مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
سبتمبر - أكتوبر | 2018

اليوم الوطني وشهود المعرفة


رئيس التحرير

في يوم الجمعة 9 أغسطس 1935م، هنّأت صحيفة أم القرى في افتتاحيتها القرّاء بإتمام عامها الحادي عشر، وأشادت بخطوات الإصلاح والعمران التي تشهدها المملكة في سنوات توحيدها الأولى، فكتبت: “ويطول بنا المقام إذا نحن حاولنا سرد هذه الأعمال الجليلة التي تمّت في هذه الأعوام التي لا تتجاوز عدد أصابع اليدين، ولكن إذا ألقينا نظرة واحدة على المشاريع والإصلاحات، وعلى حالة البلاد اليوم، وما كانت عليه بالأمس، وجدنا الفرق كبيراً والبون شاسعاً…”.
وفي الصفحات التالية من ذاك العدد، بدت الكلماتُ على صفحاته الأربع وكأنها تتحرّك؛ فقد أخبرت القرّاءَ عن حركة البواخر وعدد البضائع القادمة، وأدرجت جدولاً بأعداد مفصّلة عن مراجعي المستشفيات والمستوصفات وحالاتهم الصحية، ونوّهت عن افتتاح مدرستين ابتدائيتين، ونشرت إعلانات من وزارة المالية، وعرضت معلومات أخرى لمشاريع تجري على الأرض، وخدمات جديدة تقدَّم للمواطنين في هذا البلد الفتيّ.
لطالما شَهِدت الصحفُ على الأخبار، وتحدّث الشهودُ عن البواكير، وحفظ التدوينُ المعرفة، ووثّق المشاريع والخدمات التي حدثت في مدن المملكة وقراها منذ 88 عاماً. وفيما تتوسع الخدمات وتتطور المشاريع السعودية، يظل شهود المعرفة يدوِّنون ويسجِّلون وينقلون.
وفي حين أصبحت المعرفةُ اليوم وشهودها عالميين، تطوَّرت أيضاً أوعية المعرفة وتوسّعت. فمثلاً، لقد قرأتُ هذا العدد الثمين من صحيفة أم القرى في موقع المكتبة الرقمية العالمية؛ وهو مشـروع تديره اليونسكـو بالتعاون مع مكتبة الكونغرس وعدد من الشركاء الدوليين، يهـدف إلى توفيـر مجموعة من ثروات العالم الثقافية على الإنترنت بصيغ مواد رقمية عالية الجودة. وضمن هؤلاء الشركاء، تُسهم جهات سعودية عدة في هذا المشروع، وترفد القرّاء حول العالم بمحتوى ثقافي سعودي وعربي، ومنها جامعة الملك عبدالله للعلـوم والتقنيــة التي ترعى أيضاً بالتعــاون مع مكتبة الكونغرس واليونسكو لجنة استشارية دولية لتاريخ العلوم العربية والإسلامية لتحديد أهم الكتب والمخطوطات العلمية من العالم العربي والإسلامي، وتيسير إضافتها في المكتبة.
ولسنا ببعيدين عن هذا الدور، فقد ظّلت مجلة القافلة عبر تاريخها الطويل، شاهدة من شهود المعرفة ووعاءً من أوعية العلم والأدب. لقد شهدت القافلة وثباتِ التطور الاقتصادي في المملكة وملامح تغيّرها الاجتماعي والثقافي، وأسهمت في نقل معارف متنوِّعة إلى أجيال عديدة في الوطن العربي، وقرّاء العربية أينما كانوا، الذين بقوا أوفياءَ لهذه المطبوعة ومنصاتها الإلكترونية، بتواصلهم ومشاركاتهم.
وفي عامها الخامس والستين، تشارك مجلة القافلة في احتفالات اليوم الوطني الثامن والثمانين، وتصور مشروعاً من المشاريع الحديثة التي تعاقبت مع “خطوات الإصلاح والعمران” المستهلة مع تأسيس المملكة. وهو مشروعٌ سعودي فريد من نوعه، يُدلل على ذكاء التعامل مع الجغرافيا السعودية، وحصافة قرارها الوطني، يصف نفسه “بالفكرة التي لم يسبق لها مثيل، والذكاء الذي لم يُعرف له نظير”، كونه يُمثل نموذجاً يُحتذى به عالمياً في المستقبل للارتقاء بجودة الحياة بكافة جوانبها. إنه مشروع “نيوم” الذي يجري الآن في شمال غرب المملكة، ويحتفل مع الوطن للمرة الأولى هذا العام باليوم الوطني، بعد إكماله عامه الأول منذ إطلاقه في أكتوبر 2017م.


مقالات ذات صلة

رأت ما نشره الكاتب أحمد السعداوي في مجلة القافلة، في العدد الماضي (العدد 700)، تحت عنوان “الرواية.. فن التواضع”، إذ استعرض رأي “جون برين” بخصوص كتابة الرواية الأولى التي أشار إلى أنها تبدو أشبه بالتنويعات على السيرة الذاتية.

ذا أردت أن تقرأ بفاعلية، فاقرأ كتبًا مُعمّرة، أي تلك الكتب القديمة المُتخمة بالدروس الحياتية طويلة المدى؛ كتبًا قديمة ذات قيمة عالية، مليئة بـ “الزبدة” والطاقة الكامنة للمعلومة، ذلك لأنها استمرت طوال السنين وقودًا لتقدم البشرية.

يقول أبو العلاء المعري في واحدة من قراءاته لمستقبل الطفولة: لا تَزدَرُنَّ صِغــارًا في ملاعبِـهِم فجائزٌ أَن يُرَوا ساداتِ أَقوامِ وأَكرِمـوا الطِّفلَ عن نُكـرٍ يُقـالُ لهُ فـإِن يَعِـشْ يُدعَ كَهـلًا بعـدَ أَعــوامِ المعري وهو الذي لم يُنجبْ أطفالًا؛ لأنَّه امتنع عن الزواج طوال عمره، يؤكد من خلال خبرة معرفية أهمية التربية في البناء النفسي للأطفال، […]


0 تعليقات على “اليوم الوطني وشهود المعرفة”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *