مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
سبتمبر - أكتوبر | 2018

نقاش مفتوح

مسارات الترجمة في الوطن العربي

على الرغم من كثرة الحديث عن أحوال الترجمة في البلاد العربية، فإنه يكاد يقتصر على الأرقام المتعلقة بحجمها مقارنة بحركتها في بعض البلدان الأخرى، ويُغفل بشكل شبه تام طبيعة هذا العمل ومساراته المختلفة في نقل الأعمال الأدبية والعلمية إلى اللغة العربية ومنها.


قراءة >
بداية كلام

العودة إلى المدارس..

اختلفت الطقوس عمّا كنا نتذكره سابقاً أفنان باويان – كاتبة سيناريو ومساعدة مخرج العودة للمدارس احتفالية وفعاليات يقوم بها الآباء والأمهات بمشاركة أبنائهم من شراء مستلزمات مدرسية وحقائب وغيرها، حتى يتهيأ الأبناء نفسياً ويستعدُّون للعام الدراسي الجديد بروح التفاؤل، وذلك حتى ترتبط التجهيزات والترتيبات في أذهانهم بأنها أمور تبعث السعادة في أنفسهم، ولكن مع مستجدات […]


قراءة >
كتب

كتب

كتب عربية أنغام فلكلورية مصرية تأليف: د. تيمور أحمد يوسف الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة، 2017م يهتم هذا الكتاب بدراسة الموسيقى الشعبية بوصفها مجالاً مهماً من مجالات البحث العلمي في الفنون. فالموسيقى الشعبية هي حصيلة ما تراكم من صيغ الألحان عند الشعوب، وتُعد الأغنية الشعبية من أهم تلك الصيغ بسبب كثرة مناسباتها وأنواعها التي تطوّرت […]


قراءة >
قول في مقال

الورقة والقلم

الهواتف الذكية وأجهزة التخزين الشبكية والاتصالات عبر الإنترنت والرسائل النصية والبريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي وحتى الطائرات من دون طيّار.. كلها من عناصر قطاع التكنولوجيا العالية. ومع ذلك، عندما يجتمع القلم مع الورقة يمكنهما تحدي كل هذه الاختراعات الجبارة. ففي عام 1839م كتب الروائي والسياسي البريطاني إدوارد بولوير-ليتون أن “القلم أقوى من السيف” وإليه يمكننا أن نضيف اليوم إنه أقوى من كل منتجات هذا التقدم التكنولوجي الهائل.
فالقلم والورقة يشكّلان وسيطاً بسيطاً، حيث لا يوجد مفاتيح ولا نقر على لوحة المفاتيح ولا أزرار حذف أو حذف للخلف، ولا تدقيق إملائي ولا تخزين ولا خلافه. وعندما ينزلق القلم على الورقة كأداة الكتابة النهائية، تنطلق الأفكار وتتحرَّر العقول وتبرز احتمالات جديدة لا متناهية، فالورقة البيضاء المجرَّدة الفارغة هي دعوة مثيرة لمشاركة عمل فني أو توصيل قصة ذات معنى أو التعبير عن الأفكار والأحاسيس الدفينة. ومع عملية الكتابة على الورقة يتم تجاوز الكلمات، وتلتقط الحروف معاني أخرى وتنحرف في اتجاهات مختلفة،  تشطب جمل وتبدأ أخرى وتُسجَّل الملاحظات على الهوامش وتُرسم الخربشات في انتظار تجلي الأفكار في رحلة تسجل فيها الورقة مسار الكتابة بكل خطواتها، وترسم تسلسل الأفكار بكل حذافيره.
وكل ذلك يعطي الكتابة بالقلم والورقة كثيراً من الروح وكثيرآَ من الحميمية التي تختلف بها عن الكتابة بوسائل التكنولوجيا الأخرى، كما أكد ذلك طبيب النفس الفرنسي رولاند جوفنت بقوله: “مع خط اليد نقترب من حميمية المؤلِّف” مضيفاً أنه “قد يكون هذا هو السبب في أننا نتفاعل بقوة أكبر مع أية مخطوطة مكتوبة بخط اليد من العمل نفسه الذي تمت طباعتـه في كتاب”. ولا شك في أن يدَي كل شخص تختلفان عن الآخر، وتكون كل إيماءة من إيماءاتها مشحونة بالعواطــف، مما يمنح الحروف المكتوبة سحراً خاصاً ويجعلها تعبيراً صارخاً عن الشخصية. وهناك تأكيد واضح على ذلك من قبل المؤرخ فيليب أرتيير الذي أشار مرات عدة في مؤلفاته إلى أن الأطباء والمحلّفين في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وجدوا علامات مؤكدة على الانحراف الظاهر في شخصيات المجانين والجانحين عن طريق فحص الطريقة التي شكلوا بها رسائلهم.
قد يكون مارتي سكلار وهو أحد المديرين في شركة ديزني العالمية، من أبرز من عبّر عن أهمية الورقة الفارغة عندما قال: “هناك طريقتان يمكنك النظر فيهما إلى الورقة الفارغة. يمكنها أن تكون أكثر شيء مخيف في الدنيا، لأنك يجب أن تضع العلامة الأولى عليها، أو يمكنها أن تعطيك أكبر فرصة في حياتك، لأنها تتيح لك إمكانية وضع اللمسة الأولى عليها. معها يمكنك أن تترك خيالك يذهب في أي اتجاه ليرسم عوالم جديدة كاملة”. وقد أطلق سكلار هذه المقولة بعد أن بدأت حياته المهنية، حرفياً، مع ورقة بيضاء فارغة، وذلك عندما ذهب لمقابلة والت ديزني في محاولة منه للحصول على عمل، فأعطاه الأخير ورقة بيضاء وطلب منه أن يعبِّر عن أفكاره عليها بأي طريقة أرادها. وعندها أطلق سكلار العنان لمخيلته وراح يصور رسومات لاقت إعجاب ديزني وتناغمت مع طموحات الشركة وتطلعاتها. ومنذ ذلك الحين أصبح مارتي محرراً ومؤلفاً في الشركة لأكثر من خمسين سنة. وأصبحت تعليقات سكلار حول الورقة الفارغة من الأقوال الشائعة.
ولكن الآن، وأمام هذا التقدم التكنولوجي بات يقال إن الشاشة أخذت مكان الورقة وأن الإصبع احتل مكان القلم. فالشاشة يمكنها أن تخزن المعلومات بشكل أفضل ولا يمكنها أن تضيع أو يصيبها الاهتراء كما يحدث لقطعة الورق، كما أن الإصبع لا يمكنه أن يفرغ من الحبر وهو متوفر دائماً ومجاناً. ولكن، وعلى الرغم من كل ذلك، إذا ما عدنا إلى الماضي البعيد نجد أنه منذ اختراع الكتابة لأول مرة في بلاد ما بين النهرين قبل الميلاد بنحو 4000 سنة، خضعت لكثير من التغييرات التقنية المتلاحقة. فتحوَّلت الأدوات والوسائل المستخدمة في الكتابة مرات عديدة: من الألواح السومرية إلى الأبجدية الفينيقية في الألفية الأولى قبل الميلاد؛ ومن اختراع الورق في الصين بعد حوالي 1000 سنة إلى ظهور المجلد الأول كمجموعة من الأوراق المكتوبة بخط اليد مجمعة ومربوطة بخيط على شكل كتاب؛ ومن اختراع الطباعة في القرن الخامس عشر إلى ظهور قلم الحبر الجاف في أربعينيات القرن العشرين. ومع ذلك كله بقي القلم وعاشت الورقة وبقيت الكتابة بخط اليد مع كل خصوصيتها وبساطتها كأبرز تعبير عن صوت الروح الذي سيتحدَّى الزمن.

الهواتف الذكية وأجهزة التخزين الشبكية والاتصالات عبر الإنترنت والرسائل النصية والبريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي وحتى الطائرات من دون طيّار.. كلها من عناصر قطاع التكنولوجيا العالية. ومع ذلك، عندما يجتمع القلم مع الورقة يمكنهما تحدي كل هذه الاختراعات الجبارة. ففي عام 1839م كتب الروائي والسياسي البريطاني إدوارد بولوير-ليتون أن “القلم أقوى من السيف” وإليه يمكننا أن نضيف اليوم إنه أقوى من كل منتجات هذا التقدم التكنولوجي الهائل.
فالقلم والورقة يشكّلان وسيطاً بسيطاً، حيث لا يوجد مفاتيح ولا نقر على لوحة المفاتيح ولا أزرار حذف أو حذف للخلف، ولا تدقيق إملائي ولا تخزين ولا خلافه. وعندما ينزلق القلم على الورقة كأداة الكتابة النهائية، تنطلق الأفكار وتتحرَّر العقول وتبرز احتمالات جديدة لا متناهية، فالورقة البيضاء المجرَّدة الفارغة هي دعوة مثيرة لمشاركة عمل فني أو توصيل قصة ذات معنى أو التعبير عن الأفكار والأحاسيس الدفينة. ومع عملية الكتابة على الورقة يتم تجاوز الكلمات، وتلتقط الحروف معاني أخرى وتنحرف في اتجاهات مختلفة،  تشطب جمل وتبدأ أخرى وتُسجَّل الملاحظات على الهوامش وتُرسم الخربشات في انتظار تجلي الأفكار في رحلة تسجل فيها الورقة مسار الكتابة بكل خطواتها، وترسم تسلسل الأفكار بكل حذافيره.
وكل ذلك يعطي الكتابة بالقلم والورقة كثيراً من الروح وكثيرآَ من الحميمية التي تختلف بها عن الكتابة بوسائل التكنولوجيا الأخرى، كما أكد ذلك طبيب النفس الفرنسي رولاند جوفنت بقوله: “مع خط اليد نقترب من حميمية المؤلِّف” مضيفاً أنه “قد يكون هذا هو السبب في أننا نتفاعل بقوة أكبر مع أية مخطوطة مكتوبة بخط اليد من العمل نفسه الذي تمت طباعتـه في كتاب”. ولا شك في أن يدَي كل شخص تختلفان عن الآخر، وتكون كل إيماءة من إيماءاتها مشحونة بالعواطــف، مما يمنح الحروف المكتوبة سحراً خاصاً ويجعلها تعبيراً صارخاً عن الشخصية. وهناك تأكيد واضح على ذلك من قبل المؤرخ فيليب أرتيير الذي أشار مرات عدة في مؤلفاته إلى أن الأطباء والمحلّفين في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وجدوا علامات مؤكدة على الانحراف الظاهر في شخصيات المجانين والجانحين عن طريق فحص الطريقة التي شكلوا بها رسائلهم.
قد يكون مارتي سكلار وهو أحد المديرين في شركة ديزني العالمية، من أبرز من عبّر عن أهمية الورقة الفارغة عندما قال: “هناك طريقتان يمكنك النظر فيهما إلى الورقة الفارغة. يمكنها أن تكون أكثر شيء مخيف في الدنيا، لأنك يجب أن تضع العلامة الأولى عليها، أو يمكنها أن تعطيك أكبر فرصة في حياتك، لأنها تتيح لك إمكانية وضع اللمسة الأولى عليها. معها يمكنك أن تترك خيالك يذهب في أي اتجاه ليرسم عوالم جديدة كاملة”. وقد أطلق سكلار هذه المقولة بعد أن بدأت حياته المهنية، حرفياً، مع ورقة بيضاء فارغة، وذلك عندما ذهب لمقابلة والت ديزني في محاولة منه للحصول على عمل، فأعطاه الأخير ورقة بيضاء وطلب منه أن يعبِّر عن أفكاره عليها بأي طريقة أرادها. وعندها أطلق سكلار العنان لمخيلته وراح يصور رسومات لاقت إعجاب ديزني وتناغمت مع طموحات الشركة وتطلعاتها. ومنذ ذلك الحين أصبح مارتي محرراً ومؤلفاً في الشركة لأكثر من خمسين سنة. وأصبحت تعليقات سكلار حول الورقة الفارغة من الأقوال الشائعة.
ولكن الآن، وأمام هذا التقدم التكنولوجي بات يقال إن الشاشة أخذت مكان الورقة وأن الإصبع احتل مكان القلم. فالشاشة يمكنها أن تخزن المعلومات بشكل أفضل ولا يمكنها أن تضيع أو يصيبها الاهتراء كما يحدث لقطعة الورق، كما أن الإصبع لا يمكنه أن يفرغ من الحبر وهو متوفر دائماً ومجاناً. ولكن، وعلى الرغم من كل ذلك، إذا ما عدنا إلى الماضي البعيد نجد أنه منذ اختراع الكتابة لأول مرة في بلاد ما بين النهرين قبل الميلاد بنحو 4000 سنة، خضعت لكثير من التغييرات التقنية المتلاحقة. فتحوَّلت الأدوات والوسائل المستخدمة في الكتابة مرات عديدة: من الألواح السومرية إلى الأبجدية الفينيقية في الألفية الأولى قبل الميلاد؛ ومن اختراع الورق في الصين بعد حوالي 1000 سنة إلى ظهور المجلد الأول كمجموعة من الأوراق المكتوبة بخط اليد مجمعة ومربوطة بخيط على شكل كتاب؛ ومن اختراع الطباعة في القرن الخامس عشر إلى ظهور قلم الحبر الجاف في أربعينيات القرن العشرين. ومع ذلك كله بقي القلم وعاشت الورقة وبقيت الكتابة بخط اليد مع كل خصوصيتها وبساطتها كأبرز تعبير عن صوت الروح الذي سيتحدَّى الزمن.


قراءة >