مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
يوليو – أغسطس | 2020

من المختبر


ألومنيوم لا يمكن أن يتسخ

لقد تمكنا من أن نرى بوضوح تام كيف يمكن لنقطة الماء أن تزيل القذارة عن صفحة الألومنيوم

لعدَّة سنوات خلت، دأب علماء من جامعة درسدن للتكنولوجيا الألمانية على تطوير أسطح وظيفية عن طريق عمليات التصنيع القائمة على الليزر. ومؤخراً، أنشأوا أسطح دورية (أسطوانية مغلقة) ليست فقط طاردةً للماء والجليد، ولكنها تزيل أيضاً جزيئات الأوساخ عن طريق قطرات الماء المتدحرجة. وفي هذا السياق، ركّزوا بشكل خاص على مادة الألمنيوم.
وقد تعاون فريق جامعة درسدن مع علماء آخرين من معهد “فراونهوفر” لتكنولوجيا المواد والصفائح (IWS) لتطوير صفائح الألومنيوم هذه من خلال علاجها بالليزر، بشكل يمنع نقط الماء من الالتصاق بصفحة المعدن، ويمكّن من إزالة جزيئات القذارة تماماً من دون استخدام منظّفات كيميائيّة، أو بذل أي مجهود آخر. وقد نُشر الإثبات على هذا التنظيف الذاتي في مجلة: علم الأسطُح التطبيقي (Applied Surface Science) في 20 مايو من العام الجاري 2020م.
وقال ستيفان ميلز، المرشح للدكتوراة في الجامعة: “هذا المعدن صالح للاستخدام في فروع صناعيّة عديدة، مثل قطاع السيارات، أو صنع الطائرات، وحتى في صناعة الأغذية طالما أننا لا نريد بالطبع أن نستخدم المستحضرات الكيميائية في غذائنا”.
وقد درس العلماء في درسدن وظيفة الألومنيوم المنظّف ذاتياً باستخدام كاميرا خاصة لمعرفة كيف يحدث التنظيف الذاتي لأسطح الألومنيوم. وصوّروا العمليّة بسرعة بلغت 12.500 صورة في الثانية. ويقول توماس كونتسِه، عالم التكنولوجيا الميكروسكوبيّة في معهد فراونهوفر: “لقد تمكنا من أن نرى بوضوح تام كيف يمكن لنقطة الماء أن تزيل القذارة عن صفحة الألومنيوم، وهذه الوسيلة مناسبة أيضاً لفهم عمليّات أخرى، مثل القَطع واللّحام بالليزر، والتصنيع بالطباعة ثلاثية الأبعاد”.
ويمكن لهذه التقنية أن تحدث ثورة مستقبلية في مجال الصحة العامة والبيئة، إذا ما تم تصنيع أواني طعام لا يحتاج تنظيفها إلى أي مستحضرات كيميائية؛ ويمكن الاكتفاء بتمريرها تحت الماء فقط.

المصدر: Phys.org


تَعَقُّب هجرة الحيوانات من المحطّة الفضائيّة

في عام 2018م، أطلق العلماء من المحطة الفضائيّة الدولية، التي تعلو 386 كلم عن سطح الأرض هوائيّاً (antenna) إلى الفضاء غرضه تعقُّب الحيوانات. ويتلقّى الهوائي إشارات لاسلكيّة من أكثر من 800 صنف من الحيوانات، تتراوح بين الفيلة والخفافيش. وسيبدأ هذا الهوائي في خريف العام الجاري 2020م بتزويد العلماء بالمعلومات عن هذه الحيوانات.
ويقول مارتن ويكلسكي، من معهد ماكس بلانك: “ستمكِّن أجهزة الاستشعار، التي لا تزن أكثر من 5 جرامات، الحيوانات من أن تكون بمثابة عيوننا وآذاننا وأنوفنا في العالم”. ويسمّى هذا المشروع “إيكاروس”، ويؤمل أن يعمّم على عدد من الأقمار الاصطناعية في السنوات المقبلة، كما قال أندرو كاري في مجلة “نيتشر” عام 2018م. ولا يكتفي الهوائي بتعقب الأمكنة، بل يفيد عن فيزيولوجيا الحيوانات والبيئة المحيطة.
ويضيف ويكلسكي: “سنستخدم في المستقبل الطيور لمراقبة المناخ، وقياس الحرارة حتى في وسط المحيط الهادئ، وعلى ارتفاع 20 متراً إذا أمكن، وهذا ما تفعله الطيور على الدوام”. ويقول مساعده والتر جتس، عالم البيئة في جامعة يال: “سنكتشف مسالك هجرة جديدة وأموراً غير معروفة عن سلوك الحيوان”.
يبقى أن جميع الحشرات، و%70 من الطيور في العالم، أصغر من إمكان تحميلها أجهزة الاستشعار المتوفرة الآن. أما أجهزة إيكاروس، فقد يصبح ممكناً تحميلها لحشرات مثل الجراد. وهي تُشحَن بالطاقة الشمسية وقابلة للعمل طول عمر الحيوان، وأرخص بكثير من الأجهزة المستخدمة اليوم، وسعرها قابل جداً للخفض بعد.
ومن الطيور التي يحتاج العلماء إلى تعقّبها طيور اللّيموزيّة (godwit)، التي تهاجر بين تشيلي في الجنوب وآلاسكا في الشمال، ويبلغ طول خط هجرتها 16,000 كلم.
ومن المشاهد المهمة التي التقطت حتى الآن، مشهد في جوار بركان إتنا الإيطالي لمجموعات من الماعز، تنسحب إلى الغابات في الساعات التي تسبق انفجار البركان. وبتعقّبها سيتمكّن البشر من التنبؤ بالانفجار الوشيك. وقد يصبح ممكناً تعقّب الحيوانات عند ظهور وباء ما، أو تلك التي يداهمها الصيد الجائر؛ أو حركة أسراب الجراد التي تلتهم المحاصيل الزراعيّة.
وسيمكّن المشروع كل مَن يرغب، الحصول على الداتا عبر الإنترنت، وثمَّة تطبيق لذلك اسمه: Animal Tracker يساعد في عمليّة التعقّب.
ولكن، للمشروع نواحيه السلبيّة، إذ يخشى البعض من عدم تفسير الداتا المجموعة تفسيراً سليماً فيما يتعلّق بالبيئة. ويقول مارك هبلوايت، وهو خبير بيولوجيا الحياة الفطريّة في جامعة مونتانا الأمريكية: “إن مسالك هجرة الطير يمكن أن تتبدّل تبدلاً كبيراً، وعلى نحو غير متوقّع، بين سنة وأخرى. ومشروع إيكاروس قد ينشئ خطر اتخاذ قرارات يتّخذها مديرون لا يعرفون شيئاً عن الطير، سوى المواقع على الخريطة”.

المصدر: Smithsonianmag.com


مُنذ متى سكن الإنسان القارة الأمريكية؟

علماء داخل الكهف في المكسيك

أظهر التأريخ بالكربون المُشع لأدوات حجرية تم العثور عليها حديثاً في كهف في المكسيك، أن الإنسان عاش في القارة الأمريكية خلال زمن أبكر مما كان يُعتقد سابقاً.
فحتى وقت قريب، كانت القصة المقبولة على نطاق واسع، هي أن أول البشر الذين وطئت أقدامهم الأمريكتين عبروا جسراً برياً من روسيا الحالية إلى ألاسكا قبل نحو 15,000 سنة، وانتقلوا جنوباً عبر ممر بين صفيحتين جليديتين ضخمتين. لكن اكتشاف حوالي 1900 أداة حجرية في كهف في وسط المكسيك تشير بقوة إلى أن أناساً سكنوا القارة قبل أكثر من 30 ألف سنة. وشكَّل هذا الاكتشاف مفاجأة لجميع المختصين، كما جاء في بحث نشرته مجلة “نيتشر” في 22 يوليو 2020م.
تشمل هذه القطع الأثرية المكتشفة عدداً صغيراً من مقذوفات حجرية، ربما تستخدم كرؤوس رمح لنحر الماموث وغيره من الحيوانات، كما تشمل بعض الرقائق الحجرية لأغراضٍ أخرى.
وقال سيبريان أرديلين عالِم الآثار في جامعة “أوتونوما دي زاكاتيكاس” المكسيكية والمؤلّف الرئيس للدراسة، إن نتائج التأريخ بالكربون المُشع تضع أقدم العيِّنات بين 33,000 إلى 31,000 سنة مضت.
ويقول الباحثون إن هذه الأدوات الحجرية هي فريدة من نوعها، وتدل على “تقنية ناضجة”، والأرجح أنه تم جلبها من خارج القارة.
وعلَّق البروفيسور توم هيغام من قسم تأريخ الكربون المُشع بجامعة أكسفورد، وهو أحد علماء الآثار البارزين المشاركين في المشروع بقوله: “إن الجمع بين الحفريات الجديدة وعلم الآثار الحديث يتيح لنا الكشف عن قصة جديدة عن استعمار الأمريكتين. فاكتشاف أن الناس كانوا هناك قبل أكثر من 30,000 سنة يثير مجموعة من الأسئلة الجديدة الرئيسة حول مَنْ هم هؤلاء الأشخاص، وكيف عاشوا، ومدى انتشارهم، وفي النهاية، ماذا كان مصيرهم؟”.
وكانت قد جرت سابقاً محاولات لاستكشاف مواقع عديدة وُجِد فيها البشر في وقت باكر عبر أمريكا الشمالية من مضيق بيرينغ، الذي يفصل روسيا عن الولايات المتحدة، إلى فرجينيا. وتم استخدام البيانات من هذه المواقع لنمذجة سكن أبكر من المتعارف عليه في الأمريكتين، ومساعدة العلماء على إعادة تصوُّر متى وكيف وصل أول الناس إلى العالم الجديد وسكنهم هناك. لكن هذه النتائج الجديدة شكَّلت مفاجأة للأوساط المعنية.

المصدر: Smithsonianmag.com, Independent.co.uk


مقالات ذات صلة

في عام 2077م، شهد معظم سكان أوروبا كرة نارية تتحرك في عرض السماء، ثم سقطت كتلة تُقدّر بألف طن من الصخور والمعادن بسرعة خمسين كيلومترًا في الثانية على الأرض في منطقة تقع شمال إيطاليا. وفي بضع لحظات من التوهج دُمرت مدن كاملة، وغرقت آخر أمجاد فينيسيا في أعماق البحار.

نظرية التعلم التعاضدي هي: منهج تتعلم عبره مجموعة من الأفراد بعضهم من البعض الآخر من خلال العمل معًا، والتفاعل لحل مشكلة، أو إكمال مهمة، أو إنشاء منتج، أو مشاركة تفكير الآخرين. تختلف هذه الطريقة عن التعلم التعاوني التقليدي، فبين كلمتي تعاون وتعاضد اختلاف لغوي بسيط، لكنه يصبح مهمًا عند ارتباطه بطرق التعليم. فالتعلم التعاوني التقليدي […]

حتى وقتٍ قريب، كان العلماء مجمعين على أن الثقافة هي سمةٌ فريدةٌ للبشر. لكن الأبحاث العلميّة التي أجريت على الحيوانات، منذ منتصف القرن العشرين، كشفت عن عددٍ كبيرٍ من الأمثلة على انتشار الثقافة لدى أغلب الحيوانات. وعلى الرغم من الغموض الذي يلفّ تعبير الثقافة، حسب وصف موسوعة جامعة ستانفورد الفلسفيّة، هناك شبه إجماعٍ بين العلماء […]


0 تعليقات على “من المختبر”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *