نقاش مفتوح

تعريفه وما له وما عليه

عالم العمل الحرّ لدى الشباب

يميل الشباب اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى العمل الحرّ بعيداً عن سلطة أصحاب العمل التقليدية والقيود الوظيفية المختلفة، ودرءاً للبطالة، وتحقيقاً لأفكارهم الخاصة وطموحاتهم التي يعتمدون عليها لتأمين العيش الكريم. وأدى التطور التقني والعملي في العصر الحديث إلى انتشار مفاهيم جديدة للأعمال الحرّة، ما جعلها ساحة رحبة تستقطب مزيداً من الشبـاب. فما هو حال هذا القطاع النامي؟ وما هي الآفاق التي يفتحها، والعوائق التي تعترضه؟ هذا ما حاولت القافلة استطلاعه في جلسة نقاش عقدتها في الرياض.

شارك في جلسة النقاش كلٌّ من: فاتن آل ساري الحاصلة على دكتوراة في القيادة التنظيمية ومدرِّبة محترفة في التوجيه، وحسين الحازمي الرئيس التنفيذي لشركة “ترند “للاتصال الرقمي، وأريج صالح التي تعمل بشكل حرّ في وسائل التواصل الاجتماعي والتعليم عن بُعد، وسليمان الرميخان صاحب التجارب المتعدِّدة في العمل الحرّ/ الأداء الصوتي والكتابــة، وعبدالرحمن الخميس المسؤول عن برامج “Udacity” في المملكــة وصاحب مبادرة “بودكاست” (وين ما تكون) لتوثيق تجارب العمل الحرّ، وسليمان العوشن مدير عام “ريادة الأفكار”.

فاتن آل ساري:
“التعريفات القائمة تتداخل فيها المفاهيم بين: العمل الحرّ، والأسر المنتجة، وريادة الأعمال”

ونظراً لتداخل العمل الحرّ مع غيره من أنماط العمل الحديثة، كان المحور الأول الذي تطلَّب كثيراً من النقاش هو تحديد العمل الحرّ قانونياً بشكل لا لبس فيه ولا غموض، من أجل تلافي الخلط بينه وبين الأنماط الأخرى شبه الحرّة.
بدأت الجلسة بسؤال موجَّه إلى سليمان العوشن حول مفهوم العمل الحرّ، وأسسه وأنواعه، فقال إن “هناك ثلاثة مفاهيم تتداخل مع تعريفنا للعمل الحرّ، هي: مفهوم العمل عن بُعد كوظيفة، ومفهوم العمل عن بُعد كعمل مستقل، ومفهوم العمل الحرّ كعمل تجاري مفتوح”. وبرأيه، فإن العمل الحرّ يمكن أن يقوم به موظف لكنه يحصل على حريته في عدم التقيّد بالدوام والحضور اليومي إلى مكان العمل، أي أن يؤدِّي واجباته المهنية دون ضوابط وظيفية. أو العمل المستقل وما نسميه “فريلانس”، أي يقدِّم العامل خدمات مختلفة لجهات متعدِّدة تطلبها منه، ويقوم بعمله من حيث يريد وفق وقت محدَّد يتفق عليه مع الجهة التي تتعاقد معه. أما العمل الحرّ الخاص، فيكون عملاً خاصاً بصاحبه، كمحل تجاري أو ممارسة حرفة معيَّنة”.

اختلاف التعريف
بين وزارتي العمل والتجارة

من جانبها تحدَّثت الدكتورة فاتن آل ساري عن منظور وزارة العمل إلى العمل الحرّ، وقالت إن “التعريفات القائمة تتداخل فيها المفاهيم بين: العمل الحرّ، والأسر المنتجة، وريادة الأعمال. وتلك تختلف عن مفهوم العمل عن بُعد تماماً، الذي يعرّف بأنه عمل الموظف عن بُعد لشركة ما، وهو ما ركَّزت عليه وزارة العمل: أن يعمل الشخص عملاً ما، ويكون مسجلاً في التأمينات الاجتماعية ضمن موظفي شركة ما، من المنزل أو من مراكــز العمل عن بُعد”.

حسين الحازمي:
“لدينا أزمة في تعريف العمل الحرّ، ففي رأيي ببساطة هو تقديم خدمة أو منتج من قِبل فرد وليس من قِبل منشأة أو شركة”

وأضافت: “العمل عن بُعد لدى وزارة العمل يختلف عن العمل عن بُعد بمفهوم وزارة التجارة، وهو يتجلى في عمل الأسر المنتجة. فالعمل الحرّ عند الأسر المنتجة هو صناعة منتج جديد من لا شيء، مثل قماش يُفصّل على شكل ثياب وأزياء خاصة، أو وجبة تجمع مكوناتها وتنتج بصورة خاصة. أما العمل عن بُعد فهو شراء منتجات جاهزة من السوق، وبيعها للناس، وهذا العمل مرخَّص من وزارة التجارة”. وأشارت إلى أنّ بعض الأعمال التي تتضمَّن تقديم خدمة ما وليس منتجاً تُصنَّف ضمن الأعمال الحرّة.
وخلصت إلى القول إنَّ “مفهوم العمل الحرّ هو أن يعمل الشخص بنفسه عملاً لا يرتبط فيه بصاحب عمل معيَّن، ولا بتسجيل في نظام التأمينات الاجتماعية. لكن وزارة العمل، وسعياً منها إلى تنظيم هذا العمل وخفض نسبة البطالة، أصدرت تراخيص، ووضعت له نظاماً حديثاً، وهذا من شأنه أن يفيد صاحب العمل الحرّ في وضع غطاء رسمي له”.
ولفتت آل ساري إلى أنّ الفكرة الأساسية في دعم الجهات الحكومية لمشاريع العمل الحرّ، هي مؤازرة قيامها وانتشارها، ثم استقلالها ككيانات منفصلة وقائمة بحد بذاتها. وفي رأيها أنّ الفرق في المفهوم بين العمل الحرّ وريادة الأعمال، هو أنّ ريادة الأعمال لا بد أن تقوم على فكرة إبداعية جديدة، وغير موجودة في السوق، ويكون رائد الأعمال فيها قد بدأ من الصفر. لكن الذي حدث هو أنَّ سعي الجهات المختلفة إلى دعم مفهوم ريادة الأعمال، قاد إلى الخلط بينها وبين الأعمال الحرّة غير الإبداعية وغير الجديدة.
فهل التفرقة بين ريادة الأعمال والعمل الحرّ ضرورة؟

‮«هدف‮» ووزارة العمل لدعم العمل الحرّ
يقع دعم الشباب السعودي لتحقيق أفكاره وتحويلها إلى أعمال واقعية، في صلب اهتمام الوزارات المعنية في المملكة. فنشأت مؤسسات وهيئات مختلفة تساعد الشباب الباحث عن فرص عمل، أو عمن يدلّه إلى السبل التي يجب أن يتبعها لكي يحقِّق عمله الخاص.
ومؤخراً دعت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وصندوق تنمية الموارد البشرية “هدف”، روَّادَ ورائدات الأعمال وأصحاب المشاريع الخاصة، إلى التسجيل في برنامج “دعم العمل الحرّ”، على المهن المعتمدة في البوابة الإلكترونيــة، وذلك للحصول على وثائـق العمل الحرّ، التي تخوّل أصحاب المشاريع الذاتية من الاستفادة من دعم الصندوق.
ولا يشمل هذا البرنامج الموظفين على رأس العمل المسجلين في نظام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أو نظام الخدمة المدنية، والموظفين في الأعمال الموسمية. كما يشترط الحصول على وثيقة العمل الحرّ ألا يقل عمر المستفيد عن 18 سنة. كما أنَّ البرنامج يغطي حوالي 80 مهنة ونشاطاً يمارسها أصحاب المشاريع، وهي تتمحور في مجالات كالكتابة والترجمة والتصميم إلى المبيعات والتسويق وتطوير المواقع، إلى صيانة الجوالات وتطبيقاتها إلى خدمة العملاء وإدارة الشبكات وتحليل البيانات والهندسة والتخطيط والبرمجة.

العمل الحرّ والغطاء الرسمي
هنا عاد الحديث إلى العوشن الذي قال إن هذه التفرقة تحقِّق الفصل بين العمل لصالح مؤسسة أو شركة، وبين الشخص الذي يعمل بصورة مستقلة لصالح نفســه، الأمر الذي تترتَّب عليه جوانب قانونية ومالية.
وأبدت الدكتورة آل ساري موافقتها على ذلك، وأضافت: ” كان العمل الحرّ غير منظَّم، بل ويعاني من مشكلات كبيرة، واجهناها في عمل المرأة في التزيين النسائي عندما كنت في وزارة العمل. فقد كنّا نتعامل مع من نسميهم “تاجرات شنطة”، وهن اللواتي كنّ يعملن بشكل مخالف، لدرجة حدوث جرائم سرقة في المنازل من بعض التاجرات اللواتي لا توجد عنهن معلومات وغير مرخّص لهن بالعمل. لكن الأمر أصبح اليوم أكثر تنظيماً، وحفظاً للحقوق، ويتطلب التسجيل في الدوائر الحكومية المختصة، وفي برامج معروفة مثل برنامج (أمان)”.
وأوضح عبدالرحمن الخميس أنّ باستطاعة الشخص الذي يقوم بأعمال حرّة أن يستصدر ترخيصاً رسمياً بتلك الأعمال، ليكون عمله شرعياً وقانونياً”.

سليمان الرميخان:
“أحد التحديات تكمن في أن التعليم، لا يؤهل الطلاب للبحث عن عمل حرّ في مجال يناسبهم ويلائم هواياتهم ومواهبهم”

وإلى جانب ذلك أضافت أريج صالح أنه عند العمل في بعض المهن يطلب المتعاقدون ضمانات معيَّنة، مثل تقديم سيرة ذاتية تتضمَّن الأعمال المنفّذة سابقاً خوفاً من أن يكون المتقدم إلى التعاقد غير جدير بالثقة لكنّ رخصة العمل الحرّ جاءت لتساعد على حل هذه المشكلة، فهي تساعد على تمييز مستويات الأعمال وتصنيف الجيد منها أو غير الجيد، وإثبات جدية صاحب العمل الحرّ في تنفيذ العمل وأمانته ومصداقيته. وبذلك أصبح بإمكان الجهات والمؤسسات الاطمئنان إلى تعاقدها مع الشخص الذي يعمل بشكل حر، لكونه أصبح موثوقاً، وذا صفة رسمية.
وقبل انتقال الحديث إلى محور آخر، لفت سليمان الرميخان إلى أن هناك خلطاً في مفهوم العمل الحرّ، وبالرجوع إلى المصطلحات الإنجليزية نجد تسميات تشير إلى أربعة أنماط مختلفة من العمل، هي: الأعمال المستقلة (FreeLancer)، والعمل عن بعد (telework)، والعمل عبر شبكة الإنترنت (On line)، وأصحاب الأعمال (Business owner) وهي الأنماط التي يحصل فيها الخلط.
ويتابع حسين الحازمي في السياق نفسه قائلاً: نحن لدينا أزمة في التعريف، فحتى تعريف المنشآت الصغيرة والمتوسطة ليس واضحاً عندنا، ولا نعرف الفرق بينهما. وأضاف : “كلما تبحرنا كثيراً في التعريف، زاد الموضوع تعقيداً أكثر، لأننا في نهاية الأمر سوف نفصل ما بين العمل الحرّ، والعمل عن بُعد في حال تداخل مع ريادة الأعمال. والعمل الحرّ برأيي هو تقديم خدمة أو منتج كفرد وليس كمنشأة”.
ويضيف صالح هنا: “أرى أن العمل الحرّ يتعلَّق أساساً بحرية الشخص واختياره للطريقة المناسبة لإنجاز العمل بمرونة، فلا يُجبر على الحضور إلى مكان العمل في ساعات محدَّدة، أو حصره في مكان محدَّد. فالجوهري هنا هو إنجاز العمل، لا العراقيل الروتينية، وهذه الطريقة في العمل بدأت تتبناها شركات عالمية كبيرة”.
هنا تدخَّل مدير الجلسة قائلاً: إن هدف هذا النقاش المفتوح أساساً قائم على التفرقة بين المفاهيم التي أشرتم إليها. فريادة الأعمال أخذت صيغاً كثيرة تكاد تضم كل شيء، وهناك توجُّه عام الآن نحو العمل الحرّ، حيث تزول القيود الوظيفية الرسمية، نزولاً عند الحاجة إلى دخل إضافي للعائلات جرّاء المتغيرات الحاصلة”.
وهنا قال عبدالرحمن خميس: “أظنّ أن التعريف يأتي من التجربة. واقعياً، التعريف الذي أراه هو أنه لا يلزمني العمل بمكان ثابت أو في تخصص معيَّن، بما أنني متميز أو موهوب في مجال ما، من دون حصولي على شهادة فيه، لكنني مثلاً أعمل في مجال الرسم على نحو مهني وحرفي، فلا داعي حينها لطلب شهادة مني كي أحصل على عقد مع شركة. كذلك ألاَّ اُجبر على التواجد في مكان محدَّد، وألا يلزمني قانون العمل بالتسجيل في حِرفة مع ما يستتبع ذلك من رسوم تسجيل وما شابه. كما يمكنني العمل حتى إذا سافرت إلى بلد آخر”.
تعليقاً على هذا التعريف الأخير، فإن وزارة العمل الآن تحاول تطبيقه على العمل الجزئي، إذ يمكن العمل في أكثر من شركة عملاً جزئياً (ثلاث ساعات في شركة وثلاث ساعات في أخرى مثلاً)، مع مراعاة معايير معيّنة وتعاريف دقيقة، على أن يتم دعم التأمينات الاجتماعية للشخص حتى لو عمل في عدة شركات في وقت واحد.

وثيقة العمل الحرّ في المملكة
هي وثيقة تُمنح للشباب وتسمح لهم بممارسة عديد من الأعمال الحرّة. وتم تعريف وثيقة العمل الحرّ من قِبل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية على أنها خدمة يتم تقديمها لتعزيز وتقوية العمل الحرّ في المملكة، وتشجيع الشباب وزيادة فرص العمل حتى يعود بالنفع الاقتصادي على الدولة والمواطنين.
أما شروط الحصول على وثيقة العمل الحرّ فهي:
1- يجب ألاَّ يقل سن الشخص المتقدم بالطلب عن 18 سنة، وألاَّ يتجاوز 60 سنة، فيكون راشداً وواعيًا للعمل، ويتمكن من الإنتاج في المملكة.
2- يجب أن يكون على علاقة ودراية بالمهن والحِرَف الحرّة، ويكون مجال العمل الذي يريد الحصول على وثيقة له من بين المهن المسموح بها في الوثيقة.
3- يمكن لأي شخص الحصول على وثيقة العمل الحرّ طالما تمتع بالشروط السابقة، ويمكن له اتخاذ ذلك العمل كعمل كلي أو جزئي. وبالإضافة إلى تلك الشروط، فإن مدة صلاحيــة الوثيقــة تكون سنة واحـدة فقط من تاريــخ إصدارها. وعلى صاحبها أن يقـوم بتجديدها ليتمكَّن من مزاولــة مهنتــه مرة أخرى.
تعريفات مختلفة للعمل الحرّ
• فاتن آل ساري: “تفرّق وزارة العمل بين العمل الحرّ والعمل عن بُعد الذي تعرّفه بأن يعمل شخص عملاً ما، ويكون مسجلاً في التأمينات الاجتماعية ضمن موظفي شركة ما، من المنزل أو من مراكز العمل عن بُعد، وهذا النوع من الأعمال يخرج من إطار تعريف الأعمال الحرة”.
• سليمان الرميخان: “هناك خلط في مفهوم العمل الحرّ، وبالرجوع إلى المصطلحات الإنجليزية نجد التالي: الأعمال المستقلة (FreeLancer)، والعمل عن بعد (telework)، والعمل عبر شبكة الإنترنت (On line)، وأصحاب الأعمال (Business owner) وهي التي يحصل فيها الخلط”.
• عبدالرحمن خميس: “أظنّ أن التعريف يأتي من التجربة. واقعياً التعريف الذي أراه للعمل الحر، هو أنه لا يلزمني بالعمل في مكان ثابت أو في تخصص معيَّن، بما أنني متميز أو موهوب في مجال ما، من دون حصولي على شهادة فيه”.
• أريج صالح: “في العمل الحرّ يمكنني إدارة الوقت بين الحاجة إلى الراحة ومتطلبات العمل. فالعمل الحر يصح فيه القول إنه بلا وقت محدد، ولذلك يمكن أن يفاجئك كل حين، حتى أثناء يوم تظن أنه يوم عطلة عادة، فهو عمل متواصل، ويحتاج إلى إدارة ذاتية يقظة ومتناسبة مع مختلف الظروف”.
• حسين الحازمي: “ميزة العمل الحر هي كسر كل التصنيفات التعليمية، وترك الأمور للشخص نفسه وما يمتلكه من قدرات عملية، وهكذا يتطور السوق، فالقيمة الفعلية هي في الإنتاج والمبادرة وليس التعليمات أو التشريعات أو التصنيفات وطلب الحصول على رخصة”.
• سليمان العوشن: “أرى أنه من المهم منح الثقة وتوافر المصداقية، وتشجيع العمل الحر من خلال ضمان التأمينات الاجتماعية للموظف حتى إذا ترك عملـه لسنة أو سنتين، وإعطائه فرصة كي يختبر قدرته على العمل الحر لتحفيز المجتمع على الإنتاج، وفي حال عدم نجاحه يمكنه العودة إلى الوظيفة، لكن الاختبار والتشجيع مهمان كي يبادر الشباب إلى العمل الحر من دون خوف، طالما هناك تأمينــات اجتماعية وضمان عودته لوظيفته”.

تحديات العمل الحرّ
من خلال التركيز على تجارب العمل الحرّ، سواء مع الجهات الحكومية أو لدى الشباب أنفسهم، طرح مدير الجلسة سؤالاً حول إيجابيات العمل الحرّ وسلبياتـــه. فما هي شروط العمـل الحرّ السليم؟ وما هي التحديـات التي تواجه هذا النــوع الجديد من العمل؟

أريج صالح:
“بعد مأسسة العمل الحرّ بات بإمكان الجهات والمؤسسات التعاقد مع الشخص الذي يعمل بشكل حرّ، لكونه أصبح موثوقاً، وذا صفة رسمية”

فضّلت أريج صالح أن تبدأ بالحديث عن الأمور الإيجابية في تجربتها، فهي تستطيع العمل من أي مكان وفي أي وقت: “كما أنني إذا سافرت، أستطيع إكمال عملي لاحقاً، ويعتمد ذلك على حُسن إدارة الوقت بين الحاجة إلى الراحة ومتطلبات العمل. أما الأمر السلبي هنا فيتجلَّى في عدم القدرة على إدارة الوقت على نحو جيد وملائم. فالعمل الحرّ يصح فيه القول إنه بلا وقت محدَّد. ولذلك، يمكن أن يفاجئك كل حين، حتى أثنـاء يوم تظن أنه يوم عطلة عادة. فالعمل الحــرّ في حقيقته عمل متواصل، ويحتاج إلى إدارة ذاتية يقظة وتراعي مختلف الظروف”.

وهل للتعليم دور في العمل الحرّ؟
برأي سليمان الرميخان أن أحد أهم التحديات هو في التعليم. فهو لا يؤهل الطلاب للبحث عن عمل حرّ في مجال يناسبهم ويلائم ميولهم ومواهبهم. لذلك، وعلى سبيل المثال، فإن قلّة من الطلاب الجامعيين تُعرف لهم هواية أو موهبة خاصة. فعبر تعليم جيد يشجِّع المواهب، يمكن فتح آفاق جديدة في العمل الحرّ. كانت هناك مشكلة في التعليم، بسبب الطابع التلقيني غير العملي، من دون إيلاء اهتمام لمواهب وميزات الطلاب والشباب وميولهم، إضافة إلى عدم توافر تخصصات معيَّنة في الجامعات. وهناك إلى حدٍ ما تباعد بين نوعية التعليم بالنسبة للشباب وحاجات المجتمع الفعلية، مما يضطر الشباب خاصة إلى الاعتماد على أهلهم. وهذه إشكالية تعليمية واجتماعية”.
هنا تدخل حسين الحازمي بتعليق على العلاقة بين العمل الحرّ والتعليم بالقول إن ميزة العمل الحرّ هي كسر كل التصنيفات التعليمية، وترك الأمور للشخص نفسه وما يمتلكه من قدرات عملية، وهكذا يتطوَّر السوق، فالقيمة الفعلية هي في الإنتاج والمبادرة وليس في التعليمات أو التشريعات أو التصنيفات وطلب الحصول على رخصة…إلخ”.

التمويل: خيارات وفرص وصعوبات
وماذا بخصوص التمويل، ومدى ضرورته للعمل الحرّ؟

تقول الدكتورة آل ساري : “بالنسبة للبنات اللائي قابلتهن، فقد كنّ بحاجة إلى 300 ألف ريال للبدء في العمل، فللحصول على كشك كان يجب إعطاء صاحب المجمع التجاري 150 ألفاً، لذا قمنا بتأسيس مجمّع “غرناطة” للاتصالات النسائية، أي لصيانة جوالات وهواتف النساء بناءً على رغبتهن، كي لا يبقى هذا العمل حكراً على الرجال فقط. لذا أرى أن التمويل ثقافة وتفكير. ويمكن لأي

عبدالرحمن الخميس:
“ما أتوقعه كصاحب عمل حرّ هو ألاَّ يلزمني قانون العمل التسجيل في حِرفة مع ما يستتبع ذلك من رسوم تسجيل وما شابه”

