أكثر من رسالة

أكثر من رسالة

عن أي لوحة فنية تتحدثون؟

قرأت في آخر عدد من القافلة وصلني، وتحديداً في باب ‮«بداية كلام‮» أجوبة عديدة عن سؤال حول كيفية اختيار عمل فني للمنزل أو المكتب. وعلى الرغم من أن السؤال كان عاماً، فقد بدا من الأجوبة أنها كانت بشكل شبه حصري حول فن اللوحة. وبغض النظر عن طبيعة الأجوبة الواردة في المقال، ومع احترامنا لكل الآراء، فإن المنشور على الصفحتين، بما فيه السؤال الرئيس المطروح، يشير إلى سوء تفاهم عميق ما بين المواطن العربي عموماً من جهة وفن اللوحة من جهة أخرى.

حسناً فعل بعض المجيبين عندما تحدث عن عمل فني تزييني، أي مجرد شيء جميل يضفي مزيداً من الجمال على المحيط المسكون. أما اللوحــة فهي شأن مختلف.

لا مجال هنا لإلقاء موعظة حول ‮«وظيفة اللوحة‮»، التي تختلف تماماً عن التزيين. ولكن لا بد من الإشارة إلى أن ‮«اللوحة‮» هذا الفن الذي ظهر في أوروبا قبل سبعة قرون، ووصل إلينا قبل نحو قرن واحد من الزمن، هو فن الرسم الذي يستمد قيمته أولاً من الخطاب الإنساني الذي يتضمنه، بأوسع معنى لكلمة خطاب، وليس من قوته الجمالية أو قدرته التزيينية، وإن كان وجود الجمال شرطاً ضرورياً لإيصال الخطاب في كثير من المدارس الفنية.

وعليه، ما يجب أن يدركه كل من يقتني لوحة ذات قيمة، أنها عمل فني يستمد قيمته مما في داخله وليس مما هو حوله. فمن خصوصيات اللوحة التي تميزها عن الرسم الجداري، قابلية نقلها من مكان إلى آخر من دون أن تخسر شيئاً من جمالها وقيمتها. وبالتالي، فإن اللوحة القيمة غير مرتبطة لا بطراز الأثاث ولا ألوان الغرفة، ولا حتى بتقلب مزاج مقتنيها، بل بمستواه الثقافي فقط.

منذر الزيني
باريس


حياة طويلة الأجل مع ‮«الحصافة‮»

بعد سنين من الدراسة والبحث في المجموعات التي اختارها العالِمُ ترومان، تبيَّن له أنَّ المؤشر الأول لطول العمر في فترة الطفولة والشباب هو ‮«الحصافة‮»، أو بمعنى أوضح الشخص الذي غالباً ما ينجز وفقاً لما يمليه الضمير. حيث يقال حَصُفَ في أحكامِه: كانت أحكامُهُ عادِلَةً تحتكِمُ إلَى العَقلِ. أي إنَّ الشخص المتعقل اللبيب الذي يعيش حياته باستقرار واجتهاد، ويدرس الأسباب والنتائج قبل أي عمل يقوم به، غالباً ما يعيش حياة أطول من غيره. فالذين عاشوا حياتهم باقتصاد وتعقل ومسؤوليَّة موجِّهة وممركزة عاشوا الحياة الأطول. وبناءً على هذه النتائج، هناك ثلاثة أسبـاب توضِّـح لماذا عاش هؤلاء حياة صحيَّة طويلة.

السبب الأول: هو أنَّ الحصيفين أو المتعقلين يميلون ويتوجهون إلى حماية أنفسهم من الولوج والمشاركة في غالبية الأنشطة الخطرة والمسبِّبة للأذى، حيث إنهم يدرسون كل عمل أو خطة قبل المشاركة. ولذا، فهم غالباً ما يستشيرون الآخرين ويأخذون المشورة بتعقُّل ودراسة عالية للغاية.

السبب الثاني: هو أنَّهم ميَّالون إلى الابتعاد عن مسببات الأمراض ويهتمون بالغذاء وبساعات نومهم على حد سواء.

السبب الثالث: وهو السبب الأكثر إثارة للاهتمام هو أنَّ هذه النوعيَّة من الأشخاص غالباً ما يكوّنون علاقات صحيَّة لهم ولغيرهم. لذلك دائماً ما نجدهم في تفكيرهم وآرائهــم وعلاقاتهــم يُكَوّنون طرقاً وعادات ملائمة لحياة صحيَّة طويلة يتمتعون بها.؟

ماجد نزار القطري
مبتعث سعودي


اللغة العربية في البرازيل

كانت هجرة العرب إلى أمريكا الجنوبية متأخرة، مقارنة مع هجرتهم إلى أمريكا الشمالية بنحو عقدين من الزمن، أي في الربع الأخير من القرن التاسع عشر.وتعزو بعض الدراسات ارتفاع نسبة المهاجرين العرب إلى البرازيل بشكل رئيس إلى زيارة إمبراطور البرازيل إلى لبنان وسوريا وفلسطين وتوقيـع معاهدة الهجرة بين الحكومتين البرازيلية والعثمانية عام 1906م.

من التأقلم إلى النبوغ
واجه المهاجرون العرب إلى أمريكا الجنوبية وبالأخص البرازيل، مشكلات كثيرة في التأقلم، إضافة إلى جهلهم باللغة والعادات. ولكنهم جيلاً بعد جيل، نجحوا في ترسيخ أقدامهم، وأخذوا يبنون لأنفسهم مكانة مرموقة. وشارك الجيل الثاني (أبناء المهاجرين) أكثر فأكثر في مختلف مناحي الحياة الثقافية والفنية والسياسية والاقتصادية، فظهر في البرازيل شعراء المهجر، أمثال إلياس فرحات ورياض معلوف ورشيد سليم الخوري (الشاعر القروي)، وانتشرت الأندية والروابط الأدبية والثقافية، مثل: رواق المعري الذي كان أول رابطة أدبية أنشئت في ساو باولو، ثم تلتها جمعية الخريجين التي ما زالت تمارس أنشطتها إلى اليوم، ثم أسست رابطة أدبية جديدة أطلق عليها اسم جامعة القلم التي تضم معظم الأدباء والشعراء في البرازيل وأقامت برامج ثنائية مع دار ‮«ندوة الأدب العربي‮» في الأرجنتين.

أما اليوم، فالتحدي بات أكبر
يتضح من كل هذا مدى حرص المهاجرين العرب على الحفاظ على لغتهم في وطنهم الجديد. وقد استمر الحال على المنوال نفسه حتى اليوم. غير أن تدفق موجات جديدة من المهاجرين العرب بفعل الاضطرابات العنيفة في أوطانهم بات يشكِّل تحدياً على صعيد تأمين التعليم اللازم لهم، وتحديداً تعليمهم اللغة العربية التي يحرص الأهالي على إبقائها حيّة في ثقافة أولادهم.

إن الحكومة البرازيلية تبدو حريصة على تلبية هذه الاحتياجات. وقد دعا وزير خارجيتها ماورو فييرا، في القمة العربية اللاتينية التي عُقدت في الرياض السنة الماضية، إلى تعزيز تعليم اللغة العربية في البرازيل والقارة اللاتينية، وأشار إلى أن هناك مصالح مشتركة بين دول القارة والدول العربية رغم البُعد الجغرافي، مؤكداً أن برامج تعليم اللغة العربية فى بلدان أمريكا الجنوبية يجب أن تكون أحد أهم الأهداف المشتركة.

وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات دقيقة حول عدد المدارس التي تُدرِّس العربية، فإن الملاحظة العامة تقول إن معظمها أنشىء في ستينيات من القرن المنصرم، ويعود الفضل في إنشائها إلى الجمعيات الإسلامية التي كان شعارها الحفاظ على أبناء الأقلية المسلمة الذين كانوا سيخسرون دينهم وثقافتهم ولغتهم، لو لم يدرك آباؤهم أهمية تربية الأجيال الناشئة على مبادئ الإسلام والحفاظ على هويتهم وتفهم واجباتهم كمسلمين وافدين ومواطنين في البلاد.

إلا أن ما تقدّم، لا يعني أن الاهتمام بدراسة العربية هو حكر على أبناء الجالية العربية فقط. فاللافت أن الشباب البرازيلي المنتمي إلى أصول غير عربية يُبدي اهتماماً متزايداً بدراسة اللغة العربية وآدابها على المستوى الجامعي.

ففي جامعة ساو باولو على سبيل المثال، تم افتتاح قسم اللغة العربية في كلية الفلسفة والآداب والعلوم الإنسانية عام1960م، وتتولى الآن الباحثة والمترجمة وأستاذة علم اللغة الدكتورة صفاء جبران أبي شهلا رئاسته، يعاونها خمسة أساتذة آخرين، أغلبهم من أصول عربية. ويشهد هذا القسم نشاطاً وحماساً لافتين للنظر. ولا يختلف الأمر كثيراً في جامعة ريو دي جانيرو الفيدرالي، حيث تم تأسيس قسم اللغة العربية ضمن قسم الآداب الشرقية في كلية الآداب عام 1968م، وباشر أعماله في العام التالي، ويتولَّى التدريس فيه الآن خمسة أساتذة من أصول عربية، وتخرَّج منه عشرات الطلاب. ويشار إلى أن من بين الأعمال التي أنجزها القسم إصدار قاموس من وإلى البرتغالية والعربية وترجمات لبعض المؤلفات القديمة.

ثائر عبد اللطيف حجات
البرازيل

أضف تعليق

التعليقات