تتيح أجهزة الواقع المُعزَّز (Augmented Reality) إضفاء مُدخَلٍ افتراضيٍ على المشهد الحيّ الحقيقي الذي يحيط بمن يستخدِمها. من الأمثلة على أجهزة الواقع المعزَّز، المناظير والنظارات وحتى العدسات اللاصقة.
كذلك يمكن أن يُستخدَم أي هاتف ذكي لأداء الواقع المعزَّز. لقد كان أكثر تطبيقات الواقع المُعَزَّز شيوعاً هو بوكيمون غو (Pokémon Go)، وهو لعبة تحفِّز اللاعبين على الخروج إلى العالم الحقيقي، لالتقاط البوكيمون. لقد أُدرِجَت المخلوقات الافتراضية على صورة العالم الحقيقي من خلال شاشة هاتف ذكي. كان ذلك في العام 2016م. ومنذئذ، همد الافتتان بالواقع المعَزَّز.
غير أن لدى تكنولوجيا هذا الواقع المعزَّز احتمالات لتقديم تطبيقات غير الألعاب. إذ يمكن استخدامه لإحداث أشكال جديدة من الإبحار الرقمي، وإعلانات الشوارع، أو حتى إنشاء بيئات العمل الافتراضية، لكن لا يزال على الشركات الكبرى بعد، مثل غوغل، ومايكروسوفت، وفيسبوك، أن تصنع أداة واقع معزَّز، تكون خفيفة، وجذابة، ومطواعة للاستخدام.
إن أحد الأسباب التي حالت دون انتشار سمَّاعات الرأس جهازاً للواقع المعزَّز انتشاراً واسعاً، هو قلة وسائل إدراج المُدخَلات (input methods). تتطلب أدوات الواقع المعزَّز والواقع الافتراضي، من المستخدِم أن يحمل نوعاً من أداةٍ للتحكُّم في يده، أو أن يلمس سماعة الرأس من أجل التفاعل مع واجهة (interface) المستخدم.
إن الهدف الأبعد منالاً، الذي تسعى إليه تكنولوجيا الواقع المعَزَّز، هو وسيلة إدراج المُدخَلات على قوائم سماعة الرأس، بمجرد التفكير وحده. وتحاول فيسبوك أن تصنع جهازاً يمكنه أن يحقِّق ذلك. ويصف مقال في مجلة “إم آي تي” للتكنولوجيا، نُشر في مارس 2021م، سوار معصم يقرأ النبضات الكهربائية من أعصاب الحركة [ثمَّة نوعان من الأعصاب: نوع للحركة، ونوع للحس]، ويترجمها إلى مُدخَلات لتدرُج في جهاز الواقع المعزَّز. ويستخدم سوار المعصم الذي صنعته مختبرات فيسبوك للواقع المعزَّز، الكهرباء الميوغرافية (electromyography) [وهي الكهرباء الناجمة من انقباض العضل واسترخائه]، من أجل مسح المسارات العصبية في المعصم، والتقاط الإشارات الآتية من النخاع الشوكي. وبذلك لا يحتاج المستخدم إلَّا إلى التفكير في استعراض القائمة، أو تحريك المؤشّر (cursor)، وهذا بالضبط ما يحدث في واجهة تفاعل المستخدم. ويتيح هذا استخداماً أكثر تحكماً وسلاسة، بجهاز الواقع المعزَّز.
لكن، سيكون على مَن يشترون الجهاز المعصمي هذا، أن يدفعوا أكثر من المال ثمناً لاقتناء الجهاز. إذ إن خصوصيتهم الحميمة ستكون أيضاً في الميزان. إن الشركات المنتِجة للأجهزة الرقمية في أيامنا هذه، تكسب أكثر من مجرد ما تحصِّله من مبيع أجهزتها الجديدة. ذلك أن البيانات التي تستجمعها هذه الأجهزة، عن المستخدِمين، يمكن أيضاً بيعها لكسب مزيد من المال. وعلَّة الخلاف الأساسية في شأن الواقع المعزَّز، هي أنه يتيح مسارب إضافية يُجمَع من خلالها بيانات إضافية، مثل وجهات سير المستخدم، وأين يقيم، وأي نوع من السلع يشتري. ومن هذه البيانات الأساسية يمكن أن تُستَقرَأ (extrapolate) بواسطة التحليل الإحصائي، معلومات أخرى، مثل السن، والجنس، والحالة الصحية. وبالنظر إلى سجلّ فيسبوك الحافل والسيئ السمعة، فإن أي مبتكرات تكنولوجية جديدة يطرحها هذا العملاق التكنولوجي، لا بدّ وأن تُستقبَل بالريبة والحذر.
المرجع: Technologyreview.com
اترك تعليقاً