علوم وطاقة

ماذا لو

اختفت الشمس

shutterstock_152362091الشموس‭ ‬لا‭ ‬تختفي‭ ‬فجأة. ‬بل‭ ‬هي‭ ‬ذوات‭ ‬دورات‭ ‬حياتية‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬مليارات‭ ‬السنين. ‬غير‭ ‬أننا‭ ‬نطرح‭ ‬السؤال‭ ‬هنا‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬إثارة‭ ‬التفكير‭ ‬بعمق‭ ‬الارتباط‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬كوكبنا‭ ‬كما‭ ‬نعرفها‭ ‬وهذا‭ ‬الجرم‭ ‬المشتعل‭.‬

في‭ ‬البدء‭ ‬ولمدة‭ ‬ثماني‭ ‬دقائق‭ ‬واثنتين‭ ‬وعشرين‭ ‬ثانية،‭ ‬لن‭ ‬نعرف‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬أن‭ ‬الشمس‭ ‬اختفت‭ ‬أو‭ ‬انطفأت. ‬لأن‭ ‬ضوء‭ ‬الشمس‭ ‬يستغرق‭ ‬هذه‭ ‬المدة‭ ‬حتى‭ ‬يصلنا. ‬ولن‭ ‬نلحظ‭ ‬أي‭ ‬تبدل‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصلنا‭ ‬آخر‭ ‬ما‭ ‬أنتجته‭ ‬الشمس‭ ‬من‭ ‬ضوء. ‬وهذه‭ ‬أيضاً‭ ‬هي‭ ‬المدة‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬سيستغرقها‭ ‬كوكبنا‭ ‬حتى‭ ‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬مداره‭ ‬حول‭ ‬الشمس. ‬لأن‭ ‬قوة‭ ‬الجاذبية‭ ‬تتحرك‭ ‬في‭ ‬الكون‭ ‬بسرعة‭ ‬الضوء‭ ‬في‭ ‬الفراغ،‭ ‬أي‭ ‬نحو‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬كيلو‭ ‬متر‭ ‬في‭ ‬الثانية‭.‬

فور‭ ‬انقضاء‭ ‬هذه‭ ‬الدقائق‭ ‬الأولى،‭ ‬تنطلق‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬خط‭ ‬مستقيم‭ ‬نحو‭ ‬المجهول،‭ ‬أسوة‭ ‬بباقي‭ ‬كواكب‭ ‬المجموعة‭ ‬الشمسية،‭ ‬التي‭ ‬تروح‭ ‬تتبعثر‭ ‬تباعاً‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬السحيق. ‬ونقول‭ ‬نحو‭ ‬المجهول،‭ ‬لأن‭ ‬مصير‭ ‬الأرض‭ ‬كجرم‭ ‬يسبح‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬يرتبط‭ ‬عندها‭ ‬بموضعها‭ ‬في‭ ‬المجموعة‭ ‬الشمسية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬باقي‭ ‬الكواكب. ‬فمن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تنجذب‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬الكواكب‭ ‬الكبيرة‭ ‬لتصبح‭ ‬قمراً‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬فلكه،‭ ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تتابع‭ ‬رحلتها‭ ‬لملايين‭ ‬السنين‭ ‬حتى‭ ‬تلتقطها‭ ‬جاذبية‭ ‬جرم‭ ‬أكبر‭ ‬منها‭.‬

وتسهيلاً‭ ‬للمهمة‭ ‬أمام‭ ‬خيالنا،‭ ‬نقتصر‭ ‬فيما‭ ‬يأتي‭ ‬على‭ ‬نتائج‭ ‬انعدام‭ ‬ضوء‭ ‬الشمس‭ ‬وحرارتها‭.‬

لمدة‭ ‬ساعة‭ ‬تقريباً،‭ ‬سيظل‭ ‬سكان‭ ‬الأرض‭ ‬يشاهدون‭ ‬كوكب‭ ‬المشتري‭ ‬مضاءً‭ ‬وفي‭ ‬مساره‭ ‬الأصلي،‭ ‬لأنها‭ ‬المدة‭ ‬الزمنية‭ ‬اللازمة‭ ‬كي‭ ‬يصله‭ ‬آخر‭ ‬ما‭ ‬أنتجته‭ ‬الشمس‭ ‬من‭ ‬ضوء. ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬سيغوص‭ ‬في‭ ‬الظلام‭.‬

