تتصف كتب الفن التي تُصدرها المتاحف أو صالات العرض الكبرى لمناسبة معرض فني استثنائي بشخصية خاصة وفرادة ما! وربما يعود ذلك إلى أن فكرة المعرض تجعل المعروضات التي تظهر في الكتاب حالة استثنائية تعرض وجهة نظر جديدة، لم يسبق لها أن اجتمعت في كتاب من تأليف ناقد أو باحث في الفن.

ويزيد من فرادة هذه الكتب أنها بشكل عام لا تُوزّع على المكتبات بقدر الكتب التي تصدر عن دور النشر. وأكثر من ذلك، فمن غير المحتمل إعادة إصدارها في طبعة ثانية بعد انتهاء المعرض، حتى في حال نفاد الطبعة الأولى. لذلك، فإن هواة الفن وعشاقه يترصَّدون هذه الكتب، ويحتاطون لشرائها قبل نفاد الطبعة، وبشكل عام ضمن فترة العرض. ومن هذه الكتب، «الكاتالوج» الذي أصدره متحف الفن الحديث في نيويورك ليصاحب معرضاً فريداً للفنان الانطباعي و«غير الانطباعي» إدجار ديغا.

اشتهر هذا الفنان برسوماته لراقصات الباليه وحلبات سباق الخيل. وكان يُصنَّف من ضمن المدرسة الانطباعية، لكنه لم يكن يجلس فعلاً على مقاعدها بقناعة كاملة، بل كان وكأنه على تخومها، محتفظاً لنفسه بدرجة من الاستقلالية والتميّز ظهرت، على سبيل المثال، في تفاديه الرسم في الطبيعة، إلا في حالات استثنائية محدودة.

أما معرضه الكبير المقام حالياً في نيويورك فله خاصية كذلك، تميّزه بقدر ما تميّز الكتاب الخاص هذا، وهو أنه يجمع لأول مرة عدداً كبيراً من أعمال ديغا الطباعية، أي ما يُعرف بـ «المونوتايب»، وهو اسم درج فيما بعد لصنف معيَّن من آلات الطباعة ومؤسسات تطوير حروف الطباعة المعدنية. فحين شغُف إدجار ديغا بهذه التقنية الفنية، كانت الطباعة ما زالت في بداية عهدها. و«المونوتايب» المقصودة هي طباعة يدوية يمارسها الفنّان بنفسه حيث يقوم بالرسم مباشرة على صفيحة معدنية عادة من الزنك. وبعد أن يروي غليله من التأثيرات المختلفة، يضع هذه الصفيحة ضمن جهاز طباعة بدائي بسيط، ويطبع في العادة نسخة واحدة من العمل الفني أو نسختين إذا كانت كمية الحبر تسمح بالتكرار. ويستمتع الفنانون بهذه الممارسة الفنية لأنها تُفضي إلى نتائج غير محسوبة أو متوقّعة، وكثيراً ما يعمدون إلى طباعة ثانية فوق الطبعة الأولى لإثراء العمل وربما لمضاعفة غرابته.

ويُجمع النقّاد على أن هذا المعرض يقدِّم الفنان بما لم يعهده الناس به، وبمناخ أكثر عصرية من أعماله المعروفة. وربما من هنا عنوان العرض والكتاب معاً.