مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
يناير – فبراير | 2019

كتب


كتب عربية

الموسيقى العربية
تأليف: البارون رودولف ديرلانجي
ترجمة: محمد الأسعد قريعة
الناشر: منشورات سوتيمديا، 2018م

فُتن البارون ردولف ديرلانجي، الألماني الأصل، والفرنسي المولد، والإنجليزي المنشأ بالموسيقى العربية، واجتذبته النغمات والأوزان، فتفرغ لها، وأنفق من ماله لفكّ طلاسمها والتحقُّق من مقاماتها. وبعد مخاض عسير، وُلدت موسوعته الضخمة “الموسيقى العربية” (La musique arabe) المنشورة في ستة مجلدات بين سنتي 1932 و1959م عن دار بول غوتنر في باريس، ونالت اهتماماً واسعاً لانكبابه على دراسة عديد من القضايا الموسيقية وتمحيصها.
ويوضِّح المترجم التونسي محمد الأسعد قريعة، أنّ فكرة الكتاب والشروع الفعلي في جمع مادته يعود إلى عام 1912م، مستدلاً على ذلك بالكم الهائل من الوثائق المخطوطة التي يحفل بها أرشيف البارون، والتي تبيّن تطور مشروع الدراسة، ومختلف المراحل التي قطعتها، قبل أن تستقر على صيغتها النهائية.
ونتوقف في الأجزاء الأربعة الأولى عند ترجمة لخمسة من أهم المؤلفات الموسيقية التي كتبت بين القرنين العاشر والخامس عشر الميلاديين، مثل أجزاء من كتاب “الموسيقى الكبير” للفارابي (260 – 339 هـ) والفصل الخاص بالموسيقى ضمن كتاب “الشّفاء” لابن سينا (370 – 427 هـ) و”الرّسالة الشّرفيّة في النسب التأليفية” لصفي الدين الأرموي (613 – 693هـ)، و”الرّسالة الفتحيّة” لمحي الدّين محمد اللاّذقي. فيما اهتم الجزء الخامس بشرح القواعد المتبعة في الموسيقى العربية في جانبها النغمي، واختص الجزء السادس بالجانب الإيقاعي.
وإذا كان ديرلانجي، قد انخرط في رحلة البحث عن الأصول الموسيقية وجمعها وتوثيقها، فإن ذلك لم يكن ليتسنى لولا انخراط فريق كامل من المحققين والمترجمين بالنسبة للأجزاء الأربعة الأولى، ومنهم: من تونس، عبدالعزيز البكوش (ابتداءً من سنة 1915م، وكان يشتغل مديراً مساعداً للترجمة بإدارة الداخلية، ومحمد المنوبي السنوسي، كاتب البارون الخاص (الذي أشرف بشكل كامل على صدور الأجزاء الخمسة الأخيرة من الكتاب انطلاقاً من عام 1932م، أي بعد وفاة البارون الذي لم يشهد سوى صدور الجزء الأول عام 1930م)، ومن فرنسا المستشرق البارون كارا دي فوا، للمراجعة، مع الاستعانة أحياناً بشخصيات أدبية أو موسيقية أخرى.
واشتـرك في توفيـر المادة العلمية والفنية للجزأيـن الخامس والسـادس، كل من الشيخيـن أحمد الوافي، وخميس الترنان، بالنسبــة لموسيقـى شمال إفريقيا، وإسكندر شلفون، والشيخ علي الدرويش أحد متون الموسيقى الشرقية القديمة وعضو الطريقة المولوية في الإنشاد الصوفي بتكية القاهرة.
ولا يختلف اثنان على قيمة مصنف “الموسيقى العربية” وأهميتـه لكل باحث متعطش لمعرفة نشأة وتطور الموسيقى العربيّة عبر العصور ونظرياتها وأسسها الفلسفية، ومدى إسهامه في إغناء المكتبة العلمية الموسيقية العربية.

خزائن المعرفة في الحضارة العربية
تأليف: إسراء محمد عبدربه، أشرف صالح محمد
الناشر: دار ألفا دوك للنشر، الجزائر، 2018م

يدور موضوع هذا الكتاب حول المكتبات الشخصية (الخاصة) في مصرَ والشام والأنْدَلُس خلال الفترة من القرن الأول الهجري حتى القرن الثاني عشر. مع ذكر نماذج لتلك المكتبات على مستوى الأفراد البارزين أو عامة الناس، إذ إنها تعطي صورة صادقة لمدى اهتمام الخاصة والعامة في مصرَ والشام والأندلس بالفكر والعلم، مما يجعلها من أهم مقاييس تقدّم ورقي الحضارة الإسلامية في تلك البلدان.
واعتمد الكتاب في دراسته للموضوع على منهج البحث التاريخي الذي يقوم أساساً على جمع المعلومات والبيانات ذات الصلة بموضوع المكتبات الشخصية من مصادرها الأصلية التي أرّخت للحضارة الإسلامية في مصر والشام والأندلس. وقد توصلت إلى أن الاهتمام باقتناء الكتاب، حامل وناقل المعرفة تأصل في نفوس أهل مصر والشام والأندلس، وهو ثمرة طبيعية وأصيلة حيث يكون الإسلام، فكوَّن المصريون والشاميون والأندلُسيون المكتبات الخاصة لفائدتهم ومصلحتهم الشخصية ولاستخدامهم الخاص، فانتشر هذا النوع من المكتبات في منازل مصر ومدن الشام وربوع الأندلس.
وعلى الرغم مما قيل في أصالة الحضارة العربية الإسلامية المتنوِّعة والمليئة بمختلف التيارات الفكرية، والخصبة بظواهرها التي امتدت في عالم واسع جداً، واتهامها بافتقاد الحيوية، أو ما نُسب إليها من التقدُّم الباهر، فإنها من دون شك تظلُّ أمّا من أمهات الحضارات، ومرحلة من مراحل التطور الإنساني. وهذه الحضارة التي تعدَّدت أصول نشأتها وتكاثرت تفرعاتها، اعتبرت الكتاب هادياً لها وكنزاً، فاعتمدت عليه، واهتمت بنشره بشكل فاق بهذا المجال كل الحضارات السابقة، فلا تقاربها حضارة أخرى في عدد الكتب التي انتشرت في العالم زمن حكمها.
فقد ظهرت المكتبات في الإسلام وتطوَّرت نتيجة لانتشار العلم والمعرفة وازدهار حركة التأليف والنقل والترجمة، ومرَّت هذه المكتبات كالمجتمع الإسلامي بعدة مراحل في أدوار نموها المختلفة، بدأت بذرة متواضعة وما لبثت أن ازدهرت ونضجت وأينعت، وواكبت المجتمع الإسلامي في ازدهاره وتقهقره. كما لعبت المكتبات دوراً مهماً ورائداً في تطوير المجتمع ودفعه إلى التطور، وصارت المكتبة الإسلامية مرآة تعكس عليها حياة المسلمين، وتظهر فيها الحياة الواضحة المشرقة في جميع جوانبها.
وقد أدى حب المسلمين للكتب والعلم دوراً أساسياً في قيام تلك المكتبات. فشغف المسلمين بالكتب لم يكن وقفاً على فئة محدَّدة من المواطنين، بل كان يشمل كل الطبقات من الخلفاء والملوك والعلماء وعامة الناس، حتى إن متوسط ما كانت تحتويه مكتبة خاصة لعربي مسلم في القرن العاشر الميلادي الرابع الهجري: إن أكثر مما تحتويه كل مكتبات الغرب مجتمعة.