إن‭ ‬معدل‭ ‬الحرارة‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬كوكبنا‭ ‬الأزرق‭ ‬هو‭ ‬حوالي‭ ‬15‭ ‬درجة‭ ‬مئوية. ‬وبعد‭ ‬اختفاء‭ ‬الشمس‭ ‬بأسبوع،‭ ‬سينخفض‭ ‬هذا‭ ‬المعدل‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬الصفر‭ ‬المئوية. ‬وبعد‭ ‬سنة‭ ‬سينخفض‭ ‬إلى‭ ‬73‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬تحت‭ ‬الصفر. ‬ولكن‭ ‬لحسن‭ ‬الحظ‭ ‬تبقى‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬مصادر‭ ‬الدفء‭ ‬بفعل‭ ‬حرارة‭ ‬باطن‭ ‬الأرض. ‬وتتمثل‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬البركانية‭ ‬المفتوحة‭ ‬قليلاً‭ ‬أو‭ ‬كثيراً‭ ‬على‭ ‬باطن‭ ‬الأرض،‭ ‬وما‭ ‬تحتويه‭ ‬من‭ ‬ينابيع‭ ‬مياه‭ ‬حارة‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬إيسلندة‭ ‬أو‭ ‬جنوب‭ ‬سيناء.. ‬ومثل‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تأوي‭ ‬الحياة‭ ‬البشرية‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت‭.‬

الحل‭ ‬الآخر‭ ‬أمام‭ ‬البشرية‭ ‬الباحثة‭ ‬عن‭ ‬الدفء‭ ‬هو‭ ‬النزول‭ ‬إلى‭ ‬كهوف‭ ‬تتعمق‭ ‬أميالاً‭ ‬تحت‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬حيث‭ ‬تكون‭ ‬الطبقات‭ ‬السُفلى‭ ‬من‭ ‬القشرة‭ ‬الأرضية‭ ‬قريبة‭ ‬نسبياً‭ ‬من‭ ‬الدثار‭ ‬السائل‭ ‬والحار‭ ‬جداً‭ ‬بفعل‭ ‬الضغط‭.‬

إن‭ ‬انقراض‭ ‬الأنواع‭ ‬الحية‭ ‬سيبدأ‭ ‬بالثدييات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬ستهلك‭ ‬جميعها‭ ‬خلال‭ ‬أيام‭ ‬معدودة،‭ ‬تتبعها‭ ‬المحاصيل‭ ‬الزراعية‭ ‬وكافة‭ ‬النباتات‭ ‬والأشجار‭ ‬التي‭ ‬ستموت‭ ‬بفعل‭ ‬الظلام‭ ‬الطويل‭ ‬أولاً‭ ‬ثم‭ ‬البرد،‭ ‬هكذا‭ ‬وستُحرم‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬مصدر‭ ‬مهم‭ ‬للأوكسجين. ‬ولكن‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬الأوكسجين‭ ‬لسنين‭ ‬طويلة. ‬وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬ستتمكن‭ ‬بعض‭ ‬الأنواع‭ ‬الحية،‭ ‬من‭ ‬النجاة‭ ‬والبقاء‭ ‬لملايين‭ ‬السنين،‭ ‬وخاصة‭ ‬الميكروبات‭ ‬والكائنات‭ ‬المجهرية‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬المحيطات‭ ‬حول‭ ‬الفوهات‭ ‬الحرمائية،‭ ‬حيث‭ ‬مصدر‭ ‬الطاقة‭ ‬لديها‭ ‬هو‭ ‬تمثيل‭ ‬كيميائي‭ ‬مشابه‭ ‬للتمثيل‭ ‬الضوئي‭ ‬للنباتات. ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬الحيوانات‭ ‬البحرية‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الكائنات‭ ‬المجهرية‭ ‬في‭ ‬تغذيتها،‭ ‬قد‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬النجاة‭ ‬أيضاً‭.‬

أضف تعليق

التعليقات