أقول شعراً

محمد عبدالله التركي

صَباحٌ بلا ضوء

لم يكن خبراً عاجلاً. كانت رسالة مهملة ضمن “الواتساب”. لم تكن تليق برحيل صباحي هادئ، بانسحاب مفاجئ من ركضنا اليوميّ؟ وفي المقهى قرأت الخبر. غادر الناس، غادرت الطاولات، المقاعد، الندّل، الهواء. لم يبق غيري في مكان يغمره البياض أبحث عن كتف زائدة أبكي عليها. عن أحد يربّت على حزني. عن أحد يجعلني أهدأ.
كنت أبكي وحيداً…
عادت خطوات النادل بجواري. عادت الطاولات والمقاعد وعاد الناس ليجلسوا عليها. كان عليَّ أن أقرأ الخبر ثانيةً وثالثةً. أن أبحث عن خلل في الصياغة يجعله خبراً عادياً، لكنه كان مكتمل الأركان، قادراً على إجابة أسئلة الخبر التي درستها في الجامعة: لماذا كيف أين من؟.
لكني سألت، وكانت الإجابات تخذلني. حاصرت كل كلمة لعلها تخفي شيئاً، لكنها كانت واضحة. بحثت في ألبوم الصور في الرسائل في الواتساب، بحثت في كل أيقونة قد تحمل وجوده الأخير، كنت أجمع أطراف الذكريات كي تحنّط، كان الخبر في حقيقته القصوى، الخبر الذي يحفر صدرك.
رحل بكل أناقته. بكامل شبابه، لم يكن يليق به أن يشيخ، لذلك اختار صباحاً هادئاً ليتركنا للحياة القصيرة، ليتركنا نشتاق إليه.

غارقٌ في النعاسْ
ربما لم ُيعرْ ضجة السائرين مع الصبح أي انتباهٍ
فلا شيء يعلو على نغمِ الحلمِ
لم أرهُ..
ربما اختبأتْ في الزوايا خطاهْ
ربما طار مثل المآذن،
بين السماواتِ مثل الأذانِ..
ولم تستطعْ أيّ نافذةٍ أن تسرب صورته للحياةِ..
يسيلُ الصباح بلا أي ضوء
ويعبر نخل المدينة دون عذوقٍ
ويعبر ناسْ
ويبقى كما قال لي حدس تربته غارقا في النعاسْ

صباحك خيرْ
لقد أجلت شمسُنا ضوءها وتمهل طيرْ
وفيروز تحمل أغنيةً لم تقلها
فلا شيء يدعو لنستعجل العيشَ هذا الصباحَ
سندعوك للحفل ما بين لحنينِ
ما بين حلمينِ
نكمل كورال أغنيةٍ
ونعيد النشيدْ
وننسى بأنا نعيش وأنا نموتُ
نظل ببرزخنا الشاعريّ
لتنبض قافيةٌ
ويسيل القصيدْة

محمد بن عبدالله التركي
ولد في الرياض العام 1983.
حصل على لقب وبردة شاعر عكاظ عام 2016.
صدر له:
• بريد يومي لعنوان مفقود، إصدار خاص، 2014
• ما نسيته الحمامة، منتدى المعارف، 2015
• الأغاني التي بيننا، إصدار خاص، 2017

أضف تعليق

التعليقات