مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
سبتمبر – أكتوبر | 2021

تجارب عالمية جديرة بالتأمل
فصول بلا جُدران


فاطمة البغدادي

بينما ينظر إليها البعض باعتبارها عودة إلى الوراء، يرى آخرون فيها تجربة مُفيدة وجديرة بالتأمُّل، وتستحق مزيداً من الرعاية والاهتمام، كونها أكثر تصالحاً مع البيئة، وفيها من المرونة ما يُمكّن للطُلاب الدارسين من خلالها مُمارسة الأنشطة ذات الصِلة على أرض الواقع، ومن ثم اكتساب مزيد من مهارات التعلُّم، إلى جانب إسهامها الفاعل في التغلُّب على الإشكاليات التي يتعرَّض لها التعليم التقليدي، لا سيما في السنوات الأخيرة، على خلفية تفشي الجائحة، وبالفِعل بدأت بعض الدول التوسع فيها، واعتمدتها جُزءاً أساسياً في منظومة تعليمها العام، إنها تجربة فصول بلا جُدران.. فماذا عن طبيعة وأهمية هذه الفصول؟ وما أهم تجاربها العالمية، التي تحظى باهتمام كبير؟

في أبسط تعريف لها، فإن “فصول بلا جُدران” (Classes without walls)، هي أماكن للدراسة في الهواء الطلق، مُنفتِحة بشكل مثالي على الطبيعة، يتزوَّد فيها الطُلاب بالمعارف، ويكتسبون المهارات في مُختلف أنواع التعلُّم، مع زيادة التركيز على أوجه نشاط ذات الصِلة، باعتبارها النبع الأكثر تدفقاً الذي ينهل منه الطُلاب مزيداً من الخِبرات العمليَّة، يقول بريت هينبيري: “لقد صارت مناطق التعليم الكبيرة، ذات المساحات المفتوحة، سِمة مُميَّزة لبيئة المدرسة الحديثة في القرن الحادي والعشرين”، وتجاوز جدران فصول المدارس التقليدية، إلى الهواء الطلق، يُمثّل حلاً مثالياً وضرورياً لاستمرارية التعلُّم، في بيئة خضراء، مُناسِبة لِصحَّة وسلامة التلاميذ.

تطبيق الفكرة قديماً
وليست تجربة الفصول بلا جدران حديثة العهد، بل عُرِفت قديماً، حسبما تُشير إليه عدد من الجداريات الأثرية، في الحضارتين الفرعونية والإغريقية، وكان العرب من أكثر الشعوب التي مارست التعليم في فصول بلا جُدران، وذلك من خِلال التوسُّع في”ظاهرة الكتاتيب”، المعروفة بكونها أحد أهم الأعمدة التي قامت عليها الحضارة الإسلامية إِبَّان العصر الوسيط، حيث كان طلاب العِلم يتلقون دروسهم بصُحبة أُستاذهم، تحت ظلال النخيل، والعرائش التي تُقام في الهواء الطلق.

وفي أوروبا الحديثة، كان لألمانيا السبق في إقامة فصول الهواء الطلق، وذلك عقب تفشِّي مرض السُّل، وقد انتشرت هذه المدارس بشكل كبير، مُنذ العام 1904م، وعلى نحو أكثر تنظيماً، بفضل جهود كُلٍّ من د. برنارد بنديكس، وهيرمان نيوفرت.. وانتقلت الفِكرة عبر الأطلسي، ليبدأ تطبيقها في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1908م. وعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، انتشرت هذه الفصول، وتشكَّل ما يعرف بـ”حركة الفصول المفتوحة”، في المدارس الابتدائية البريطانية العامة.

تجارب عالمية حديثة
وفي الآونة الأخيرة، تصاعد الحديث عن أهمية هذه الفصول الدراسية، وذلك بعد تفشِّي الجائحة، وقد شاهدنا أنواعاً مُتباينة من فصول الهواء الطلق، في عديد من دول العالم، التي اعتمدت هذا النوع من التعلُّم، وفي كثير من دول أوروبا، كان إقبال الطُلاب على هذه الفصول كبيراً.

ليست تجربة الفصول بلا جدران حديثة العهد، بل عُرفت قديمـاً، حسبما وثّقتْ الجداريات الأثرية، في الحضارتين الفرعونية والإغريقية، فيما كان العرب من أكثر الشعوب التي مارستها من خلال ما عُرف بالكتاتيب.

ففي الدانمارك، فضَّل نحو خُمس طُلاب المدارس، الدراسة في الهواء الطلق، كذا الحال في المناطق السويسرية المُتحدِّثة بالفرنسية، وكانت قناة (RTS) التلفزيونية الرسمية، قد بثت تقريراً مصوَّراً، يتضمَّن مشاهد لفصول الهواء الطلق، التي انتشرت في مدينتي نوشاتيل وجنيف.. مِثل ذلك فعلت مدارس عديدة في النمسا، وإيطاليا، وكانت كلٌّ من فنلندا، والنرويج، قد اعتمدتا الفصول الدراسية المفتوحة، كحل مِثالي لمواصلة التعليم وقت الجائحة، وأثبتت تجربتهما نجاحاً كبيراً.. وعلى ضِفتي نهر دنيبر في أوكرانيا، انتظمت فصول الهواء الطلق، لاستقبال طُلابها الذين يفدون من المناطق المُجاورة، وهم يحملون حقائبهم، وبيد كُل منهم مِظلَّته، ولقد ظهرت على وجوههم علامات الرِضا والسعادة، وهم يتلقَّون الدرس التعليمي في الهواء الطلق.

ومن أبرز التجارب العالمية الجديرة بالتأمُّل:
1 – التجربة الأسترالية: فمع إطلالة الألفية الثالثة، اتجهت بعض المُقاطعات فيها، إلى التوسُّع في فصول الهواء الطلق، وذلك بعد أن وُضِعت لها شروط ومعايير، لضبط نشاطها التعليمي والتربوي، وصارت تخضع للتفتيش المُستمر، وخِلال عِقد من انطلاقها، حقَّقت التجربة الأسترالية نجاحات لم تكن مُتوقَّعة، تتمثل في زيادة الإقبال عليها، وارتفاع المُستوى المعرفي والمهاري لطُلابها، وقد ازداد الاهتمام والتوسُّع في هذه الفصول، بعد تفشي الجائحة العالمية، وصارت بعض مُعطيات التقنية الرقمية، داعماً قوياً لنشاطها.

وفي إطار تقييم التجربة الأسترالية، خلصت نتائج 186 دراسة أكاديمية، إلى أن هذه الفصول ذات قيمة مُتصاعدة تعليمياً وتربوياً، وأن الوقت الذي يقضيه الطُلاب وسط الطبيعة، يُساعدهم كثيراً في الاستقرار النفسي والإنجاز الأكاديمي، وكان تقرير صدر مؤخراً عن جامعة أديلايد بجنوب أستراليا، قد أبرز نتائج هذه الدراسات، وأكَّد صِحتها.

2 – التجربة الهولندية: تُعَدُّ هذه التجربة حديثة العهد، قياساً بدول أوروبية أُخرى، وكان نشاط هذه الفصول قبل الجائحة، مُتركِّزاً على بعض المناطق في الريف الهولندي، ويكاد ينعدم نشاطها في المُدن الكُبرى، إلَّا أن هذه المدارس شهدت حركة توسُّع كبيرة في أعقاب تفشِّي الجائحة، وصارت الفصول الدراسية تستقبل طُلابها، في الهواء الطلق، حيث يقف المُعلِّم وسط الطُلاب ليبدأ الحِصَّة، في جو تسوده المودَّة والرضا من الجميع، لقد صار هذا المشهد مألوفاً في الحدائق العامة، وفي بعض الساحات.. ففي ساحة الكنيسة الكبيرة في ميدلبدج، كُبرى مدن إقليم زيلاند، اعتاد المارة على مُشاهدة مُدرِّس العلوم إدوارد نيوفنهويس، وهو يصطحب طُلابه، وعددهم 25 طالباً، وبينما يجلس الطُلاب على مصاطب خضراء مُتدرِّجة، يقف المُدرِّس أمامهم، شارحاً الدرس المُقرر عليهم، وقد ارتدوا جميعاً سُترات كثيفة، وبصُحبة كُل منهم مِظلَّته الخاصة.

وكانت وكالة AFP، زارت عدداً من هذه الفصول، وبثت تقريراً مُصوّراً، لأستاذ فلسفة وهو يشرح نظرية سقراط في ظِل شجرة، وآخر يروي أحداث سقوط جدار برلين، في حديقة عامة، واتفق عدد كبير من الطُلاب على رغبتهم في استمرار التجربة، التي تُقرِّبهم من الطبيعة، والبيئة المحليَّة بكُل مُكوِّناتها، وتُتيح لهم مُمارسة مزيد من أوجه النشاط ذات الصلة بالدرس التعليمي.

3 – تجربة الولايات المتحدة الأمريكية: وهي التجربة العالمية الأكثر ثراءً وأهميَّة في تنظيم فصول الهواء الطلق، كونها تجربة قديمة، وواسعة الانتشار، ومُستمرَّة إلى الآن، وتتنوَّع أشكال هذه الفصول، فبعضها يتخِذ هيئة أعمِدة، يسهُل غلق ثلاثة جوانب منها، والإبقاء على جانب واحد مفتوحاً، حيث النوافذ مُمتدة من السقف وحتى الأرض، ويتم التحكُّم في فتحها وغلقها عن طريق مفصَّلة، حسب حالة الطقس، كما هو الحال في الفصول التابعة لمدارس بروفيدرس، بولاية رود آيلاند، ومدارس بيد مونت، التي حوَّلت جميع فصول الدراسة فيها إلى فصول مفتوحة، وتجربتها الناجحة مُستمرِّة مُنذ أكثر من 30 عاماً، وكذا عديد من المدارس الأُخرى في شارلوت، بولاية نورث كارولينا.

ومن فصول الهواء الطلق، المُنتشرة في نيويورك وغيرها من الولايات الأمريكية، ما يُعرف بـ”فصول مزارع المقصورة”، التي تُقام على هيئة مُدرَّجات خضراء، وثَمَّة مدارس على هيئة خِيام، وهي في مظهرها العام أشبه بمُخيَّمات الكشافة، وإن كانت أكبر حجماً واتساعاً وانفتاحاً على الطبيعة، ووفقاً لـ”جمعية مدارس الغابات” في كاليفورنيا، تصاعدت طلبات الالتحاق بهذه المدارس، التي تستهدِف بالأساس تشجيع الطُلاب على استكشاف الطبيعة، وكانت مجموعة مدارس بيركلي فورست، قد حوَّلت بوصلة اتجاه طُلابها إلى فصول الهواء الطلق، التي أقامتها في جانب من حدائق سيزار شافيز ذات المناظر الطبيعية الخلابة.

تُعدُّ تجربة الولايات المتحدة الأمريكية التجربة العالمية الأكثر ثراءً وأهميَّة في تنظيم فصول الهواء الطلق، كونها تجربة قديمة، وواسعة الانتشار، ومُستمرَّة إلى الآن، وذات أشكال وتطبيقات متنوِّعة.

وحول أهميَّة التجربة الأمريكية، في التوسُّع بفصول الهواء الطلق، تقول شارون دانكز، خبيرة هندسة المدارس الخضراء، إن التوسُّع في فصول الهواء الطلق فِكرة جيِّدة، وقد أثمرت نتائج طيِّبة على مدار السنوات الماضية، وتُضيف: إن ما بين 15 إلى %20 من مدارس الولايات المتحدة الأمريكية، صار لديها مساحات تعليمية خارجية.

4 – التجربة الهندية: على جانبي الطريق، بين الصرح التاريخي العالمي”تاج محل”، وجايبور (المدينة الوردية)، وتحت ظِلال أشجار التين البنغالي، ثَمَّة فصول دراسية، مُنعقِدة في الهواء الطلق، يجتمع في كُل منها نحو عشرين من الطُلاب الصغار، الذين يجلسون على الأرض، مُتخذين هيئة الدائرة، ومُعلِّمهم في الوسط، يدور حول نفسه في حركة بطيئة، وهو يُحادثهم في موضوع الدرس التعليمي، إن هؤلاء الطلاب هم أبناء القُرى المُتناثرة حول الطريق.. وهذا المشهد ليس حالة استثنائية، بل ظاهرة مُنتشرة في كثير من مناطق الهند، وبحسب غير واحد من خُبراء التربية، فإن “مدرسة ظِل الشجرة”، صارت أحد الحلول الجيِّدة، لمُعالجة كثير من الإشكاليات والتحديات التي تواجه منظومة التعليم العام بالهند.

5 – التجربة الإندونيسية: ثَمَّة انتشار كبير لفصول الهواء الطلق، في عديد من جُزر الأرخبيل الأندونيسي، وتحظى هذه الفصول باهتمام مُتزايد في إطار خطة تطوير التعليم، خاصة بعد أن أثبتت جدواها في وقت الجائحة، حيث لم ينقطع التعليم، بحسب تقرير حديث، فإن التوسُّع الذي طرأ على فصول الهواء الطلق، جاء ليُلبِّي مطالب طموحات آلاف الطُلاب في إندونيسيا، الذين ضاقت بهم السُبل لمواصلة تعليمهم في المدارس التقليدية، إمَّا لابتعاد هذه المدارس عن سكنهم، أو افتقادهم لخدمات التواصل عبر الإنترنت، وقد أصبح من المُعتاد رؤية المُدرِّسين وهم يتسابقون بدرَّاجاتهم، ليصلوا إلى أماكن مُتَّفق عليها، يتجمع فيها طُلابهم، ومن ثم تبدأ الحِصَّة الدراسية، في جوٍّ من السعادة والرِضا من الجميع، الذين ينطلقون بعد درسهم النظري، لمُمارسة أوجه النشاط ذات الصِلة، في البيئة المُحيطة.

في العالم العربي
وفصول الهواء الطلق، في عالمنا العربي، ما زالت تجاربها محدودة، من بينها التجربة المصرية، التي انطلقت مؤخراً، تحت مُسمَّى مبادرة “فصول دراسية خضراء”، وتستهدف تصميم مزيد من الهياكل الخشبية القابلة للفك والتركيب، التي تشبه العريشة (برجولا)، مع استغلال الألواح الشمسية كسقيفة تحمي من أشعة الشمس.

وفي إطار خطتها التعليمية لما بعد الجائحة، اعتمدت دولة الإمارات العربية المتحدة، التوجه نحو إقامة فصول الهواء الطلق، باعتبارها أحد أهم الحلول لاستمرارية التعلُّم في بيئة آمنة وصحية، وتم وضع معايير واشتراطات لإقامة هذه الفصول، وكانت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في إمارة دبي، قد أصدرت “دليل إجراءات إعادة فتح المدارس الخاصة”، الذي يُشجِّع على التعليم في الهواء الطلق، والاستفادة من الساحات الخارجية الخضراء.

وفي المملكة الأردنية الهاشمية، يُطبَّق”التعُّلم بالمغامرة في الهواء الطلق”، وقد صار يحظى بدعم كبير، بعد أن ثبت أهميته في التعليم التعاوني، الذي يُقدِّم فُرصاً عمليَّة لحل مشكلات الطُلاب بجميع المراحل الدراسية، وتحسن الأداء الأكاديمي.

مزايا.. ومآخذ
إن تجارب فصول بلا جدران، التي توسَّع فيها عديد من دول العالم، خاصة بعد انتشار الوباء، ثبت أن لها كثيراً من المزايا والفوائد، وإن كان هناك في المقابل عدد من المآخذ، التي سنأتي على ذِكرها لاحقاً، ومن أبرز مزايا وفوائد هذه الفصول، حسبما اتَّفقت عليه دراسات وأبحاث حديثة:

أوَّلاً: ملاذ صحي آمن للطُلاب، خاصة أولئك الذين تضطرهم الظروف للتكدُّس في الفصول المغلقة، كما هو الحال في كثير من دول العالم الثالث، وتؤمِّن لهم الحماية من خطر الإصابة باضطراب الافتقار إلى الطبيعة (nature deficit disorder)، الناتج عن التصاقهم بالشاشات الرقمية، وهو نوع من الاضطراب العصبي والنفسي، معروف بأنه أحد أسباب السمنة والتوتر وإعاقات التعلُّم.
ثانياً: تكلفتها المالية قليلة للغاية، مِما يجعلها حلاً مثالياً لكثير من الدول التي تُعاني اقتصادياً.
ثالثاً: ليست ثابتة مكانياً، حيث يُمكن نقلها من مكان لآخر، حسب ظروف الطقس، وتغيُّرات البيئة المحليَّة.
رابعاً: تُعد أحد أفضل الحلول للوصول إلى الطُلاب، خاصة صِغار السِن، الذين يقطنون في مناطق نائية.
خامساً: تُساعد كثيراً في القضاء على التسرُّب المدرسي، وكذا عِلاج ظاهرة انتشار الأُميَّة، التي ما زالت تُعاني منها بعض الدول.
سادساً: في مُقارنتها بالتعليم عن بُعد عبر الإنترنت، يرى كثير من خُبراء التربية، أنها تتفوُّق عليه، كونها تُحقِّق تلاقي المُعلِّم والطالب في مكان واحد، على أرض الواقع، وليس في العالم الافتراضي، وهذا له تأثير أكبر لاكتساب المهارات والخبرات التعليمية والتربوية.. وبحسب المُبادرة الوطنية الأمريكية للتعليم في الهواء الطلق، فإن هذه الفصول تُحقق مبدأ المُساواة في فُرص التعلُّم، على خِلاف التعليم عن بُعد، حيث إن أعداداً كبيرة من طُلاب العالم، ليس لديهم إمكانية الوصول إلى أجهزة الحاسوب، والنطاق العريض الموثوق، ويَخلِص هانس كيوم أستاذ فلسفة التربية، إلى القول: إن فصول التعليم في الهواء الطلق هي بمثابة الترياق للتعليم عن بُعد.
سابعاً: تُتيح للطالب مزيداً من مُمارسة أوجه النشاط العمليَّة، المُصاحبة للدرس النظري، في بيئته المحلية.
ثامناً: تدفع نحو تحقيق مبدأ مُهم من مبادئ الأمم المتحدة، وهو المبدأ المُتعلِّق بالاستدامة.
تاسعاً: تجعل الطُلاب أكثر حماسة، في العمل كمجموعات صغيرة، قادرة على التعاون البنَّاء فيما بينها، للوصول إلى حل المُشكلات، وتُحسِّن من المهارات الاجتماعية.
عاشراً: في دراسة استقصائية بريطانية، أشرف عليها خُبراء تربية من جامعة سوانسي، اتَّفق عدد كبير من المُعلِّمين، على أن فصول الهواء الطلق، تُزيد شعورهم بالرضا الوظيفي، وتُحقق لهم الغاية التي امتهنوا التدريس من أجلها، وأشاروا إلى أن مُتعة المُغامرة في التدريس بهذه الطريقة، تجعلهم أكثر دافعية للتدريس الفعَّال، وأكَّدوا أنه آن الأوان لتغيير طريقة التفكير في التدريس بأنساق صارمة داخل الفصول الدراسية التقليدية، والتحوُّل إلى التعليم النشط بدلاً من التعليم السلبي، حيث إن العالم الطبيعي يجب أن يكون جزءاً رئيساً من خطة الدرس.

مشكلة الأطر التنظيمية
أما عن المآخذ، التي يراها البعض في فصول الهواء الطلق، فتتركَّز حول الأُطر التنظيمية لهذه الفصول، والتي ما زالت غير واضحة، وأن هذه الفصول ما زالت بحاجة إلى وسائل أكثر فاعلية، لتجنب تداعيات ظواهر طبيعية، تتعلق بتقلبات الطقس، التي قد تحدث فجأة.

إن فِكرة فصول الهواء الطلق، هي بحد ذاتها فِكرة جيِّدة، قابلة للتطبيق على أرض الواقع، وقد ثبت أهميتها مُنذ القِدم، حيث قامت عليها حضارات عريقة، وقد ظلَّت هذه الفصول قائمة، ولم يَخفُت وهجها، برغم ظهور المدارس التقليدية، ذات الجُدران الخرسانية..وقد شهدت العقود الأخيرة كثيراً من التطوير لهذه الفصول، لتواكِب مُعطيات العصر، وتُحقق الاستمرارية في التعلُّم، خاصة في ظِل تحديات تفرِضها إشكاليات صِحيَّة واجتماعية واقتصادية.. ولكن تظل هذه الفصول بحاجة إلى مزيد من
التطوير والتنظيم، الذي يرفع من شأنها، ويُحقق أهدافها المرجوَّة.


مقالات ذات صلة

على الرغم من وجود العديد من التساؤلات حول مستقبل الكتب المادية، فقد أطلقت الفنانة الإسكتلندية المفاهيمية “كاتي باترسون” في عام 2014م فكرة إنشاء “مكتبة المستقبل” كمشروع فني تطلعي يجمع بين كونه كبسولة زمنية أدبية ومشروعًا بيئيًا. كرّست “باترسون” جلّ اهتمامها بما ستتركه البشرية للأجيال القادمة؛ لذلك ابتكرت فكرة إنشاء هذه المكتبة في مدينة أوسلو النرويجية. […]

استطاعت الدول الناطقة باللغة الألمانية (ألمانيا، والنمسا، وسويسرا) أن تخلق نموذجاً في النهضة والتفوّق بالاعتماد على الأيدي العاملة المؤهلة مهنياً، وقد حقَّق هذا النموذج نجاحاً باهراً على مستوى العالم، فيما تسعى دول كثيرة داخل أوروبا وخارجها للاستفادة منه، ففي هذا البلد المزدهر اقتصادياً، يُعدُّ التدريب المهنيّ سرّاً من أسرار نجاحه، بل وربما ريادته عالمياً، فبفضله […]

من المؤكد أن للعلوم والتكنولوجيا تأثيراً عميقاً على المجتمع، لكن العكس صحيحٌ أيضاً، بحيث يشكِّل المجتمع، بصورة كبيرة، الطرق التي تتطوَّر بها العلوم والتكنولوجيا. ومع ذلك، تُظهر التجربة أنه لا يمكن دائماً للعلماء، من ناحية، وعامة الناس والحكومات والشركات، من ناحية أخرى، فهم بعضهم بعضاً بوضوح، لهذا السبب كان لا بدَّ من وجود خبراء ذوي […]


0 تعليقات على “فصول بلا جدران”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *