قول في مقال

حول الكتابة عن المرأة

قرأت في القافلة مؤخراً مقالاً للأستاذ محمد العصيمي بعنوان «أن تكتب عن المرأة».

أخذ بي المقال كثيراً، وأدهشني عنوانه في صيغته الشرطية (أن )..، قرأتُ الأحرف، ولا أخفيكم قرأتها بجنسي الأنثوي أو لكوني امرأة كما يريد الكاتب أن أقرأه.. استوقفتني قوة شواهده بزمانها وأسماء صاحباتها ونقل مقولاتهن التي تشدُّ وتقوي عضلات كلماته والتي من خلالها أبرز مقالته وطرح فكرته وعنون موضوعه.

حينما نتحدث عن المرأة، لا بد أن نعي أن وراءها رجلاً وأمامها رجلاً، وعند ذكر المرأة فهي دوماً مستعينة بك وبه وبهم، وأنت كذلك على الدوام ستكون برفقة امرأة، إن لم تكن أماً، فهي زوجة أو أخت، أو قد تكون تحت رئاسة امرأة كما في زمن شجر الدر التي دبَّرت أمور الحكم في ظل وفاة زوجها السلطان الصالح أيوب، على مدى ثمانين يوماً تشهد أن للمرأة سيادتها إن هي أرادت وابتغت إلى ذلك سبيلاً.

أتفق معك أن المجتمع العربي يميِّز بين المرأة والرجل، ولكن الأمر طبيعي إلى حدٍّ ما. ففي القرآن الكريم تكلم الرب بآيات موجهة للمرأة على وجه الخصوص، ولا شأن للرجل بها.

التعميم ليس محموداً على الدوام. فالإنسانية أوسع بكثير من أن نجعلها في حروف سجينة لأوضاع يتحكم بها الإرث الاجتماعي أو مختزنة للعقل الاجتماعي الراهن في دماغ أحدنا.

نحن نتحدث ونكتب عن الرجل بصفته أباً وأخاً وزوجاً وصانعاً للبطولات ومعلماً مربياً، فاكتب عني أختاً وبنتاً ومعلمة وطبيبة.. اكتب عني، ولا تكتب عنهم، خُصَّني بالذكر، فاسمي مباح إن كان في ظل عمل شريف يرفع الإنسان ويعلي ذكره وعمله..

ستجدني في البيت والمدرسة، في الجامعة والمستشفى وحتى في السوبرماركت، أبذل وأعطي لأشيد حروفك وأصنع كلماتك ونتعاون في طرح الفكرة عني.

اكتب عني لتحميني، لترفع معنوياتي، لتجد لي مكاناً في المجتمع أسهم فيه بدوري حتى أكون صوتاً وفكرة وطرحاً ومضموناً يستحق الإشادة به.

لقد كان للمرأة في عهد النبوة والخلافة الراشدة حضور وقوة ومشاركة فعالة في المجتمع. فكانت تتعلم وتَعلِّم ويقصدها طلاب العلم للأخذ منها. ولم تقتصر براعة المرأة على ذلك، فقد تجاوزته إلى مجال الشعر والأدب، وفاق بعض النسوة الرجال. فالمرأة منذ خلقت وصوتها مسموع، وفكرها إن كان محموداً فهو موجود وخلَّده التاريخ لها، ولك على سبيل المثال: الخنساء (تماضر بنت عمرو) التي أجمع الدارسون على رفعة مستوى شعرها، وهند بنت عتبة صاحبة الأبيات التي تطرق الأسماع حتى الآن، وكانت السيدة عائشة بنت أبي بكر – رضي الله عنها -، من الصحابيات الفصيحات البليغات بالأنساب والأشعار، ولا ننسى السيدة خديجة رضي الله عنها، وغيرهن الكثيرات ممن خلدهن التاريخ، وتكلم عنهنَّ الكتَّاب وكتبوا وفصَّلوا.

وإن رغبت في عصرنا الحالي فالقائمة تطول بأسمائهن، ولك على سبيل المثال لا الحصر: الدكتورة الكاتبة أمل الطعيمي، د. ثريا العريض، د. عهود اليامي، أ. فاطمة القرني، أ. سلطانة السديري، والكثيرات غيرهن…

لا أعتقد أن التمييز الفكري الثقافي هو الآن على أساس امرأة أو رجل فقط، فقد يكتب أحدهم من الجنسين ويضرب بالفكر والثقافة عرض الحائط.فالتمييز في هذا العصر انتقل إلى شعبة أوسع وهي «المضمون».

فأنا شخصياً أرى أن المسألة باتت حول المضمون والفكرة، فثقافة المرأة وحضورها في المجتمع موجودان منذ الأزل، ولا خلاف على ذلك قطعياً. ولكن مستوى ذلك الحضور يحدده المضمون أولاً وأخيراً.

أضف تعليق

التعليقات

اسماء الشهري

مقال اكثر من رائع .. فخوره فيك دكتورتنا هند❤️