الشموس لا تختفي فجأة. بل هي ذوات دورات حياتية تمتد إلى مليارات السنين. غير أننا نطرح السؤال هنا من باب إثارة التفكير بعمق الارتباط ما بين الحياة على كوكبنا كما نعرفها وهذا الجرم المشتعل.
في البدء ولمدة ثماني دقائق واثنتين وعشرين ثانية، لن نعرف على الأرض أن الشمس اختفت أو انطفأت. لأن ضوء الشمس يستغرق هذه المدة حتى يصلنا. ولن نلحظ أي تبدل قبل أن يصلنا آخر ما أنتجته الشمس من ضوء. وهذه أيضاً هي المدة نفسها التي سيستغرقها كوكبنا حتى يخرج عن مداره حول الشمس. لأن قوة الجاذبية تتحرك في الكون بسرعة الضوء في الفراغ، أي نحو 300 ألف كيلو متر في الثانية.
فور انقضاء هذه الدقائق الأولى، تنطلق الأرض في خط مستقيم نحو المجهول، أسوة بباقي كواكب المجموعة الشمسية، التي تروح تتبعثر تباعاً في الفضاء السحيق. ونقول نحو المجهول، لأن مصير الأرض كجرم يسبح في الفضاء يرتبط عندها بموضعها في المجموعة الشمسية بالنسبة إلى باقي الكواكب. فمن الممكن أن تنجذب إلى أحد الكواكب الكبيرة لتصبح قمراً يدور في فلكه، ومن الممكن أن تتابع رحلتها لملايين السنين حتى تلتقطها جاذبية جرم أكبر منها.
وتسهيلاً للمهمة أمام خيالنا، نقتصر فيما يأتي على نتائج انعدام ضوء الشمس وحرارتها.
لمدة ساعة تقريباً، سيظل سكان الأرض يشاهدون كوكب المشتري مضاءً وفي مساره الأصلي، لأنها المدة الزمنية اللازمة كي يصله آخر ما أنتجته الشمس من ضوء. وبعد ذلك سيغوص في الظلام.
إن معدل الحرارة على سطح كوكبنا الأزرق هو حوالي 15 درجة مئوية. وبعد اختفاء الشمس بأسبوع، سينخفض هذا المعدل إلى درجة الصفر المئوية. وبعد سنة سينخفض إلى 73 درجة مئوية تحت الصفر. ولكن لحسن الحظ تبقى هناك بعض مصادر الدفء بفعل حرارة باطن الأرض. وتتمثل في المناطق البركانية المفتوحة قليلاً أو كثيراً على باطن الأرض، وما تحتويه من ينابيع مياه حارة كما هو الحال في إيسلندة أو جنوب سيناء.. ومثل هذه المناطق يمكنها أن تأوي الحياة البشرية لبعض الوقت.
الحل الآخر أمام البشرية الباحثة عن الدفء هو النزول إلى كهوف تتعمق أميالاً تحت سطح الأرض، حيث تكون الطبقات السُفلى من القشرة الأرضية قريبة نسبياً من الدثار السائل والحار جداً بفعل الضغط.
إن انقراض الأنواع الحية سيبدأ بالثدييات الكبيرة التي ستهلك جميعها خلال أيام معدودة، تتبعها المحاصيل الزراعية وكافة النباتات والأشجار التي ستموت بفعل الظلام الطويل أولاً ثم البرد، هكذا وستُحرم الأرض من مصدر مهم للأوكسجين. ولكن الغلاف الجوي يحتوي على ما يكفي من الأوكسجين لسنين طويلة. وفي الواقع، ستتمكن بعض الأنواع الحية، من النجاة والبقاء لملايين السنين، وخاصة الميكروبات والكائنات المجهرية التي تعيش في أعماق المحيطات حول الفوهات الحرمائية، حيث مصدر الطاقة لديها هو تمثيل كيميائي مشابه للتمثيل الضوئي للنباتات. وبالتالي فإن الحيوانات البحرية التي تعتمد على هذه الكائنات المجهرية في تغذيتها، قد تتمكن من النجاة أيضاً.