1 لديك مشروع يلبي حاجة اجتماعية مُلحَّة
2 قادرٌ على تأمين الربح لضمان الاستمرارية
3 متوافق مع شروط الاستدامة ومتطلباتها
4 رأسمالك الرئيس الابتكار
ما بين إدراك ماهية ريادة الأعمال الاجتماعية وخوض غمارها ثمة مسافة يجب اجتيازها. وفي إطار مساعدة مجموعة من الشباب السعودي على اجتياز هذه المسافة، نظَّمت مجموعة نقاء في جدة ورشة عمل هدفت إلى مساعدة الطامحين إلى تنفيذ مشاريع اجتماعية تخدم بيئتهم المحلية، على رسم خريطة طريق واضحة تسمح لهم بتنفيذ مشاريعهم.
كان الهدف من هذه الورشة توضيح المنهجية السليمة التي يجب أن يتبعها رائد العمل الاجتماعي في تنظيم أفكاره وتصوراته وتحويلها إلى خطة عمل قادرة على تحقيق نتائج فعلية على الأرض. كما وفَّرت لهم فرص الحصول على المعلومات والجهات التي يمكنها أن تحتضن مبادراتهم ومشاريعهم على المدى البعيد. ومكَّنتهم بالفعل من فهم أفضل لفكرة المشاريع الاجتماعية، وأيضاً من التوجه إلى أفكار العمل الواقعية التي يجب أن تصمم بحيث تكون سهلة التسويق وقادرة على تحقيق الربح والمنافسة، بموازاة فهم التحديات والفرص والخطوات اللازمة لإنشاء الشراكات الاجتماعية في المملكة.
بين الريادة الاجتماعية
وريادة الأعمال
قبل بدء أعمال اليوم الأول من الورشة التي استمرت ثلاثة أيام، عمل المدرِّبان المشرفان على الورشة على استكشاف مدى فهم المشاركين للفرق بين ريادة الأعمال بمفهومها العام وريادة الأعمال الاجتماعية. ولما تبيَّن من غالبية الأجوبة أنها لا تتجاوز الإلمام العام بالمفهوم، كان لا بد من إجراء حديث ونقاش معمَّق للتفريق بين ريادة الأعمال بمفهومها العام والفرق بينها وبين ريادة الأعمال الاجتماعية، على الرغم من وجود قواسم مشتركة عديدة ما بين المفهومين.
4 أسئلة يجب أن يجيب عنها كل رائد أعمال
ما هي فكرة مشروعك للريادة الاجتماعية؟
بأي شكل يحتاج محيطك لهذا المشروع؟
ما هي الخدمات أو المنتجات التي ستوفرها لتدر دخلاً
ما هي التكنولوجيا المطلوبة لتقديم هذه المنتجات أو الخدمات؟
ومن أبرز الأعمدة التي يقوم عليها هذان المفهومان هي:
• تلمُّس حاجة المجتمع أو السوق إلى منتج جديد أو خدمة جديدة. فتطور الحياة أينما كان يولِّد باستمرار احتياجات جديدة لمواجهة مشكلات مستجدة، أو لمواكبة تطور أوجه أخرى من الحياة اليومية.
• الفكرة الخلاَّقة والمبدعة في تصور شكل المنتج (أو الخدمة) الذي يسد حاجة المجتمع.
• وضع آلية تسمح بتنفيذ المشروع التطبيقي الذي يجسِّد الفكرة، ويضعها في تصرف المجتمع الذي يحتاجها.
تم عرض فِلم قصير يروي قصة نموذج للريادة الاجتماعية بهدف إيضاح الفكرة بشكل كامل، وهو البروفيسور محمد يونس، رائد فكرة بنك جرامين لإقراض الفقراء، الحائز لجائزة نوبل..
ولكن هذه المبادئ العامة أو المفاصل الثلاث الرئيسة تنطوي على شروط لا بدَّ من أخذها بالحسبان كي يكون المشروع ناجحاً ويؤدي الغاية المرجوة منه. ومن أبرز هذه الشروط:
• الاستدامة، فلكي يضمن المشروع استمراريته عليه أن يحقق أرباحاً مادية. الأمر الذي يعني اعتماده على دراسة مستفيضة للتكاليف والعائدات والأرباح المحتملة قبل البدء بتنفيذه.
• الروح القيادية لرائد الأعمال، فقدرات رائد الأعمال لا تكمن في مهاراته التقنية، بل في قواه الذهنية .والمقصور بذلك قدرته على قراءة الأوضاع والناس واتخاذ القرارات وحل المشكلات، والابتكار في إطار أوضاع وعلاقات معقَّدة ومتحركة. ومرونة التفكير هي وسيلة كل رائد أعمال للتركيز على الرؤية العامة والواسعة، وكل ما يحيط بها من تفاصيل في الوقت نفسه، فلا يفقد تركيز بصره على الهدف الرئيس خلال متابعته للنشاطات اليومية التي تتضافر لتحقيق هذا الهدف.
• مواكبة التطور التكنولوجي للاستفادة من أقصى ما يمكن أن يقدِّمه. إذ من النادر أن نجد ريادياً اعتمد الأساليب القديمة في التخطيط والإنتاج والتسويق.
• الدراسة المستفيضة للمصادر والموارد الجديدة، إذ إن ريادة الأعمال تعتمد عادة، وبشكل خاص عند انطلاقها، على أبسط الموجود لتقديم أكثر ما يمكن. ومن الأمثلة التي أُعطيت في الورشة على ذلك، التطبيقات الإلكترونية التي لا تتطلب أكثر من فكرة مبتكرة ومبرمج ومسوِّق. كما أن معظم الرياديين (أو كبارهم) يتجهون إلى موارد جديدة أو غير مستغلة سابقاً، مما يُثري السوق بخامات من المواد والأفكار قد تُستثمر لاحقاً في مشاريع مختلفة، أو تشكِّل منطلقات لها.
ولكن أن يكون ما تقدَّم ينطبق على ريادة الأعمال بشكل عام، فإن ريادة الأعمال الاجتماعية تختلف عن غيرها بكونها أكثر تخصصاً وأدق تحديداً من ريادة الأعمال بمعناها العام. ففي ريادة الأعمال الاجتماعية يتمحور العمل أو الشركة الناشئة حول هدف اجتماعي معيَّن يحلّ مشكلة قائمة، أو يمنع حدوثها، أو يضمن استمرارية أمر جيد قائم، أو يزيد من فرص تحسين البيئة المحيطة به (بمعناها الواسع). والفرق الآخر الذي حرصت الورشة على إيضاحه، هو أنه على الرغم من كون المفهوم العام يعني الخروج بمنتج أو فكرة تحقق ربحاً مادياً، وتجعل الشركة قادرة على المنافسة التجارية في السوق، فإن رائد الأعمال الاجتماعي يعيد تدوير أرباحه بعد حسم التكاليف والمصاريف، في الخدمة الاجتماعية. وبهذا المعنى فإن كل رائد أعمال اجتماعي هو رائد أعمال من حيث المبدأ. ولكن العكس ليس صحيحاً.
تضمنت الورشة أيضاً حديثاً مطولاً عن النماذج التي يمكن أن يعتمد عليها روَّاد الأعمال في تنفيذ مشاريعهم، التي يمكن أن توفر عليهم الوقت والجهد والتكلفة..
وتعزيزاً لوضوح الصورة، عرض القائمون على الورشة فِلماً وثائقياً يروي قصة نموذج ناجح من نماذج الريادة الاجتماعية، وهو حول البروفيسور البنغلاديشي محمد يونس رائد فكرة إقراض الفقراء بشروط ميسِّرة لتأسيس أعمالهم، ومؤسس بنك «جرامين» لهذه الغاية، الأمر الذي كان له وقع إيجابي ملحوظ على حياة آلاف الأسر في بنغلاديش من دون أن يتكبَّد البنك أية خسارة، بل كان يحقق أرباحاً (ولو محدودة) يعيد توظيفها للغاية نفسها.
تطرَّق المدرِّبون لنقطة مهمة ضمن النموذج الاقتصادي، وهي حساب الفرق بين سعر التكلفة الكلية للمشروع وأرباحه، إذ يمثل هذا الفرق ما يسمى بـ “هامش الأرباح”..
والواقع أن تحقيق العمل الاجتماعي لأرباح مادية تضمن استمراره، هو شرط لا بدَّ منه لكي يصنَّف ضمن «ريادة الأعمال»، لأن الاتكال على الدعم والتبرعات للاستمرار يجرده من هذه الصفة، ويجعله كغيره من الجمعيات الخيرية.
