كتب قارئ لمجلَّة علمية تعليقاً على موضوع احتمال وجود كائنات ذكية في الفضاء الخارجي، أنَّ وجودها مؤكد بدليل أنَّ أياً منها لم يتصل بنا!
يصادف العام الجاري ذكرى مرور 50 سنة على بداية أول جهد علمي وعملي للبحث عن الحياة على كواكب أخرى غير الأرض. ولكن على الرغم من هذه المدة التي تبدو طويلة، وعلى الرغم من المبالغ الطائلة التي صرفت على بناء التلسكوبات العملاقة وأدوات الرصد وجهود مئات العلماء، لا يزال وجود «حضارات» على كواكب أخرى غير الأرض مجرد فكرة شاعرية. إذ لم يتأكد العلماء حتى الآن من وجود أي شكل من أشكال الحياة في صيغتها البدائية، لا على كواكب المجموعة الشمسية ولا على الكواكب التي طالتها التلسكوبات.
رانيا منير تعرض مسار الجهود التي بذلت ولا تزال تبذل في هذا الإطار، والتي يبدو أن أكثرها جدية وأقربها إلى تحقيق بعض النتائج يبقى حتى اليوم منصباً على البحث عن توافر العناصر الأولية اللازمة لأبسط أشكال الحياة مثل الأوكسجين والماء.
منذ ثلاثة قرون توقع العلاَّمة سير كريستوفر رين بأنه سيأتي على الإنسان زمن يرسل فيه بصره ليرى كواكب شبيهة بكوكب الأرض. وحسب توقعات الفلكيين، فإن ذلك الوقت قريب جداً.
فقد تم للتو اكتشاف ما يقارب 450 كوكباً يتم رصد العديد منها أسبوعياً، وهي تدور حول نجوم أخرى كشمسنا، بل تأكد العلم من وجود ما يقارب العشرة آلاف مليون مليون مليون نجم منها ما هو بحجم الشمس ومنها ما هو أكبر أو أصغر، وهذا ما جعل الباحثين يرجحون أن تكون الكواكب والأنظمة الشمسية الشبيهة لنظامنا موجودة بوفرة في كل مكان من الكون. فكانت الخطوة التالية هي البحث عن كواكب شبيهة بكوكب الأرض تدعم شروط الحياة عليها، بحيث أن تكون موجودة في المنطقة التي يسميها الفلكيون منطقة «الخصلة الذهبية» أي أنها ليست بعيدة جداً عن نجمها الأم لدرجة تصبح معها كتلاً متجمدة من الجليد والصخر كالكوكب القزم بلوتو، ولا أن تكون قريبة جداً منه فتكون درجة الحرارة عليه غير مناسبة لنشوء الحياة مثل كوكب عطارد.
ولكن المشكلة تكمن في رصد مثل هذه الكواكب الصغيرة والتي تصدر طيفاً أقل بكثير من طيف النجم الأم. ولهذا تصعب رؤيتها مباشرة. إذ يبدو البحث عنها وكأنك تبحث عن رأس إبرة أحمر بجانب ضوء شديد مسلط حوله. لهذا، يتم رصدها بطريقة غير مباشرة من خلال رصد حركة النجم، حيث يؤدي الجذب التثاقلي للكوكب إلى جعل النجم يترنح إلى الأمام والخلف، وتؤدي هذه الحركة إلى انزياح دوري يسمى «انزياح دوبلر» في طيف هذا النجم المشاهد من الأرض، فيتم بذلك حساب كتلة هذه الكواكب وحرارتها وبعدها عن نجمها.
صيادو الكواكب
تحسن الجيل الجديد من تقنيات البحث عن هذه الكواكب خمس مرات عما كانت عليه سابقاً. فللبحث عن الكواكب الصغيرة التي يغمرها وهج نجومها القريبة ويجعل تلك الكواكب أقل إضاءة ملايين المرات من نجومهم الأصلية، أوجد الفلكيون ما يعرف بأداة التسجيل البصري الدوامة التي تقوم بجذب الضوء إلى المركز المظلم ثم تعيد عكسه إلى مكانه، فيختفي تماماً ضوء النجم مما يجعل رؤية أي كواكب قريبة أسهل بكثير. كما تتم الاستفادة من التقنية المعروفة بالمدخال في التلسكوب، وهي أداة تستخدم ظواهر التداخل الضوئي لتحديد طول الموجة ومعامل الانكسار، والتي تجمع قوة عدة تلسكوبات صغيرة لتنتج صورة رقمية قوية.
لدى التأكد من وجود كثير من الكواكب الشبيهة للأرض في المجموعات الشمسية الأخرى، بدأ البحث عن توافر شروط الحياة عليها. ففي السبعينيات من القرن العشرين، أشار العالم البريطاني جيمس لفلوك إلى أن مجرد التنفس على الأرض يؤثر في تركيبة الغلاف الجوي وأن البحث عن توزع الغاز في الأغلفة الجوية للكواكب الأخرى يمكنه أن يكون طريقة مفيدة للبحث عن حياة خارج نظامنا الشمسي.
لهذا يعمل العالم مالكولم فريدلوند من وكالة الفضاء الأوروبية في هولندا، على مشروع يهدف إلى البحث عن حياة خارجية من خلال فحص أية إشارات كيميائية يمكن أن ترسلها تلك الحياة كالأكسجين والميتان وأبخرة الماء. وهو يعتقد أنه بحال كانت الكواكب الأخرى تتبع نظام نشوء مشابه لذلك الموجود على الأرض فمن المحتمل أن تلك الكواكب ربما كانت مأهولة بشكل من أشكال الحياة.
أما في مختبر ناسا في كاليفورنيا فهناك جهود مماثلة، إذ تستمر دراسة 50 إلى 150 كوكباً شبيهاً بالأرض بحثاً عن إشارات للحياة في غلافها الجوي. حيث يعتقد العلماء أنه من دون وجود حياة سيختفي كل الأكسجين الحر في الغلاف الجوي خلال مليوني سنة لأنه يتفاعل بسهولة مع العناصر الكيميائية الأخرى. لهذا فإن وجود كوكب يحتوي على الكثير من الأكسجين يعني أن هناك حياة عليه. ومن الدلائل الأخرى التي يأمل العلماء بالبحث عنها هناك بخار الماء وثاني أكسيد الكربون. وفيما بعد، قد يبحثون عن الكلوروفيل المسؤول عن عملية التركيب الضوئي في النباتات والذي سيكون دليلاً قوياً لوجود حياة ما خارج الأرض.
دلائل الحياة الخارجية موجودة على الأرض
نقلت صحيفة التلغراف في عددها الصادر في 25 يناير 2010م عن البروفيسور باول دايفس من جامعة أريزونا قوله: إن البحث عن أدلة على وجود حياة على الكواكب
الأخرى يجب أن يبدأ على الأرض بدلاً من البحث في الفضاء الخارجي. ويقترح البروفيسور دايفس أن يتم البحث في الصحاري والفتحات البركانية والبحيرات المشبعة بالأملاح والوديان الجافة في القطب الجنوبي وغيرها من البيئات القاسية حيث تكافح مظاهر الحياة هناك لتستمر.
لهذا يتوجه بعض الباحثين إلى الأماكن الملوثة كبحيرة مونو في كاليفورنيا بحثاً عن الزرنيخ الذي يمكن أن يدعم أشكال الحياة بنفس الطريقة التي تعتمد فيها بعض أشكال الحياة على مادة الفوسفور. أما عالمة الأحياء ليزا برات فهي تعمل على البحث عن كائنات حية وميكروبات غريبة في أماكن قصية من الأرض، حيث قامت مع زملائها بفحص مناجم الذهب في جنوب إفريقيا فوجدوا بكتيريا تعيش فقط على النشاط الإشعاعي لتفسخ الصخور المجاورة. وقد عبرت عن دهشتها بهذا الاكتشاف قائلة: «حتى عدة سنوات مضت لم يكن هناك من يعتقد بوجود هذا النوع من الحياة، لم
يحدث ذلك حتى في قصص الخيال العلمي. بينما الآن، يمكن تخيل بكتيريا مشابهة تعيش تحت سطح المريخ مثلاً».
إن التطور العلمي الذي حدث في مجال علم الأحياء الفلكي قدَّم مبررات أكبر لاستمرار البحث عن أشكال للحياة في كواكب النظام الشمسي والمجرات البعيدة. ولهذا تم التركيز على المريخ، حيث يقوم روبوت ناسا «فونيكس» الذي حط هناك بحفر التربة والجليد وأخذ عينات منها لفحصها على الأرض، وقد وُجِد أنها تحتوي على الكثير من المواد العضوية التي تحتاجها الحياة. ومع ذلك لم يجد العلماء دليلاً كافياً لحياة موجودة أو كانت موجودة سابقاً، رغم أن الصور والوثائق المأخوذة للمريخ تؤكد أنه كان موطناً لبحيرات شاسعة وأنهار وعدة بيئات مائية ربما كانت بيئة مناسبة للحياة.
يقول جون روميل مدير قسم علم الأحياء في ناسا: «إن شروط الحياة أوسع بكثير مما نراه على الأرض، المواد العضوية التي تسقط من السماء طيلة الوقت تدلنا على أهمية ما يحدث هناك».
فبعدما توصل العلماء إلى الكثير من أشكال الحياة الموجودة في أماكن قصية على
الأرض لا تدعمها طاقة الشمس، كالبكتيريا الموجودة في مناجم جنوب إفريقيا، والكائنات الحية التي تعيش قرب فجوات بخارية كبريتية حارة في قاع المحيط والبحيرات الحمضية، وعلى عمق ميلين تحت طبقة الجليد في جرينلاند، أصبح احتمال وجود حياة مشابهة على الكواكب الأخرى كالمريخ أو القمر أوروبا وارداً، نظرياً على الأقل.
ولهذا خصص حوالي 40 مليون دولار لدعم الأبحاث في مجال علم الأحياء الفلكي وتطوير التقنيات التي تساعد على البحث عن حياة في بيئات مشابهة لتلك الموجودة على الأرض. وقد قامت عدة معاهد بالفعل بتطوير برامج للبحث في مجال علم الأحياء الفلكي تحت إشراف ما يقارب ألفي عالم. بعضهم يعمل على إنشاء كواكب افتراضية تشبه الكواكب البعيدة التي يحتمل وجود الحياة عليها وتحمل نفس شروطها المناخية.
البحث عن حضارات متطورة؟
أما إدوارد ويلر أحد مؤسسي برنامج علم الأحياء الفلكي في «ناسا» فقد ذهب إلى أبعد من ذلك بقوله:«نحن الآن نعلم أن عدد النجوم في الكون هو تقريباً واحد يتبعه 23 صفراً! وبهذا الرقم سيكون من الغرور الاعتقاد بأن نجمنا هو الشمس الوحيد الذي يزوِّد كوكب كالأرض بالعناصر اللازمة للحياة، وأن النظام الشمسي هو الوحيد الذي يحتوي على حياة ذكية».
إذاً لم يعد الفلكيون يكتفون بالبحث عن أشكال الحياة البدائية لأي كائنات حية يمكن أن تعيش على الكواكب الأخرى، بل أصبحوا يتطلعون إلى البحث عن حياة ذكية ومتطورة في الكواكب الأخرى وهي فكرة بدأت منذ خمسين عاماً عندما قام فرانك درايك رئيس برنامج «البحث عن مخلوقات ذكية خارج كوكب الأرض» في معهد كاليفورنيا، في 8 أبريل من عام 1960م، بتوجيه هوائي جهاز الاستقبال اللاسلكي نحو نجمين قريبين وبدأ يترقب سماع أية إشارة يمكن أن تحقق التواصل بين كوكب الأرض وأي حضارة أخرى موجودة خارج مجموعتنا الشمسية..