جماعة متحدة أن تقوم بعمل مشترك لتأمينه، وليس بالضرورة أن يكون حكراً على المؤسسات التمويلية الخاصة أو الحكومية التي تفرض شروطاً – بعضها صعب التحقيق – من أجل تمويل مشروع معيَّن.
بدوره أضاف سليمان العوشن على هذه الفكرة قائلاً: “أرى أنه من المهم منح الثقة وتوافر المصداقية وتشجيع العمل الحرّ من خلال ضمان التأمينات الاجتماعية للموظف، حتى ولو ترك عمله لسنة أو سنتين، وإعطائه فرصة كي يختبر قدرته على العمل الحرّ لتحفيز المجتمع على الإنتاج. وفي حال عدم نجاحه، يمكنه العودة إلى الوظيفة. لكن الاختبار والتشجيع مهمان كي يبادر الشباب إلى العمل الحرّ من دون خوف، طالما هناك تأمينات اجتماعية وضمان العودة إلى وظائفهم”.
بدوره، رأى الرميخان أنه يجب إيجاد رابط بين بيئة العمل الحرّ وشروط الدعم الحكومي. وأنه من المهم الحصول على رخص للمشاريع، كي لا تفشل بسبب حرمانها من الدعم الأساسي. حينها يمكن الحصول على تمويل مبدئي بشروط مقبولة وميسرة، والبدء بالعمل والدخول بمرحلة التنفيذ.

ضرورة التوعية الاجتماعية
“العمل الحرّ ليس بطالة”

برأي الخميس، فإننا نحتاج إلى نشر ثقافة العمل الحرّ بشكل صحيح. اذ إن فئات كثيرة من المجتمع ترى في العمل الحرّ نوعاً من البطالة. وقال: “إن الوظيفة بالدوام الثابت والتأمينات الاجتماعية مع راتب التقاعد هي في نظر التقليديين المهن الحقيقية، بل والأفضل لو كانت مهناً في مؤسسات حكومية لضمان الحياة في مرحلة ما بعد التقاعد. هذه إشكالية في المفاهيم العامة. وفي الغالب

سليمان العوشن:
“هناك ثلاثة مفاهيم تتداخل مع تعريفنا للعمل الحرّ، هي: مفهوم العمل عن بُعد كوظيفة، ومفهوم العمل عن بُعد كعمل مستقل، ومفهوم العمل الحرّ كعمل تجاري مفتوح”

نتكلم عن الباحث عن عمل حرّ وكأنه يسعى إلى دخل إضافي. أما إذا نظرنا إلى الموضوع من زاوية تطوير الاقتصاد الوطني، فهو يستفيد من هذه الأعمال. لكن هذا يقتضي للعمل الحرّ أن يكون ذا كيان منفصل ومستقل ومقبول ومعترف به اجتماعياً، بل ويلقى كل التشجيع ومن دون تقصير حتى في المدارس أثناء انتقال الطلاب من المرحلة التعليمية إلى المرحلة العملية. فتخمة حاملي الشهادات العليا زادت من حدة البطالة، لأن هؤلاء يبحثون عن أنواع معيَّنة من الوظائف ولا يقبلون بأدنى منها. هذا مع العلم أن دولاً كثيرة في العالم باتت تضع أنظمة تعليمية تساعد الطلاب على اختيار تخصصات ومهن يحتاجها سوق العمل، فلا يتـرك الأمر خاضعاً لأمزجة الطلاب وأهلهم والمجتمع الذي يحيطهم”.
وختمت أريج صالح بكلمة حول هذه النقطة بالذات قالت فيها: إن هذا لا يتعلَّق بالجانب التدريبي فقط. بل بدور جديد للمجتمع المدني في ظل وجود مشاريع حكومية تراعي حقوق الأعمال الحرّة، وتدعم القائمين بها وتدربهم، وتسعى إلى نشر الثقافة. وهذه حاجة مُلِحّة جداً، تتطلَّب توضيح الوضع القانوني للعاملين في العمل الحرّ، ومن خلال التوجيه والتطوير وإتاحة الفرص”

عالم العمل الحرّ عند الشباب السعودي
– عمل حرّ
– عمل حرّ مستقل عن بُعد
– عمل حرّ مستقل كوظيفة
– عمل حرّ تجاري
– عمل حرّ خدماتي
– عمل حرّ كأسر منتجة
– ريادة الأعمال

أضف تعليق

التعليقات