علوم

واقعان: واحد افتراضي وآخر معزّز

ينقلان البشرية إلى عوالم أرحب

ما هو الواقع الافتراضي؟ ألا يمثل ذلك تناقضاً بين ما هو واقع وما هو افتراضي؟ ولماذا يستثمر فيسبوك أكثر من ملياري دولار فيه، في حين لا تبدي شركة أبل اهتماماً به؟ ثم ما هو الواقع المعزّز؟ وما صلة لعبة البوكيمون الشهيرة به؟
المطمئن في الأمر أن البشرية أثبتت أنها قادرة على استيعاب التحولات التقنية الكبرى، وكأنها أمر طبيعي للغاية ومتوقع. فمرحبــاً بكم في عوالم جديدة.

في أكتوبر من العام الماضي، خرج مارك زوكربرج مؤسس فيسبوك على العالم في فيديو يتحدَّث عن تقنية الواقع الافتراضي، التي (يشار إليها اختصاراً باسم في آر VR). والتقى فيه افتراضياً اثنين من شركة “أوكلوس” الرائدة في تقنية الواقع الافتراضي، وهي الشركة التي اشترتها فيسبوك في عام 2014م، بأكثر من ملياري دولار. ويتنقل الجميع إلى أعماق البحار، ومن حولهم أسماك القرش، ثم يمشون على كوكب المريخ، ثم يرجعون إلى مقر الشركة، وبعدها يتوجهون إلى منزل زوكربرج، ليطمئنوا على الكلب، ثم يتحدَّث مع زوجته ويريها كلبهما المستلقي على الأريكة، ويأخذ معها صورة سيلفي تخيلية.. كل ذلك وهو لا يزال واقفاً مكانه على مسرح أمام الجمهور المبهور بهذه التقنية. وانهالت التعليقات المعجبة بالفكرة إلى أقصى درجة، لكن، كانت هناك أيضاً تعليقات منتقدة لها، معربة عن قلقها من ربط عالم فيسبوك بهذه التقنية، وبالتالي الانتقاص من الخصوصية، وظهور مزيد من الإعلانات، لتشق طريقها هذه المرة إلى الواقع الافتراضي أيضاً.

الواقع الافتراضي ينتشر
خلال الشهور الماضية أصبحت هذه النظارات متوفرة في معظم متاجر الإلكترونيات في مختلف دول العالم، يستعملها كثيرون في الألعاب الإلكترونية، ومع أن هذه التسمية (نظارات العالم الافتراضي)، هي الشائعة في اللغة العربية، فإن اسمها بالإنجليزية وهو (Headset) وترجمتها الحرفية جهاز الرأس، هي الأدق في التعبير عن هذا الابتكار، لأنه أكثر بكثير من مجرد نظارة، بل لأنه كمبيوتر صغير، فيه حساسات ومجسات وسماعات وشاشتا عرض صغيرتان، لكل عين شاشة مستقلة بها.
وتنقسم نظارات الواقع الافتراضي إلى نوعين، أحدهما نوع يجب توصيله بالحاسب الآلي وهو الأغلى، ويتراوح سعره بين 400 و800 دولار، وتنتجه شركات مثل أوكلوس، وسوني، وإتش تي سي، والنوع الآخر هو الذي يضع المستخدم هاتفه المحمول داخله، وغالباً ما لا يزيد سعره على 130 دولاراً، وتنتجه شركات مثل سامسونج وجوجل. وتوجــد من النـوع الثاني نظارات يقوم المستخدم بعملها بنفسه من الورق المقوى، ويضع فيها عدستين، تكلفتهما خمسة دولارات.
انتشر في الآونة الأخيرة فيديو لطفل يرتدي نظارة واقع افتراضي، وهو يلقي بنفسه إلى أسفل، ويصطدم وجهه بالأرض، ربما ظن أنه على شاطئ وبوسعه أن يسبح.. وهناك فيديوهات أخرى على موقع “يوتيوب” لشباب وكبار سن، تتملكهم حالة من الرعب، وهم يرتدون النظارة؛ إما لأنهم يشاهدون لعبة خطيرة، أو مناظر مخيفة، مثل هجوم من سمكة قرش، أو سقوط من فوق جبل شاهق، فيقوم المشاهد بحركات غريبة لدفع هذا الخطر، أو لعدم الارتطام بالأرض، عندها يضحك الأشخاص الذين يراقبون هذا الموقف على هذا السلوك. لكن هل هناك ما يثير الضحك، حين يجري خداع حواس من يرتدي هذه النظارة؟ ماذا لو أصيب شخص كبير في السن بسكتة قلبية؟ هل هناك ضمان ألا يصيب طفل نفسه بجرح خطير عند محاولته الهرب من الخطر؟
لقد قام أحد المجانين بضرب رقم قياسي في الاحتفاظ بنظارة الواقع الافتراضي على عينيه، لمدة استمرت 25 ساعة متواصلة، صحيح أنه لم يمت، لكنه أصيب بصداع شديد، وألم في عينيه، علاوة على أنه تقيأ أكثر من مرة. فهل يجب علينا أن نتقبل هذه السلبيات، إذا أردنا الاستفادة من هذه التقنية؟