الحياة الاجتماعية للحمض النووي
تأليف: الوندرا نيلسون
ترجمة: وافي الثقفي
الناشر: جداول للنشر والترجمة والتوزيع، 2018م

يبيّن هذا الكتاب في تسعة فصول كيف يمكن الاستعانة بالحمض النووي للوقوف على قضايا اجتماعية والإسهام في حل مشكلات متعددة؛ إذ يُعد الحمض النووي أو ما يُعرف بالبصمة الوراثية اكتشافاً مهماً ضمن اكتشافات البشر الساعين عبر التاريخ إلى التميز بين الناس لمقاصد متعددة، فلجأوا بادئ الأمر إلى الشكل الظاهر للإنسان، وظلوا معتمدين على هذا المبدأ زمناً طويلاً.
ومع التطور المتسارع وتنوع الحاجات، لم تكن طريقة الشكل الظاهري مجدية في كثير من الأحوال، فظهرت طريقة بصمات الأصابع التي مثلت ثورة علمية وفيصلاً في كثير من القضايا الجنائية وتحديد الهوية، إلا أنها واجهت بعض التحديات، ودفعت العلماء إلى البحث عن طرق أخرى. وهكذا وصلوا إلى الحمض النووي، هذا الوسيلة التي تفرّد كل شخص ببصمة وراثية مميزة، ولا تطابق فيها حتى بين التوائم المتماثلة. فأصبحت سبيلاً إلى رد المظالم واستعادة الحقوق، كما أن بيانات الحمض النووي هي البيانات الجوهرية بالمطلق، وتحمل معاني شتى ومعلومات يمكن استخدامها في نواحٍ متعدِّدة في المجتمع أياً كان مصدرها أو الغرض الأساسي من استخدامها.
وفي موضوع القوة الاجتماعية للحمض النووي، ذكر الكتاب أن للحمض النووي قدرة استيعابية حين تتحد عناصره الأساسية الأربعة: الأدنين والسايتوسين والجوانين والثايمين، إذ حين تتحد تلك العناصر مرة أخرى كي تخلق مادة حيوية، فإنها تصبح قادرة على أن تدون وتحفظ تصوراتنا الثقافية. وذكر أن كتاب “غموض الحمض النووي” يبين استناداً إلى تحليل لأدلة علمية متداولة كيف أن عناصر الثقافة المعاصرة تحمل رسالة مفادها أن أعظم مصدر للقوة والمعرفة يكمن في “جيناتنا”. وأن الحمض النووي رمزٌ مطواع على نحوٍ مدهش، ومشحون – فيما يبدو- بقوى توصل إلى الحقيقة.
وعن الحياة الاجتماعية للحمض النووي، تحدث الكتاب عن ذكرى فك شفرة “المسودة للأولى” من الجينوم البشري، وعن الفوائد الصحية الملموسة الناتجة عن مشروع الجينوم البشري التي قد تكون محيرة، إلا أن أثرها واضح وأوسع.
واستشهد الكتاب بأهمية الحمض النووي في قضايا التسوية الاجتماعية التي تستعين بعلم الوراثة، حيث يُستخدم ليُسهم في ترابط المجتمع والعقل الجماعي والتحول الاجتماعي. وأورد أنه تتم الاستعانة بالحمض النووي في مشروعات تسعى في تأليف أحزاب كانت يوماً ما مجتمعة أو متفرقة، وللكشف عن معلومات تاريخية أو معلومات متعلقة بسيرة مفقودة لحياة شخص ما.

تحويل المستقبل: التوقع في القرن الواحد والعشرين
إعداد: منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونيسكو
تحرير: ريل ميلر
المترجم والناشر: منتدى أسبار الدولي، 2018م

صدر هذا الكتاب عن منتدى أسبار الدولي باللغة العربية، نتيجة تعاون مع منظمة اليونيسكو كجزء من مبادراتهما لإيجاد طرق مبتكرة لفهم العالم والطريقة التي يتغير بها. وهي دعوة للتفكير في سببية وكيفية “استخدام المستقبل” لخير العالم وبني البشر، وأن تغيير طريقة استخدام المستقبل يحمل وعداً بتغيير المستقبل. وهو يأتي تتويجاً لجهود حثيثة بُذلت خلال خمس سنوات من البحث العملي؛ وعمل على ذلك أكثر من 40 من معامل قراءة المستقبلات (FLL) في أكثر من 20 دولة. ووصل البحث إلى دليل يرقى إلى إثبات أن الناس حول العالم “يستخدمون المستقبل” لأسباب متعدِّدة وبطرق مختلفة. ويكمن جذر “الافتراضات التوقعية” (الأطر المستخدمة لتخيّل المستقبل) -كما سمَّاها الكتاب- عند الناس، في تاريخهم وتقاليدهم ووضعهم القائم.
يتناول هذا الكتاب نتائج البحوث المهمة التي أجرتها اليونيسكو مع عدد من الشركاء من أجل كشف وتعريف نظرية التوقع وممارساته في جميع أنحاء العالم اليوم؛ مستخدماً مفهوم “قراءة المستقبلات” كأداة لتحديد الفهم العام لنُظم وعمليات التوقع – المعروفة أيضاً تحت مسمّى نهج التوقع. وهو موضع اهتمام كبير للباحثين والدارسين وصنّاع السياسات والطلاب، بالإضافة إلى الناشطين الذين يعملون في قضايا الاستدامة والابتكار والدراسات المستقبليـة ودراسات التوقع.
ويعرض الفصل الأول من الكتاب الإطار العام لقراءة المستقبلات كطريقة لفهمها على كلٍّ من نظرية النظم التوقعية والرؤى الواسعة التي جاءت نتيجة التجارب العملية في التفكير حول المستقبل، والتي تمَّت تغطيتها في الفصلين الرابع والخامس.
كما يقدّم الإطار العام لقراءة المستقبلات منهجاً تحليلياً واضحاً لتحديد ما يستطيع الشخص الملمّ بقراءة المستقبلات القيام به. ويقوم هذا الإطار على توفير خريطة وصفية للخصائص الوجودية والمعرفية للأنشطة التوقعية كافتراضات توقعية محدَّدة. وتُعدُّ الافتراضات التوقعية أهم مكوَّن أساسي للأنشطة التوقعية: فهذه الافتراضات ضرورية لجميع “استخدامات المستقبل”، حيث إنه لا يمكن “للتخيّل” أن يعمل إلا على أساس الافتراضات الأساسية. ويقدِّم الكتاب بشكل مجمل تفاصيل حول قراءة المستقبلات في جميع أنحاء العالم، ويفتح مجالاً جديداً للابتكار باستكشاف سبل تعايش الإنسانية الأفضل مع عدم اليقين والإبداع لعالم متطوِّر ومعقّد. فالخطوة الأولى لتحقيق عالم أفضل يستفيد منه الغالبية من البشر هي تحسين أداء قراءة المستقبلات والجندرية، والوعي بكيفية ممارستنا لها.


كتب من العالم

المبعوث
The Emissary by Yoko Tawada (Author), Margaret Mitsutani (Translator)
تأليف: يوكو تاوادا
ترجمة: مارغريت ميتسوتاني
الناشر: 2018 ,New Directions

في كتابها هذا، تصف الكاتبة يوكو تاوادا اليابان المُدمرة بعد كارثة غير محدَّدة، ولكنها تشبه إلى حد كبير كارثة فوكوشيما النووية التي حصلت في عام 2011م. ونتيجة لهذه الكارثة، أصبحت الأرض ملوَّثة، وبات الغذاء لا ينمو إلا في مناطق معيَّنة، وندر وجود الحيوانات إلى درجة أن كثيراً من الأطفال لم يروا أياً منها في حياتهم. ولحماية نفسها من هذه الكارثة، تتبنى اليابان سياسة انعزالية فتنأى بنفسها عن بقية العالم. وفيها يصبح الأطفال ضعفاء إلى درجة أنهم لا يستطيعون الوقوف أو المشي على الإطلاق، والأشخاص الوحيدون القادرون على التحرك هم المسنون. وهكذا كان الطفل مومي بطل الرواية يعيش مع جده يوشيرو، الذي كان يقلق عليه باستمرار، وكان الاثنان يمارسان روتيناً يومياً من عناية يوشيرو بحفيده والإشراف على تغذيته وتعليمه، في ما يشبه حياة جميع الأطفال الآخرين الذين ولدوا في مرحلة ما بعد الكارثة، ويبدون مسنين بشعرهم الرمادي. ولكنهم كانوا، رغم ضعفهم، متعاطفين وحكماء بشكل لا يصدق. وقد يكون مومي عاجزاً وصغيراً، لكنه كان منارة أمل مليئة بالذكاء بعيداً عن الشفقة على الذات وعن التشاؤم. كما كان يمثل بالنسبة لجده يوشيرو “جمال الوقت الذي سيأتي”.
وبمثل هذه الروحية التي كانت تسيطر على الرواية، ومع كل هذا التحدي الذي كانت تصوره الكاتبة تاوادا لقلب “اللعنة” التي أصابت بلادها، تبقى أجواء هذه الرواية مضيئة، ويطغى عليها الأمل بمستقبل أفضل رغم كل الصعاب.

العلاج الجميل: تسخير دفاعات الجسم الطبيعية
‏The Beautiful Cure: Harnessing Your Body’s Natural Defences

by Daniel M Davis
تأليف: دانييل م. ديفيس
الناشر: 2018 ,Bodley Head

معلوم أن جهاز المناعة يحمل مفتاح صحة الإنسان. وفي كتابه”العلاج الجميل”، يصف البروفيسور دانييل ديفيس، الذي يُعدُّ من الروَّاد الباحثين في علم المناعة، الدراسات العلمية الجارية لفهم كيفية عمل جهاز المناعة، وكيف يتأثر بالإجهاد، وكمية النوم، والعمر والحالة الذهنية. ويفسر كيف أن هذه المعرفـة الدقيقـة بعمـل جهاز المناعة تطلق الآن نهجاً ثورياً جديداً في عالم الطب وتحقيق الرفاه.
فقدرة الجسم على محاربة المرض وشفاء نفسه بنفسه هي واحد من الألغاز. ولكن في غضون السنوات القليلة الماضية، أدى البحث المضني إلى تقدُّم كبير في فهمنا للعالم الداخلي المذهل، حيث تم التعرف إلى شبكة واسعة ومعقَّدة من الخلايا المتخصصة والبروتينات التنظيمية والجينات التي تحمي أجسامنا باستمرار. وهي أقوى من أي دواء تم اختراعه على الإطلاق، كما أنها تلعب دوراً حاسماً في حياتنا اليومية.
يقول ديفيس إننا توصلنا بالفعل إلى طرق لتسخير هذه الشبكة من الدفاعات الطبيعية من أجل إنتاج أدوية مذهلة، وما يسمى بالعلاجات المناعية التي تساعدنا على محاربة السرطان والسكري والتهاب المفاصل وعديد من الأمراض المرتبطة بالعمر، وقد بدأنا نفهم ما إذا كانت الأنشطة مثل التركيز الذهني الكامل قد تلعب دوراً في تعزيز المرونة البدنية لدينا.
وأخيراً يحدِّد هذا الكتاب الألغاز التي تم حلها في ما يتعلق بجهاز المناعة والألغاز التي بقيت غامضة، ويحدثنا عن الأشخاص الذين ضحوا وثابروا للتوصل إلى هذا الفهم الجديد لجسم الإنسان وما يلزمه ليكون بصحة جيدة.

البيئة: تاريخ الفكرة
‏The Environment: A History of the Idea

by Paul Warde, Libby Robin, Sverker Sörlin
تأليف: بول وارد، ليبي روبن، وسفيركر سورلين
الناشر: 2018 ,JHU Press

