجددة نمواً عبر العالم بعد طاقتي الشمس والرياح (Ogola et al., 2011). كما تسهم، مع طاقة الكتلة الحيوية، بأكثر من نصف الطاقة المتجددة المستخدمة عالمياً (ISWA, 2006). وهذا ما جعل عديداً من دول العالم تجتهد في البحث والتطوير ووضع خطط على مستوى واسع لفصل القمامة وتدويرها أو تحويلها إلى سماد كأضعف الإيمان. أما الآن، وبسبب التطور الهائل في علم إدارة النفايات الصلبة وكثرة المتخصِّصين فيها، فإن ما يزيد على نصف القمامة يتم حرقه ويُحّول إلى وقود سائل أو وقود غازي (Ogola et al., 2011).
إن استخلاص الطاقة من القمامة الصلبة هو خيار مشجع للمدن الكبيرة، وذلك لقلة المساحات المخصّصة للردم، والتكلفة العالية المادية والبيئية لنقل القمامة كما أسلفنا. لقد جُرِّبت تقنية حرق النفايات الصلبة وفُحِصت في كل من أوروبا واليابان، كما جُهِّزت شبكات واسعة لجمع القمامة ونقلها في معظم المدن الكبيرة لضمان تغذية مستمرة لمحارق الفضلات، إذ يوجد حوالي 350 محرقة تعمل باستمرار في الوقت الحاضر في مختلف أنحاء العالم. أما في سويسرا واليابان فإن %8 من النفايات الصلبة تُعامل بهذه الطريقة. وهنالك عدد من الدول الصناعية يعُد حرق الفضلات أحد مصادر الحرارة اللازمة للتدفئة وتوليد الطاقة الكهربائية. أمَّا الرماد الناتج فيمكن أن يُستخدم في التشييد والبناء. وتتم مراقبة انبعاث الغبار والحوامض والمعادن والمواد العضوية من المحارق القديمة والحديثة مراقبة جيّدة في معظم مدن العالم الكبيرة.
تعريف جديد للمخلّفات كوقود
حتى نفهم الفكرة بشكل أفضل، علينا أن نستعرض أنواع النفايات أو المخلّفات الداخلة في هذه العملية عالمياً. إذ تقسمها بعض المصادر على النحو التالي: %34 هي بقايا طعام و%20 ورق و%18 منتجات بلاستيك و%11 زجاج و%11 معادن و%6 من مخلفات الأشجار والبستنة. وثمة أطروحات أخرى توسع الدائرة لتشمل المخلفات العضوية للكائنات الحية كذلك.
وإذا دقَّقنا النظر، فإن %60 من تلك المخلّفات يمكن إعادة استخدامها أو تدويرها (كالورق والزجاج والبلاستيك والمعادن) كما أن %44 (البلاستيك والورق وبقايا النباتات) يمكن أن تكون مصدراً للوقود والطاقة بالحرق المباشر في ما يعـرف بـ “الوقود المشتق من المخلفات”.
لكن عملية الإفادة من النفايات في اشتقاق الوقود ليست مباشرة ولا سهلة، وتستلزم اشتراطات فنية عدة، تضمن أن تكون ذات فائدة كمصدر للطاقة للمستخدم النهائي، وحسب محتوى الرطوبة فيها، وشكل وكمية النفايات المتاحة. كما تتضمن دورة التحويل ضرورة التنسيق والمتابعة باكراً لمصدر المادة الصناعي (النفايات الصناعية ـ النفايات الناتجة عن المصانع) على الأقل لمدة ستة أشهر قبل البدء بعملية التحويل والهدف هو مراقبة تأثيرات تفكيكها وتبعات إعادة تدويرها التي قد لا تخلو، هي الأخرى، من نواتج جانبية غير رحيمة بالبيئة.
على كلٍّ، فإن الوقود المشتق من المخلّفات سيساعد على الحد من تخزين المخلفات الصناعية والتخلي عنها على المدى الطويل، ودرء المخاطر البيئية التي يمكن أن يسببها تراكمها في المكبّات. أما بالنسبة للجزء المتبقي من النفايات الصلبة (%34) المتبقية فهي تمثل بقايا الطعام ويمكن أن تكون مصدراً للطاقة من خلال معالجة خاصة لإنتاج الغاز الحيوي (الميثان).
