في إطار مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم، وكحلقة واحدة من حلقات عديدة وضخمة يتألف منها هذا المشروع، عُقدت في جدة مؤخراً، وعلى مدى ثلاثة أيام، ورشة عمل تهدف إلى الارتقاء بأداء مئة مدرِّب ومدرِّبة، لينقل هؤلاء لاحقاً الخبرات الجديدة التي يكتسبونها من هذه الورشة إلى المعلمين والمعلمات في مناطقهم.
قبل أن يختتم المدرِّب ياسر بخاري ورشة العمل بعد تسع جلسات امتدت إلى ثلاثة أيام حفلت بالنقاش والجدل والتفاعل، وقف بين الحضور ليلخِّص رسالة الورشة بكلمات واضحة وحازمة: “لن يتطور التعليم في بلادنا إلا إذا وضعنا هدفاً واضحاً، وتحركنا جميعاً باتجاهه. وإذا لم نفعل سنظل على ما نحن عليه”.
ولكن ما السبيل إلى تحقيق هذا الهدف المبدأي الذي يسلِّم الجميع بصحته؟
الهدف من الورشة: تدريب المدرِّبين
يقول بخاري، وهو مدير مشروع التطوير المهني للمعلمين في شركة” تطوير” للخدمات التعليمية: إن التطوير المهني للمعلمين والمعلمات في مؤسسات مراحل التعليم العام الثلاثة هو الهدف الرئيس من ورشة العمل هذه التي أقيمت في محطتها الثالثة في جدة، بعد أن كانت قد انطلقت في العاصمة الرياض في شهر ذي القعدة الماضي، ثم في مدينة الخبر في مطلع شهر محرم.
ويضيف: إن الورشة هي بعنوان “التعريف ببرامج التطوير المهني للمعلم”، وهي حلقة جديدة في سلسلة ورش عمل ودورات تستهدف تدريب أكثر من مئة مدرِّب ومدرِّبة في كل مدينة، تم انتقاؤهم من المشرفين التربويين والمدرِّبين في خمسة وأربعين منطقة تعليمية تابعة لوزارة التربية والتعليم، ليتولى هؤلاء لاحقاً تدريب نحو 15 ألف معلِّم ومعلِّمة، كجزء من خطة طموحة تستمر لسنوات عديدة، وتهدف إلى تدريب جميع معلمي ومعلمات مراحل التعليم العام في المملكة.
وحول ما تمَّ تنفيذه حتى الآن من هذه الخطة، يقول بخاري: إن البرنامج انطلق منذ سنتين. وبدأت المرحلة الأولى منه العام الماضي واستهدفت نحو 23 ألف معلِّم ومعلِّمة من كل المناطق التعليمية على مستوى المملكة. والمرحلة الثانية هي للعام الجاري وتستهدف 15 ألف معلِّم ومعلِّمة كما أسلفنا. وذلك من خلال التدريب المباشر وجهاً لوجه، إضافة إلى التدريب الإلكتروني أيضاً، من خلال 70 ساعة تدريبية لكل معلِّم ومعلِّمة، على نظام تعلّم إلكتروني يتابعهم فيه مشرفون ومشرفات متخصصات في هذا الشأن، إلى جانب فريق إدارة ومتابعة من طرف شركة تطوير للخدمات التعليمية التابع لمشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام.
رأي متدرِّب
”ما عاب الورشة في رأيي هو ضيق الوقت، حيث إنها كانت مركزة والمادة العلمية وفيرة، بالإضافة إلى تدريبات كثيرة كانت تستوجب أن يتم توزيعها على خمسة أيام بدلاً من ثلاثة لاستيفائها بشكل مفصَّل وجيد”.
أحمد عواجي المدخلي ـ متدرِّب من نجران
وحول المحور الذي تقوم عليه ورش العمل هذه، ومشروع برنامج التطوير المهني للمعلم، يقول مديره المهندس سامر الشّبر: إن الهدف من المشروع هو ردم الفجوة بين الناحية النظرية التي يكتسبها المعلِّم في الجامعات التي تلقَّى فيها التعليم، وبين ما يحتاجه فعلاً وعملياً داخل الغرف الصفيّة من مهارات وأدوات تساعده على تقديم المعلومات لطلابه، بناء على أحدث نظريات التعليم والتعلم التي أثبتت جدواها عالمياً، بالإضافة إلى متطلبات البيئة السعودية والمجتمع السعودي. بحيث يتم تجهيز المعلِّم للمرحلة العملية في حياته، التي لم يكن يملك سابقاً أي خبرة عملية بشأنها، باستثناء المعلومات النظرية التي تلقَّاها في تخصصه الأكاديمي.
ويشيد الشّبر بالمادة العلمية لهذا البرنامج، مؤكداً أنها قيِّمة جداً ومفيدة لكل المعلمين، وليس الجدد منهم فقط. الأمر الذي دعا إلى توسيع دائرة الاستفادة منه، ليعم نفعه جميع المعلمين القدامى كما الجدد. وتم تحديث بعض محتويات البرنامج لمواكبة أحدث نظريات التعليم والتعلم وتقنياتهما، ونقلها إلى المدربين المركزيين.
التعليم المتمازج..
مباشر وإلكتروني
وفي إطار هذه المواكبة للمستجدات في عالم التعليم، يقول الشّبر إن الهدف الآن هو تطبيق فلسفة أو نظرية تقنية التعليم المتمازج. الذي يُقصد به تعليم المعلِّم على مستويين: الأول مباشر من خلال دورات مع مدرِّبين مؤهلين لهذه المهمة، والآخر من خلال نظام التعلُّم الإلكتروني تحت إدارة ومتابعة مشرفين وموجهين يجيبون عن استفساراتهم ومواضيع مناقشاتهم، حتى إتمام الساعات التدريبية المطلوبة لكل معلم ومعلمة. فكل معلمي ومعلمات وزارة التربية والتعليم سيخضعون لتدريب إلكتروني يمكنهم من استخدام أحدث التقنيات والاطلاع على عروض مرئية لأحدث الوسائل التعليمية المحلية منها والعالمية. وطرق استخدام الأدوات الحديثة، كالفصول الافتراضية والمدوَّنات وغيرها من وسائل تطوير أدائهم، بما يضمن تحقيق أفضل ظروف تعليمية للطلبة والطالبات.
رأي متدرِّب
”أهم ما في ورشة العمل هذه هو أنها تساعد على تشكيل مناخ إيجابي في المؤسسات التعليمية، إلى جانب تطوير قدرات ومهنية المعلم. وأيضاً توفير المحتوى الورقي والإلكتروني للمدربين المركزيين للتدرب عليها بشكل مبكر قبل المباشرة والنزول إلى الميدان لتدريب المعلمين والمعلمات”. إبراهيم سعيد الحربي ـ متدرب من المدينة المنورة
وفي هذا الإطار تقرر توزيع 15 ألف تابلت على المعلمات والمعلمين الخاضعين لهذا البرنامج التدريبي، ويشتمل الواحد منها على كتاب إلكتروني تفاعلي تعمل عليه شركة إنتل العالمية، وهو مربوط بالبوابات الإلكترونية وفيه كل ما يحتاجه المعلمون والمعلمات.
مع تطوير الحقائب
في القسم النسائي من الورشة
مجريات الورشة هي نفسها في قسمي الرجال والنساء. وفي الثاني، واكبنا بعض فصولها، وكان أبرزها حول تطوير حقائب هذا البرنامج.
فقد تحدثت الدكتورة سعاد الأحمد، وهي أستاذة مساعدة في مناهج طرق تدريس الرياضيات بجامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، ورئيسة فريق تطوير حقيبة التخطيط الذهني في ورشة العمل، فقالت: “دورنا كفريق هو التعريف بالتطوير الذي تم عمله في حقيبة التطوير للمدربين المركزيين. كانت هناك حقيبة سابقة تحمل اسم “التخطيط الفعال، والتخطيط للفهم، للتعلم النشط”. وقد تم تطويرها لتصبح الآن “التخطيط للفهم” ما قمنا به هو توضيح مفاهيم الحقيبة الأولى، وتبسيطها بحيث تكون واقعية وأكثر قابلية للتطبيق والاستلهام في المقررات الدراسية.
وتضيف، خلال المرحلة الأولى كنت مدربة، ولاحظت مع بقية الزملاء بأن الحقيبة مكثفة جداً وتوجد بها عناصر قد تشتت تركيز المعلِّم أو المدرِّب، وتسبب لبساً أثناء التدريب. فقد كان هناك خلط بين الأفكار، والخبرات والمفاهيم الثابتة وطرق تصميم المهام الأدائية لقياس الفهم. وما قمنا به خلال التطوير هو الربط بين مراحل التخطيط الثلاث مع إيضاحها أكثر لتكون أكثر فاعلية.
تطوير الأداء
ليلى مسند الصيفي، مديرة وحدة تطوير المدارس في المدينة المنورة، وهي ضمن الفريق المسؤول عن مبادرة المحتوى الإلكتروني في المشروع، الذي يوفِّر مواد الحقيبة التدريبية بشكل إلكتروني، ويعمل على تطوير الوسائط والمخرج النهائي لهذا الشق من التدريب.
س:
ما العمل لمواجهة مشكلة التسرب في المتدرِّبين الذين حضروا ورش العمل بسبب عمليات حركة النقل بين المناطق التعليمية؟ج
: تم الاتفاق مع مسؤولي الوزارة على أنه يجب مراعاة استقرار المعلم في منطقته التعليمية التي يرغبها لمدة خمس سنوات على الأقل، لنقل خبراته إلى المعلمين والمعلمات المستهدفين من البرنامج.
قدَّمت الصيفي فقرة متكاملة لشرح أهمية المحتوى الإلكتروني ضمن المشروع وفوائده، وأوضحت التطورات الأخيرة فيه والتحديثات التي أجريت عليه.
تقول الصيفي: “المعلومات الموجودة في دليل المعلِّم تدعم المعايير المهنية، والتخطيط للفهم يتم وفق هذه المعايير المهنية نفسها. من هنا جاءت الحاجة إلى توفير المحتوى الإلكتروني، الذي بإمكانه توسيع مدارك المعلِّم وتعزيز التحول لديه ليكون أداؤه أفضل. وفي هذا السياق، يتيح المحتوى الإلكتروني عوامل قد لا تتوافر في الطرق الأخرى التقليدية للتدريب. إذ إن التدريب يهدف إلى أن يكون المتدرب مبدعاً، ويتحلى بالتفكير الخلَّاق، والقدرة على البحث النقدي، ويجب أن يتم تطويره في سياقات مختلفة بدلاً من التركيز على التدريب التقليدي”.
وتضيف ”محتوى الحقيبة التدريبية الذي بات جزءٌ منه يتمثل بدليل المعلم، موجود بنسخة إلكترونية يهدف إلى إحداث تغيير في الأفكار والقيم والقناعات، ويسهم في جعل المعلِّم قادراً وممارساً بشكل دائم لعملية تدريب الذات. وهذه المعايير المهنية أساس مرصود في دليل المعلِّم، ولكننا نريد أن نصل إلى أن يكون لكل معلِّم هوية. وهذا كله لا يحصل إلا من خلال ولوجه دائرة التأثير، التي أساسها الإبداع والمثابرة، وهي قيمة أساسية ومعيار رئيس ضمن المعايير التي تم الأخذ بها في عملية التطوير، كما أنها تتماشى مع القيم الأساسية الأخرى”.
وتابعت: “نريد إيجاد التنافسية وإيجاد مجتمع اقتصاد معرفي ناجح، من خلال الفكر الذي يصب على الورق، ونقله إلكترونياً وذلك من خلال قوالب مختلفة. على سبيل المثال، هناك قالب “العناصر”، وفيه ندرس كل عنصر في الدليل وكيف نجعل المعلِّم يتمكن من الخبرة بشكل مكثف من خلال الممارسة ومشاركة الآخرين، أو من خلال الوسائط المتعددة، ومن خلال التدريب الذاتي أيضاً. وهذه الطرق المختلفة تكسبه البُعد المستدام في تنمية وتطوير مهاراته وقدراته. وهذا يمنحه تعدداً في الأساليب لاكتساب الخبرة، وتحويل العنصر إلى إجراء عملي يكون متزامناً مع بقية العناصر، أو يكون فردياً. كما يمنحنا تغذية راجعة للقياس والتقييم والتطوير”.
رأي متدرِّب
”أجمل ما شهدته خلال الورشة هو سهولة التعامل مع الحقيبة التدريبية المطورة حتى بنظامها الإلكتروني، وأن المحتوى فعلاً تم تطويره وهو يحقق الهدف المنشود منه بإكساب المعلِّم المعلومات والمهارات الجديدة التي تفيده في حياته العملية”.
عرار حسن مجيردي مدرب مركزي تربوي ـ إدارة تعليم جازان من نجران
ويتطلب التطوير 70 ساعة تدريب إلكتروني مكثف من خلال مشرف تدريب إلكتروني، وهو شخص مسؤول عن متابعة ما أنجزه المعلِّم في مسألة المحتوى الإلكتروني، كما يشرف على تكوين مجموعات، وحلقات نقاش، وإيجاد مجتمعات مهنية، وتعليمية. وستكون هناك حقيبة تدريبية خاصة للمشرفين، تم استعراض أنموذج حي مما أنجز منها في الورشة.
تجربة حقيقية
إيمان المجاهر، رئيسة قسم الرياضيات بإدارة الإشراف التربوي بمنطقة الرياض، وإحدى أعضاء الفريق الذي قام بتطوير حقيبة التخطيط للفهم، تقول: “كنت مشاركة ضمن مرحلة من المشروع قبل عام واحد. وشاركت في الدورة التي عُقدت آنذاك لمدة خمسة أيام كمدرِّبة مركزية. ومن خلال التغذية الراجعة التي تضمنت أسئلة المدربين وتعليقاتهم، تكشّف لنا أن هناك حاجة إلى نوع من التطوير لهذه الحقيبة، فقمت مع بقية الفريق بتطويرها بحيث تلائم كافة المعلمين انطلاقاً من اعتبارات معايير المعلم المهنية، والاحتياجات، والتوجهات الحديثة نحو التخطيط لتجويد عمليات التعليم والتعلُّم”.
البرنامج بشكله الذي خرج به في ورش العمل الأولى في المرحلة السابقة كان يطرح موضوعاً مهماً يستهدف تلبية احتياج الميدان. لكن، كان لا بد من بعض التطوير وفقاً للتغذية الراجعة التي حصلنا عليها من المتدربين. فعلى الرغم من أهمية البرنامج والصعوبات التي واجهته، إلا أن الحقيبة الأولى كانت بحاجة إلى ترابطٍ أكثر بين موضوعاتها، وهذا ما ثبت من خلال المؤشرات المستخلصة من ردود المتدربين وملاحظاتهم.
ويمكن القول إن الربط بين الموضوعات وجعلها أكثر ترابطاً ووضوحاً هو أهم وأبرز سمات التطوير الذي تم والتعديلات التي أجريت على الحقيبة الأولى.
زيارة مفاجئة
وفي اليوم الأخير من ورشة العمل هذه، فاجأت مساعدة مدير عام التعليم في محافظة جدة، نورة باقادر، الجميع بحضورها الجلسة الأخيرة لمتابعة أداء الورشة وأعمالها. وكان لها موقف لافت من البرنامج في كلمة جاء فيها: “يجب أن نكون شركاء في كل المشاريع الاستراتيجية والتطويرية في الميدان، لأننا جميعاً نعمل من أجله. لكن ما نراه هو أن مشروع التطوير يتم تنفيذه عبر حزم متفرقة، وعلى الرغم من أن جميع هذه المشاريع تصب في ميدان واحد إلا أنها غير متفقة. وهناك إشكالية كبرى بشأن المشرفات المركزيات المناط بهن عمل كثير وأمانة كبيرة وعبء إشرافي متخصص إضافة إلى أعمالهن الرئيسة المناطة بهن. وقد لاحظت خلال وجودي في الورشة أن هناك بعض المشرفات المتفرغات للتدريب من إدارة التدريب. لكن هذا الوضع لا ينطبق على الجميع. فقد لاحظت أن بعض المشاركات مشرفات فنيات، وقد أضيفت إليهن أعباء ومهام المشرفات المركزيات، والأمر كذلك بالنسبة للمشرفين”.
س:
خروج المعلمات من المدارس سبعة أيام متصلة للدورة التدريبية يواجه بمنع ورفض من مديرات المدارس.. ما العمل؟ج: نقلنا هذه الملاحظة إلى نائبة وزير التربية والتعليم، فأفادت بأنه بالإمكان تقسيم وقت المديرات الخاضعات لبرنامج التدريب على ثلاثة أسابيع بحيث لا يؤثر على أداء الإدارات المدرسية.
س:
يواجه المتدرِّبون في ورش العمل مشكلات في الميدان تختلف باختلاف ظروف كل منطقة تعليمية. فكيف يتم التعامل مع ذلك؟
ج:
نحن مطلعون على الوضع الآن، ونعرف حقيقة هذه الاختلافات. وهدفنا في هذا المشروع هو تجاوز كل الصعوبات لتدريب 310 مدرِّبين ومدرِّبات، وبالتالي تدريب 15 ألف معلم ومعلمة خلال هذا العام.
وأضافت: ”نجد المشرفة مطالبة بمتابعة مهام عملها الرئيس في الإشراف، وكل متطلباته، ومواكبة متغيراته، وهي محاسبة عليها. أما جميع الإضافات الأخرى من الأعمال الإضافية فلا ينظر إليها ولا تجد مساعدة في تنفيذها. وما نود قوله هو أنه إذا لم تأتِ المهام بما فيها المهام المستحدثة وفقاً لاتفاقيات تطويرية من خلال الإدارة، فلن يكون هناك من يتابع عمل المشرفة ويعينها عليها. وكرد فعل لذلك فإن المشرفة تكون شديدة الحماسة في البداية، ومع مرور الزمن، وازدياد الضغوط تتراخى وتحبط، ولا تجد أي دافع للعمل مع كثرة الضغوط وتوالي المطالبات بعملها الأساسي من دون وجود عون على عملها الإضافي. ومن ذلك ما تجده المدربات من مشقة بشأن الحقائب التدريبية، وأماكن التدريب، وطرق الإبلاغ عنها، وكأن ما تقوم به هو مشروعها الخاص. وهذا مع الأسف ما هو قائم، وما نسمعه من القيادات على مستوى المساعدين خلال نقاشنا المستمر”.
الدعم من الوزارة
وأكدت باقادر أنه لا بد من وضع اتفاقية لمشروع تطوير مع الوزارة تنص على آلية لدعم المشروعات النوعية، التي تصب فعلاً في خدمة المعلمين وتطوير أدائهم بما يتوافق مع التوجهات المستقبلية.
وإن لم يتحقق ذلك، فإن الوضع سيتمخض عن مشروعات تطويرية وعدد من الأفراد يغرد كل منهم منفرداً، ويتحمل تبعات عمله على تنفيذ المشروع. كما يحمل على عاتقه مهمة مواجهة الإدارة وتغيير قناعاتها. وبكل تأكيد لن يتمكن فرد أو ثلاثة من تغيير شيء، ولن يستطيعوا تقديم أي دعم حقيقي ما لم تكن الوزارة أو المشروع نفسه موجوداً معهم في الميدان.
وأضافت: على سبيل المثال، إننا نعلم بمشاركة إحدى الأخوات اليوم في البرنامج، لكننا لم نكن نعلم ما الذي تقوم به. وقد فوجئت الآن بقيامها بتدريب المدربات في المشروع لتمكينهم من متابعة المعلمات، وهذا مطلب مهم، ومن المهم أيضاً أن نصل إلى آلية لقياس الأثر لنعرف كيف تطورت المعلمة من خلال البرنامج التدريبي الذي خضعت له.
هناك عدم مواكبة للتطور على مستوى كل القطاعات الإشرافية. وهذا ما يعوق المشروع ويلقي بظلاله. فكيف ستعرف المشرفة التربوية ذلك إذا حضرت درساً لإحدى المعلمات المستفيدات، وتعاملت مع الموقف التدريسي المطور بطريقة لا تدركها، لا شك أنها ستواجه المعلمة بالرفض وعدم القناعة.
ولحل مثل هذه المسائل، لا بد من وضع خطة استراتيجية على أساس زمني، وتراعي إشراك كافة الجهات المعنية بالمشروع، وبدقة، وبشكل يتم فيه تسجيل وإقرار التزامات كل جهة، بداءً بالوزارة، كما لا بد من الإعلان عن المتطلبات المادية إن وجدت، وهناك كثير من المشروعات التي كتب عليها الفشل بسبب عدم الإعلان والنشر، وجهل شرائح واسعة في الميدان بها.
ورشة التدريباليوم الأول
الجلسة الأولى
من الساعة 8 ـ 10 صباحاً
تضمنت الجلسة التعريف باستراتيجية تطوير التعليم العام في المملكة. ودور كل من وزارة التربية والتعليم ومشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم، وشركة تطوير القابضة، وشركة تطوير للخدمات التعليمية بالشراكة مع جميع القطاعات التعليمية.
استعراض مراحل تطور التعليم في المملكة منذ عام 1344هـ وحتى الآن، وما مرت به من تحديات ومشكلات، والرؤية الجديدة لتطوير التعليم وصولاً إلى الجودة وفق رؤية مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم الذي انطلق في عام 2006م، ويتضمن تطوير التعليم على مختلف المجالات سواء على مستوى السياسات التعليمية والموجهات وعلى مستوى نموذج تطوير المدرسة، وتطوير القيادات التربوية وشاغلي الوظائف التعليمية وتطوير المناهج والبيئة المدرسية.
الجلسة الثانية:
(من الساعة 10.30 صباحاً ـ 12.00 ظهراً)
تم التعريف بمشروع التطوير المهني للمعلِّم كأحد مشاريع استراتيجية تطوير التعليم، وما يتضمنه من مجالات ومحاور تستهدف رفع أداء المعلمين في عمليات التعلم والتعليم.
الجلسة الثالثة:
(من الساعة 12.30 ـ 2.00 ظهراً)
التدريبيةالتعريف بالحقيبة التدريبية (التخطيط للفهم)، وما تضمنته من تطبيقات وعمليات لتجويد التعليم والتعلم من خلال التخطيط السليم وفق أحدث التوجهات العالمية..
اليوم الثاني
3 جلسات
تم تدريب المدربين والمدربات على المحتوى العلمي للحقيبة التعليمية على أيدي خبراء في هذا الشأن. وستكون الحقيبة على شكل تطبيق إلكتروني في الأسواق الإلكترونية وسيتم إنزالها على أجهزة ”تابلت”، إذ وفرت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع مشروع الملك عبدالله 15000 جهاز” تابلت”، سيتم توزيعها على جميع المعلِّمين والمعلِّمات في مختلف مناطق المملكة ( 45منطقة تعليمية) كمستهدفين في المرحلة الأولى للمشروع، الذي يستهدف خلال السنوات القادمة استيعاب جميع معلِّمي ومعلِّمات المملكة والمقدَّر عددهم بحوالي 600 – 500 ألف معلِّم ومعلِّمة، يدرِّسون في 37000 مدرسة للبنين والبنات تضم مجتمعة حوالي 5.5 مليون طالب وطالبة.
اليوم الثالث
في الجلستين الأولى والثانية تم استكمال التدريب على باقي الحقيبة التدريبية.
الجلسة الختامية
تم التعريف فيها بالبوابة الإلكترونية بمشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم، التي تتضمَّن الأكاديمية الافتراضية للتطوير المهني، وينبثق منها المحتوى الإلكتروني لتدريب المعلمين والمعلمات. وستستوعب المرحلة الأولى جميع المتدربين والمتدربات البالغ عددهم 15000. وسيتم إخضاعهم لنظام تدريب إلكتروني لمدة شهر ونصف الشهر، بمعدل ساعتين ونصف الساعة يومياً وإجمالي 70 ساعة تدريبية، حيثما يكون المدرب أو تكون المدربة وفي أي وقت شاء ليلاً أو نهاراً.
في النهاية تم توزيع الشهادات بحضور الورشة معتمدة من وزارة التربية وشركة تطوير.
تحدي التعليم
تطوير طرق التعليم والمناهج الدراسية وهيئة المعلمين والمعلمات والبيئة المدرسية، كان أحد الملفات سخونة وجدلاً في المملكة العربية السعودية طوال العقود الماضية، وانتهى بمشروع كبير أطلقه الملك عبدالله بن عبدالعزيز في العام 2006 م ليضع قاطرة التعليم العام في مسار جديد يهدف إلى استيعاب أحدث النظريات وتقنية طرق التعلم والتعليم في العالم المعاصر وضخها في جسم السلك التعليمي بالمملكة من خلال مشروع نوعي خصص له تسعة مليارات ريال لتحقيق أهدافه.
وضعت وزارة التربية والتعليم بالاشتراك مع “مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم” أولوياتهما للعمل على تحقيق نوع من التكامل مع مخرجات التعليم العالي في السعودية، من خلال تهيئة الخريجين الراغبين بالالتحاق في سلك التعليم العام بأدوات وطرق ووسائل التعليم والتعلم ونقل المعلومات بشكل سليم وعلمي إلى الطلبة والطالبات.
كانت المهمة صعبة وجبارة، تحتاج إلى نَفَس طويل وعزم وإخلاص وإصرار لإعادة تأهيل نحو 600 ألف معلم ومعلمة يعملون في أكثر من 37 ألف مدرسة موزعة على جميع مدن وقرى المملكة. كانت البداية مع برنامج خاص لتطوير المعلم الجديد، وخلال تطبيقه في شكل مرحلي، اتضحت الحاجة إلى تعميمه ليشمل المعلمين القدماء إلى جانب المعلمين الجدد، في مسارين متوازيين لتحقيق النتيجة المطلوبة.
تم تطوير الحقيبة التدريبية للبرنامج الطموح، وأضيف إليها المحتوى الإلكتروني لتوسيع دائرة الاستفادة واقتصار الوقت والجهد في تعميم التجربة على جميع المعلمين والمعلمات عبر الإنترنت والأجهزة اللوحية الذكية. قبل البدء باختيار نخبة من المدربين العاملين في إدارات التدريب بالوزارة وأكفأ المشرفين التربويين في إدارات المناطق التعليمية بواقع 300 مدرب ومدربة في كل عام دراسي لإخضاعهم لورش عمل ودورات تدريبة على برنامج التطوير المهني للمعلم، ليقوموا بعدها بتولي تدريب المعلمين والمعلمات، كلّ في نطاق منطقته التعليمية.
تصوير: عبدالله صالح