واقعان أم ثلاثة؟
اعتدنا أن نستخدم مصطلح الواقع مردافاً للحقيقة، وهو ما يبدو متناقضاً مع ما هو افتراضي أو خيالي. لكننا في الوقت الحاضر اعتدنا على تراجع أو حتى زوال الخط الفاصل بين الحقيقة والخيال. فلم نعد ندفع بعملات من الذهب أو الفضة، ولا حتى بأوراق البنكنوت، وانتقل كثيرون من مرحلة الدفع ببطاقات الائتمان البلاستيكية إلى العملة الإلكترونية (بتكوين). وأصبحت هناك برامج بلا روح ولا جسد تجري المقابلات الشخصية مع المتقدمين للوظائف، وتحدد مستقبلهم. لذلك، فإنه من الطبيعي أن يعبِّر الواقع الحقيقي عما يقع في حياتنا وندركه بالحواس، ثم أضيف إليه حالياً ما يقع في العالم الافتراضي، وتساعدنا النظارة على الانتقال من الواقع الحقيقي إلى هناك، إلى الواقع الافتراضي، واسمه بالإنجليزية (Virtual Reality)، ومن هنا يأتي الاختصار بالحرفين (في آر VR).
لكن الأمر لا يقتصر على هذين الواقعين، بل هناك واقع ثالث، يطلق عليه اسم الواقع المعزّز (Augmented Reality)، ويشار إليه اختصاراً بالحرفين (إيه آر AR)، وهناك فارق بين النوعين الأخيرين. فكما يظهر من الاسم، ينطلق الواقع الافتراضي من وجود عالم آخر مفترض، يتطلّب مغادرة الشخص لواقعه الحقيقي، بحيث لا يعود يراه وينفصل عما يحدث حوله، ويحتاج إلى نظارة العالم الافتراضي التي تنقله إلى هناك، وإذا أراد العودة إلى الواقع الحقيقي فعليه خلع هذه النظارة.
أما الواقع المعزّز فلا يتطلب الانتقال إليه مغادرة الواقع الحقيقي، بل يظل الإنسان في عالمه، لكنه يحصل على إضافات لهذا العالم الحقيقي، من صور وبيانات وأشكال، تقدمها له نظارات لا تحجب رؤيــة العالــم الحقيقي بشكل كلي. وإذا حجبته ففيها كاميرات تجعله قادراً على البقاء في عالمه، مع إثراء هذا العالم، من خلال منحـه آفاقاً أوسـع، كما سيتضح في السطور التالية.

الواقع المعزّز
صرَّح تيم كوك وهو الرئيس التنفيذي لشركة “أبل” في إحدى المرات قائلاً: “الواقع الافتراضي له بعض التطبيقات المشوقة، ولكني لا أظن أنها تقنية واسعة الانتشار، مقارنة مع الواقع المعزّز”، ومن الواضح أن شركة أبل ترى أن التركيز على الواقع المعزّز ودعمه أهم بكثير من الاستثمار في الواقع الافتراضي، فلماذا تضيع الجهود على تقنية تعلم أنه يوجد ما هو أفضل منها للمستقبل، حسب تقديراتها.
من جانبه، تحدث بالمر لاكي مؤسس شركة “أوكلوس” عن مدى دعم نظارتهم لنظام “ماك” الخاص بـ”أبل”، قائلاً إن هذا يعود إلى شركة أبل، حيث إن أجهزتها الحالية لا تستطيع تشغيـل منتجات شركته، من حيث قوة وحدات معالجة الرسوميات المعروفة باسم (GPU).
إن كثيراً مما قدمته أفلام الخيال العلمي، أصبح متاحاً من خلال تقنية الواقع المعزز، إذ يمكن الآن رؤية أسماء الأشياء، وتفاصيل عنها بمجرد النظر إليها، كما كان يحدث في فِلم ترمنيتور الشهير. فعند التحرك باتجاه هدف معين، يمكن للشخص أن يرى الأسهم تتحرك أمامه في الشوارع، لتدله على الطريق، من دون الحاجة إلى النظر إلى شاشة إضافية. عندها يصبح بوسع الشخص أن يستفيد من هذه المعلومات الإضافية وهو يسير على قدميه أو يقود سيارة أو درَّاجة، وحتى عند النظر في شاشة، فإنها تقدم له إلى جانب المعلومات الإضافية، أيضاً ما يحدث أمامه مباشرة، فيرى من خلالها الشخص القادم في اتجاهه.
إن تقنية الواقع المعزز قادرة على إحداث ثورة في التعليم، بأساليب وأفكار غير محدودة، إذ توفر كتباً ينظر فيها الطالب، فيرى صوراً تتحرك، وتقدِّم له معلومات هائلة، تماماً مثل الكتب التي شاهدناها في أفلام هاري بوتر. وفي المعامل، يشاهد الطلاب التجارب العلمية العملاقة، التي تحتاج إلى قاعات ضخمة، فتتيح هذه التقنية للطلاب رؤيتها أمامهم، وكأنها حقيقية، كذلك في دراسة الطب يرى الطلاب الجسد البشري أمامهم بحجمه الطبيعي، والعظام والتشريح، كذلك فإن زوار المتاحف ينظرون إلى التماثيل واللوحات، فتتحدث إليهم، وتخبرهم بكل ما يريدونه من معلومات، وتعود بهم إلى أزمانها، وتحكي لهم البطولات والصراعات التي دارت من قبل.
كما يجري استخدام التقنية في مجال الإعلان، فشركة” سبونر” مثلاً، تصنع لوحات إعلانية رقمية تتبدل حسب المتفرج. وعند مشاهدة مباراة كرة قدم دولية، فإن المتفرجين في آسيا، يرون إعلانات مختلفة عما يراه غيرهم في أمريكا على اللوحات الإعلانية للملعب، وفي الوقت نفسه، يشاهد الجميع المباراة نفسها واللاعبين أنفسهم، لكن كل مشاهد يرى دعاية للمنتجات المتوفرة في بلاده، وبلغته وبما يتناسب مع ثقافته، ويتم ذلك كله بالتنسيق مع الشركات المسؤولة عن الأقمار الصناعية، التي تتولى بث هذه المباريات إلى القارات المختلفة.

ألعاب وشركات في عالم الواقع المعزّز
عندما انتشرت لعبة “البوكيمون جو” على المحمول، لاحظ كل من استخدمها وجود زر يسمى إيه آر (AR)، وعند الضغط عليه يقوم بفتح الكاميرا، ويرى المستخدم من خلالها حيوان البوكيمون، الذي يريد اصطياده وهو يتقافز على الشاشة، وكأنه موجود في الحقيقة، فإذا جلس المستخدم على مائدة طعام، رآه يقفز على الأطباق، وإذا مشى المستخدم في الشـارع رآه أمامه، وكان ذلك مثالاً مبسطاً للواقع المعزّز. وبرهن الانتشار الهائل لهذه اللعبة على نجاح هذه التقنية التي اعتمدت على حب الشباب لهذا المسلسل الكرتوني منذ عشر سنوات، علاوة على المزج بين الواقع الحقيقي والواقع المعزّز.

وفي إطار الحديث عن الألعاب، تجدر الإشارة إلى قيام شركة مايكروسوفت بدفع مبلغ 2,5 مليار دولار لشراء لعبة “ماين كرافت” الشهيرة. أما السبب في ذلك، فهو رغبتها في دمجها مع تقنية الواقع المعزّز، لأن مايكروسوفت تقوم بتطوير نظارة اسمها “هولولينس”، وتبشر الشركة عملاءها بأن الخيال العلمي سيصبح بفضل هذه النظارة حقيقة. ولذلك وضعت العنوان الدعائي التالي: (الواقع المختلط – مزج الهولوجرام مع العالم الحقيقي).
وعلى الرغم من أن النظارة لا تزال في المرحلة التجريبية، وسعرها يناهز الثلاثة آلاف دولار، فإن ما يبرِّر ذلك السعر المرتفع هو أنها أقرب ما تكون إلى الكمبيوتر الكامل، ففيها نظام تشغيل “ويندوز “10، ولا تحتاج للتوصيل بتليفون أو كمبيوتر، وتبين الفيديوهات المبدئية عنها تفوقها على نظيراتها المتوفرة في الأسواق، حيث يستطيع المستخدم أن يرى الملفات المكتبية كالوورد والأكسل أمامه، وأن يتحكم بها، علاوة على أن بوسعه أن يتحدّث مع غيره عبر الفيديو وهو يتحرك، ويظهر من يتحدّث معه، في شاشة بالحجم الذي يرغب المستخدم فيه أمامه أو بجانبه. كما يستطيع أن يشاهد فِلماً كاملاً على مساحة بحجم حائط الغرفة، التي هو فيها من دون الحاجة إلى شراء شاشة كبيرة ومكلفة، ويستطيع المستخدم كذلك أن يتعلَّم ويعلِّم الآخرين ويلعب معهم كثيراً من الألعاب، من خلال رؤية الأشياء أمامه مجسمة ثلاثية الأبعاد ويتفاعل معها.
أما شركة “سامسونج” فلم تكتف بتقنية الواقع الافتراضي، ولكنها تطوِّر نظارة تحمل اسم “مونيتورليس”، تختلف وتتميز هذه النظارة بعديد من المميزات، حيث يمكن توصيلها بالتليفون المحمول أو الكمبيوتر، ولا تحتاج إلى سلك للتوصيل حيث يتم توصيلها لاسلكياً، أما أهم ميزة فيها والأكثر إثارة للمهتمين بهذه التقنية، فهي دعمها لكلا التقنيتين، أي إنها توفر الواقع الافتراضي وكذلك الواقع المعزَّز، وتنتقل بينهما بسهولة ويسر.

تبني استراتيجية مختلفة
رغم ما يبدو وكأنه تأخر عن الركب من جانب شركة “أبل” في الدخول إلى هذا المجال، لكن الحقيقة أن الشركة تلتزم نهجها وقواعدها نفسها. فقد اعتادت أن تدخل المجال متأخرة، ولكن بقوة وبكفاءة عالية، تضعها في الصفوف الأولى، وقبل ذلك تخفي خطواتها، ومن ثم تفاجئ الجميع بمنتج يهيمن على الأسواق.
وتكشف مواقع التقنية المتخصصة بعض هذه الأسرار، مثل الإشارة إلى أن أكثر من منتج مختلف لأبل يدعم تقنية الواقع المعزّز بشكل أو بآخر. فهاتف “آي فون 7 بلس”، بكاميرتيه الاثنتين، وساعة أبل، وحتى سماعات أبل الجديدة بمستشعرات الحركة بها، كلها تدعم هذه التقنية.

