يشير مصطلح الاستدامة إلى القدرة على تلبية احتياجاتنا الحالية من دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها المستقبلية. في هذا السياق، تُعدُّ السياحة المستدامة من الجوانب المهمة لتحقيق هذا الهدف، إذ تسعى إلى تحقيق توازن بين السياحة والحفاظ على البيئة وثقافة المجتمعات المحلية وحقوق سكانها، وتحترم التنوُّع الحيوي وتحميه. كما تسعى إلى تعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة واعتماد التصميم المعماري البيوفيلي الصديق للبيئة في الفنادق والمرافق السياحية. وعلى الرغم من أهميتها الحيوية، لا تزال السياحة المستدامة تشكِّل نسبة ضئيلة من اقتصاد السياحة، لا تتعدى %3 وفق الإحصاءات الصادرة في شهر مارس 2023م عن شركة “ستاتيستا” العالمية، أي حوالي 181 مليار دولار. ذلك لأن تحديات عديدة تواجه تحقيق أهداف السياحة المستدامة وتحدُّ من تقدُّمها.
ارتفع عدد السياح في العالم من 25 مليونًا عام 1950م إلى مليار ونصف المليار عام 2019م، أي قبل جائحة كورونا. وأصبحت السياحة بذلك أحد أهم القطاعات في الاقتصاد العالمي، حيث تمثل أكثر من %10 من الناتج الإجمالي العالمي، وكانت تنمو، وما زالت، بوتيرة أعلى من نمو هذا الناتج. وقُدِّرت إيراداتها بحوالي 10 تريليونات دولار أمريكي في السنة وفق إحصاءات صندوق النقد الدولي في تقرير 2020م. وحسب شركة “ستاتيستا”، وفَّرت السياحة أكثر من 330 مليون وظيفة في جميع أنحاء العالم في عام 2019م، ثم انخفض هذا العدد إثر جائحة كورونا إلى 271 مليونًا عام 2020م، مع عودة متوقعة إلى مستويات قريبة من السابق خلال العام الحالي 2023م. وقد أصبح مدخول السياحة جزءًا لا غنى عنه في اقتصادات عديد من الدول. وبينما كانت السياحة مقتصرة على الطبقات العليا الميسورة، أتاح التوسع بالسفر الجوي، وانخفاض تكاليفه بعد الحرب العالمية الثانية، دخول الطبقة الوسطى بأعداد كبيرة على خط السياحة.
تأثير سلبي في البيئة
لكن ثمن ذلك كان فادحًا على البيئة. فالمنتجعات السياحية الكبيرة والفنادق الفاخرة تستهلك كميات هائلة من المياه والطاقة والغذاء، مما يؤدي إلى نضوب الموارد المحلية وزيادة الضغط على النظام البيئي المحيط. وتتمثل هذه المشكلات في استنزاف المياه الجوفية وتجفيف البحيرات والأنهار وتلوثها جراء زيادة المياه المستعملة، مما يؤدي بدوره إلى نقص المياه النظيفة وتدهور الحياة النباتية والحيوانية. ومع ازدحام الكثير من المسافرين في الوجهات نفسها والأيام نفسها، تعود الفوائد إلى كبار المستثمرين بدلًا من المجتمعات المحلية. كما أن تراكم النفايات البلاستيكية والمعدنية على الشواطئ وفي المحميات الطبيعية بات يهدد الحياة البحرية ويسبب اختناقًا بيئيًا.
إضافة إلى ذلك، يسهم قطاع النقل السياحي كالطائرات والسفن السياحية بانبعاث كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات الدفيئة، مما يؤثر على البيئة بشكل عام، إذ تسهم السياحة بـما نسبته %11 من إجمالي انبعاثات الكربون، حسب المنتدى الاقتصادي العالمي في نوفمبر 2022م. وبشكل مفصَّل، تنتج رحلة نموذجية عابرة للقارات طنين من ثاني أكسيد الكربون لكل راكب في الاتجاه الواحد. وهذا يعادل تقريبًا ناتج قيادة سيارة لمدة عام كامل. أما سفينة سياحية متوسطة الحجم، تحمل 3000 راكب، فتستخدم 150 طنًا من الوقود يوميًا.
