القافلة يجب أن تسير ..
كان هذا هو قرار القارئ الذي شارك في استبيان المجلة الذي وزّع تمهيداً لتكوين قاعدة تنطلق منها إلى آفاقها الجديدة. ولأن القارئ هو الحاكم في بلاط الصحافة فقد نزلت المجلة عند حكمه..
فيما يلي رصد لرحلة تطوير القافلة إجمالاً، بينما نترك متعة اكتشاف التفاصيل لمطالعتكم في صفحات هذا العدد.
حين احتفلت مجلة «القافلة» بعيدها الذهبي بحضور وجوه بارزة من المفكرين والمثقفين والإعلاميين، كانت في الحقيقة تحتفل بهم، ممثلين لقرائها الذين ينتشرون عبر الأرض العربية. وكانت تقطع في ذلك الاحتفال وعداً بأنها ستظل على العهد معهم، تلتقي مع حاجاتهم للمعرفة وتلبي رغباتهم في ضرورة تحقيق وجود صحفي يتطابق مع واقع الإعلام، الذي يقفز كل دقيقة إلى طفرة أخرى ووضع جديد، لا بد من مواكبته والتفاعل معه.
لقد تعلمنا في أرامكو السعودية استخدام المجهر لنرى أدق الأشياء وأن ندعو شركاءنا في أي عمل ليتقاسموا معنا تعب النظر إلى هذه الأشياء الأدق، ومن ثم ننطلق إلى أهدافنا يحدونا الأمل بأننا بذلنا ما في وسعنا ولم يبق سوى النظر إلى نتائج إجراءاتنا وقراراتنا.
ذات يوم، قبل أشهر، كانت مجلة القافلة تحت مجهرنا الأكبر في أرامكو السعودية، وكان كبير الزائرين لغرفة الفحص رئيس الشركة، الأستاذ عبد الله جمعة، وعدد من نوابه، ومجموعة من موظفي إدارة العلاقات العامة، التي تحمل أمانة إرسال المجلة إلى قارئها لتبشر بأطراف المعرفة وضرورات الوعي ومطالبات التجدد والمعاصرة والمواكبة. قال الأستاذ عبدالله جمعة وهو يفحص الدقائق، كعادة أهل أرامكو: مجتمعنا يتغير.. العالم ذاته يتغير.. هناك من المستجدات ما تنوء به ظهور الصحف والمجلات والتلفزيونات ومسارب الإنترنت، وبالتالي.. بالتالي لا بد أن تعيدوا النظر في (قافلتنا). لا بد أن تخرج من بين يدي الشركة قافلة تحاول أن ترفع صوتا موحيا بالمتغيرات من حولنا.. كان للقافلة دور حين كان الحرف العربي المطبوع والمرسل عزيزا والآن يجب أن يكون لها دور مختلف بعد أن أصبح الحرف العربي المطبوع والمرسل غزيراً..
من هنا.. من نتيجة الفحص الأولي، تبادل المعنيّون، من مسؤولين ومحررين وقراء، الرأي حول انطلاقة جديدة لمجلة بلغت من العمر خمسين سنة، واحتفظت بجمهور كبير طوال هذه السنوات، يكنّ لها الكثير من الحب والذكريات: كيف تتغير القافلة؟ أو كيف تتطور؟ هل تخرج كلية من ماضيها أم تنطلق منه محتفظة ببعض روائحه الطيبة؟ هناك من قال: بل تتوقف القافلة حيث لم يعد للناس بها حاجة بعد أن اشتد زحام الأرفف واكتظت الأسطح بالصحون اللاقطة. وأخيرا، وليس آخرا، طرح السؤال الكبير: ماذا ستقدم القافلة غير ما يقدمه الآخرون؟
الحقيقة أن المجلة، بناء على السؤال الأخير الكبير، لن تقدم شيئا غير ما يقدمه الآخرون. هي فقط تسعى في حياتها الجديدة لأن ترفع من مستوى الأداء الصحفي الذي تمارسه، في ظل إيمان جهاز تحريرها بأنها يجب أن تحاول تقديم زاد صحفي بمواصفات صحافية قياسية، تتحول مع الوقت إلى بنود عقد بينها وبين قارئها . كنا، بطبيعة الحال، ندرك خشية بعض مريديها من تغيير عادات حبيبتهم القافلة، لكن سياستها التحريرية الجديدة لا تلغي هذه العادات، فثوبها الجديد سيبخر بأنفاس من ماضيها الجميل: ستبقى القافلة (ثقافية منوعة) على أساس، مرة أخرى، من مفهوم جديد للثقافة المنوعة، يخضع مختاراً إلى تطلعات وهموم (متغيرة بدورها) عند الناس، ويتعامل مع ضرورة الاقتراب من مستجدات عصرنا التي باتت يصعب حصرها.
إذن فإن (قافلتنا) ستستمر وستظل معنية بوظيفتها الأساس كرسول صحفي من أرامكو السعودية يبشر بالمعرفة ويمثل وعاءً لأسباب الوعي عند الناس، كل الناس. لن تكون المجلة في رسالتها المتجددة انتقائية لفئة من الجمهور دون أخرى، وليس بمقدورها أن تتنازل بحثا عن قارئ تصطاده من رفوف التوزيع. هي تحاول أن يكون لها دور أكبر من ذلك، لأنها تذهب إلى القارئ باعتبارها هدية من هدايا المعرفة، لتخاطب عقله وحياته اليومية ووجدانه الأسمى.
وبناء عليه، إليكم (القافلة) الجديدة التي نأمل أن تحظى برضاكم وأن تنتقدوها ما وسعكم الانتقاد.