لا شك في أن الإضاءة عنصر مهم في أي مساحة. والإضاءة المصممة بشكل جيد تضفي على المكان جواً جميلاً وتدخل الحياة إليه. ولكن ماذا لو كان لها أيضاً دور أساسي في تنقية الهواء؟
كانت تنقية الهواء الفكرة الذكية وراء ثريا حية قام بتصميمها المهندس والمصمم جوليان ملكيوري وأطلق عليها اسم “زفير”.
استخدم ملكيوري الطحالب الخضراء لتصميم هذه الثريا البيولوجية الإلكترونية التي تتكوَّن من سبعين قطعة زجاجية على شكل أوراق الشجر تأتي في ثلاثة أحجام مختلفة يمكن تكوينها في أشكال مختلفة اعتماداً على الضرورة. وداخل كل قطعة كمية من الطحالب الخضراء تتغذى بواسطة جهاز صغير يعمل بتنقيط العناصر الغذائية. ومن خلال مزيج من ضوء النهار وضوء الدايود المشع LED، تتفاعل لدى تلك الكائنات الدقيقة عملية التمثيل الضوئي فتمتص ثاني أكسيد الكربون وتبث الأكسجين في الهواء من حولها.
يَعُد ميلكيوري التمثيل الضوئي “أهم تفاعل كيميائي في العالم”، ويضيف بأن “التمثيل الضوئي عن طريق الطحالب الدقيقة ساعد في “ثورة الأكسجين” التي حدثت في الكون منذ أكثر من ملياري سنة مضت، ما مكَّن الحياة من التكاثر على الأرض. ويؤكد هذا المبتكر أن الطحالب من أهم الكائنات المساهمة في عملية التمثيل الضوئي في العالم، لأن مادة الكلوروبلاست عندها، وهي الصانعات الخلوية المسؤولة عن عملية التمثيل الضوئي، موجودة بكثافة أكثر بكثير من النباتات الأخرى.
وتُعد هذه الثريا أبرز مثال على كيفية الجمع بين البيولوجيا “التخليقية” وعلم “محاكاة الطبيعة” والمواد الحيوية. كما أنها قطعة إضاءة جميلة ومتطورة تثبت أن المفاهيم الصديقة للبيئة يمكن أن تأتي من خلال عدد لا يحصى من الأساليب.
وتقديراً لهــذا العمـل الرائع مُنح ملكيوري جائزة المواهب الناشئة خلال أسبوع التصميـم في لندن، التي تعطى للأفراد الذين أسهمـوا في أي تأثير فني إيجــابي في غضون سنوات خمس على تخرجهم. وقد تم تقدير هذه الثريا المبتكرة في المملكة المتحدة من قبل “مؤسسة الفنون” التي تشجع التعاون المتزايد بين الفن وعلم الأحياء، كما تؤكد على ذلك مديرة المؤسسة شيلي وارن التي تقول إن القيمين على المؤسسة يعتقدون بأن “الفنون يمكن أن تحفز التقدم في علوم المواد والتكنولوجيا، والعكس بالعكس كذلك”.