ومن الأمثلة الواضحة التي عُرضت في الورشة هو ما جاء في ورقة دانية المصري، وهي عضو مؤسس في مجموعة استشارية تحمل اسم «YIG» في جدة. حيث روت للمشاركين قصة نموذج حي من نماذج الريادة الاجتماعية من خلال تجربتها الخاصة في تطوير «المجموعة التطوعية» اعتماداً على ازدياد أثرها المجتمعي، إلى نموذج تجاري يدر الأرباح التي يُعاد تدويرها، فأصبحت شركة استشارات تقدِّم خدماتها للشركات الراغبة في إنشاء مشاريعها الاجتماعية الخاصة.
الملياردير السعودي القادم؟!
«الملياردير السعودي القادم، هو رائد الأعمال الذي سينجح في اختراع وتسجيل آلية خاصة بتحويل المبالغ المالية البسيطة إلكترونياً بطريقة مبسطة وسهلة وقابلة للاستخدام والتطبيق في مواقع إلكترونية. هذا الشخص هو من سيصبح مارك زوكربرغ السعودية». بهذه المقدمة التي ابتعدت قليلاً عن منحنى الريادة الاجتماعية وصبَّت مباشرة في مجرى ريادة الأعمال بحكم التخصص، استطاع المتحدث أسامة نتو الاستحواذ على اهتمام المشاركين في القاعة ليحدثهم أكثر وبشكلٍ دقيق عن سمات رائد الأعمال بشكل عام، والتحديات التي تواجهه، وما يمكن تسميته بـ «بوصلة النجاح».أعطى نتو كثيراً من النصائح المهمة، ومنها أهمية التصميم، والاقتناع التام، والاجتهاد التي عدَّها سمات وصفات أساسية لا بد وأن يتحلى بها رائد الأعمال. وفي معرض حديثه عن ريادة الأعمال قال نتو إنه يتمنى رؤية جيش من الروَّاد ينهض لانتهاز الفرص الثمينة وعدم إهدارها، وبناء ما يسميه بـ ”الاقتصاد السعودي الجديد” الذي لا يمكن أن ينهض إلاَّ من خلال سواعد روَّاد الأعمال.وبحسب نتو فإن هناك خمسة مجالات تتيح النجاح وفرص الاستثمار المضمونة لروَّاد الأعمال إذا ما سلكوا الطريق الصحيح، وهي: مجالات ”الترفيه، وتقديم المحتوى، والرياضة، والهواتف الذكية، والحوالات المالية عبر شبكة الإنترنت” وفي المقابل فإن إيجاد العمل لم يَعد يتطلب كثيراً من روَّاد الأعمال، فلا الأموال ولا العلاقات والصلات التي تسهل الوصول، ولا الموقع الخاص الذي يكلف أموالاً طائلة مطلوبة كثيراً في مرحلة التأسيس. فميزة هذه المجالات هي أن العمل والاستثمار فيها قائم على المعرفة أولاً، وعلى مدى فرادة وتميز الفكرة ثانياً، وهو ما يمنح الشبان أفضلية.
أما التجربة الثانية التي جرى عرضها ومناقشتها، فكانت شركة تُدعى «Jeddah Back Bag» (حقيبة ظهر جدة)، وهي فكرة ريادية أطلقها قبل أكثر من عام عدد من روَّاد الأعمال الشبان في مدينة جدة. تقضي يتنظيم رحلات ونزهات بريَّة وسياحية عبر المملكة للأفراد والمجموعات، ويذهب %25 من ريع كل رحلة إلى تمويل ودعم منظمات غير ربحية.
بداية التدريب العملي
اختيار المشكلات من الصحف
وفي تدريب المشاركين في الورشة على اختبار عملي تمَّ توزيعهم على مجموعات ضمَّت كل واحدة منها أربعة أو خمسة مشاركين. وطُلب إليهم التخطيط عملياً لمشروع ريادي يخدم المجتمع. واعتمدت الورشة على آلية خاصة لهذه الغاية، إذ وزعت على المجموعات الصحف اليومية الصادرة في المملكة، لاستكشاف ما يرونه مشكلات يعاني منها المجتمع ويمكن لمشروع ما أن يحلها أو ينأى بالمجتمع عنها.