تقنيات متعدِّدة لاستخراج الطاقة
هناك عديد من الطرق لاستخراج الطاقة من المخلّفات ومن أهمها الترميد، وهو حرق المواد العضوية كالنفايات مع “استرجاع الطاقة”، بمعنى أن الطاقة التي صرفت في البداية في عملية الحرق والترميد تسترجع من خلال الحرارة الناتجة من عملية استكمال حرق المادة العضوية، لتستخدم لاحقاً في إنتاج الكهرباء. ويُعد هذا التطبيق الأكثر شيوعاً، لكنه يستلزم تطبيق معايير صارمة لمراقبة الانبعاثات، تتضمَّن قياس أكسيد النيتروجين، وثاني أكسيد الكبريت، والمعادن الثقيلة، فضلاً عن الديوكسينات، وهي مجموعة من المواد الكيميائية الخطرة تُعرف بالملوّثات العضوية الثابتة. وتثير هذه المواد قلقاً بسبب قدرتها العالية على إحداث التسمم إذا ما تسربت إلى عناصر البيئة.
لذلك، فإن معامل الترميد الحديثة تختلف بشكل كبير عن القديمة، حيث إن بعضها ما كان يسترجع الطاقة ولا المواد، أي إن الحرارة الناتجة عنها لم تكن ذات فائدة وتضيع هباءً. أما المحارق الحديثة فتقلل حجم النفايات الأصلي بنسبة تصل إلى %96، اعتماداً على المزيج وعلى درجة الاستعادة للطاقة الناتجة من عملية الترميد للمواد كالمعادن من الرماد.
هناك اعتباراتٌ تخص تشغيل المحارق وتتضمن الحبيبات الناعمة، والمعادن الثقيلة، وتتبُّع الديوكسينات وانبعاثات الغازات الحمضية، حتى لو كانت هذه الانبعاثات مُنخفضةً نسبياً في المحارق الحديثة. وهناك اعتباراتٌ أخرى تتضمن إدارة الرماد المتطاير السام والرماد المُتبقي في قعر المحرقة. وتمتلك هذه المحارق كفاءة كهربائية في حدود 14 إلى 28 بالمئة. أما بقية الطاقة فيمكن الاستفادة منها في التسخين على سبيل المثال، لكن الكمية المتبقية تُعدّ حرارة مضيَّعة.
طريقة استخدام الترميد لتحويل النفايات المحلية الصلبة إلى طاقة هي طريقة إنتاج قديمة نسبياً. وهناك مُشكلةٌ واحدةٌ ترتبط بالنفايات المحلية الصلبة بعد تحويلها إلى رمادٍ بُغية الحصول على طاقة كهربية، ألا وهي كمية المُلوّثات التي تنبعثُ في الهواء من خلال مدخنة المُسخّن. إذ يمكن لهذه المُلوّثات أن تكون حمضيةً، ويمكنها أن تُحدث ضرراً بيئياً جسيماً بتحويل الأمطار الطبيعية إلى أمطار حمضية. وقد تم العمل بجدّ على تحسين هذه الطريقة بتقنيات كيميائية متعدِّدة، حتى إن معامل الترميد الحديثة صارت نظيفة لدرجة أن مادة الديوكسين التي تنتجها باتت أقل حتى من تلك الصادرة عن مدافئ المنازل وحفلات الشواء.
الطريقة الثانية هي إنتاج الوقود السائل عبر ما يسمى بالانحلال الحراري أو التكسير الحراري. ويطبق على منتجات البلاستيك من المبلمرات التي تتكوَّن من سلاسل طويلة من مركبات هيدروكربونية خفيفة. وإذا تم تعريض هذه المبلمرات الصلبة لحرارة وضغط عاليين بغياب الأكسيجين، فإنها تتكسر منتجة سوائل شبيهة بالوقود البترولي، ويمكنها أن تكون بديلاً ممتازاً له في كثير من التطبيقات. ويمكن الاستفادة من الطاقة الضائعة في محارق النفايات في توفير الحرارة اللازمة للتكسير الحراري لمواد البلاستيك. كما يتم تطبيق تقنيات التكسير الحراري في إنتاج الفحم والوقود السائل والغاز من النفايات العضوية. ومثال على ذلك منشأة إدمونتون في ألبرتا – كندا لتحويل الإيثانول إلى طاقة، المغذى بالوقود الصلب المستعاد، وأيضاً مصنع تحويل الإيثانول إلى طاقة في بونتوتوك في ولاية مسيسيبي الأمريكية.
وتتمثل الطريقة الثالثة في تحويل النفايات إلى طاقة بواسطة (تغويز البلازما). والتغويز مصطلح يعني تحويل المادة من الحالة السائلة أو الصلبة إلى الحالة الغازية. أما البلازما، فهي حالة المادة الرابعة، بعد الصلب والسائل والغاز. والبلازما عبارة عن غاز مشحون إلكترونياً وشديد السخونة تولّده النجوم في الكون بطريقة طبيعية. ويمكن توليده اصطناعيـاً على الأرض عبر استخدام الطاقة الكهربائية.
