على المفترق

الانتصار على نقص الغذاء

ازرع ما تحتاجه
بنفسك!

‭ ‬مَنْ منَّا‭ ‬لا‭ ‬يسمع‭ ‬يومياً‭ ‬شكاوى‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬حدب‭ ‬وصوب: ‬ربَّات‭ ‬بيوت‭ ‬وأرباب‭ ‬أسر‭ ‬وأصحاب‭ ‬دكاكين‭ ‬وباعة‭ ‬متجولون،‭ ‬والكل‭ ‬يشكو‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬عموماً‭ ‬والخضار‭ ‬خصوصاً. ‬ولا‭ ‬تقتصر‭ ‬الشكاوى‭ ‬على‭ ‬فئة‭ ‬معيَّنة،‭ ‬فظاهرة‭ ‬نار‭ ‬الأسعار‭ ‬العالمية‭ ‬تكوي‭ ‬الجميع،‭ ‬ربما‭ ‬باستثناء‭ ‬تماسيح‭ ‬المال‭ ‬التي‭ ‬يقيها‭ ‬جلدها‭ ‬السميك‭ ‬لذعة‭ ‬النار. ‬ورداً‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الواقع،‭ ‬شاعت‭ ‬أخيراً‭ ‬موجة‭ ‬انتقال‭ ‬الزراعة‭ ‬العضوية‭ ‬إلى‭ ‬المدن،‭ ‬كوسيلة‭ ‬تضمن‭ ‬سلامة‭ ‬المنتج‭ ‬وتعيد‭ ‬إليه‭ ‬قيمته‭ ‬الغذائية‭ ‬والصحية‭ ‬وتسمح‭ ‬للأسر‭ ‬بأن‭ ‬تزرع‭ ‬احتياجاتها‭ ‬في‭ ‬حدائق‭ ‬مصغرة،‭ ‬على‭ ‬أسطح‭ ‬البنايات‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬مثلا‭ ‬سكان‭ ‬هونغ‭ ‬كونغ،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬مساحة‭ ‬أرض‭ ‬صغيرة‭ ‬متوافرة‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬سكان “‬مدن‭ ‬الصفيح” ‬حول‭ ‬مدينة‭ ‬مكسيكو،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬داخل‭ ‬البيوت‭ ‬وعلى‭ ‬شرفاتها‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬حواضر‭ ‬العالم،‭ ‬وباعتماد‭ ‬فكرة‭ ‬الحدائق‭ ‬العمودية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬أحواض‭ ‬مرصوصة‭ ‬عمودياً‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬رفوف‭ ‬حيث‭ ‬تضيق‭ ‬المساحة‭ ‬بالزراعة‭ ‬الأفقية‭.‬

وإلى‭ ‬جانب‭ ‬الحلول‭ ‬الفردية‭ ‬الصغيرة‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬لقمة‭ ‬العيش‭ ‬الصحية‭ ‬لغير‭ ‬القادرين‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬ثمن‭ ‬المنتجات‭ ‬العضوية،‭ ‬ازدهرت‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬مدن‭ ‬العالم‭ ‬مشاريع‭ ‬المزارع‭ ‬العضوية‭ ‬الكبيرة‭ ‬الهادفة‭ ‬للربح‭.‬

شانغهاي
ففي‭ ‬الصين‭ ‬مثلاً،‭ ‬يُعد‭ ‬طوني‭ ‬زهانغ‭ ‬قصة‭ ‬نجاح‭ ‬نموذجية. ‬هذا‭ ‬الرجل،‭ ‬الذي‭ ‬ترعرع‭ ‬في‭ ‬أسرة‭ ‬مزارعين‭ ‬بمقاطعة‭ ‬سيشوان‭ ‬الريفية،‭ ‬دفعه‭ ‬حلمه‭ ‬بحياة‭ ‬أفضل‭ ‬إلى‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬شانغهاي،‭ ‬حيث‭ ‬افتتح‭ ‬مطعماً‭ ‬لاقى‭ ‬نجاحاً. ‬لكنه‭ ‬أحسَّ‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬بحنين‭ ‬لا‭ ‬يقاوم‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬الأرض،‭ ‬فاستأجر‭ ‬في‭ ‬العام ‭ ‬2005م‭ ‬قطعة‭ ‬أرض‭ ‬بقرب‭ ‬مطار‭ ‬بودونغ‭ ‬في‭ ‬شانغهاي‭ ‬على‭ ‬بُعد‭ ‬حوالي‭ ‬ساعتين‭ ‬بالسيارة‭ ‬من‭ ‬وسط‭ ‬المدينة. ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬أمضى‭ ‬سنوات‭ ‬أربع‭ ‬في‭ ‬تنظيف‭ ‬وإعادة‭ ‬إحياء‭ ‬تربة‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ملوَّثة‭ ‬بالمواد‭ ‬الكيميائية،‭ ‬استثمر‭ ‬7‭,‬5‭ ‬مليون‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني‭ ‬لبناء‭ ‬نظام‭ ‬ترشيح (‬فلترة) ‬للمياه‭ ‬وفق‭ ‬أحدث‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يزرع‭ ‬البذرة‭ ‬الأولى. ‬وقد‭ ‬أصبحت‭ ‬مزرعة‭ ‬طوني‭ ‬الآن‭ ‬أكبر‭ ‬مزرعة‭ ‬عضوية‭ ‬في‭ ‬المدينة،‭ ‬وهي‭ ‬تزود‭ ‬منشآت‭ ‬الأعمال،‭ ‬والمدارس،‭ ‬والمساكن‭ ‬الخاصة،‭ ‬ومحلين‭ ‬من‭ ‬محلات‭ ‬سوبرماركت‭ ‬كارفور‭ ‬اعتباراً‭ ‬من‭ ‬بداية ‭ ‬2013م،‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الخضار‭ ‬كل‭ ‬سنة. ‬ومع‭ ‬تنامي‭ ‬حرص‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬السلامة‭ ‬الغذائية،‭ ‬فإنه‭ ‬يتوقع‭ ‬للزراعة‭ ‬العضوية‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬الأعمال‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

نيويورك
وفي‭ ‬نيويورك،‭ ‬بدأت‭ ‬مزرعة “‬غوتام‭ ‬غرينز” ‬بتحقيق‭ ‬أرباح‭ ‬بعد‭ ‬سنتين‭ ‬من‭ ‬تأسيسها،‭ ‬وتنتج‭ ‬المزرعة‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬السنة‭ ‬أنواع‭ ‬الخضار‭ ‬المورّقة،‭ ‬بفضل‭ ‬تقنية‭ ‬متطورة‭ ‬للتحكم‭ ‬في‭ ‬المناخ. ‬ويقول‭ ‬الشريك‭ ‬المؤسس‭ ‬فيراج‭ ‬بوري: ‬‮«‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يجعلنا‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬الاستمرار. ‬إننا‭ ‬نستخدم‭ ‬أساليب‭ ‬زراعية‭ ‬بتقنية‭ ‬عالية‭ ‬ونحاول‭ ‬إضفاء‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الطابع‭ ‬المهني‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ذلك‮»‬.‬

مقر ‬‮«‬غوتام‭ ‬غرينز»‬‭ ‬الرئيس‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬واحة‭ ‬خضراء‭ ‬تعتلي‭ ‬سطح‭ ‬بناية‭ ‬من‭ ‬طابقين‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬حي‭ ‬بروكلين‭ ‬الصناعي ‬‮«‬غرين‭ ‬بوينت»‬. ‬ويطل‭ ‬البيت‭ ‬الزجاجي‭ ‬المخصص‭ ‬لزراعة‭ ‬النباتات‭ ‬على‭ ‬النهر‭ ‬الشرقي ‬‮«‬إيست‭ ‬ريفر‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬مزوَّد‭ ‬بمناخ‭ ‬داخلي‭ ‬متحكم‭ ‬به،‭ ‬وأجهزة‭ ‬استشعار‭ ‬للتحكم‭ ‬بالحرارة‭ ‬ومستويات‭ ‬ثاني‭ ‬أوكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬والأوكسيجين،‭ ‬بينما‭ ‬يعمل‭ ‬17‭ ‬موظفاً‭ ‬بكل‭ ‬جهد‭ ‬ونشاط‭. ‬

وتنتج‭ ‬المزرعة‭ ‬حالياً‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬120‭ ‬طناً‭ ‬من‭ ‬الخس‭ ‬والأعشاب،‭ ‬تبيعها‭ ‬مباشرة‭ ‬للمطاعم‭ ‬ومحلات‭ ‬السوبر‭ ‬ماركت‭ ‬في‭ ‬المنطقة. ‬ويقول‭ ‬فيراج‭ ‬بوري‭ ‬إن ‬‮«‬غوتام‭ ‬غرينز»‬‭ ‬تستعمل‭ ‬الماء‭ ‬أقل‭ ‬بعشر‭ ‬مرات‭ ‬ومساحة‭ ‬أرض‭ ‬أقل‭ ‬بعشرين‭ ‬مرة‭ ‬مما‭ ‬تستعمله‭ ‬المزرعة‭ ‬التقليدية،‭ ‬وذلك‭ ‬بفضل‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير‭ ‬والخيارات‭ ‬الذكية‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬التصميم،‭ ‬ويضيف ‬‮«‬إنها‭ ‬أول‭ ‬مزرعة‭ ‬حضرية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬قابلة‭ ‬للاستمرار‭ ‬تجارياً‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬بناية»‬‭.‬

هافانا
أما‭ ‬في‭ ‬كوبا،‭ ‬فقد‭ ‬أصبحت‭ ‬الزراعة‭ ‬الحضرية‭ ‬طريقة‭ ‬حياة،‭ ‬منذ‭ ‬انهيار‭ ‬الكتلة‭ ‬الشرقية،‭ ‬وما‭ ‬أعقب‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬ندرة‭ ‬المخصبات‭ ‬ووقود‭ ‬الجرارات‭ ‬الزراعية‭ ‬والناقلات‭ ‬وتنامي‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إنتاج‭ ‬مواد‭ ‬غذائية. ‬وتضم‭ ‬العاصمة‭ ‬هافانا‭ ‬الآن‭ ‬80‭ ‬حديقة‭ ‬حضرية‭ ‬وحوالي‭ ‬15‭ ‬مساحة‭ ‬للمزروعات‭ ‬ومئات‭ ‬من ‬‮«‬حدائق‭ ‬المطبخ‮»‬،‭ ‬تحتل‭ ‬تقريباً‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬من‭ ‬الجزر‭ ‬المرورية‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬ممكناً‭ ‬استغلالها‭.‬

وتُعد‭ ‬مزرعة ‬‮«‬فيفيرو‭ ‬آلامار‮»‬ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬المزارع‭ ‬في‭ ‬بلدية‭ ‬هافانا‭ ‬الشرقية،‭ ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬192‭ ‬عاملاً‭ ‬بزراعة‭ ‬وبيع‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬من‭ ‬الشمندر‭ ‬السويسري‭ ‬إلى‭ ‬الأعشاب‭ ‬الطبية. ‬وقد‭ ‬أثارت‭ ‬المزرعة،‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬مساحتها‭ ‬10‭,‬8‭ ‬هكتارات،‭ ‬اهتمام‭ ‬خبراء‭ ‬البستنة،‭ ‬ويحرص‭ ‬علماء‭ ‬الاجتماع‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬تستطيع‭ ‬بها‭ ‬كوبا‭ ‬إطعام‭ ‬سكانها. ‬ويقول‭ ‬رئيس‭ ‬المزرعة،‭ ‬ميغيل‭ ‬سالسينس:‬‮ «‬جاءنا‭ ‬زوَّار‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬هارفارد‭ ‬ومن‭ ‬حديقة‭ ‬نيويورك‭ ‬النباتية،‭ ‬وهناك‭ ‬اهتمام‭ ‬كبير‭ ‬بما‭ ‬نقوم‭ ‬به»‬‭.‬

ولعل‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬يلفت‭ ‬الانتباه‭ ‬في‭ ‬مزرعة ‬‮«‬فيفيرو‭ ‬آلامار‮»‬‭‬ نموذجها‭ ‬العضوي‭ ‬المتكامل‭ ‬ومكونات‭ ‬السماد. ‬ويقول‭ ‬مدير‭ ‬المزرعة،‭ ‬نويل‭ ‬بينيا: ‬‮«‬كل‭ ‬شيء‭ ‬هنا‭ ‬عضوي،‭ ‬من‭ ‬المخصبات‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬الرش‭ ‬بالدخان‭. ‬جودة‭ ‬منتجاتنا‭ ‬هي‭ ‬الأعلى،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬نستخدم‭ ‬أية‭ ‬مواد‭ ‬كيميائية»‬‭.‬

ويعود‭ ‬نجاح‭ ‬المزرعة‭ ‬في‭ ‬جزء‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬إيجاد‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬لسكان‭ ‬العاصمة‭ ‬البالغ‭ ‬تعدادهم‭ ‬مليونين. ‬ويقول‭ ‬سالسينس: ‬‮«‬يوجد‭ ‬حوالي‭ ‬400‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬كوبا‭ ‬يعملون‭ ‬بهذا‭ ‬النظام. ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬المرافق‭ ‬تعزِّز‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬وتطوير‭ ‬المجتمع،‭ ‬وتحسّن‭ ‬مستويات‭ ‬العيش‭ ‬وتشجِّع‭ ‬التكاتف‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭. ‬هنالك‭ ‬أسر‭ ‬بكاملها‭ ‬تعمل‭ ‬هنا»‬‭.‬

طوكيو
وفي‭ ‬اليابان،‭ ‬وقبل‭ ‬سنوات‭ ‬تسع‭ ‬مضت،‭ ‬قامت‭ ‬مجموعة‭ ‬باسونا،‭ ‬وهي‭ ‬شركة‭ ‬يابانية‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬المسائل‭ ‬الكتابية‭ ‬والفنية‭ ‬وتقنية‭ ‬المعلومات،‭ ‬باستحداث‭ ‬حقل‭ ‬أرز‭ ‬في‭ ‬الطابق‭ ‬الواقع‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬برج‭ ‬مكاتب‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬طوكيو‭ ‬التجاري‭.‬ ويُشاد‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬بهذه‭ ‬الشركة‭ ‬باعتبارها‭ ‬رائدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬المزارع‭ ‬الحضرية‭.‬

ومنذ‭ ‬انتقالها‭ ‬عام ‭ ‬2010م‭ ‬إلى‭ ‬مقرها‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬طوكيو،‭ ‬تقوم‭ ‬الشركة‭ ‬بإنتاج‭ ‬خضار‭ ‬وفواكه‭ ‬عضوية‭ ‬تقدّم‭ ‬في‭ ‬مطعم‭ ‬الموظفين. ‬وعندما‭ ‬زرنا‭ ‬مقر‭ ‬الشركة،‭ ‬رأينا‭ ‬ثمار‭ ‬اليقطين‭ ‬الياباني‭ ‬والبطيخ‭ ‬المر‭ ‬تتدلى‭ ‬متمايلة‭ ‬من‭ ‬تعريشات‭ ‬في‭ ‬البهو،‭ ‬وعلى‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬المكان‭ ‬آلات‭ ‬رذاذ‭ ‬تقوم‭ ‬برش‭ ‬صفوف‭ ‬من‭ ‬الباذنجان. ‬وأعلى‭ ‬الدرج،‭ ‬كانت‭ ‬رزم‭ ‬من‭ ‬الأريغانو‭ ‬والملفوف‭ ‬الصغير‭ ‬تنبثق‭ ‬من‭ ‬مشاتلها‭ ‬بينما‭ ‬تتدلى‭ ‬ثمار‭ ‬البابايا‭ ‬والـ ‬‮«‬باشن‭ ‬فروت»‬‭ ‬من‭ ‬أشجار‭ ‬تلعب‭ ‬أيضاً‭ ‬دور‭ ‬ساتر‭ ‬لركن‭ ‬الاجتماعات. ‬ويقول‭ ‬ساياكا‭ ‬إيتامي،‭ ‬رئيس‭ ‬مجموعة‭ ‬المزارع‭ ‬الحضرية‭ ‬في‭ ‬الشركة:‬‮ «‬نقصر‭ ‬زراعتنا‭ ‬على‭ ‬المنتجات‭ ‬التي‭ ‬ترونها‭ ‬عادة‭ ‬تنمو‭ ‬في‭ ‬درجات‭ ‬حرارة‭ ‬تتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬20‭ ‬و25‭ ‬ درجة‭ ‬مئوية‮»‬. ‬وبفضل‭ ‬مقرها‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬صممته‭ ‬شركة ‬‮«‬كونو‭ ‬ديزاين‮»‬ ‬التي‭ ‬يوجد‭ ‬مركزها‭ ‬في‭ ‬طوكيو،‭ ‬أخذت‭ ‬باسونا‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬تقديم‭ ‬الدليل‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬زراعة‭ ‬المأكولات‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬مدينة‭ ‬كبيرة،‭ ‬وقد‭ ‬اختبرت‭ ‬الشركة‭ ‬كافة‭ ‬أنواع‭ ‬بدائل‭ ‬نور‭ ‬الشمس‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تستقر‭ ‬على‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬مصابيح “‬الفلورسانت” ‬و‭”‬الليد” ‬والمصابيح‭ ‬التي‭ ‬تحويها‭ ‬شاشات‭ ‬أجهزة‭ ‬التلفزيون‭ ‬المسطحة‭. ‬

يتولى‭ ‬العناية‭ ‬بحديقة‭ ‬المكتب‭ ‬فريق‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬موظفين‭ ‬يقومون،‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬يكونوا‭ ‬منشغلين‭ ‬بالري‭ ‬والقطاف‭ ‬وغير‭ ‬ذلك،‭ ‬بمرافقة‭ ‬الزائرين‭ ‬ومقابلة‭ ‬الزبائن‭ ‬وتشجيع‭ ‬الموظفين‭ ‬على‭ ‬العناية‭ ‬بالمزروعات. ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬قيام‭ ‬المزرعة‭ ‬بإطعام‭ ‬800‭ ‬موظف‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬الشركة‭ ‬الرئيس،‭ ‬فإن‭ ‬المبنى‭ ‬الذي‭ ‬أقيمت‭ ‬فيه‭ ‬يُستغل‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬الشركة‭ ‬للفت‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬برامجها‭ ‬التدريبية‭ ‬المخصصة‭ ‬للراغبين‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬مزارع‭ ‬خاصة‭ ‬بهم‭.‬ ويقول‭ ‬إيتامي‭ ‬إن‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬إقناع‭ ‬اليابانيين‭ ‬بالعمل‭ ‬في‭ ‬الزراعة‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬حاجة‭ ‬مُلِحَّة‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬متوسط‭ ‬أعمار‭ ‬المزارعين‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬قد‭ ‬ارتفع‭ ‬إلى‭ ‬66‭ ‬سنة‭.‬ ويضيف‭ ‬أن‭ ‬شركته‭ ‬تلقت‭ ‬استفسارات‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬مزارع‭ ‬داخل‭ ‬مكاتبها. ‬وبالعودة‭ ‬إلى‭ ‬الحلول‭ ‬الفردية‭ ‬الصغيرة،‭ ‬فإن‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أحدث‭ ‬الأفكار‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬هي ‬‮«‬الحدائق‭ ‬المحمولة»‬‭.‬ تقوم‭ ‬الفكرة‭ ‬على‭ ‬استعمال‭ ‬أحواض‭ ‬مسطحة‭ ‬صغيرة‭ ‬يمكن‭ ‬حملها‭ ‬باليد‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬بحيث‭ ‬يمكن‭ ‬لصاحب‭ ‬الحديقة،‭ ‬إن‭ ‬فاضت‭ ‬على‭ ‬حاجته‭ ‬الغذائية‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬راغباً‭ ‬في‭ ‬حصد‭ ‬أو‭ ‬قطف‭ ‬ثمار‭ ‬حديقته ‬‮«‬الميني‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬يحملها‭ ‬إلى‭ ‬صندوق‭ ‬سيارته‭ ‬ليبيع‭ ‬الحديقة‭ ‬بما‭ ‬فيها!.

أضف تعليق

التعليقات

د. خالد ناصر الرضيمان

مقال متميز واتمنى وجود حديقة في كل منزل ومدرسة وحي وأيضا حدايق في الأسطح والمطابخ والاستراحات وكل مكان يمكن الزراعة في مثل الزراعة في أحواض أو مايسمى الحدائق المحمولة