نشرت القافلة في عدد أغسطس 1956م مقالاً للعلَّامة الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله-، بعنوان ”الرياض قديماً وحديثاً”، يصف فيها ما طرأ على العاصمة من تطور حتى آنذاك.
بدأ الجاسر مقاله بتناول تاريخ مدينة الرياض، وقيامها على أنقاض مدينة حجر التي كانت حاضرة قبيلة طسم البائدة، وأتبعها بلمحة عن تاريخها في العهد الإسلامي وصولاً إلى القرن الثالث عشر الهجري حين أصبحت حاضرة آل سعود، وما طرأ عليها غداة توحيد المملكة. أما القسم الأكبر من مقالته فكان حول ما كان يجري في العاصمة في زمن كتابة المقالة. وفيه نقرأ:
الرياض في السنوات الأخيرة
أصبحت مدينة الرياض من خيرة المدن العربية من حيث اتساع شوارعها ونظافتها وسير العمران فيها على قواعد صحيحة مرسومة.
وقد تغيَّر طراز العمران في هذه المدينة منذ عام 1372هـ، فاستبدلت مواد البناء القديمة -اللبن والطين- وأصبح الناس يتسابقون إلى بناء البيوت الحديثة بالحجر والأسمنت أو بلبن الأسمنت (البلك) أو بالأسمنت والحديد. فأصبحت الآن تشاهد العمارات الضخمة الكبيرة التي تماثل ما تشاهده في المدن الأخرى كالقاهرة وبيروت. وحلت محل الحوانيت الضيقة الصغيرة المبنية من الطين واللبن متاجر واسعة محكمة البناء على أحدث طراز. وأصبحت ترى في الشوارع الرئيسة من المعارض لشتَّى البضائع والأدوات والآلات الضخمة الكبيرة والسيارات ما لا تراه إلا في كبريات المدن. ومنذ سنتين أخذت تنتشر في المدينة كذلك المقاهي والمطاعم، وعنيت إدارة البلدية بالإشراف على نظافتها وتفقدها، وأنشأت هي نفسها مقهى ومطعماً في وسط البلدة. وقد أنشئ في هذه المدينة أيضاً عدة فنادق منها فندق الرياض على طريق محطة القطار في القسم الشرقي من المدينة.
المدارس والمكتبات
أما المدارس الحديثة فإن عهد هذه المدينة بأول مدرسة منها كان في عام 1350هـ، أي منذ ربع قرن تقريباً، عندما أمر جلالة الملك الراحل بفتح مدرسة لأبنائه. وفي سنة 1365هـ أنشأ الأمير منصور بن عبدالعزيز، حينما كان أميراً للقصر الملكي، مدرسة حديثة عامة. وأمر حضرة صاحب الجلالة الملك سعود. حينما كان ولياً للعهد، بفتح مدرستين في عام 1368هـ، وفي سنة 1369هـ فتحت ثلاث مدارس ابتدائية.
وفي سنة 1370هـ فتحت أول مدرسة ثانوية فيها. وقد بلغ عدد طلابها هذا العام أكثر من 400 طالب. ثم ازداد عدد المدارس الابتدائية لازدياد حاجة السكان وكثرتهم، فأصبح الآن فيها من المدارس الابتدائية عشر، ومن مدارس مكافحة الأمية ثلاث ليليات، ومدرسة ثانوية، ومدرسة صناعية، ومدرسة لتعليم اللغة الإنجليزية، ومدرسة ليلية للمعلمين الابتدائيين، عدا معهد الرياض العلمي، الذي أنشئ في سنة 1371هـ، وهو ابتدائي وثانوي.
ومن أهم مدارس الرياض المدرسة الابتدائية العسكرية، وكلية الملك عبدالعزيز العسكرية الثانوية. وفي الرياض أيضاً كليتان، كلية العلوم الشرعية، وكلية اللغة العربية وهما تابعتان لإدارة المعاهد الدينية، ومماثلتان في منهج الدراسة فيهما لكليتي الأزهر بمصر.
وأول مكتبة عامة هي مكتبة الأمير مساعد بن عبدالرحمن آل سعود، عم جلالة الملك المعظم. فقد أنشأها سنة 1363هـ، وخصص لها مكاناً في بيته. وفي سنة 1373هـ افتتحت (المكتبة السعودية)… وتحتوي هذه المكتبة على عدد من الكتب الدينية والأدبية والتاريخية. وفيها حجرة للمطالعة تتسع لعشرات الزوار. وترد إليها بعض الصحف العربية في أوقات صدورها.
المستشفيات
في عام 1347هـ افتتح أول مستشفى في هذه المدينة في محلة (القرى). وفي العام الحالي أصبح في الرياض من المستشفيات:
-
مستشفى الملك سعود العسكري، أنشأته وزارة الدفاع والطيران. ويقع بقرب مطار الرياض، وهو من أحدث المستشفيات، وفيه أطباء من ألمانيا ومن البلاد العربية، يعالجون مختلف الأمراض، وكانت الغاية منه السهر على صحة رجال وزارة الدفاع.
–
صحة الرياض، ويرتادها من المرضى يومياً عشرات، تقوم بمعالجتهم في شعبها المختلفة. وفيها جناح لمن يستدعي مرضهم البقاء فيها مدة.
-
مستشفى الملك عبدالعزيز ومستشفى الشميسي، ولما يُفتحا بعد. غير أن البناء فيهما قد قارب الانتهاء.
الصحافة والطباعة
وفي الرياض صحيفة واحدة تصدر أسبوعياً وتُطبع في نفس المدينة اسمها ”اليمامة”. وقد تكونت في الرياض شركة للطباعة، أحضرت عدداً من الآلات اللازمة. وقامت بطبع بعض الكتب الأدبية والدينية وغيرها. وتُدعى هذه الشركة (شركة الطباعة والنشر الوطنية) ويبلغ عدد المساهمين فيها 300، ورأس مالها نصف مليون ريال سعودي.