التسويق بمعناه الواسع هو الترويج لشيء أو لفكرة. وهو بهذا المعنى مهارة تبدأ منذ الطفولة. فعندما يقنع الولد أباه بزيادة مصروفه، فإنه يكون قد نجح في الترويج لنفسه ولحقه في هذه الزيادة ولكونه أهلاً للثقة في حسن استخدامه لها. ويكبر الولد، وتستمر مهاراته في الترويج بالنمو معه، كشرط من شروط النجاح في الحياة.
سحر رحمة تستعرض لنا الكتاب الذي وضعه هاري بيكويث، وهو مدير واحدة من كبريات الشركات، وزوجته كريستين كليفورد، مديرة المبيعات، بعنوان «أنت شركة محدودة» (.You, Inc). أو «فن الترويج لذاتك.
يُعد هذا الكتاب الذي يقع في 316 صفحة مرجعاً ودليلاً مختصراً وميسراً للوصول إلى النجاح، عبر فصوله الثمانية المتضمنة لعدد كبير من المهارات المطلوبة لذلك.
فيمكن أن يتحقق النجاح والرضا من خلال تنمية الذات من جميع الجوانب بدءاً بالجانب الأعمق. فالناس عادة يقدِّرون ويدفعون أكثر مقابل المشاعر التي يشعرون بها. بعبارة أخرى، إنهم يشترون المشاعر. وهذا هو الفرق -على الأغلب- بين الشركات المختلفة ومنتجاتها، حيث لا يكمن الفرق بينهم في الكفاءة وعدد سنوات الخبرة فقط. إنما يكمن أيضاً في المشاعر التي يبثها العاملون بالشركة في صفوف الناس.
التخطيط والإعداد والتواصل
إذا كانت الأهداف فقط تحثك على العمل، فضع هدفاً آخر وابحث عن التحفيز في شيء غير الأهداف. ابحث في داخلك واكتشف ذاتك. ولتكن علامتك التجارية هي واقعك. وينصحك الكتاب بأن تحاول أن تبحث عما يناسبك من أعمال، وعن حاجة صاحب العمل، ويطلب منك أن تطرح على نفسك بعض الأسئلة، وأهمها:
– ما هو اختصاصك؟
– ما الفرق الذي ستحدثه؟
–
هل يحسدك المنافسون الآخرون؟ كيف ستجعلهم يحسدونك؟
إنك كي تنجح بحق، ينبغي أن تعرف ما الذي يشعرك بالضيق. كما ينبغي أن تكون ممتناً لما لديك من نقاط قوة، مع العمل على تحسين نقاط ضعفك. ويستمر الكتاب في توجيه النصائح، فيدعو إلى الاستمرار بالقراءة والاستماع والتعلم، لتوسعة الآفاق وزيادة عدد الأشخاص الذين يمكننا التواصل معهم وإيجاد خبرة مشتركة بيننا وبينهم.
التواصل يُعد المهارة الأهم في عالم الأعمال اليوم. والمستقبل يبتسم لمجيدي التواصل مع الناس ببساطة ووضوح. إلا أن ثمة قواعد أساسية للتواصل الفعال يقدِّمها الكتاب. نذكر منها:
–
اجعل نفسك أكثر وضوحاً. فالوضوح يغرس بذور الثقة في النفوس ويجعل الناس يعتقدون أنك خبير.
–
لتكن لك علامة تجارية تتمتع بالصدقية، كالعلامات التجارية الكبيرة الموثوق بها.
–
لأن التعبير عما تفعل أو تبيع أصبح معقداً للغاية، استخدم رسائل واضحة وشعاراً مفعماً بالحيوية.
–
من حقك أن تفخر بمؤهلاتك وأن تتوقع أن يقدِّر الآخرون منجزاتك. ولكن كن حذراً وأنت تمتدح نفسك.
–
استحوذ على انتباه سامعيك. وتفنن في صياغة الجمل الافتتاحية الخاصة بك.
الاستماع والتحدث
إن الاستماع والتحدث مهارتان أساسيتان رائعتان. فالاستماع يزيد من جاذبيتك. ومن الأشياء التي تبعث على الرضا، أن تجد من يسمعك. إننا كثيراً ما نسمع النصيحة القيِّمة «لدينا أذنان وفم واحد». وهذا يعني أننا يجب أن نستمع ضعف ما نتكلم.
وثمة قوانين يستعرضها الكتاب لتنمية هذه المهارة، ومنها:
–
القانون الأول: أنت كما تبدو للآخرين. لذلك انتبه أن يبدو عليك القلق والتشتت أثناء تحدثك.
–
القانون الثاني: عندما تستمع لشخص ما، توقف ثانية قبل أن ترد، فهذا يعني أنك تستمع إليه جيداً.
–
القانون الثالث: حتى تحسن من قدراتك على الاستماع، ركِّز كل جسمك من الرأس إلى القدمين، واجعله منشغلاً بالمتحدث. عندها سينشغل عقلك أيضاً بالاستماع.
–
القانون الرابع: لا يمكنك الاكتفاء بالاستماع فقط، عليك أن تنظر إلى ما يقال أيضاً.
–
القانون الخامس: حين يكون العرض جيداً، لا بد أن يبعث على الحماس والدافعية.
–
القانون السادس: أنت مرآة لما تروج له وعيناك تخبران المستمع من أنت.
–
القانون السابع: اجعل خطابك قصيراً، مباشراً، ولا بأس أن تبدأ بدعابة مشتقة من مواقف الحياة اليومية.
نسج العلاقات
عليك أن تقوم بتنمية مهاراتك، ولكن أيضاً عليك أن تحاول النفاذ إلى عقول الناس من خلال قلوبهم. إن اللحظة الأولى هي اللحظة الحاسمة في أية علاقة، لذلك عليك أن تحترف فن الترحيب بالآخرين ومنحهم المودة والاهتمام. فأية علاقة تبدأ لحظة الإحساس بالارتياح.
عندما تواجه مشكلة ما، اعرف كيف تحلها، وابحث عمن يمكنه أن يساعدك على حلها. ثم افعل الصواب. بيد أنه من المهم أيضاً أن تقيم أرضاً مشتركة بينك وبين سامعيك مهما كان بينكما من مشكلات. ولا تنس أن تقديم العون للآخرين يفيدهم ويفيدك أيضاً، فهو يزيد من احترامك وتقديرك لذاتك.
التوجه والمعتقدات
يؤكد الكاتب على نظرية مهمة، مفادها: «أنت مجموع ما يعتقده الآخرون عنك. وأنت بالنسبة لهم ما تعتقده عن ذاتك». ويدعو القارئ إلى أن يجرِّب القيام بعمل ما يحبه، ليشعر عندها بالرضا والسعادة. كما يحثه على تقبل أخطائه، فحتى الأشخاص الذين كانت حياتهم مليئة بالنجاح، حفلت حياتهم بخطوات تقهقر للخلف.
ويؤكد المؤلفان أن الحياة لا تتشكَّل لنا كما نريد، وإنما باستجابتنا للأحداث، وأن حياتنا لن تتغيَّر، إلا إذا قمنا بتغييرها. كل ما علينا فعله، أن نثق في قدراتنا.
فن التكتيك والعادات
هل تريد أن تحقق فائدة أكبر في علاقاتك المهنية.. حسناً، إليك هذه الباقة من الملاحظات والنصائح التي يقدِّمها لك الكتاب:
–
لا يفكِّر الناس بطريقة منطقية، فهم يهتمون بالأمور الصغيرة أكثر من الأمور الكبيرة.
– أرسل رسائل شكر بقدر ما تستطيع.
–
حاول أن تشكر الآخرين بطريقة مميزة لا يمكن نسيانها. فهذا سيعطيك شعوراً جيداً.
–
تذكر أن العامل الأول للنجاح هو في أن تجعل الطرف الآخر مرتاحاً. والراحة تبدأ من مظهرك، لأن ملابسك وحقيبتك تعطي إشارات ومعاني.
–
احتفظ دوماً بنسخة إضافية احتياطية من كل وثيقة، وراجع كل شيء مرتين وليكن لديك دائماً خطة للطوارئ.
–
لا تناقش أمور السياسة والدين والمسائل الشخصية في جلسات العمل، وابتعد عن الحديث في الموضوعات المثيرة للجدل.
– حافظ على الأسرار.
–
اعترف بأخطائك واعلم أن النجاح يأتي ويذهب، والفشل أيضاً.
–
عامل الآخرين كما تحب أن يعاملوك. وكن عادلاً معهم حتى يكونوا عادلين معك.
–
اثن على الآخرين ولا تتملقهم أبداً، فالتملق يعطي نتائج عكسية.
النجاحات والإخفاقات المبهجة
في الفصل الذي يحمل هذا العنوان يقدِّم المؤلفان للقارئ نصائح عامة هي بمثابة خلاصة تجاربهما الجمة. ومنها نقتطف هذه المجموعة: «احترم الجميع، افعل ما بوسعك لترضيهم، استمر في التعلم، أحب من هم حولك، قدِّم تضحيات للغير، لا تجعل المال هدفك في البداية وتكيف مع الوضع».
ويختم المؤلفان كتابهما بثلاثة أفكار:
– فقط اعط…ثم راقب ما سيحدث.
– قلما تنجح وحدك، وإنما تنجح من خلال الآخرين.
– استفد من الحياة ، فهي متعة تنقضي في غمضة عين.