هل يمكن للاقتصاد أن ينمو من دون تدمير البيئة؟ وهل ستؤدي أساليب حياتنا الحديثة إلى إفقار هذا الكوكب وجعله غير صالح لعيش أطفالنا وأحفادنا؟ قبل قرن من الزمن، لم تكن هذه الأسئلة منطقية، ولكن ذلك لا يعود إلى أن أسلافنا لم يكن لهم أي تأثير على الطبيعة. وإنما ما كان غائباً عنهم هو فكرة الترابط والعواقب التي يتكون منها العالم الطبيعي. فمن دون هذه الفكرة، لم يكن لدى من سبقنا إلى العيش على هذا الكوكب طريقة لوصف نطاق الأثر البشري على الطبيعة. وهذه الفكرة كانت “البيئة”.
في هذا الكتاب، قام كل من المؤلفين بول وارد، ليبي روبن، وسفيركر سورلين بتتبع ظهور مفهوم البيئة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وهي الفترة التي كانت تتميز بالأمل في إيجاد نظام عالمي جديد والخوف من قدرة البشر على تدمير البيئة من حولهم. فظهرت فيها فكرة جديدة وسرد جديد للتأثير الواسع لسلوك الناس على كوكب الأرض، وارتبطت هذه الفكرة بمخاوف جدية على المستقبل. ومع كل ذلك، أصبح لدينا مفردات جديدة للحديث عن كيفية تغيير الطبيعة، مثل: استهلاك الموارد والطاقة والتنوُّع البيولوجي والتلوث وتغير المناخ.
يقول المؤلفون إن ظهور فكرة “البيئة” فرضت وجود خبرات جديدة، وجعلت أنواعاً معيّنة من المعرفة ضرورية لفهم مستقبل كوكبنا. باختصار، يروي هذا الكتاب تاريخ كيف تصور بها العالم وأدار أزماته البيئية، وكل المخاوف والتهديدات التي تواجه البيئة في العالم.

الفندق:المساحة المشغولة
‏The Hotel: Occupied Space

by Robert A. Davidson
تأليف: روبرت أ. ديفدسون
الناشر: 2018 ,UoT Press

يستكشف هذا الكتاب الفندق كرمز ومساحة من خلال مفهوم “الإشغال”. ومن خلال عرض للطرق المختلفة التي يتجلى بها الفندق في الفن والتصوير الفوتوغرافي والسينمائي، ويتضمَّن نقداً لهذه المساحة الحضرية المألوفة والمبهمة في آن.
فبوصفه موقعاً للإشغال، لطالما وفر الفندق إلهاماً إبداعياً متواصلاً للفنانين من الرسامين، من مونيه إلى هوبر، ولصانعي الأفلام مثل ألفرد هيتشكوك وصوفيا كوبولا. وفي حين أن الأهمية الرمزية الغنية للفندق تؤدي إلى إثراء الفنون البصرية والسينمائية بشكل خاص، إلا أن الأغراض المتنوِّعة للفندق باتت تشكِّل أرضية واسعة للنقاش في العصر الحديث، لكونه محوراً في هذا العالم المتعدِّد الجنسيات الذي نعيش فيه، إضافة إلى استخداماته التاريخية والسياسية، بما في ذلك الدور المهم الذي لعبه في زمن الحروب، ومؤخراً كمكان إقامة للنازحين الذين يبحثون عن ملاذ آمن.
باختصار، يسلِّط الكتاب الضوء على الطرق المتنوِّعة التي يعمل بها الفندق كمبنى، حيث يقول ديفدسون إن الفندق عبارة عن مساحة عصرية أساسية وهيكل قابل للتكيـف دائماً، ويعتمد ذلك على الظروف التي يظهر فيها ويلعب دوره فيها.

السحلية
‏Das Eidechsenkind by Vincenzo Todisco
تأليف: فينسينزو توديسكو
الناشر: 2018 ,Rotpunktverlag