التغويز بأسلوب البلازما هو عبارة عن معالجة النفايات العضوية وغير العضوية بواسطة مفاعل يستخدم موقد بلازما قوي لرفع درجة حرارة النفايات لتصل إلى آلاف الدرجات. تؤدّي هذه الحرارة الرهيبة إلى تكسير الروابط الكيميائية بين العناصر وتحويل كامل كمية النفايات المعالجة، بما فيها الخطرة بيئياً، إلى غازات، وتُقسّمها إلى عناصرها الأساسية. ومن أهم ميزات التغويز أنه لا ينتج الرماد الذي يُعد مشكلة أساسية في المحارق التقليدية، كما أن مردود الطاقة من هذه العملية عالٍ مقارنة بتقنية الحرق المباشر، وهو مستخدم في نظام القوات الجوية الأمريكية القابل للنقل لتحويل بقايا البلازما إلى طاقة كما في حقل هلبرت بولاية فلوريدا. وإلى جانب المصانع الكبيرة، توجد أيضاً المحارق المحلية لتوليد الطاقة من النفايات بطريقة التغويز، كمصنع توليد الطاقة في ملجأ دي سارين على سبيل المثال.
ومن الطرق الأخرى إنتاج الغاز الحيوي من النفايات العضوية. فمن المعروف أن إنتاج الغاز الحيوي يتم حالياً من مكبات الصرف الصحي. ولكن عملية الإنتاج تستغرق وقتاً قد يزيد على عشرين سنة تتراكم خلالها أطنان وأطنان من النفايات العضوية. ولتسريع عمليات التحلل اللاهوائي التي تنتج الغاز الحيوي فقد تم تصميم معامل تعتمد على استعمال حرارة مرتفعة نسبياً لتحفيز الكائنات الدقيقة المسؤولـة عن التحلل. وبذلك فإن العمليــة التي تحتاج إلى سنــوات قد تتم في أيام قليلة، وهذا ما يزيد من مردود الطاقة ويقلل الحاجة إلى مساحات واسعة من الأراضي لإنشاء مكبات جديدة.
مبادرات عالمية وعربية
يُعد حرق هذه النفايات لإنتاج الطاقة مشروعاً ناجحاً على المستوى الاقتصادي والبيئي؛ لأنه يحقِّق أكثر من هدف في الوقت نفسه. فهو يسهم في حل مشكلة النفايات ويقلِّل من فاتورة الطاقة المستوردة في البلدان غير المنتجة للنفط، ويوفِّر فرص عمل، ويرفع مستوى النظافة ويحسِّن من مستوى الصحة العامة في المدينة.
وتُعد تقنيات تحويل النفايات البلدية الناتجة عن المدن والمزارع وصناعات الأغذية إلى طاقة أفضل وسيلة لتقليل حجم النفايات، وبالتالي تقليل المساحات التي يتم استغلالها في طمر تلك النفايات. فمثلاً، تحتاج النفايات إلى أكثر من 25 سنة لتتحلَّل في المكبات الصحية، بينما يمكن أن تتحوَّل إلى رماد بحجم أقل بكثير خلال ساعات، أو إلى سوائل وغازات ومواد صلبة تستعمل كوقود نظيف، ناهيك عن الكم الهائل من المكبات العشوائية التي تنتشر في كثير من الدول النامية ومنها الدول العربية التي غالباً ما يتم حرق النفايات فيها في الهواء الطلق، أو تنتشر فيها النفايات البلاستيكية فوق الأراضي الزراعية فتدمر بنيتها وتقضي على خصوبتها.
تتصدر اليابان حالياً دول العالم في نسبة النفايات التي تحولها إلى طاقة من مجموع النفايات الصادرة عن مدنها. كما أن حرق النفايات الصلبة في عدة مناطق بالمملكة المتحدة يستغل لغرض إنتاج طاقة حرارية لأبنية متعدّدة الطوابق وبعض الأبنية العامة، بما في ذلك المخازن التي يمتلكها أناس عاديون. وهناك مشاريع ريادية في كثير من الدول الأوروبية والصين والبرازيل في محاولة لتخفيف الضغط عن مكبات النفايات الصحية، ولتوفير جزء من الطاقة اللازمة لتلك الدول. وعلى المستوى العالمي، واستناداً إلى الاتحاد الدولي للنفايات الصلبة، يوجد أكثر من 100 معمل لتحويل النفايات إلى طاقة في الولايات المتحدة، وأكثر من 500 في أوروبا وأكثر من 400 في اليابان. وتخطط كل هذه الدول حالياً لتطوير اعتمادها على طاقة النفايات كماً ونوعاً. وهو ما يجعل هذا المصدر المتجدّد للطاقة ثالث أنواع الطاقة المتجددة من حيث النمو والإسهام في إنتاج الطاقة.
إن استخلاص الطاقة من القمامة الصلبة هو خيار مشجِّع للمدن الكبيرة، وذلك لقلة المساحات المخصَّصة للردم والتكلفة العالية المادية والبيئية لنقل القمامة
وعلى مستوى البلدان العربية، هناك مشاريع تجريبية ومعلنة في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن. لكن ما زالت مشاريع تحويل النفايات إلى طاقة في طور التجريب والإنشاء. وتعاني كثير من الدول العربية من ظاهرة المكبّات العشوائية وتستخدم المحارق “الصحية” حالياً في غالبية هذه الدول لحرق النفايات الطبية فقط. وفي ظل فقر الطاقة الذي تعاني منه الدول غير المنتجة للنفط، فإنه من الضروري التفكير بمشاريع مستقبلية لتحويل ذلك الكم الهائل من النفايات إلى طاقة، بدلاً من أن تبقى عامل ضغط وإرهاق للأنظمة البيئية المختلفة. الجديد هو تطبيق ما يسمى بالهضم التشاركي بين الحمأة (المواد الناتجة عن معالجة مياه الصرف الصحي) وبقايا الطعام في مفاعلات حيوية لاهوائية لإنتاج غاز الميثان، هذه التجربة يجري تنفيذها الآن في الأردن. وتكشف الدراسات الحديثة أن الأردن يعاني من آثار تغير المناخ السيئة من حيث انخفاض معدل هطول الأمطار والجفاف والتصحر. وبهدف البحث عن حل مناسب لمشكلة الحمأة، يطبق الأردن مشروع تجريبي للإدارة اللامركزية للحمأة.
الهدف الأساسي من المشروع هو تقليل البصمة الكربونية لمعالجة الحمأة، ومن ثم النظر في استخدام الحمأة في المقام الأول كمصدر للطاقة. كما يجري النظر في الهضم المشترك للحمأة مع مصادر أخرى للنفايات العضوية، حيث يتوقع أن تستخدم كميات كبيرة من النفايات العضوية المنزلية جنباً إلى جنب مع الحمأة. ومن أجل ذلك قام مركز الأمير فيصل في جامعة مؤتة بالجانب الفني والبحثي من خلال تصميم وتركيب وتشغيل تجريبي للمفاعل الحيوي للهضم التشاركي بين الحمأة وبقايا الطعام. ويعتبر الهضم المشترك للحمأة عن طريق معالجتها بالمخلفات العضوية خيارا ًجذاباً لتحسين العملية وزيادة غلة الغاز معاً بالإشارة إلى إمكانية استخدام كميات كبيرة من بقايا الطعام الناجمة عن النفايات البلدية.
وكانت النتائج الأولية كما يلي:
1- التخلص من كميات الحمأة المتراكمة داخل محطات التنقية التي كانت مصدر مشكلة صحية وبيئية كبيرة.
2- تقليل كميات النفايات الصلبة بنسبة تصل إلى %40 من خلال استخدام بقايا الطعام الناتج من المطاعم والمنازل، ويمكن التوسع لاحقاً بأخذ بقايا الطعـام من التجمعات السكنية والمطاعم المجاورة.
3- تقليل البصمة الكربونية بنسبة %50 وذلك من خلال:
أ. تقليل نسبة ثاني أكسيد الكربون المنبعثة من تحلل تراكم الحمأة وبقايا الطعام.
ب. تقليل كميات الوقود الأحفوري المستهلكة اللازم لنقل بقايا الطعام إلى مكبات النفايات إلى النصف.
ت. تقليل استهلاك الوقود الاحفوري اللازم للكهرباء لتشغيل محطة التنقية من خلال اعتمادها على الغاز المنتج من عملية الهضم التشاركي.
وفي المملكــة العربيــة السعوديــة قدّم فريق من الباحثين من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن دراسة عام 2012 حول إمكانية إعادة استخدام مخلفات الطعام وتحويلها إلى سمــاد لاستخدامه في تحسين خصائص التربة الزراعية وزيادة نسبة المسطحــات الخضراء في الحي الجامعي. وركزت هذه الدراسة على تدوير المخلفات العضوية التي تشتمل بشكل أساسي على مخلفــات الأطعمة من الفواكه والخضراوات واللحوم والحبوب وهي غنية بعنصر النيتروجين. كما اشتملت على إطلاق مصطلح المخلفات العضوية على المخلفات الخضراء التي تتكون من أعشاب ونباتات وأشجار ومخلفات الأخشاب، التي تعتبر غنية بعنصر الكربـــون، ويمكن الاستفادة منها وتحويلها إلى مواد مفيــدة كسماد عضوي للتربة الزراعية.