ومن هذه الصحف، ومن خلال المناقشات المستفيضة ما بين أفراد كل مجموعة على حدة، تمخَّض هذا الاختبار عن الأفكار الآتية: شركة متخصصة في شؤون سلامة الأطفال لحمايتهم داخل المنازل وخارجها، وتطبيق إلكتروني يتيح وصول فرق الإسعاف إلى أماكن وقوع الحوادث دون إهدار الوقت في وصف المكان، وآلية جديدة تشجِّع على زيادة التوظيف في مجال ترشيد استهلاك الطاقة، ومحال البيع بالتجزئة ضمن دوام عمل لا يتجاوز التاسعة مساءً، وآلية تتيح إجراء مسح الماموجرام للكشف عن سرطان الثدي عند النساء في مرحلة مبكرة، وتطبيق للحد من حوادث الطرق.
ومن ثم كان على كل فريق متابعة العمل الجماعي، لتحديد الفئات المستهدفة من المشروعات، وكيفية تحويل الهدف الإنساني والمجتمعي الذي يرمي إليه إلى منتج أو خدمة مربحة مادياً ومفيدة على الصعيد الاجتماعي في آنٍ واحد، إضافة إلى الإشكاليات التي يمكن أن تعترض تنفيذ الفكرة، وتحديد الداعمين والشركاء المحتملين والمستفيدين. وبعد ذلك قام كل فريق بعرض فكرة مشروعه بالكامل ومناقشتها مع المدرِّبين والحضور.
«النموذج الاقتصادي»
ما الذي يعنيه في التنفيذ؟
في يومها الثاني، تضمَّنت الورشة حديثاً مطولاً عن النماذج التي يمكن لروَّاد الأعمال الاعتماد عليها في تنفيذ مشاريعهم، بما يوفِّر عليهم الوقت والجهد والتكلفة، ويمنحهم مزيداً من المعرفة الضرورية للانطلاق في التنفيذ. ومن هذه النماذج حظي ما يُعرف بـ «النموذج الاقتصادي» بتفصيل خاص ودقيق، خاصة وأنه النموذج الذي يحكم مدة البقاء داخل الوسط الريادي ويعتني بالمصادر والواردات وعدد العمال اللازمين والمصروفات وكيفية صنع القيمة وإيصالها إلى العملاء. بعبارة أخرى، إنه النموذج المناسب ليشكل انطلاقة العمل الريادي الناجح. في حين أن النموذج التخطيطي مثلاً يركز على آليات الإدارة ومراحل سير العمل.
وعرض المدرِّبون على المشاركين بعض التفاصيل الإضافية المهمة التي ترد في النموذج الاقتصادي ومنها الأسئلة الواقعية التي يطرحها هذا النموذج، وترتبط بالسوق الحالية للمنتج أو الخدمة، التي لا بد من الإجابة عنها قبل التفكير في العمل ووضع مخططه، ومنها:
• كم من الوقت سيحتاج المنتج أو الخدمة للوصول إلى الناس؟
• كم من الخدمات والمنتجات يجب أن تباع لبلوغ الحد الأدنى من تغطية النفقات؟
• إلى متى سيتدفق المال على المشروع؟
• ما الذي سيدفع الناس للتفاعل مع المشروع؟
وتمنح الإجابات عن هذه الأسئلة لرائد الأعمال الاجتماعي الأساسيات اللازمة للعمل وبلورة فكرة المشروع وعناصره مثل: الخدمات المثلى للاستشارة المجتمعية، والحلول المبتكرة، التي تشرك المجتمع والشرائح المستهدفة في الإسهام بتطوير ما يقدِّمه المشروع، كما تتيح لرائد الأعمال مجال التعاون المشترك مع المنشآت ذات الصلة والاهتمام المشترك للعمل على تطوير المنتج أو الخدمة. وتتيح إجابات هذه الأسئلة وسائل وحلول مفيدة للإعلان والتسويق للمنتج أو الخدمة المحددة بطرق مختلفة، مثل الحملات التوعوية الدائمة، وخدمة الهدف الاجتماعي بطرق ذكية ومستمرة ليكون ممثلاً وموجوداً بصفة مستدامة من خلال المناسبات المختلفة ذات العلاقة، وكل ما يمكن أن يخدم الأهداف التوعوية للمشروع.
6 عناصر فنية لازمة للعمل ويجب أن تكون واضحة جداً في ذهن رائد الأعمال:
1 – طبيعة المنتج الذي يرغب في تقديمه.
2 – الخدمة التي يؤديها المشروع أو المنتج.
3 – التكنولوجيا المعتمدة لتنفيذ المشروع.
4 – القدرة الإنتاجية إذا كان بصدد إنتاج سلعة ما (الكوتا اليومية والشهرية).
5 – الحاجة إلى إذن خاص يتعلَّق بالعلامة التجارية، أو إلى ترخيص براءة اختراع.
6 – الأنظمة والقوانين التي يحتاج إلى أن يطلع عليها.
كما تطرَّق المدرِّبون إلى نقطة مهمة ضمن النموذج الاقتصادي، وهي حساب الفرق بين سعر التكلفة الكلية للمشروع وعائداته، إذ يمثل هذا الفرق ما يسمى بـ «هامش الأرباح». وهنا تجدر الإشارة إلى أن ما يميز ريادة الأعمال الاجتماعية عن ريادة الأعمال التجارية الهادفة إلى الربح بشكل أساسي، هو أن «هامش الأرباح» غالباً ما يكون منخفضاً في الأولى نظراً لأن الأرباح يعاد تدويرها في نفس المشروع. فالعمل الريادي يعني بالضرورة التركيز على الصالح العام، وخدمة الأهداف المجتمعية أكثر من تركيزه على الأرباح المادية للمشروع على الرغم من كونه مدراً لها.
واختتم هذا الجزء من الورشة باقتراح للمشاركين بإنشاء مجموعات تركيز، وشبكات دعم تضم مجموعة من المتخصصين بدراسة المجتمع وتحديد المشكلات أو القضايا التي يمكن أن تمثل أفكاراً لامعة وخلّاقة لمشاريع اجتماعية قادمة، وذلك لتوسيع دائرة التفكير أو المساهمة في تطوير أفكار المشاريع القائمة، والتي يمكن تكوينها من المشاركين أنفسهم أو الجهات الداعمة، وذات الصلة والاهتمام المشترك.
“ريادة المسؤولية الاجتماعية”، ورشة نظمتها وأعدتها “نقاء” بجدة في مركز نسما للتدريب بالتعاون مع معهد واشنطن للتقدم. و”نقاء” هي مجموعة قيادية بقيادة نسائية شابة تعمل منذ 2008م كمجموعة ريادية اجتماعية مهتمة ببرامج التدريب وورش العمل الاستراتيجية، وتحفيز أفراد المجتمع على بدء مشاريعهم الريادية الاجتماعية، إلى جانب كونها متخصصة بتقديم المساعدة والمشورة للشركات في المملكة فيما يتعلق بتصميم حلول الاستدامة وقياسها وتنفيذها.أشرف على الورشة وأدارها المدرِّبان: روزالي فاسكيز، رئيسة معهد واشنطن للتقدم، ونائبها كريس ماكغلايت، وهما ناشطان لديهما خبرة واسعة في مجال ريادة الأعمال الاجتماعية، والبرامج القيادية، والتطويرية. ويعملان من خلال شركتهما على التركيز على قضايا التنمية المجتمعية، والتمكين، ونشر مفهوم الريادة والمسؤولية الاجتماعية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
التمويل الذي لا بد منه
الحصول على التمويل اللازم، وإقناع الداعمين والمستثمرين والشركاء هما في غاية الأهمية لإنشاء أي عمل اجتماعي. ومن حُسن الحظ – كما قال المدربون – إن التمويل مسألة يسيرة في المملكة العربية السعودية، فهناك نمو ملحوظ في عدد حاضنات الأعمال بشكل عام، ومن منظمات غير ربحية أيضاً هي الأخرى مهتمة برعاية ونشر نموذج الريادة الاجتماعية. وقد شهد اليوم الثالث حضور جهات عدة تنهض بمبادرات هذا الدعم قدمت عروضاً مفصلة لشروط ميسرة لدعم وتمويل رواد الأعمال الاجتماعيين. وفي هذا المجال شدد المدربون على أن كل ما يهم رائد الأعمال هو مدى فرادة فكرة المشروع ونجاحها في تلبية حاجة أو حل مشكلة والتفكير بشكل يجعلها مثيرة. وهذا سيتكفل بجذب الممول، وإتاحة الفرصة أمامه ليبدأ مشروعه.
أهمية الخطاب التسويقي
الخطاب التسويقي عنصرٌ مهم في تحويل الفكرة أو الهدف الإنساني الذي يمثل قيمة التكافل الاجتماعي إلى منتج أو خدمة مربحة مادياً وذات أثر مجتمعي عالٍ يمكن قياسه وملاحظته. من هنا كان التمرين الأخير تمريناً حركياً وديناميكياً بالدرجة الأولى. «The elevator pitch» ويعني «رمية المصعد» ويرمز إلى التعريف والتسويق الذي يمكن أن يقدِّمه رائد المشروع في أقل من دقيقة، هي المدة الزمنية التي يمكن أن يقضيها مع داعم محتمل أو شخص من المهم تعريفه إلى المشروع في مصعدٍ قبل توقفه.
فعلى هذا التقديم قد يتوقف مستقبل الشركة الرائدة اجتماعياً والناشئة، بناءً على مدى جاذبيته ومقدرته على إثارة اهتمام الشخص المقابل سواءً كان داعماً محتملاً، أو مسؤولاً قادراً على الترخيص أو التسهيل أو غير ذلك. الأمر كله رهنٌ بنجاح ما سيقال في الحصول على موعدٍ آخر وشراء وقت إضافي لشرحٍ أوسع، ولذا كان على المشاركين إعداد خطابهم التسويقي الخاص مع مراعاة: أن يكون هذا الخطاب مختصراً، واضحاً، قوياً، يحتوي على صور وأمثلة وتشبيهات واضحة قدر الإمكان.
واقتضى التدريب أن يقوم كل مشارك بتحضير عرضه الذي لا يتجاوز 60 ثانية، ومن ثم تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين تنتظمان في صفين متقابلين، أحدهما ثابت والآخر متحرك ينتقل أفراده كل 60 ثانية، ليقدم كل مشارك تعريفه مباشرة إلى الشخص الذي يواجهه، ومع تكرار هذه المهمة صار التقديم أسهل وأسرع.
وفي نهاية التدريب جلس المشاركون مع المدرِّبين لتكوين شبكة ريادة اجتماعية قادرة على دعم وتحفيز وتبادل المعارف فيما بينهم، بعد أن تأكد الجميع من اكتمال معرفتهم وتعمقها بريادة الأعمال الاجتماعية، ومدى أهميتها، وكيفية إنشاء مشروع متكامل ضمن شروط هذا المفهوم.
الانطباع العام صورة أوضح.. وحماسة للانطلاق
أثمرت ورشة العمل هذه توضيحاً لصورة ريادة الأعمال الاجتماعية في أذهان كثير من المشاركين، خاصة لجهة التفريق بينها وبين ريادة الأعمال بمفهومها العام. وتجلَّى ذلك في تبدد الارتباك الذي ساد اليوم الأول من أهمال الورشة، ليحل محله في اليوم الأخير عزم على معرفة مزيد، والتفكير جدياً بإطلاق المشاريع.تقول نسرين مصبح: «كنت أعرف عن ريادة الأعمال. ولكني لم أكن أعرف أن لها أوجه مختلفة تشمل «الاجتماعية». تغيَّرت فكرتي عن جدوى الجانب المالي والفروق العامة بين الريادتين وأهمية كل منهما لخدمة مشاريع مختلفة تخدم شرائح مختلفة.وتضيف: «أعتقد أنها حفَّزتني على الانطلاق في عدة مشاريع، خاصة بعد فهمي لمبدأ إعادة تدوير الأرباح مما أزاح عني حملاً ثقيلاً وأعطاني دافعاً للبدء مع وجود بيئة داعمة تقدم المساعدة وتغطي الحاجة إلى المعلومات».وتقول سارة الحارثي: «سمحت لي هذه الورشة بالتعمق في موضوع الريادة الاجتماعية وبعض تفاصيلها، مثل وجوب الاستدامة وقيام المشروع الاجتماعي على أساس تلمس المشكلات والاحتياجات. لقد أفادتني المشاركة لجهة معرفة تقنيات تأسيس المشروع. والجوانب العلمية الكثيرة التي عُرضت أمامنا من قبل شركات ناجحة وداعمة تشجِّع على الانطلاق».أما إلهام عثمان فقالت: «لقد اكتشفت الفرق الواضح بين الريادي الاجتماعي ورجل الأعمال. ولربما جعلتني أستيقظ وأتنبه لأعيد النظر في مستقبلي برمته. أعتقد أن الطريق أمامي طويل. ولكنني أتعلم الآن الكثير.