وقد ناقش المقال الصادر في صحيفة الغارديان في 8 يناير 2010م المعادلة المعروفة بـ «معادلة درايك»، التي قدَّمها عالم الفلك الأمريكي فرانك دريك، والتي تتضمَّن فكرة إمكانية إنشاء اتصال مع سكان الكواكب الأخرى وشكل الحياة المتطورة التي يحتمل وجودها هناك وعدد النجوم المتشكلة في المجرة خلال سنة، ونسبة النجوم التي يدور حولها كواكب وتشكل نظاماً شمسياً، وعدد الكواكب في كل نظام شمسي والتي تملك إمكانية دعم الحياة عليها، وطبيعة المحيط الحيوي المتشكِّل وقدرته على دعم أجناس ذكية، ونسبة الحياة المتطورة ومدى قدرتها على نقل إشارات عبر الفضاء. ورغم أن معظم هذه الأسئلة لم يتم التوصل إلى إجابة مؤكدة لها حتى الآن، إلا أن هناك إجماعاً على أن عشرة نجوم تتشكَّل سنوياً في المجرة، مما يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الكواكب خارج نظامنا الشمسي غير نادرة على الإطلاق.
اعتماداً على هذه المعادلة، يفترض البعض أن تكون هناك حضارة متطورة نشأت في واحد على الأقل من أصل عشرة ملايين نجم وقد تصبح المعادلة أدق في السنوات المقبلة، إذا تمكن المسبار «كيبلر» الذي أطلقته «ناسا» في 2007م من إنجاز مهمته في تتبع الكواكب التي يحتمل وجود الحياة عليها بالتعاون مع نظام تلسكوب «ألين» الذي يتألف من 42 تلسكوباً بعرض ستة أمتار، ويتم العمل على أن تصبح 350 تلسكوباً، تنتشر على امتداد جبال كاليفورنيا وتقوم باستحضار نداءات من أعماق الفضاء. حيث يتوقع العلماء أن يتمكنوا من تتبع 100,000 نجم بحلول عام 1015م كما يأمل فرانك درايك قائلاً: «لقد تتبعنا منذ عام 1960م أقل بكثير من عشر آلاف نجم، فنظراً لإمكاناتنا الحالية لا يمكننا التيقن بأي شيء ذي قيمة حتى الآن، ولكن ربما يكون لدينا شيء مفيد لنقوله خلال 25 سنة قادمة».
الصمت المخيف
على الرغم من خيبة أمل العلماء في وصول أية إشارات من مخلوقات الكواكب الأخرى، إلا أنهم لا يعتبرون الأمر غريباً. فلكي تعطي حياة ما إشارة إلى وجودها، يجب أن تكون متطورة أولاً، ولكي تصل أي إشارة يستوجب ذلك سنوات لكي تسافر بسرعة الضوء لتصل فقط النجم المجاور لشمسنا. كما أن عمر الإنسان كجنس بشري على هذه الأرض يبلغ حوالي 100,000 سنة ولكنه بدأ بنشر وجوده على شكل إشارات لا سلكية متعمدة يمكن للمخلوقات الخارجية التقاطها، منذ أقل من 100 سنة فقط. فلو قدر للإنسان نظرياً أن يستقبل هذا الأسبوع من المخلوقات الخارجية جواباً عن أقدم الإشارات المرسلة فيجب أن تكون هذه المخلوقات موجودة على بعد أقل من 50 سنة ضوئية عن الأرض. ولهذا لا تعتبر مفاجأة كبرى أن شيئاً لم يسمع بعد.
ومع هذا مازال البحث مستمراً، حيث يتم تخصيص فترة محددة من كل عام للاستماع لرسائل قد يكون سكان الكواكب الأخرى أرسلوها عمداً. وتُعد الجهود المبذولة حتى الآن كمن يبحث عن سمكة في المحيط بملء كوب واحد من الماء، فعدد الأنظمة الشمسية التي تم رصدها حتى الآن صغير جداً بالمقارنة مع عدد المجموعات الشمسية في الكون. إضافة إلى التساؤل حول كون استخدام إشارات اللاسلكي هو الأسلوب المناسب لمحاولة التواصل مع تلك الحضارات، فالجهاز اللاسلكي يُعد الآن شكلاً بدائياً من التكنولوجيا، فحتى على الأرض بدأ استخدام الإنترنت يزداد للتواصل بين الناس بحيث بات يهدِّد بالقضاء نهائياً على الأجهزة اللاسلكية.
تقنيات تسمح بالتواصل عام 2025م
يرى البعض أن المشكلة تكمن في استخدام الأداة المناسبة للبحث عن «الحضارات» المتطورة. حيث يفترض هورويتز الفيزيائي في جامعة هارفارد أن هناك من يحاول إرسال إشارات للأرض من كوكب آخر، وبهذه الحالة فإن أفضل طريقة لتعقب هذه الإشارات هي استخدام الليزر الذي ازدادت قوته عبر العقود في حين تراجعت قوة التلسكوب اللاسلكي الذي يتوجب عليه تقطيع الطيف إلى أجزاء دقيقة لدراستها، إضافة إلى مشكلة التناوب بين المجال البصري للتلسكوب ومجاله التعاظمي، فالتلسكوبات الصغيرة يمكن أن تغطي مساحة كبيرة من الفضاء ولكنها تلتقط الإشارات القوية فقط، بينما التلسكوبات الكبيرة يمكنها التقاط الإشارات الضعيفة بمجال رؤية ضيق. لهذا يواجه الفلكيون صعوبة النظر بدقة وشمولية.
وقد تم التوصل إلى إنتاج شعاع ليزر أقوى من الشمس وأسرع بعشرة آلاف مرة من ضوئها، بالرغم من أنه يستمر فقط لبليون جزء من الثانية. وبدأ الفلكيون باستخدام تلسكوبات بصرية للبحث عن واحد من بليون من صور الليزر والنداءات التي يمكن أن ترسل في الفضاء. ففي حال توصل سكان الحضارات الأخرى للتطور التقني نفسه وقاموا بتوجيه الليزر نحو النظام الشمسي للأرض فإن هكذا ومضات قصيرة ستكون ممكنة الاكتشاف على بعد عدة سنوات ضوئية.
يعتقد فرانك درايك أن التقنية المستخدمة الآن في البحوث هي 100 تريليون مرة أقوى من تلك التي بدأنا بها، وما زالت الجهود تستأنف في كل أنحاء العالم. فقد قام الدكتور هورويتز بإنشاء متعقب لا يتطلب تضخيماً كبيراً وهو قادر على تغطية رقعة عريضة من الفضاء، لإرسال رسائل إلى الفضاء. كما يتم العمل في جامعة هارفارد على إنتاج أعقد الأبحاث البصرية. وفي شهر نوفمبر من العام الماضي، خصصت مجموعة مكونة من 30 مرصداً وجهازاً لاسلكياً بصرياً ليلتين لرصد نظام شمسي محدد بحثاً عن إشارات لا سلكية أو نبضات ليزر، ويتم استخدام أقوى الحواسيب لقراءة المعلومات الواردة. كما يقوم الصينيون ببناء تلسكوب بعرض 500 متر، وهناك تعاون دولي باسم نظام الكيلومتر المربع، يسعى لبناء شبكة من التلسكوبات اللاسلكية على كيلومتر مربع إما في جنوب إفريقيا أو أستراليا. كما يتم بناء تلسكوب جديد في كاليفورنيا الشمالية بدعم من أحد مؤسسي شركة ميكروسوفت، باول آلين، علَّ في ذلك ما يكسر صمت الكون كما يرى البعض. أما اليوم، فالصمت لا يزال سائداً، وقد يستمر طويلاً، إذ لا دليل علمي واحد حتى الآن، يشير إلى أنه سينقطع.
أهم عشرة أحداث في تاريخ البحث عن حياة خارجية
• رجال الفضاء الخضر
في عام 1967م التقط الفلكيون في بريطانيا إشارة لاسلكية من نجم آخر. وهو ليس بالأمر الغريب إذا علمنا أن كل النجوم تصدر أمواجاً لا سلكية. ولكن الجديد في هذا النجم أنه كان يطفئ ويشعل نفسه بانتظام دقيق، مما جعلهم يُعدون هذه الضربات الإيقاعية إشارة من حياة خارجية. فأعطيت هذه الإشارات اسم LGM-1 اختصاراً لكلمات Little Green Men الرجل الأخضر الصغير. ولكن الحقيقة أنه كان مجرد نوع جديد من النجوم تسمى بالنجوم المتذبذبة Pulsars (نجم متذبذب يصدر إشعاعات مرئية وإشارات لاسلكية وأشعة إكس) وهو شكل من نجوم النيوترون الذي يدور بسرعة هائلة فيصدر عنه إشعاعات قوية أثناء دورانه اللولبي السريع.
• بكتيريا مريخية
في عام 1984م وجدت صخرة في تلال ألان في آنتاركتيكا (وهي قارة غير مأهولة تقع حول القطب الجنوبي). ويعتقد أن هذه الصخرة قد نشأت على المريخ منذ حوالي 4.5 بليون سنة مضت قبل أن تقذف في الفضاء إثر تصادم نيزكي منذ حوالي 15 مليون سنة. فتجولت في الفضاء لملايين السنين قبل أن تصطدم بكوكبنا بـ 11000 سنة قبل ميلاد المسيح. عرف هذا الحجر النيزكي باسم ALH84001 وتصدرت أخباره عناوين الصحف عام 1996م وأعلن عنه الرئيس الأميركي بيل كلينتون في تصريح تلفزيوني.
لدى دراسته وجد فيه بنية تشبه بكتيريا صغيرة متحجرة كما وجدت جزيئيات عضوية مما أثار مجدداً نظريات وجود حياة قديمة على المريخ. وما زالت النقاشات تدور حول كون هذا الحجر دليلاً واضحاً للحياة على المريخ أو أن هذه العينة قد أفسدها الزمن الذي بقيت فيه على الأرض.
• الكواكب الشبيهة بالأرض
تعد الكواكب الصخرية أكثر الأماكن التي يحتمل وجود الحياة عليها. وهناك أربعة منها في مجموعتنا الشمسية- المريخ وفينوس والأرض وعطارد. وقد وجدوا خلال السنوات الأخيرة بعض الكواكب الشبيهة بها خارج المجموعة الشمسية، ففي عام 2007م أعلن علماء أوروبيون عن إيجاد كوكبين يمكن أن يكونان مأهولين بالحياة خارج المجموعة الشمسية.
• الماء على المريخ
تمكن المستكشف الذي أطلق حول المريخ من إيجاد الجليد في خمسة مواقع على المريخ، وهي آخر ما تم التوصل إليه ضمن سلسلة اكتشافات الماء على هذا الكوكب. مما يشير إلى إمكانية وجود مناخ أكثر رطوبة على هذا الكوكب في مرحلة ما خلال بضعة آلاف السنوات الأخيرة. ونظراً لضرورة الماء لكل أشكال الحياة فإن وجوده يزيد من احتمالات وجود الحياة هناك.
• معادلة درايك
كانت معادلة العالم فرانك درايك هي أول محاولة جادة لفهم إمكانية تواصل البشر مع الحياة الخارجية. حيث تقول المعادلة إننا إذا علمنا نسبة بنية النجم ونسبة النجوم التي تحوي كواكب صالحة للحياة ونسبة هذه الكواكب التي من المحتمل أن ترسل إشارات بوجود الحياة عليها إلى العالم، بهذا يمكننا تحديد عدد الحضارات في مجرتنا التي يمكن أن نتواصل معها. ولكن لسوء الحظ لم يتم التوصل لأي من هذه العناصر ولهذا ما زلنا نخمن فقط.
• رسالة أريسيبو
في نوفمبر 1974م تم إرسال رسالة لا سلكية من تلسكوب أريسبو في بورتو ريكو نحو مجموعة النجم M13 الذي يبعد 25000 سنة ضوئية. وقد قام بإرسالها مؤلف معادلة درايك الدكتور فرانك درايك والفيزيائي كارل ساكان وتضمنت صورة إنسان ومعلومات عن مكونات حمض الدي إن آي DNA. ولكن لسوء الحظ سيكون النجم M13 قد تحرك خلال الوقت الذي ستصل فيه الرسالة. كما تم فيما بعد إرسال موسيقى لفرقة البيتلز إلى نجم بول الذي يبعد 431 سنة ضوئية والذي اعتبر كدعوة للمخلوقات الخارجية المحبة للحرب إلى شن حرب بين النجوم.
• رحلة فضائية
في عام 1977م أطلق مسبارين في رحلة فضائية تم تزويدهما إضافة للمعدات العلمية بأقراص تحوي معلومات حول الأرض وموسيقى موزارت وكلمات إلقاء التحية بـ 54 لغة بشرية. وهي حالياً تبعد 10 بلايين ميل عن الأرض وتستغرق إشاراتها اللاسلكية 15 ساعة لتصلنا بسرعة الضوء. وقد أعلن علماء ناسا في مايو 2005م أن المركبة الأولى وصلت حدود النظام الشمسي ومن المتوقع أن تدخل فضاء نجم آخر بحلول عام 2015م وبهذا تكون أول مركبة يصنعها الإنسان تتخطى نطاق الشمس.
• تلسكوب كيبلر
أطلقت في مارس مهمة كيبلر بهدف إيجاد كواكب شبيهة بالأرض حول النجوم الأخرى. وهي مهمة مصممة لإيجاد كواكب صغيرة من خلال مراقبة النجوم عن كثب لمعرفة فيما إذا كانت ستظلم فجأة مما يعني أن هناك شيئاً ما يمر أمامها. وإن كان ذلك الشيء هو كوكب بحجم الأرض فهذا يعني أن النجم سيظلم فقط بنسبة 0.01 بالمائة.
• إشارة WoW
في عام 1977م التقط فلكي من معهد SETI إشارات لا سلكية غير عادية أثناء عمله على تلسكوب لا سلكي في جامعة ولاية أوهيو. ونظراً لحماسه الشديد فقد كتب كلمة WoW على هامش أوراق المعلومات فعرفت هذه الإشارة باسم إشارة WoW رغم أنه لم يتم التقاطها مجدداً بعد ذلك. ولدى التأكد منها بعيداً عن الانفعال أعلن مكتشفها الدكتور جيري ريهمان أنها قد تكون إشارة مصدرها الأرض وعكستها قطعة من مخلفات الفضاء. أما الدليل الآخر لوجود الحياة الخارجية فهو إشارة SHGb02+14a التي تم التقاطها ثلاث مرات في مارس 2003م، مما جعلهم يتوقعون أن هذا التكرار يستخدم من قبل الكائنات الخارجية حيث يتم امتصاص الهيدروجين ونفث الفوتون. ورغم ذلك هناك أسباب قوية لنكون غير متأكدين ، فهذه الإشارات تأتي من اتجاه لا توجد فيه نجوم حتى مسافة 1000 سنة ضوئية. فنظراً لاستحالة تقرير أن مصدر هذه الإشارة هو حياة خارجية فيمكن اعتبارها إشارة محرفة من نجم متذبذب أو مجرد ضجة عشوائية.
• SETI@home
استمر البحث عن حياة خارجية في القرن الحادي والعشرين في مئات آلاف المقرات والمكاتب حول العالم. ولهذا أطلق عام 1999م اسم SETI@home على حاسوب ضخم مكون من عدد كبير من الحواسيب المنزلية المتصلة ببعضها عبر الإنترنت. وبإمكان أي أحد أن ينصب البرنامج ويسمح لمعهد SETI باستخدام طاقة المعالجة الاحتياطية لحاسوبه لمعالجة معلومات من تلسكوبات لا سلكية بحثا عن دليل لحياة خارجية متطورة. إنه أقوى حاسوب على الكوكب وهذه الشبكة هي التي رصدت إشارة SHGb02+14a. كما يتوقع علماء ناسا أنه سيتمكن من إيجاد إشارة لحياة خارجية بحلول عام 2025م.