وفي مؤتمرها الأخير في يونيو 2017م، قامت شركة أبل بالكشف عن مكتبة الواقع المعزّز، التي تدعم مطوري البرامج في برمجتهم لألعاب وتطبيقات تتوافق مع هذه التقنية. ويترقب كثيرون النتائج في الأشهر المقبلة. وقد انتشرت برامج تجريبية، تثبت التفوق في الأداء على برامج الواقع المعزّز في أجهزة الشركات الأخرى. ويتوقع بعض خبراء التقنية أن تسهم هذه الحزمة في جعل تقنية الواقع المعزّز أكثر انتشاراً وتأثيراً في العالم.
كذلك قامت شركة أبل بالاستحواذ على شركة “SMI” الألمانية، وهي شركة رائدة في تقنية تتبع العين. وعلينا أن نتخيل الفارق الشاسع الذي سينجم عن دمج تقنية الواقع المعزّز مع حركة العين، حيث يمكن التحكم من دون ضغط على زر، أو حتى إصدار أمر صوتي، بل بنظرة العين فقط، فتصبح قادرة على فتح الباب مثلاً.
هذه التقنية استخدمتها الشركة في مجالات مختلفة، ففي المجال الرياضي مثلاً يمكن للمدربين الحصول على مزيد من المعلومات، من خلال تسجيل ومتابعة النظارة لحركة عين المتدرب. وبالتالي، يستطيع المدرب أن يقدِّم توجيهات أفضل. وفي مجال الإعلان والتسويق، تتيح متابعة حركة عين المشتري معرفة المنتجات التي يرغب في اقتنائها، كما توفر آفاقاً أكبر لحاسة البصر، ويكفي أن نتخيل أن تدقيق النظر في أي شيء، حتى لو كان بعيداً نسبياً، يجعله يظهر واضحاً مقرباً بكل تفاصيله، خلال جزء من الثانية.

اختيارات وخيارات
تبدو الحياة أسهل بكثير بفضل التقنيات الحديثة، فغالبية الأشياء أصبحت متاحة. والشخص باقٍ في مكانه، فهل هذا هو الخيار الأفضل؟ هل سيفضل المستخدم أن يزور متحفاً تاريخياً أو فنياً من داخل نظارة العالم الافتراضي، وهو في مكان آخر؟ أم يظل للمتحف الحقيقي طابعه المميز. فما فيه من تماثيل ولوحات، يدرك العقل أنها أمامه فعلياً، وليست نتاج خداع بصري؟ وهل يريد الإنسان أن يقوم برحلات سفاري في غابات إفريقيا، وجزر المالديف وجبال الألب مقابل دولارات قليلة من خلال نظارة الواقع الافتراضي؟ أم أنه أمر مختلف تماماً حين يقوم الشخص بركوب السيارة التي تقترب من الحيوانات البرية، وبالمشي على السواحل التي يشم فيها رائحة البحر، ويسمع الأطفال وهم يصرخون فرحاً بالسباحة في الماء، ويبتل جسمه برذاذ الأمواج، وكذلك، حيث يرتدي المسافر الملابس الملائمة لصعود الجبال، ومع كل خطوة، يشعر بمتعة لا تمنحها له برامج الواقع الافتراضي.
المؤكد أن هذه التقنية قادمة بقوة، وأنها ستغير وجه العالم الذي نعرفه، وهذا التغيير يمكن مقارنته بما فعلته الهواتف الذكية، التي أصبح كثيرون لا يستطيعون العيش من دونها، والتي أصبحت تغنيهم عن الصحف والمجلات والكاميرات، والراديو والتلفزيون وأجهزة التسجيل، كما أنها أصبحت ملتقى الأصدقاء، ومجالس الحوارات والنقاشات. فكيف سيبدو العالم بعد انتشار تقنيتي الواقع الافتراضي والواقع المعزّز؟
وإذا كان العالم لا يتوقف عن الحديث عن عيوب الهواتف الذكية، ومخاطرها على الحياة الاجتماعية، وتأثيرها السلبي على نمو الأطفال، وتأخر كلامهم، فإن مميزاتها بالتأكيد ليست أقل عدداً، وإلا ما وجدت كل هذا الرواج.
وعلى هذا المنوال ستصبح هذه النظارات مكوناً أساسياً في عديد من مجالات الحياة المستقبلية، وسيستفيد منها كثيرون. وسيطور العلماء إمكاناتها بحيث تقل مصادر الخطر النابعة منها، المهم ألا نسيء استخدامها، ونبالغ في ذلك إلى حد الإدمان، بحيث نفتقد رؤية العالم كما هو، ونصر على رؤيته من خلال نظارة، تعيد برمجة عقولنا، لنرى ما حولنا بصورة مختلفة.

 

أضف تعليق

التعليقات

اشرف محمد عمر

نفتقد رؤية العالم كما هو، ونصر على رؤيته من خلال نظارة، تعيد برمجة عقولنا، لنرى ما حولنا بصورة مختلفة
شكرا للكاتب الذي يجعلنا نري العالم الجديد بالعيون الجديدة
مقالة متميزة