الليدار، أو اللادار، كما يكتب أحياناً، هو اختصار باللغة الإنجليزية للتصوير والكشف الضوئي وتحديد المدى. هو نوعٌ من الرادار، لكنه يعمل بالضوء وتحديداً الليزر، وليس بموجات الراديو التي يعمل بها الرادار العادي.
إنه طريقة مسحٍ تقيس المسافة إلى هدفٍ معيّن عن طريق إضاءته بواسطة ضوءٍ ينبض بالليزر، يصل أحياناً إلى 150000 نبضةٍ في الثانية، ثم قياس النبضات المنعكسة من الهدف بجهاز استشعار. وبما أن الضوء يتحرّك بسرعة ثابتة ومعروفة، فإنه يمكن قياس المسافة بينه وبين الهدف بدقة متناهية.
ويمكن بعد تسليط الليزر على الهدف، استخدام الاختلاف في أوقات عودة بالليزر، وكذلك الاختلاف بطول الموجات الضوئية التي نعرفها من اختلاف لون الضوء لتصميم تمثيلٍ رقميٍ ثلاثي الأبعاد للهدف. فإذا كان الهدف أهرامات مثلا، فإن أجزاءها المختلفة تبتعد عن الليدار بأبعاد مختلفة ولو كانت قليلة جداً، وهكذا تعود منها نبضات الليزر المنعكسة بأوقاتٍ مختلفةٍ يحددها جهاز الاستشعار بدقة عالية.
وهناك ثلاثة أنواعٍ منه:
الليدار الأرضي، والمحمول جواً، والمحمول في الفضاء.
والليزر هو جهاز باعث للضوء من خلال عملية تضخيم مبنية على قذف الإشعاع الكهرومغناطيسي المحفَّز. ويتم تصنيفه بطول موجاته، وتتصف كل موجة بلون معيّن. وكل نوع من الليدار يستخدم نوعاً معيّناً من الليزر. الليدار المحمول جواً يستخدم ليزر 1064nm Nd:YAG، في حين تستخدم أنظمة قياس أعماق البحار ليزر 532nm Nd: YAG الذي يخترق المياه بتخفيف أقل من الليزر الأول.
استخدمت النماذج المبكرة من هذه التقنية بنجاح في أوائل سبعينيات القرن العشرين في البحار للكشف عن الغواصات بواسطة الطائرات. ومع توفر التقنيات الرقمية لاحقاً، يصعب تخيل إجراء أبحاث علمية وتكنولوجية عديدة دون استخدام تقنيات الليدار. فقدرته على الاستبانة المكانية والتدريجية الدقيقة والعالية للقياسات، وإمكانية مراقبة الغلاف الجوي في الظروف المحيطة، وإمكانية تغطية نطاق الارتفاع من الأرض إلى ارتفاع يزيد على 100 كم، جعلت منه شيئاً لا غنىً عنه.
وأجريت تجربة لاستخدامه في علم الآثار لأول مرة سنة 1985م في كوستا ريكا. لكن الاستخدام المكثف في هذا المجال كان سنة 2009م في الهندوراس.
وأصبح استعماله شائعاً في الجيوديسيا أو علم تقسيم الأرض، والجيوماتكس أو تقنيات البيانات العمرانية الرقمية، والجغرافيا، والجيولوجيا، والأركيولوجيا أو علم الآثار، والجيومورفولوجيا أو علم شكل الأرض، وغير ذلك كثير من المجالات. كما يتم البحث منذ فترة في إدخاله إلى تقنيات السيارات ذاتية القيادة والروبوتات على أنواعها.
وآخر الإنجازات المهمة التي اكتشفت، باستعمال الليدار مؤخراً، هي اكتشاف أكثر من ستين ألف هيكلٍ غامضٍ من حضارة المايا في غواتيمالا، منها أهرامات وجسور وأساسات منازل وتحصينات دفاعية.
وقد غيرت هذه المعلومات الجديدة بواسطة الليدار نظرة المؤرخين وعلماء الآثار إلى تلك الحضارة، لقد كان هناك سكان في تلك المناطق أكثر من أعدادهم حالياً، على الرغم من ذلك حافظوا على الغابات ولم تحدث حرائق كارثية كالتي تحصل اليوم.
“الليدار هو السحر” قالت ليزا لوسيرو عالمة الأنثروبولوجيا من جامعة إلينوي. إن حضارةً بأكملها نتأت من تحت الغابات الكثيفة والأراضي المنخفضة، وأضافت: “فلطالما سرنا مباشرة على تل أو بقعة أثرية وفاتتنا بالكامل”.
يقول بايسون شيتس قائد فريق التنقيب في كوستاريكا، “إن الليدار هو في القرن الواحد والعشرين كما كان التأريخ بالكربون المشع في القرن العشرين”.
اترك تعليقاً