أعلنت شركة «أبل» مؤخراً عن إجراء عدد من التحديثات لأنظمة التشغيل المختلفة في أجهزة ماك بوك وآيفون وآيباد وتلفزيون أبل وساعة أبل.
ستطول هذه التحديثات، كما أفصح الخبر، تطبيق المحادثة الذكية المعروف باسم «سيري» الذي أطلق أول مرة قبل سنوات خمس، كأن تستطيع أن تطلب من «سيري» أن تحضر لك سيارة أجرة، أو تسألها أن توفِّر لك وجبة من مطعمك المفضَّل، أو ترسل حوالة نقدية إلى صديق.
«سيري» التي تتمتع بروح مرحة، كما جاء في الخبر، تستطيع أيضاً أداء أعمال أخرى تستهلك كثيراً من الوقت، مثل إجراء عمليات البحث عن المعلومات والملفات وحفظها أو حذفها.
يعود بنا هذا التطوير الجديد الذي أعلنه العملاق التكنولوجي «أبل» إلى فِلم مستقبلي رومانسي يُدعى «هي» (Her) أنتج عام 2013م من تأليف وإخراج سبايك جونز، وبطولة خواكين فينيكس. تدور حكاية الفِلم حول رجل يدعى ثيودور، يعمل بوظيفة كاتب رسائل كالتي تدوَّن على بطاقات المعايدات، وهو على وشك الانفصال عن زوجته، يعيش حياة فارغة، ويعاني من الوحدة والملل.. ولذا يمضي معظم وقته بالثرثرة مع الأصدقاء أو ممارسة ألعاب الفيديو..
تنقلب حياة ثيودور رأساً على عقب عندما يقرِّر اقتناء نظام تشغيل ذكي يُطرح في الأسواق يُدعى (OS1)، وتقوم فكرة النظام الجديد على مبدأ إنجاز كل الأعمال الخاصة بالزبون عن طريق المحادثة الصوتية. غير أن هذا النظام يتمتع بذكاء صناعي خارق، فهو يستطيع أن يبلور لنفسه شخصية فريدة، ويمنح نفسه جنساً واسماً خاصاً حسب رغبة الزبون. ويتحوَّل نظام التشغيل في الفِلم إلى أنثى اسمها (سامنثا).
تستطيع سامنثا أن تدخل إلى أجهزة ثيودور، وتقترح عليه جملة من الأعمال كتنظيم ملفاته، وتجري معه محادثات عميقة لا تختلف عن أي محادثة يجريها شخصان عاقلان مثقفان، بل إن سامنثا تزيد على ذلك بأن تتصرف كسكرتيرة شخصية، وتقوم بمهمات لم يلتفت إليها البطل، كأن تتفق مع دار نشر وتطبع كتاباً يضم أعمال ثيودور، بل وصل الأمر بها إلى أن تبحث له عن صديقة حقيقية بعد أن اكتشفت أنه يعاني من العزلة والملل.
تتغيَّر يوميات ثيودور جذرياً، عندما يكتشف أن حياته أصبح لها معنى بوجود سامنثا، وأنه منجذب إليها، ولم يعد قادراً على الاستمرار من دونها. ومما يزيد من طرافة حبكة الفِلم، أن نظام التشغيل الافتراضي الذي يحقق تواصله مع البطل الواقعي عن طريق الصوت فقط، يجد نفسه هو الآخر واقعاً في حُب ثيودور.. وهنا تأخذ قصة الفِلم منعطفاً حاسماً عندما يبدآن بتمضية أوقات أكثر بالحديث مع بعضهما بعضاً.
في ذروة صدمة أصدقاء ثيودور، ومشاهدي الفِلم على حد سواء، تبزغ فكرة مؤلف ومخرج الفِلم سبايك جونز التي يلخصها سؤال جوهري واحد: ماذا بعد؟
رجل حقيقي يقع في حُب نظام تشغيل بشخصية وصوت أنثى… كيف يمكن أن تتطور العلاقة بينهما؟ أي منحى واقعي وإنساني ستنتهي إليه؟ هل ستنتهي بالزواج مثلاً؟ هل سيختلفان وتحدث بينهما مشكلات عاطفية؟ هل سينفصلان في لحظة ما؟ ويبقى السؤال الأهم: أين سيأخذنا الوعي عندما يصل إلى جدار مسدود، كالذي وصل إليه وعي كل من بطل الفِلم ثيودور، وبرنامج التشغيل سامنثا؟
الأمر مربك حقاً، البطل يشكِّك في أعماقه بحقيقة سامنثا، فهي في النهاية برنامج تشغيل يتمتع بذكاء صناعي صممه البشر.. وهي، أي سامنثا، تدرك أن ثيودور غير مقتنع بحقيقة مشاعره تجاهها، لذا تقرر أن تهجره، وتتركه وحيداً مرة أخرى.
تطبيقات الذكاء الصناعي رائعة عندما يتعلق الأمر بتقديم الخدمات الروتينية مثل توفير سيارة أجرة أو تحويل الأموال، لكن من يعلم كيف ستصبح الحياة عندما يتعلَّق الأمر بتقديم الخدمات العاطفية أيضاً؟