يُضاف إلى ذلك التلوث الضوئي والضوضاء فهما جانبان مهمان من جوانب التأثير السلبي للسياحة على البيئة بإحداثهما تغيرات في السلوك الطبيعي للحيوانات والطيور وفي نُظمها البيئية.
نشأة مفهوم السياحة المستدامة
بدأ الاهتمام بمفهوم السياحة المستدامة ينمو في تسعينيات القرن العشرين نتيجة الوعي المتزايد بالتأثيرات السلبية للسياحة على الموارد البيئية والثقافية والاقتصادية في المناطق السياحية.
وكانت نقطة التحوُّل المهمة في فهم الاستدامة في عام 1987م، عندما صدر تقرير “برونتلاند” من قِبل لجنة الأمم المتحدة للبيئة والتنمية، الذي عرّف مفهوم “الاستدامة” وعمَّمه منذ ذلك الحين. وفي عام 1992م، أسفرت قمة الأرض التي عُقدت في ريو دي جانيرو عن اعتماد “خطة العمل 21” الهادفة إلى التوجه نحو التنمية المستدامة في جميع المجالات، بما في ذلك السياحة، وتضمّنت التركيز على أهمية الحفاظ على البيئة والثقافة وتشجيع المشاركة المجتمعية في صناعة السياحة. ثم تبلورت الحاجة إلى السياحة المستدامة من خلال بروتوكول كيوتو في عام 1997م الذي هدف إلى الحدّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
بعد ذلك، أعلنت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة لويز فريشيت أن عام 2002م هو “العام العالمي للسياحة البيئية”، ولفتت الانتباه إلى ضرورة جعل الجمهور أوعى بتأثير نمو “السياحة الطبيعية” (مقابل السياحة الافتراضية) على البيئة. وقالت إن المنتجعات الساحلية الضخمة قد طُوِّرت بشكل مفرط، فتضررت الشواطئ والشعاب المرجانية، بل تدمّر بعضها بسبب الزوّار، وتعطلت ثقافات السكان الأصليين بسبب تدفق السلع الأجنبية والقيم الثقافية المختلفة. ويجب أن تنهض المبادئ الأساسية التي حددتها منظمة السياحة العالمية والأمم المتحدة وغيرهما لتمكين الإدارة الناجحة لهذه الصناعة.
أدت هذه التطورات إلى زيادة الوعي بأهمية السياحة المستدامة، والسعي في تبني مبادئها في جميع أنحاء العالم. ووضِع عديد من الأطر الدولية والمحلية لتعزيز التنمية المستدامة في السياحة، بما يشمل المحافظة على الموارد البيئية والثقافية، وتشجيع النمو الاقتصادي الشامل والمستدام في المجتمعات المحلية المضيفة.
السياحة الريفية والبيئية
تعتبر السياحة الريفية والبيئية شكلًا متميّزًا من أشكال السياحة المستدامة، إذ تركز على استكشاف وتجربة البيئة الريفية والطبيعية بشكل مستدام ومسؤول. وهي تُعدُّ أحد القطاعات الواعدة في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الريفية، إذ يُعدُّ الاستثمار في السياحة الريفية استثمارًا إستراتيجيًا يعود بالفوائد على المجتمعات الريفية ويعزز نموها المستدام.
ويلعب هذا النوع من السياحة دورًا مهمًا في الحدّ من هجرة الشباب من الأرياف إلى المدن. إنها تؤمّن فرص عمل وتنمية مستدامة وتعزِّز ريادة الأعمال المحلية في المناطق الريفية، وبالتالي تحفّز الشباب على البقاء في مجتمعاتهم الأصلية والعمل على تطويرها عبر إنشاء مشروعات سياحية صغيرة تقدِّم تجارب فريدة للزوار وتعزِّز الاقتصاد الريفي.
وفي الوقت الذي تشكِّل السياحة الريفية والبيئية قطاعًا مهمًا ومتناميًا، فإنها تواجه تحديات وقيودًا تؤثر على تطورها واستدامتها. وتُعد البنية التحتية المحدودة إحدى أبرز هذه التحديات، حيث تفتقر بعض المناطق الريفية والبيئية إلى البنية التحتية السياحية الكافية مثل الطرق والمرافق الضرورية، مما يعيق وصول الزوار ويؤثر على جودة تجربتهم السياحية. إضافة إلى ذلك، يعاني السكان المحليون في تلك المناطق من نقص الوعي بفرص التنمية السياحية وأهميتها، مما يحد من قدرتهم على استغلال الفرص المتاحة بشكل فعّال.
تلعب هنا التكنولوجيا والمنصات الرقمية دورًا حيويًا في ترويج هذا النوع من السياحة، إذ يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية لتوفير معلومات حول الوجهات الريفية والبيئية، وتسهيل حجوزات الإقامة والنشاطات، وتعزيز الوعي بأهمية السياحة المستدامة. كما يمكن استخدام التكنولوجيا في إدارة الزوار وتقديم تجارب سياحية مميزة ومبتكرة.
أما في عالمنا العربي، فإن نجاح عديد من المشروعات السياحية الريفية في الدول العربية أسهم ويسهم بطريقة مباشرة في إحياء بعض المهن التقليدية التي تواجه خطر الزوال، وتمكين النساء في الأرياف وتثبيت الشباب في مناطقهم وقراهم، وهو يسهم أيضًا في تنشيط الاقتصاد المحلي وتعزيز التراث الثقافي والحرفي في المنطقة.
بعض النماذج الرائدة
من بين المشروعات النموذجية التي ظهرت نتيجة تنامي الوعي بأهمية السياحة المستدامة حول العالم يمكننا أن نذكر:
• حديقة “يوسمايتي” الوطنية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، التي تتبنى إستراتيجيات للحفاظ على التنوُّع الحيوي والمحافظة على البيئة الطبيعية والتوعية بأهمية الاستدامة بين الزوار.
• جزر المالديف في شمال المحيط الهندي، التي تُعد وجهة سياحية مشهورة بجمال شعابها المرجانية ومياهها الزرقاء الصافية. تُعدُّ السياحة المستدامة مهمة في المالديف، حيث تعمل الجزر على الحفاظ على المحيط، وتشجّع السياح على ممارسة الغوص المسؤول وتجنّب استخدام المواد البلاستيكية.
• حديقة “كروجر” الوطنية في جنوب إفريقيا، وهي إحدى أكبر حدائق الحياة البرية في العالم. تهتم الحديقة بالمحافظة على التنوُّع الحيوي والحياة البرية، وتعزيز التوعية بأهمية الحفاظ على النظام البيئي، وتشجيع السياح على السلوك السياحي المسؤول.
وهناك أيضًا نماذج أخرى ناجحة في عالمنا العربي:
• مدينة العين التراثية في الإمارات العربية المتحدة، التي تُعدُّ أحد أبرز المشروعات السياحية الريفية في المنطقة. يهدف هذا المشروع إلى إحياء المهن والحِرَف التقليدية، مثل صناعة الغزل والنسيج والخياطة اليدوية والخرز والنحت على الخشب. كما يوفر المشروع فرص عمل للشباب المحلي ويمكّن النساء في الأرياف من المشاركة والإسهام في الأعمال الحرفية.
• مشروع “مزارع الزعفران“ في منطقة تافيلالت في المغرب، ويهدف إلى استخدام الأراضي الزراعية القاحلة لزراعة نبات الزعفران. وتُعدُّ زراعة الزعفران مهنة تقليدية قديمة تواجه خطر الاندثار، ولكن هذا المشروع أسهم في إحياء هذه المهنة وتوفير فرص عمل للشباب المحلي في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للنساء المشاركة في أعمال زراعة الزعفران ومعالجته، مما يسهم في تمكينهن اقتصاديًا.
• مشروع “الحِرَف التقليدية“ في البحرين الهادف إلى الحفاظ على التراث الحرفي وتمكين النساء في الأرياف. يدعم هذا المشروع المهن التقليدية كالخياطة وصناعة المجوهرات والنسيج. كما يعمل على تدريب وتوظيف الشباب المحلي، ويمكِّن النساء من ممارسة هذه المهن وتطوير مهاراتهن، مما يسهم في تحقيق الاستقلالية المادية للنساء في الأرياف.
• مشروع “القصبة الريفية“ في محافظة العلا في المملكة، المتميّز بتوفير الفرص التجارية والحرفية التقليدية للسكان المحليين. يعيد المشروع إحياء مهن التراث، مثل النسيج التقليدي والخياطة اليدوية والحِرَف التقليدية الأخرى، ويوفر فرص عمل للشباب المحلي ويسهم في تعزيز الاستدامة الاقتصادية للمنطقة.
• مشروع “قرية الجنائز الريفية“ في منطقة عسير في المملكة، الذي يهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي والتقليدي لقبائل عسير من خلال تقديم تجربة سياحية فريدة في قرية الجنائز. ويشمل المشروع عديدًا من الأنشطة والمهن التقليدية مثل الحِرَف اليدوية والزراعة التقليدية وصناعة الخزف. كما يسهم في تمكين النساء في الأرياف وتعزيز الاستقلالية المادية للمجتمع المحلي.
وجديرٌ بالذكر هنا أن جانبًا مهمًا من رؤية 2030 في المملكة العربية السعودية يتعلق بالبيئة وكيفية تحسينها، ويشدِّد على أهمية السياحة المستدامة وتعزيزها.
تجارب سياحية متباينة
ولكن على الرغم من نجاح عديد من النماذج، هناك إشكاليات يجب التنبه لها في المستقبل لئلا تعيق تقدُّم هذا النوع من السياحة. وهذان نموذجان متباينان لذلك:
تحوّلت بعض جبال النيبال نتيجة السياحة الريفية إلى مكبات قمامة من جراء تطوّر السياحة في البلاد، وخاصة ارتفاع عدد رحلات التسلّق والتجوال في هذه الجبال. فقد اهتمّت الوكالات السياحية للرحلات الجبلية أساسًا بجني الأموال الطائلة، بينما تجاهلت حقيقة إسهامها بشكل فعال في إيذاء المسالك السياحية (وتحديدًا المسالك المؤدية إلى مخيمات جبل إفرست وقمته) من خلال إرضاء عملائها بتزويدهم بكافة أنواع السلع خلال الرحلات. ووفقًا لمجلة الشؤون المالية العالمية فإن نيبال هي إحدى أفقر البلدان في العالم. وعلى الرغم من ذلك، فإن عائدات السياحة، من رسوم تأشيرة السائح عند وصوله إلى البلاد ثمّ رسوم تصريح الرحلات، لا يستفيد منها السكان المحليون الذين يعيشون تحت خط الفقر. بالتالي فإن التأثير الإيجابي المباشر للحركة السياحية على السكان المحليين يبقى ضئيلًا مقارنة بما يمكن أن يكون عليه.
لقد استفادت من هذه الأخطاء مملكة بوتان المجاورة، فاكتشفت كيفية الاستفادة من الأجانب من دون التأثير على الطبيعة والثقافة المحلية، فسمحت باستقبال عدد محدود من السياح، بعكس النيبال. واختار البوتانيون نموذجًا مختلفًا خوفًا على ثقافتهم الخاصة، بالعمل على ترشيد عدد السياح المسموح لهم بالدخول.
على صعيد آخر، هناك تباين كبير بين رغبة معظم السياح في اختيار سياحة مستدامة، وبين ما يقومون به في الواقع. فقد جاء في استطلاع قامت به شركة “ستاتيستا” أن %80 من السياح يرغبون في القيام بسياحة مستدامة. ولكن، لماذا لم تترجم هذه الرغبة؟
حدد المنتدى الاقتصادي العالمي في تقرير صدر في نوفمبر 2022م بعض العوائق التي تعترض تحقيق رغبة السياح هذه، ومنها:
1. توفر محدود للأماكن السياحية المستدامة والافتقار إلى بدائل مستدامة ضمن عروض شركات السياحة. أو أنها تتضمن خيارات محدودة للأماكن المستدامة التي تتنافس مع العروض التقليدية.
2. نقص الوعي لدى السياح بتحديات الاستدامة، والسلوكيات التي يمكن أن تساعد في التغلب على هذه التحديات.
3. انخفاض الثقة لدى السياح حول الادعاءات التي تقدمها الشركات فيما يتعلق باستدامة ما تعرضه.
4. الفرق في الأسعار، إذ تُعدُّ خيارات السفر المستدام أغلى من نظيراتها التقليدية، نظرًا لأن الرغبة في دفع مبلغ إضافي مقابل منتج أكثر استدامة تختلف باختلاف شريحة السياح، وتتطور باستمرار فهي غير ثابتة. لكن غالبًا ما يتخلى السياح عن خيارات البديل بسبب السعر المرتفع.
5. تجربة شراء معقدة، فغالبًا ما يُثبَّط السياح عن اختيار أماكن مستدامة إذا كانت العملية مرهقة.
6. عدم وجود المكافآت، إذ يشير هذا العائق إلى الحاجة إلى جعل العملاء يشعرون بالمكافأة على جهودهم الجسدية والعاطفية.
في النهاية، إن التقدُّم في السياحة المستدامة مرهون بالتقدُّم أولًا في الاقتصاد الدائري وريادة الأعمال الخضراء. وهذه الأخيرة كما يظهر من تقرير القافلة في عدد نوفمبر-ديسمبر 2021م لا تزال في بداية الطريق، وهي تعاني بدورها من عوائق عديدة. ففي آخر التحليل، لا بد لكي تتقدم السياحة المستدامة من تغير نمط الاستهلاك في العالم على صعيد الأفراد، وتغيير المفاهيم الاقتصادية القائمة على نسب نمو عالية بهدف الربح. وعسى أن تتغير الأوضاع بوعي الأجيال الجديدة للحد من الملوثات باتباع الاستدامة العامة.
اعتبر الفيلسوف الفرنسي جان بودريار (1929-2007م) أن للسياحة البيئية أهمية خاصة. ففي عصر الشاشة، يؤدي الاتصال الفوري إلى تقليص الوقت والمسافة إلى حدود كبيرة، وهذا يؤثر على نمو وعينا الذاتي، المسؤول عن خصوصيتنا الذاتية على الصعيد الفردي، وخصوصيتنا الثقافية على الصعيد الجماعي. فنحن بحاجة إلى “تأخيرات وتأجيلات” تأملية ضرورية لتشكيل خصوصيتنا عند مواجهتنا للأحداث والتجارب. وهكذا تُمحى في العصر الافتراضي أي هوية خاصة، فردية وجماعية، فيتشابه الجميع.
والسياحة الافتراضية، التي تمثلها مدن الملاهي الكبرى على سبيل المثال، تسهم في هذه الظاهرة من خلال محو المكان وتكريس التجارب الموحدة والقضاء على الاختلاف والتميز. إزاء ذلك، تشكل السياحة البيئية فرصة نادرة برأيه لإعادة الإنسان إلى طبيعته، ووعيه الطبيعي بالاحتكاك الفعلي مع الآخر المختلف ثقافيًا وحياتيًا، واختبار الوقت والمسافات فعليًا بعيدًا عن العالم الافتراضي على الشاشات.
اترك تعليقاً