قبل نحو عشرين شهراً، وتحديداً يوم 25 أبريل 2016، أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ابن عبدالعزيز، يحفظه الله، “رؤية المملكة 2030″ بوصفها أضخم خطة اقتصادية واجتماعية ترمي إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وتطوير المجتمع.
ومع العلم أن ما تنطوي عليه هذه الرؤية، هو ديناميكي إلى حدٍّ كبير، إذ إن كل عنوان عريض فيها ينطوي بدوره على ما لا يمكن حصره منذ الآن من مشاريع ومبادرات وخطوات تنفيذية محدَّدة ستطل علينا تباعاً وبشكل متواصل خلال الأشهر والسنوات المعدودة المقبلة، وقد بدأ المواطنون والمراقبون يتلمَّسون منذ الآن على أرض الواقع باكورة المشاريع والمبادرات التي تندرج في إطار العمل على تحقيق هذه الرؤية، وهذا ما يتناوله مشعل القاسم وعبدالعزيز المعيرفي بمشاركة
وليد السلمان ومراجعة زهير الغامدي في هذا الملف.
لم يهدر الساهرون على “رؤية المملكة 2030” والعاملون على تحقيقها أي وقت غداة إطلاقها قبل نحو عشرين شهراً، حتى ليمكن القول ومن دون أية مبالغة، إن المملكة تعيش اليوم ورشة عمل عملاقة تهدف إلى تحقيق هذه الرؤية في موعدها المحدَّد، والتحوُّل جذرياً باقتصاد المملكة والحياة الاجتماعية فيها إلى الأفق المرسوم لها لما بعد اثني عشر عاماً.
ونظراً لترابط كل ما في هذه الرؤية من مشاريع ومبادرات وتكاملها، يمكن للمرء أن يحار في أي تسلسل عليه أن يتناولها. فمن خطوات مسيرة الألف ميل هذه، ثمة ما استقطب حتى الآن كثيراً من الأضواء الإعلامية، وبعضها، من دون أن يكون أقل شأناً، لا يزال في مرحلة الدراسة والتخطيط بعيداً عما يستحقه من أضواء. فماذا لو بدأنا بالفئة الأولى، أي تلك التي أثارت حتى الآن اهتمام العامة أكثر من غيرها؟ لا لسبب غير أنهم أحسوا بأنهم معنيون مباشرة بها.
قطاعا السياحة والترفيه
هما القطاعان اللذان يحظيان بأكبر متابعة على المستوى الشعبي. إذ كان يكفي الإعلان عن أن المملكة قرَّرت إصدار تأشيرات سياحية ليحتل الخبر مكانه البارز في وسائل الإعلام في الداخل كما في الخارج.
والترفيه وفق رؤية 2030 لا يعني التسلية فقط، وإنما إيجاد برامج متكاملة ثقافية وتعليمية وترفيهية من خلال توفير الخيارات والفرص، وتنظيم القطاع بشكل كامل وبكل ما فيه من منشآت وفعاليات وقوانين وتشريعات، وتحفيز القطاع الخاص على الاستثمار فيه، بما يوفر للعائلة السعودية مناخاً جذَّاباً للسياحة الداخلية وضماناً لتدوير الأموال في الداخل. فكثير من الأسر السعودية تقضي إجازاتها خارج المملكة، حيث تصرف مبالغ طائلة على الترفيه. ويرجع سبب العزوف عن السياحة الداخلية لافتقاد المملكة لكثير من المقومات السياحية والبرامج الترفيهية والتشريعات الداعمة للاستثمار في الترفيه والسياحة. ولهذا لقي إطلاق “الهيئة العامة للترفيه” ترحيباً كبيراً، لما ستفتحه من قنوات ترفيهية غير مسبوقة تشجِّع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا القطاع، وبدأت هذه الهيئة خلال عامها الأول بوضع روزنامة للفعاليات التي تشمل كافة مناطق المملكة وتتوجَّه إلى كل فئات المجتمع. ومن خلال “روزنامة الترفيه” يمكن لأي كان معرفة تفاصيل الأنشطة والتسجيل فيها، وكذلك يمكن شراء التذاكــر إذا كانت الفعالية مدفوعة.
ومن الخطوات المتخذة في هذا المجال نذكر على سبيل المثال توقيع اتفاقية ثقافية مع روسيا تتضمَّن جولات فنية لاوركسترا مسرح “مارينسكي” للأوبرا وفرقة مسرح “البولشوي” للباليه وغيرهما من الفِرق.
يتميَّز موقع نيوم بأنه يبعد
8 ساعات كحد أقصى عن
%70
من سكان الكرة الأرضية
كما أن هناك اتفاقيات متبادلة مع عدد من الجهات الحكومية، كالاتفاقية بين “الهيئة العامة للرياضة” و”الهيئة العامة للترفيه” التي تتضمَّن السماح باستخدام المنشآت الرياضية لإقامة الفعاليات الترفيهية، وكذلك التعاون مع الجهات الحكومية الأخرى ذات العلاقة مثل “الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني” من خلال جذب سياح الداخل واستهدافهم بدلاً من سفرهم خارج المملكة.
ويبرز دور “الهيئة العامة للترفيه” في تطوير الخطط والمعايير لإنشاء وإدارة المرافق والمنشآت والفعاليات، وكذلك وضع تدابير الرقابة ومؤشرات الأداء الرئيسة لتقييم أداء هذا القطاع، وكذلك إنشاء قاعدة بيانات تشمل جميع المرافق الحكومية القادرة على استضافة الفعاليات الترفيهية، ومراكز خدمات تعمل مباشرة مع القطاعات الحكومية للترخيص للفعاليات الترفيهية.
مشروع مدينة نيوم
في أكتوبر من العام الفائت 2017، أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، عن إطلاق أحد أهم المشاريع في المملكة، وهو مشروع مدينة نيوم.ستبنى هذه المدينة للحالمين الذين لا يعرفون المستحيل، ويرون المستقبل من على مسافة عشرات السنين. المستقبل الذي سيتمثل في مدينة نيوم كما لم نره من قبل، أو كما نراه في بعض أفلام الخيال العلمي، حيث التنقل الذكي بسيارات ذاتية القيادة، وأنظمة ذكية تفهم سلوك السكان، والآلات تخدم في الوظائف الروتينية وتجعل سكانها يبحرون في المهام التي ستغيِّر المستقبل أكثر فأكثر.
وستُراعى في تصاميم مدينة نيوم وبنائها قوانين المستقبل وأدواته. وستفعل فيها الآلات الذكية والذكاء الاصطناعي في كل مناحيها. وتتميَّز نيوم بموقعها الجغرافي في شمال غرب المملكة على خليج العقبة وفي بيئة طبيعية خلابة ذات جزر جميلة وجبال باهرة وطقس معتدل، حيث تنخفض درجات الحرارة بما يقارب العشر درجات مقارنة بمدن الخليج وعواصمه.
وتنوي مدينة نيوم أن تكون المدينة الأكفأ في العالم بتنظيمات خاصة وبيئة عمل لا مثيل لها، وأسلوب حياة جديد لا يوجد في مكان آخر في العالم، ويتميَّز موقع نيوم بأنه يبعد 8 ساعات كحد أقصى عن %70 من سكان الكرة الأرضية، في موقع يربط القارات الثلاث ببعضها، وسيعزِّز أهمية المنطقة ويضيف عليها ما كانت تحتاجه طوال السنين الماضية من خدمات ودعم وفرص، ويقع المشروع على أرض مساحتها تفوق 26 ألف كلم مربع وتمر بالقرب منه %10 من تجارة العالم، مما يزيد من أهمية الموقع الجغرافي المميَّز. وقد صرَّح سمو ولي العهد خلال إعلانه عن المشروع أن: منطقة “نيوم” ستركِّز على تسعة قطاعات استثمارية متخصصة تستهدف مستقبل الحضارة الإنسانية، وهي مستقبل الطاقة والمياه، ومستقبل التنقل، ومستقبل التقنيات الحيوية، ومستقبل الغذاء، ومستقبل العلوم التقنية والرقمية، ومستقبل التصنيع المتطور، ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي، ومستقبل الترفيه، ومستقبل المعيشة الذي يمثل الركيزة الأساسية لباقي القطاعات، وذلك بهدف تحفيز النمو والتنوّع الاقتصادي، وتمكين عمليات التصنيع، وابتكار وتحريك الصناعة المحلية على مستوى عالمي، وكل ذلك سيؤدي إلى خلق فرص عمل والإسهام في زيادة إجمالي الناتج المحلي للمملكة. وسيعمل مشروع “نيوم” على جذب الاستثمارات الخاصة والاستثمارات والشراكات الحكومية. كما سيتم دعم “نيوم” بأكثر من 500 مليار دولار خلال الأعوام المقبلة من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي، بالإضافة إلى المستثمرين المحليين والعالميين الذين أبدوا ويبدون اهتمامهم بمشروع طموح كنيوم. والجدير بالذكر أن المرحلة الأولى من المشروع تنتهي عام 2025 بإذن الله.تقع نيوم شمال غرب المملكة وعلى خليج العقبة وفي بيئة طبيعية خلَّابة تتميَّز بجزر جميلة وجبال مبهرة وطقس معتدل، حيث تنخفض درجات الحرارة بما يقارب العشر درجات مقارنة بمدن الخليج وعواصمه
مشروع مدينة القدية الترفيهية
تقع جنوب غرب مدينة الرياض. وقد أعلن عنها مؤخراً، وهي الأولى من نوعها في العالم بمساحة تبلغ 334 كيلو متراً مربعاً، بما في ذلك منطقة سفاري كبرى. وتنوي المملكة جعل هذه المدينة محطة ومركزاً للنشاطات الترفيهية والرياضية الجديدة لجيل المستقبل، وتوفر خيارات ترفيهية وثقافية واسعة، وتضيف بعداً اجتماعياً جديداً للمدينة والمنطقة بشكل عام.
وسيكون مشروع هذه المدينة داعماً مهماً للاقتصاد الوطني، إذ إن بناء مدينة ترفيهية في عاصمة مكتظة بالسكان ووسط اقتصاد قوي وقوة شرائية ممتازة، سيضمن نجاحه. كما ستستغل هذه العوامل لمنافسة مدن أخرى في المنطقة مما يعزِّز الاقتصاد المحلي، وستضم المدينة إضافة إلى منطقة سفاري كبرى، مدينة “الأعلام الستة”، وكذلك مركزاً ثقافياً مختصاً بعلوم الفضاء.
ومن المتوقع وضع حجر الأساس لمدينة القدية في بداية العام الجاري 2018، على أن تنتهي المرحلة الأولى من إنشائها في عام 2022. وتطمح المملكة إلى أن تكون الرياض واحدة من أفضل 100 مدينة في العالم للعيش فيها قبل عام 2030.
إن بناء مدينة ترفيهية في عاصمة مكتظة
بالسكان ووسط اقتصاد قوي وقوة شرائية
ممتازة، سيضمن نجاحه
وستكون مدينة القدية محركاً أساسياً في الأنشطة والمسابقات الرياضية والتعليمية، حيث ستستضيف مجموعة كبيرة من النشاطات والمسابقات الرياضية والتعليمية، وستعمل على تحفيز الشباب لصقل مهاراتهم واكتشاف ميولهم وإبداعاتهم، ودعمهم بالبيئة والأدوات المناسبة لتمكِّنهم من منافسة نظرائهم حول العالم في رياضات وأنشطة مختلفة مثل سباقات الدرَّاجات وسباقات السيارات وأنشطة التسلق وغيرها. كما ستتيح بفعالياتها الكثيرة الفرص للاستمتاع بالمناظر الطبيعية ودعم الرحلات البرية. وستضم المدينة كثيراً من الفنادق والمنتجعات والمباني المعمارية الراقية والماركات العالمية والمطاعم والمقاهي المختلفة لتوفر تجربة تسوق وترفيه فريدة من نوعها.
“مشروع البحر الأحمر”
يقع “مشروع البحر الأحمر” الذي أعلن عنه صندوق الاستثمارات العامة على الساحل الغربي للمملكة في المنطقة الواقعة بين مدينتي الوجه وأملج. وتتمتع هذه المنطقة بمناخ معتدل على مدار العام، بمتوسط درجة حرارة تتراوح بين 30-31 درجة مئوية.
وينطوي هذا المشروع على كنوز طبيعية وبيئية توفِّر تجربة فريدة في المنطقة تنافس مثيلاتها حول العالم، إذ يحتوي موقعه على ساحل ساحر يمتد لمسافة 200 كم، ومحمية طبيعية رائعة، وشواطئ خلابة ومجموعة كبيرة من الجزر الغنية بالشعاب المرجانية المحمية بيئياً، وبأشجار المنغروف، ومجموعة من الأحياء البحرية المهدَّدة بالانقراض كالسلاحف الصقرية. كما يشمل الموقع عدداً من مواقع البراكين الخاملة التي يعود آخر نشاط لها إلى القرن السابع عشر الميلادي، ومواطن لبعض الحيوانات المميزة في المنطقة مثل النمر العربي والذئب العربي والوشق والصقور والنسور وغيرها.
وسيضم المشروع مجموعة كبيرة من الفنادق والمنتجعات وأماكن الراحة وبعض النشاطات الترفيهية والخيارات السياحية في منطقة العلا القريبة من المشروع، إذ سيتمكن السياح من الاستمتاع بزيارات مستمرة للمناطق التاريخية والتراثية القريبة من المشروع، مثل موقع مدائن صالح التي يعود تاريخها لآلاف السنين، الذي أدرجته منظمة اليونيسكو على قائمة مواقع التراث الثقافي العالمي. كما يتميَّز المشروع بتمكين مرتاديه الأجانب من الحصول على تأشيرات الدخول للسعودية بشكل إلكتروني فوري، أو في المطار عند وصولهم. كما سيكون المشروع منطقة تخضع لقوانين خاصة تضمن أعلى درجات الراحة وجودة التجربة، وسيوضع حجر الأساس له في الربع الثالث من عام 2019، على أن تنتهي المرحلة الأولى في عام 2022 بإذن الله.
“مسك” والإبحار
نحو المستقبل
منذ تأسيسها عام 2011، وخلال سنوات قليلة، تمكَّنت مؤسسة الأمير محمد بن سلمان “مسك الخيرية” من الانتقال بالحياة الثقافية السعودية من الأنشطة المنبرية والحضور النخبوي إلى المهرجانات الجماهيرية والكرنفالات الثقافية والفنية.
فقد كانت المؤسســات الثقافية المحلية تعاني من تجاهل الشباب لفعالياتها الأسبوعية والشهرية. وكان التفاعل بين الجانبين شبه معدوم. فغيرت “مسك” هذه المعادلة بتركيزها على اهتمامات الشباب ورغباتهم، وذهبت إليهم بكل حيوية، واستجابت لتطلعاتهم.
عملت “مسك” على نشر ثقافة الابتكار وتنمية الاقتصاد الإبداعي، وتحفيز الجيل الجديد على التفكير لمواجهة تحديات المستقبل والاستثمار في اقتصاد المعرفة، وتأهيل الكوادر الوطنية في مجالات التقنية الحديثة للإسهام في التحوّل الرقمي، وتحقيق تنمية مستدامة بوصفها ترجمة لـ”رؤية 2030″.
الاقتصاد الإبداعي
وحصلت “مسك الخيرية” على جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة في دورتها الرابعة لعام 2017، التي تهدف إلى الإسهام في بناء اقتصاد المعرفة والمحافظة على المنجزات الفكرية والإبداعية، من خلال تكريم أصحابها في مجالات إنتاج المعرفة ونشرها.
وجاء في بيان الجائزة أن مؤسسة “مسك” تركِّز على الاهتمام بالشباب في أنحاء البلاد، وتوفِّر وسائل مختلفة لرعاية المواهب والطاقات الإبداعية وتمكينها، وخلق البيئة الصحية لنموها، والدفع بها لترى النور، وتغتنم الفرص في مجالات العلوم والفنون الإنسانية.
وتتنوَّع مبادرات مسك في تنمية الاقتصاد الإبداعي عبر تنظيم فعاليات مثل “حكايا مسك” لرعاية فنون صناعة القصة والسرد كتابةً ورسماً وتحريكاً وإخراجاً. ومهرجان “شوف” لصناعة المحتوى الإعلامي الهادف. كما قدَّمت منحاً دراسية للشباب السعودي بالتعاون مع منظمة “Udacity” التعليمية لتعلم تطوير تطبيقات الهواتف الذكية، وتطوير واجهات الويب، وتحليل الأعمال، والبرمجة وغيرها. وتم الإعلان عن تأسيس “معهد مسك للفنون” الذي يهدف إلى إنشاء وتطوير منصة معرفية لتمكين الفنانين والفنانات في المملكة، ورعاية معارض فنية ومهرجانات ثقافية، وإطلاق برنامج تدريبي لتطوير المناهج الفنية في المدارس السعودية، ودعم الصناعات الإبداعية بشكل عام.
من الدرعية إلى العلا
ولا تنتهي المشاريع المميزة في الجانب السياحي والترفيهي هنا، بل تتكامل مع كثير من المشاريع التي تتوازن فيها الأبعاد الترفيهية والثقافية، ويرتجى منها عائد اقتصادي كبير. فقد أعلن مؤخراً عن إطلاق مشروع تطوير “بوابة الدرعية” الذي سيوسع إلى حدٍّ كبير المنطقة التي سبق تطويرها وفق برنامج تطوير الدرعية التاريخية، وتأسيس “الهيئة الملكية لمحافظة العلا” التي ستتولى تطوير تلك المنطقة وتهيئتها بشكل كامل لتشكل إضافة قوية إلى الاقتصاد المحلي ونقطة جذب جديدة للسياح من الداخل والخارج.
وأحد أهم أسباب هذا التوجه هو رغبة المملكة في تطوير وإصلاح الاقتصاد السعودي وتقليل اعتماده على النفط، وتعزيز الناتج المحلي غير النفطي، وتنويع مصادر الدخل، حيث يستثمر “صندوق الاستثمارات العامة” في المشاريع العملاقة الثلاثة وهي مدينة القدية ومشروع البحر الأحمر ومدينة نيوم، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من المشاريع الأخرى في مختلف القطاعات ومختلف مناطق المملكة ومدنها. ومن أهمها على سبيل المثال لا الحصر: مشروع رؤى مكة، ورؤى المدينة، ومشروع جدة داون تاون، والطائف الجديدة، والفيصلية وغيرها. وتتحد هذه المشاريع في كونها مشاريع نوعية ستضيف خيارات ترفيهية وحلولاً سكنية ونشاطات متنوِّعة لسكان هذه المناطق المختلفة.
مستقبل الاقتصاد الذي لن يبقى كما كان
ما أتينا على ذكره في قطاعي الترفيه والسياحة ليس إلا جانباً واحداً من عشرات الجوانب التي ستتكامل في ما بينها لصياغة شكل اقتصاد المملكة في المستقبل، بحيث يتحرَّر من الاعتماد التقليدي على النفط كمورد رئيس وحيد في البلاد. إذ تشهد كل مكوّنات الاقتصاد السعودي حالياً حراكاً ذا تنوِّع كبير على مختلف المستويات للانتقال باقتصاد المملكة إلى ما تصبو إليه رؤية 2030.
فمن مجموعة الإصلاحات الاقتصادية المهمة التي باتت معروفة عند الجميع نذكر: فرض رسوم على مرافقي العمالة الأجنبية، ورسوم على العمالة في القطاع التجاري، ورفع الدعم التدريجي عن أسعار الوقود، وأيضاً تطبيق ضريبة القيمة المضافة التي ستسهم في تقوية الاقتصاد الوطني.
كما اهتمت المملكة بإصدار مجموعة من القرارات الاقتصادية المهمة التي تسهم في خلق بيئة محفزة وتسهم في تشجيع الحراك التنموي. ومن أهم هذه القرارات فرض الرسوم على الأراضي البيضاء وفق شروط وآليات تختلف باختلاف المنطقة والمدينة، بما يتسبب في توازن الأسعار بين العرض والطلب.
كما اتخذت المملكة عديداً من الخطوات التنظيمية والمبادرات المشجعة لتأسيس وممارسة الأعمال التجارية. ولعل من أهمها تأسيس مركز مراس لخدمات الأعمال، وهو موقع إلكتروني ومركز خدمات افتتح أول فروعه في مدينة الرياض، ويهدف إلى تقديم جميع الخدمات الحكومية الخاصة بتأسيس وممارسة الأعمال التجارية عند جميع الجهات الحكومية المعنية. فمن خلال مركز مراس تستطيع على سبيل المثال إنشاء سجل تجاري والاشتراك في الغرفة التجارية وفتح ملف في التأمينات الاجتماعية وهيئة الزكاة والدخل وإصدار رخصة البلدية وإصدار وإلغاء الوكالات وفتح حساب بنكي جديد وغيرها من الخدمات المهمة في مكان واحد.
ينطوي مشروع البحر الأحمر على كنوز طبيعية
وبيئية توفِّر تجربة فريدة في المنطقة تنافس
مثيلاتها حول العالم
وأطلقت المملكة مجموعة من الخطط والبرامج التنفيذية التي ستسهم بتحقيق رؤية السعودية 2030. وهذه الخطط تختلف في مضمونها وتصب جميعها في تحقيق الأهداف العليا لهذه الرؤية التي ستعيد صنع المملكة وتنقلها إلى فضاءات جديدة. ومن أهم هذه البرامج برنامج التحوُّل الوطني 2020 الذي يحدِّد أهداف مختلف الوزارات. وتسعى هذه الوزارات لتحقيقها وفق معايير معيَّنة ومواضيع مختارة مسبقاً. ويجب تحقيق هذه الأهداف بحلول عام 2020. كما يهدف هذا البرنامج إلى تقسيم أهداف الرؤية على خطط خمسية يسهل قياسها وتطبيقها.
وإضافة إلى ذلك، هناك برنامج التوازن المالي الهادف إلى تحقيق عوائد غير نفطية من خلال مجموعة من المبادرات والإصلاحات التي ستسهم في تحقيق التوازن المنشود، ومنها استثمارات صندوق الاستثمارات العامة ورسوم العاملين وغيرها من المبادرات والإصلاحات المهمة.
وقد واصلت المملكة مؤخراً محاربة الفساد بشكل أقوى من أي وقت مضى، وبثقافة لا تفرِّق بين أحد كائناً من كان. وخطت خطوات حثيثة لضمان الشفافية والمصداقية والأمانة في تنفيذ المشاريع وتعميد العقود لضمان الجودة وتقليل وقوع الأخطاء بقدر المستطاع. ومن ذلك إعادة هيكلة خدمات وزارة المالية التي ترمي إلى إقامة علاقة جديدة بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، قائمة أساساً على الثقة والاعتماد والشفافية، حيث ستجري التعاملات المالية مع وزارة المالية بطريقة إلكترونية حديثة، وبتوثيق إلكتروني عالي المستوى يضمن جودة الخدمة، ويراقب الأداء ويسهم في الحد من تعثر المشاريع. كما ستسهم هذه الخدمات الجديدة في تسريع الإجراءات، وتسِّهل التواصل بين الأطراف، وتضمن مستوى خدمة مميزاً، وهذا ما سيسهم بدوره في جذب الاستثمارات وتشجيعها، وتقليل المخاطر الاستثمارية في السوق المحلي وبالذات في المشاريع الحكومية.
تعريف بمنصة مشاريع السعودية:
مشاريع السعودية منصة إعلامية ومعلوماتية متخصصة في الشؤون التنموية والاقتصادية ومتابعة المشاريع الحكومية والتجارية
http://www.SaudiProjects.net
وتسعى المملكة إلى فتح السوق السعودي على مختلف المستويات للاستثمارات والفرص المختلفة، وذلك بسن قوانين وتشريعات جديدة تخدم المستثمرين المحليين والأجانب لتعزيز الاقتصاد المحلي. ومن ذلك إدراج سوق الأسهم السعودي على مؤشر “إم إس سي آي” لمراقبته.
كما أن المملكة، ومن خلال وزارة التجارة وغيرها من الجهات، أعلنت عن إطلاق تأشيرة رائد الأعمال التي تهدف إلى تسهيل إجراءات تأسيس الأعمال والمشاريع داخل المملكة. كما سيسهل إصدار التأشيرات الخاصة بدخول الأجانب، مع إمكانية السماح للأجانب بدخول بعض المناطق دون تأشيرات مثل منطقة مركز الملك عبدالله المالي.
كما سمحت المملكة للشركات الأجنبية بدخول السوق السعودي بنسبة ملكية تصل إلى %100، وذلك لتشجيع الشركات الأجنبية المؤثرة على دخول السوق السعودي، وزيادة المنافسة ورفع مستوى الخدمات والمنتجات، وتحفيز الاقتصاد المحلي وتنويع الفرص.
وقد صنف البنك الدولي الاقتصاد السعودي كثاني اقتصاد في مجموعة العشرين من ناحية الإصلاحات الاقتصادية للعام الماضي 2017. وأشاد بالخطوات الطموحة والمسؤولة التي اتخذتها المملكة لمستقبلها ومستقبل أجيالها. وتسعى المملكة لاستغلال مكانتها الاقتصادية لجذب الاستثمارات وفتح الحدود السعودية بشكل أكبر للسيَّاح وروَّاد الأعمال والشركات المهمة حول العالم.
قيادة المرأة للسيارة
ينتظر المجتمع انعكاسات اقتصادية واجتماعية واسعة لقرار السماح للمرأة بقيادة السيارة داخل المملكة. فهذا القرار يقضي على أبرز المعوقات الأساسية التي تواجه عمل المراة. إذ إنه يشكِّل دعماً وتمكيناً للمرأة للمشاركة في تنمية المملكة وتعزيز اقتصادها. وسيمثل تعزيزاً للقوى البشرية النسائيــة التي تتأهــب للعمل بشكل تنافسي.
ولعل من أبرز الفوائد التي يجنيها المجتمع هو أن هذا القرار أتاح العمل على توطين قطاعات كبرى متعلقة بالنقل تعج بالوافدين، ستكون المرأة قادرة على العمل فيها مثل شركات تأجير السيارات وتأمين المركبات وتطبيقات توجيه المركبات، إضافة إلى عملها في القطاعات الحكومية ذات العلاقة، مثل المرور والإسعاف والنقل التعليمي للطالبات وغيرها، التي تتضمَّن آلاف الوظائف للمرأة، وستعزِّز زيادة الدخل للأسر السعودية وتخفف العبء الذي ينعكس على مستوى رفاهية المواطن.
كما يأمل القرار في تقليل التكاليف الباهظة التي تتكبَّدها المرأة السعودية في الوقت الراهن مقابل التنقل من وإلى مقر عملها. وسيسهم في تحسين بيئة العمل ورفع مستوى المنافسة، وتحفيز النساء على العمل بالقطاع الخاص بشكل أكبر، من خلال تقليل تكاليف التنقل عبر امتلاكهــن المركبــات، مما سيسهم في رفع نسب التوطين.
ويتوقع أن يحدّ القرار من استقدام السائقين الأجانب بشكل كبير. إذ يصل عدد هؤلاء في الوقت الحاضر إلى أكثر من مليون وافد يعملون كسائق خاص يكلفون الأسر السعودية قرابة 16.5 مليار ريال سنوياً. وسيسهم القرار في تخفيض أعدادهم، وبالتالي تقليل عدد الأجانب في المملكة، وتخفيض الحوالات المليارية إلى الخارج عن طريقهم. الأمر الذي سينعكس انتعاشاً في الاقتصاد الوطني من خلال الاستفادة من هذه الأموال التي سيعاد ضخها في الاقتصاد الوطني، ومنها على سبيل المثال الإقبال على شراء السيارات وتسديد تكاليف استخراج رخص القيادة، والتدريب. وعندما تقود المرأة سيارتها، فإن ذلك يقلل من الوقت المهدور، حيث تضطر معظم النساء السعوديات في الوضع الراهن إلى انتظار السائق لساعات طويلة، وقد يتسبب ذلك في إلغاء أعمالهن أو تأجيلها، وهو ما يسبب خسارة وهدراً للوقت والطاقات.
كما وأن قيادة المرأة للسيارة يحفظ لها خصوصيتها وراحتها. حيث توعدت الحكومة السعودية لحظة الموافقة على قرار قيادة المرأة بالضرب بيد من حديد لكل من يخل بالقيم الدينية والاجتماعية وينتهك خصوصيات كلا الجنسين. ومن المتوقع أن يسهم هذا القرار في تخفيض الجرائم ونسبة الحوادث المرورية بعد ذهاب السائق الوافد، وذلك لغلبة الظن بأن سيارة المالك تكون عادة أهم وتستدعي المحافظة عليها أكثر من سيارة الغير. وهناك تبعات أخرى متوقعة مثل انخفاض مصاريف شركات التأمين والمرافق العامة والطرق جراء حرص المرأة على القيادة السليمة.
برامج التحوُّل الوطني 2020
ظهرت الحاجة إلى إطلاق برنامج “التحوُّل الوطني” لبناء القدرات والإمكانات اللازمة على مستوى 24 جهة حكومية قائمة على القطاعات الاقتصادية والتنموية. ويحتوي البرنامج على أهداف استراتيجية مرتبطة بمستهدفات مرحلية حتى العام 2020، ومرحلة أولى من المبادرات التي بدأ إطلاقها منذ العام 2016، لتحقيق تلك الأهداف على أن تتبعها مراحل تشمل جهات أخرى بشكل سنوي. وقد استخدم البرنامج وسائل مبتكرة في إدراك التحديات واقتناص الفرص واعتماد أدوات فعَّالة للتخطيط وتفعيل مشاركة القطاع الخاص والتنفيذ وتقييم الأداء وتحديد الأهداف المرحلية لبعض الأهداف الاستراتيجية للرؤية، بما يضمن بناء قاعدة فعَّالة للعمل الحكومي، ويحقق ديمومة العمل وفق أساليب مبتكرة للتخطيط والتنفيذ والمتابعة.
ويطمح البرنامج إلى تحديد أهداف استراتيجية للجهات المشاركة، وترجمتها إلى مبادرات وتنفيذها. وكذلك زيادة فرص العمل في القطاعات غير الحكومية بـنحو 450 ألف وظيفة، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص بشكل يوفر %40 من الإنفاق الحكومي على المبادرات، والإسهام في تعظيم المحتوى المحلي عبر توطين أكثر من 270 مليار ريال فيه، بما يعزِّز قيمته المضافة ويخفف الاعتماد على الواردات، والإسهام في التحوُّل الرقمي عبر تحديد 5 منصات رقمية مشتركة بين الجهات العامة، و29 مبادرة رقمية، ورفع الشفافية بتطوير لوحة قياس أداء موحدة، وتعزيز المؤسساتية عبر بناء منظومة حوكمة متكاملة للقطاع الحكومي، وزيادة الدعم التخصصي لتعزيز جودة مبادرات الجهات الحكومية.
صنّف البنك الدولي الاقتصاد السعودي
كثاني اقتصاد في مجموعة العشرين من ناحية
الإصلاحات الاقتصادية للعام الماضي 2017
وسيعمل البرنامج وفق مراحل مختلفة تضمن نجاحه وتحقيق أهدافه. وقد بدأت المرحلة الأولى بحصر تحديات الجهات العاملة على تحقيق الرؤية، ووضع أهداف مرحلية حتى عام 2020، أما المرحلة الثانية فتهتم بتطوير مبادرات داعمة بشكل سنوي لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، والمرحلة الثالثة تسعى لتطوير الخطط التنفيذية التفصيلية لتنفيذ المبادرات، أما المرحلة الرابعة فستركِّز على تعزيز الشفافية ونشر المستهدفات والنتائج. وأخيراً، وخلال المرحلة الخامسة، تتم مراجعة وتحسين وإطلاق مبادرات جديدة وضم جهات إضافية.
واعتمدت آلية عمل برنامج “التحوُّل الوطني” أساليب مبتكرة في إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية للمبادرات، حيث وضع البرنامج التكاليف التقديرية المقترحة للمبادرات وفق آليات تعظم من مشاركة القطاع الخاص وترفع كفاءة الإنفاق الحكومي، مما أسهم في تخفيض التكاليف والأعباء الاقتصادية والتنموية المتوقعة التي تتحملها الحكومة، ورفع العوائد المالية المتوقعة. وسيتم تطبيق هذه الآلية بشكل سنوي، لدراسة الجدوى الاقتصادية للمبادرات المستحدثة.
تطوير أداء الوزارات
من الجهات الحكومية المستهدف تطويرها في برنامج التحوُّل الوطني نذكر “وزارة العدل” لتحقيق مجموعة من الأهداف، منها رفع مستوى الخدمات العدلية والتميز المؤسسي، نظراً لما لذلك من أثر في إيجاد بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين على حدٍّ سواء وتعزيز ثقتهم باقتصاد المملكة، وكذلك الحدّ من تدفق الدعاوى على المحاكم من خلال الارتقاء بمستوى أداء وإنتاجية ومرونة الأجهزة الحكومية، وتنمية الأصول العدلية القضائية التي تشمل تحسين بيئة العمل من خلال المباني الحديثة، وتوظيف الكادر النسائي، إضافة إلى زيادة الخدمات الإلكترونية والربط الإلكتروني مع باقي الجهات الحكومية. وأيضاً، تسعى الوزارة إلى تحسين أداء الموظف الحكومي وربط تقييمه بتقييم الأداء وكذلك تقييم المستفيدين، وتنوي الوزارة اعتماد التحوُّل الرقمي والإلكتروني، لتعزيز الخدمات الإلكترونية التي تضمن تحسين جودة الخدمة المقدَّمة وتسريعها.
من جهتها، تعمل “وزارة الصحة” على تحقيق أهدافها للتحوُّل الوطني، التي من أبرزها تحسين تطوير الرعاية الصحية الأولية وتكاملها. وقد دشنت وزارة الصحة مؤخراً 6 مراكز صحية جديدة شكلاً ومضموناً، تمثل باكورة المراكز الصحية الجديدة. وكذلك زيادة حصة القطاع الخاص من الإنفاق من خلال طرق تمويل بديلة، وتقديم الخدمات المختلفة التي تضمن جودة الخدمات الصحية بشقيها الوقائي والعلاجي. وخصخصة القطاع بما يضمن رفع مستوى الخدمة. كما تهدف الوزارة إلى تحسين كفاءة قطاع الرعاية الصحية من خلال تقنية المعلومات والتحوُّل الرقمي، إضافة إلى تحسين مستوى البنية التحتية وإدارة المنشآت، وسلامة المرافق الصحية، من خلال بناء مستشفيات جديدة وتجهيز المستشفيات بأحدث التقنيات الطبية. إضافة إلى السعي في تحقيق أوقات انتظار مقبولة للرعاية الطبية في جميــع مراحل تقديم الخدمة. ويُعد رفع نسب التوطين هدفاً مهماً في برامج الوزارة للتحوُّل.
تستهدف وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات
توفير خدمات النطاق العريض لكافة
مناطق المملكة، من خلال تحفيز الاستثمار
في البنية التحتية وتطوير الأدوات والأطر
التنظيمية والفنية
ومن الوزارات المضمنة في برنامج التحوُّل الوطني “وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات”، التي تستهدف توفير خدمات النطاق العريض لكافة مناطق المملكة، من خلال تحفيز الاستثمار في البنية التحتية وتطوير الأدوات والأطر التنظيمية والفنية. وقد أنجزت الوزارة المرحلة الأولى، وأوصلت الخدمة إلى 140 ألف منزل، وتعمل على الانتهاء من %70 من هذه المهمة حتى عام 2020. كما تعمل أيضاً على تأهيل رأس المال البشري السعودي المتخصص، وتوظيفه لتقليص الفجوة بين العرض والطلب في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات ورفع نسب التوطين. فيما يشكِّل دعم التجارة الإلكترونية هدفاً رئيساً آخر، إذ يقدر حجم هذا السوق بـ 8 مليارات دولار داخل المملكة، وهو بحاجة إلى تنظيمه ودعمه وتطويره، بموازاة دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ودعم الأسر المنتجة التي تمتلك متاجر صغيرة عبر الإنترنت. كما تعمل الوزارة جاهدة على تقليص نسبة تسرب إيرادات صناعة تقنية المعلومات إلى الخارج، ما يعني توطين الصناعات ذات العلاقة ونقل المعرفة لإنشاء مصانع تخدم هذا القطاع الضخم داخل المملكة لتحقيق الاكتفاء الذاتي. كما يتم التركيز على تفعيل التحوُّل من الحكومة الإلكترونية وصولاً إلى الحكومة الذكية التي تعني رفع مستوى الخدمات الحكومية ويضمن تقديم خدمة آلية وسريعة وذات دقة وشفافية عالية بعيداً عن البيروقراطية والإجراءات الروتينية.
تعمل “وزارة الصحة” على تحقيق أهدافها
للتحول الوطني التي من أبرزها تحسين
تكامل واستمرارية الرعاية المقدمة عن
طريق تطوير الرعاية الصحية الأولية
وتخطِّط “وزارة العمل والتنمية الاجتماعية” إلى رفع نسب التوطين في كافة القطاعات وتخفيض نسبة البطالة. ويشمل ذلك اقتصار عدد من الوظائف على السعوديين، وإيقاف الاستقدام أو تجديد التعاقد على وظائف معينة كالقطاعات الصحية مثلاً. إضافة إلى خلق بيئة عمل آمنة وجاذبة للمواطنين، وذلك يعني إلزام جهات العمل برفع نسبة الامتثال بالأنظمة مثل نظام حماية الأجور ونظام الصحة والسلامة المهنية. فيما يؤدي دعم الأسر المنتجة إلى تحويل شريحة من مستفيدي الوزارة من متلقين للمساعدة إلى منتجين.
توطين الصناعة
لا يزال العمل قائماً على قدم وساق على توطين الصناعات ونقل المعرفة، لتوفير الفرص الوظيفية وتقليل التكاليف لتغطية الطلب في السوق المحلي والإقليمي، وتحويل المملكة من مستهلك إلى منتج، إضافة إلى أن ذلك سيرفع من الناتج المحلي الإجمالي، ويشكِّل دفعة كبيرة للاقتصاد الوطني. ومن أبرز المحفزات على توطين الصناعات توفر المواد الخام من المعادن والبتروكيماويات اللازمة لذلك.
وفي هذا الإطار، تعكف “الهيئة الملكية للجبيل وينبع” و”هيئة المدن الصناعية” على توطين صناعات كبيرة في مدن سعودية مختلفة وفي مجالات متعدِّدة، بدأ تنفيذ بعضها فيما لا يزال بعضها الآخر في مرحلة التخطيط والتصميم.
ومن أبرز الصناعات المستهدفة نذكر الصناعات الثقيلة مثل السيارات والسفن والأقمار الصناعية وغيرها. وقد تم تدشين عدد من المصانع المتخصصة في هذه المجالات لتغطية الطلب المحلي وصولاً إلى التصدير للأسواق الإقليمية والدولية.
ويشكِّل قطاع الصناعات العسكرية هدفاً استراتيجياً. حيث تم تأسيس “المؤسسة العامة للصناعات العسكرية” التي تُعد الجهة المشرفة على كافة المصانع الحربية. كما وقَّعت المملكة خلال السنوات الماضية عديداً من الاتفاقيات مع المصنّعين المحليين، أسهمت في توفير الملايين من الريالات من ميزانية الدولة.
وقد أعلن صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن المملكة تسعى لتوطين الصناعات العسكرية، ونقل المعرفة إلى داخل المملكة، من خلال تعظيم الصناعات المحلية ودعم المحتوى المحلي ليسهم في توطين %50 من محتوى الصناعات العسكرية حتى عام 2030. وقد أسس صندوق الاستثمارات العامة مؤخراً “الشركة السعودية للصناعات العسكرية” (سامي) التي ستسهم في تحقيق الهدف. كما يتوقع أن تضيف نحو 40 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة حتى عام 2030. وسيبلغ إسهام هذه الشركة في الناتج المحلي الإجمالي نحو 14 مليار ريال بحلول عام 2030.
من أبرز الصناعات المستهدفة نذكر
الصناعات الثقيلة مثل السيارات والسفن
والأقمار الصناعية وغيرها.. وقد تم تدشين
عدد من المصانع المتخصصة في هذه
المجالات لتغطية الطلب المحلي وصولاً إلى
التصدير للأسواق الإقليمية والدولية
وبسبب الطلب المتنامي باستمرار في قطاع صناعة الشاحنات وقِطَع الغيار، يعمل حالياً “مصنع ايسوزو” في مدينة الدمام، على أن تقوم شركتان في المستقبل المنظور بإنشاء مصانع للسيارات داخل المملكة لتغطية الاحتياج المحلي والإقليمي.
كما أن قطاع صناعة المطاط يعدّ أحد القطاعات المستهدفة، فتم إبرام إتفاق لإنشاء مصنع محلي متخصص في القطع الاستهلاكية للسيارات مثل الإطارات وغيرها.
ولا يزال قطاع الطاقة المتجدّدة من القطاعات الناشئة، حيث تعمل المملكة على إنشاء مصانع لإنتاج الألواح الشمسية وتوربينات الرياح لإنتاج الطاقة المتجدّدة. ولا يقل قطاع الصناعات الكهربائية والإلكترونية أهمية، فهناك مصانع قائمة متخصصة في هذا المجال بدأت في الإنتاج فعلاً وبعضها لا يزال تحت الإنشاء.
ويبذل عدد من الجهات الحكومية، وعلى رأسها “الهيئة الملكية للجبيل وينبع” و”الهيئة العامة للاستثمار” جهوداً كبيرة على جلب استثمارات متنوعة إلى قطاعات الطاقة والإلكترونيات والأجهزة الكهربائية وصناعة السيارات والسفن وغيرها.
وتخطط المملكة كذلك إلى دعم الابتكارات وتحويلها إلى منتجات تجارية من خلال تأسيس شركات تقنية. ومن الأمثلة على الشركات المتخصصة في تحويل الابتكارات إلى منتجات تجارية نذكر “شركة سديم” و”وادي مكة للتقنية” و”وادي الرياض للتقنية”.
الرؤية في عين الصحافة العالمية فور الإعلان عنها
فور الإعلان عن “رؤية 2030″، والانطلاق بالعمل على تحقيقها وتنفيذ أهدافها، أخذت مساحة واسعة من التداول في مختلف وسائل التواصل، وقد بدت وكأنها حدث يطغى على سائر الأحداث المهمة في تلك اللحظة التي تم الإعلان عنها.
الصحف العالمية كان لها تعليقاتها على الرؤية، وهنا عرض لمقتطفات من بعض أهم كبريات الصحف العالمية:
نيويورك تايمز
تم الكشف عن خطة شاملة لمستقبل المملكة تهدف لتقليص الاعتماد على النفط وتحفيز القطاع الخاص، وخفض الدعم الحكومي.
وذكرت الصحيفة أن كثيراً من المواطنين السعوديين خاصة الشباب تحت سن 30 عاماً وهم يشكِّلون %70 من السكان توجَّهوا لمواقع التواصل الاجتماعي لشكر الأمير على رؤيته المتفائلة.
يو إس أيه توداي
إن اقتراح سمو الأمير محمد بن سلمان بشأن الإصلاح الاقتصادي للمملكة، هو الأجرأ منذ تأسيس السعودية، من بين مقترحات طرحت خلال العقود الماضية.
سي إن بي سي
إن المسؤولين السعوديين يعملون بالفعل لتنويع مصادر الدخل الحكومي قبل استنزاف مدخرات المملكة الحالية.
فايننشال تايمز
الخطة الاقتصادية لرؤية المملكة حتى عام 2030 تم تطويرها من قِبل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يترأسه الأمير محمد بن سلمان، والمملكة ستكون قادرة على أن تعيش بدون نفط في 2020، والرؤية الاقتصادية لن ترتبط بأسعار النفط.
بلومبرج
ارتفع سوق الأسهم السعودية إلى أعلى مستوى له في 7 أسابيع نتيجة الشعور بالارتياح تجاه رؤية السعودية 2030، خاصة أن المستثمرين وجدوا أن خطة إعداد المملكة لعهد ما بعد النفط لن تعتمد على الإنفاق الحكومي المفرط. وقال المحلل الاقتصادي سباستين هينين، إن هناك ارتياحاً كبيراً لدى السعوديين والشركات السعودية بشأن ما جاء في الخطة خاصة ما يتعلق بالضرائب.
جارديان
رؤية السعودية 2030 هي استراتيجية طموحة لإعادة هيكلة اقتصاد المملكة المعتمد على النفط، ويشمل ذلك عملية تنويع لاقتصادها.