حين تستقبلون هذا العدد من مجلة القافلة تكونون، كما أنتم دائماً، ضيوفاً أعزاء على مائدة ثقافية إعلامية متجدِّدة تعبر بكم ومعكم إلى المستقبل وصناعة المعرفة. لقد مضت الآن سنوات عشر على إطلاق التطوير السابق في حياة هذه المجلة في العام 2003م، الذي لقي حينذاك ترحيباً كبيراً من جمهور القرَّاء الأوفياء لدور المجلة التاريخي. ذلك الدور الذي تبادلنا شعور الاعتزاز به وبأثره على حياتنا بشكل عام، وعلى حياة كل مثقف وإعلامي سعودي بشكل خاص.
في ذلك العام، أي العام 2003م، ظننا، ونحن نُطلق مرحلة متغيِّرة بالكامل في مسيرة هذه المجلة، أنه لن يكون في الإمكان أفضل مما كان. واعتقدنا بأن (مِزْوَدَتَنا) استنفدت كل أسباب التطوير، وأننا قد بلغنا غايتنا ورسمنا سياستنا التحريرية النهائية. لكن، وأنا من المغرمين بـ (لكن)، وجدنا أننا بينما نكبر في العمر تكبر أرامكو السعودية وتكبر القافلة في العطاء الاجتماعي والإعلامي.
وها نحن، نطوي سنة القافلة الستين، لننقض ضفائر سياستنا التحريرية السابقة، ونعيد جدلها لكي ننهض بدور مختلف في زمن يرفع رايات إعلامية مختلفة لهذا النوع من المجلات: نحن، ابتداءً من هذا العدد وفي كل أبواب المجلة من بابها الجديد (ورشة عمل) إلى ملفها الشهير، نحاول أن نغرس الأرض الاجتماعية، السعودية والعربية، بأشجار المعرفة المثمرة. ونحاول أن نفهم ونتفاهم مع الأجيال الشابة الجديدة، التي ستقود مراكب التنمية وتطور وسائل هذه المعرفة. نحاول، أيضاً، أن نقترب من ثقافات الآخرين لنعثر على مزيد من كنوز الحكمة التي هي ضالة المؤمن.. وأخيراً، وليس آخراً، نحاول أن نواكب سيل اتصالات (الديجتال) الذي يؤشر الآن صعوداً في تقدم المجتمع، أي مجتمع، أو يؤشر هبوطاً على تخلفه.
وهكذا تكون (القافلة) في عِقدها الجديد: مجلة تحافظ، باغتباط شديد، على نسختها الورقية وتُطور، بحرص شديد، نسختها الإلكترونية، ليتحقق الهدفان: هدف استمرارية الوصول لشرائح قرَّائها الذين لا يزالون أوفياء لرائحة الورق والحبر، وهدف الوصول إلى الأجيال الشابة الجديدة التي تتنقل مثل النحل بين شاشات الكمبيوتر والآيباد والهواتف الذكية.
ومن الجمهورين، الورقي والإلكتروني لا نستغني أبداً عن الآراء، فنحن نعلم علم اليقين أنه لا مطبوعة تعيش من غير أنفاس وعقول وأفكار قرَّائها، فلا تبخلوا علينا بالدعاء والمعرفة.