تدور أحداث هذه الرواية الخيالية في مبنى سكني في ستينيات القرن الماضي، وتُروى من منظور الطفل لوسرتولا البالغ من العمر تسع سنوات.
كان لوسرتولا يعيش مع والديه الإيطاليين اللذين كانا لاجئين بطريقة غير شرعية في بلد غريب، يكدحان باستمرار لجمع ما يكفي من المال لبناء منزل خاص بهما. وبينما كان الوالد يذهب للعمل في أعمال البناء كل صباح، وتنطلق الوالدة للعمل اليومي في أحد المصانع، كان على لوسرتولا أن يبقى مختبئاً داخل المنزل لكيلا يعلم أحد بوجوده. ومن خلف النافذة كان يراقب الأطفال في الخارج وهم يلعبون ويطاردون الدبابير، بينما كان عليه أن يبقى متوارياً عن الأنظار بسبب وضع عائلته غير القانوني. وكان كلما سمع أصواتاً غريبة يختبىء في أمكنة سرية ابتكرها هو داخل شقته المتواضعة. ومن ثم راح يغامر في الاختباء عن الأشخاص الغرباء داخل المبنى الذي كان يعيش فيه. وفي نهاية المطاف، أدى ضغط الإخفاء والوحدة والعزلة إلى تعرضه لصدمة نفسية، فطور نوعاً من الشخصية الغريبة المعروفة بـ “الطفل السحلية”.
تستكشف هذه الرواية موضوعات الحنين إلى الوطن والطفولة المعذبة ومحنة العمال المهاجرين. والكتاب مليء بالأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها، وشخصيات تعاني كثيراً من دون أن تجد الحل لمعاناتها. ومع ذلك، فإن هذه القصة الحزينة والغامضة تبقى في الذاكرة لوقت طويل.


مقارنة بين كتابين
سُحُب التكنولوجيا المظلمة

العصر المظلم الجديد: التكنولوجيا ونهاية المستقبل
تأليف: جيمس بريدل
الناشر: 2018 ,Verso
New Dark Age: Technology and the End of the Future
by James Bridle





عشر حجج لحذف حسابات وسائل في التواصل الاجتماعي الآن
تأليف: جارون لانيير الناشر: 2018 ,.Henry Holt and Co
Ten Arguments for Deleting Your Social Media Accounts Right Now
by Jaron Lanier

هل أدخلتنا التكنولوجيا الحديثة في العصور المظلمة؟ ما هي مخاطر وسائل التواصل الاجتماعية؟ هل علينا مواجهة هذه التكنولوجيا الحديثة من خلال التفكير في الحاضر وتحرير المستقبل من الخوارزميات التي تتحكم بكل مفاصل حياتنا؟
في محاولة للاجابة عن مثل هذه الأسئلة، صدر كتابان حديثان: واحد بعنوان “العصر المظلم الجديد” للفنَّان والكاتب الرائد جيمس بريدل، وآخر بعنوان “عشر حجج لحذف حسابات وسائل في التواصل الاجتماعي الآن” من تأليف جارون لانيير المتخصص في علم الكمبيوتر والكاتب في فلسفة الكمبيوتر.
يقول بريدل إن لدينا الآن مزيداً من الحقائق والبيانات أكثر من أي وقت مضى، ومع ذلك يبدو العالم من حولنا غامضاً بطريقة متزايدة. وذلك لأننا سلّمنا بشكل جماعي لفكرة أن كل المشكلات يمكن حلها بمزيد من البيانات ومزيد من الحسابات. وهكذا أدى التعقيد التكنولوجي، الذي غالباً ما يتحدى الفهم البشري، إلى أزمات مترابطة في كل مجال من المجالات الحياتية المختلفة. ومع ذلك، لطالما يُطلب من الجماهير أن تثق بشكل أعمى في أن الأسواق المالية القائمة على الخوارزميات سوف تقوم بتنظيم نفسها بنفسها، وأن أنظمة جمع المعلومات الآلية لن تقوض خصوصية المستخدمين، وأن شبكات توزيع الأخبار التي تعتمد على الروبوت لن تفسد الخطاب العام، وأن النظام البيئي العالمي غير المتوازن سوف يقوم من خلال مزيد من التدخل التكنولوجي بتعديل نفسه بنفسه. ولكن الواقع يقول إننا ضائعون في بحر من المعلومات والروايات التبسيطية والسياسات غير الواقعية، وإننا لم نعد نفهم كيف يُحكم عالمنا.
وبينما يتحدَّث بريدل عن التكنولوجيا الحديثة بمجملها، يركِّز لانيير في كتابه على جانب واحد منها، وهي وسائل التواصل الاجتماعية، فيقول إنه على الرغم من أن معظم الأشخاص اليوم يجدون صعوبة في تخيل الحياة من دون حسابات وسائل الإعلام الاجتماعية الخاصة بهم، لكنهم سيكونون أفضل حالاً من دونها.
ويقدِّم لانيير، الذي لا يملك أي حساب على أي من وسائل التواصل الاجتماعي، أسباباً قوية وشخصية لترك هذه المنصات الخطيرة على الإنترنت.
تشمل أسباب لانيير لتحرير أنفسنا من قبضة وسائل الإعلام الاجتماعية “السامة”، كما يصفها، أنها تظهر الأسوأ فينا وتؤدي إلى خداعنا بأوهام الشعبية والنجاح، وتطوّع علاقتنا مع الحقيقة، وتفصلنا عن الآخرين في الوقت الذي نعتقد فيه أننا أكثر تواصلاً معهم من أي وقت مضى، بالإضافة إلى أنها تحرمنا من إرادتنا الحرة مع الإعلانات المستمرة عليها التي تستهدفنا.
ويتساءل لانيير: كيف يمكننا أن نبقى مستقلين في عالم نتعرَّض فيه لمراقبة مستمرة ويتم حثنا باستمرار، من خلال الخوارزميات التي تديرها بعض أثرى الشركات في التاريخ على شراء مختلف الأشياء؟ كيف نسمح لتلك الشركات في التلاعب بسلوكنا؟ ولعل الأخطر في ما يقوله لانيير، هو أن كل هذه التطبيقات في وسائل التواصل الاجتماعي قد صممت لتكون إدمانية بشكل متعمد – وتطور باستمرار – لاستغلال ضعفنا. ففيها، حسب لانيير، لا شيء يحدث عن طريق الصدفة، ومعها نكون بمثابة دمى ترقص في نهايات خيوطها، مدفوعة للفعل وردة الفعل من أبسط الحيل النفسية المعتمدة المرسومة عن طريق الخوارزميات الرقمية الماكرة والمتطورة باستمرار.
ولكن وعلى الرغم من كل ذلك، لا يزال لانيير متفائلاً بالتكنولوجيا الحديثة. فبموازاة عرض سلبيات وسائل التواصل الاجتماعية اليوم، يتصور وضعاً إنسانياً مستقبلياً أفضل للتواصل الاجتماعي الذي يمكن أن يوجهنا نحو أسلوب حياة أفضل. وكذلك كان بريدل الذي حدّد قلقه في تمجيد التقدّم التكنولوجي من قبل التيار الثقافي والفني المعاصر، إلا أنه اصر على أن المطلوب ليس رفض البيانات والحسابات الرقمية بالمجمل، ولكن النظر إلى سحب التكنولوجيا المظلمة وتنظيمها في روايات مقنعة ومقروءة بشكل أفضل.


مقالات ذات صلة

حينما وصل إلى علمي توقف مجلة “القافلة”، استشعرت أن لبنة ثقافية انهارت. فهذه المجلة أحد الأسس التي دلتني أو دفعتني إلى غواية الكتابة، كما فعلت بالكثيرين.

ثَمَّة في تاريخ الأوطان والدول والمجتمعات، محطات لا يمكن تجاوزها أو المرور عليها دون التوقف عندها والاستلهام من أمجادها والامتنان لرجالاتها الذين صنعوها. إن استحضار واستذكار أحداث تاريخية لها قيمتها وطنياً، هو من الأمور المطلوبة والمحفِّزة لمزيد من الاعتزاز والفخر والانتماء لدولة تأصل تاريخها لقرون، دولة امتدت جذورها وبُنيت قواعدها على أساس راسخ من الإيمان […]

بات تطوير سوق العمل وتغيير معادلاته أمراً حتميّاً يتعيّن دعمه من كافة صانعي القرار، وقد كشف تقرير دولي للوظائف عن أن هناك ثماني مهن تُدرِّب عليها كليات ومعاهد تقنية دون الجامعية في السعودية، دخلت في ترتيب الوظائف الأعلى دخلاً.. فما مستقبل التخصصات التقنية والمهنية في المملكة؟ وهل هناك تلبية لحاجة السوق المحلية إليها؟ وماذا عن […]


0 تعليقات على “كتب”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *