كتب عربية
لماذا كرة القدم؟
تأليف: أيمن جادَه
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2017م
وضع الإعلامي الرياضي أيمن جادَه هذا الكتاب في محاولة منه للإجابة عن سؤال بسيط وواضح للوهلة الأولى، ولكنه معقَّد وصعب في الواقع: لماذا كرة القدم؟ سؤال تتفرَّع عنه مجموعة من الأسئلة تتوارد إلى الأذهان بمجرد طرح هذا السؤال الجدلي والعميق. لماذا هي اللعبة الأكثر شعبية؟ ولماذا هي الأكثر تشويقاً وإثارة وانتشاراً؟ ولماذا أصبحت اللعبة صناعة بحد ذاتها وجزءاً مهماً من الدورة الاقتصادية في العالم؟
ومن خلال المحاولة للإجابة عن كل هذه الأسئلة يشبه العرض الذي يقدِّمة الأسلوب الروائي الشائق الذي يقدِّم فيه رؤيته الذاتية لظاهرة عاشها واختبرها وعشقها طوال حياته.
يؤكد جادَه أنه بدأ العمل على هذا الكتاب منذ سنوات، حين كان يسأل معظم النجوم الذين يقابلهم من لاعبين ومدرِّبين ومحللين: برأيك لماذا كرة القدم هي الأهم؟ وقد حصل على مجموعة من الإجابات وصلت إلى حوالي 100 نشرها في الفصل الأخير من الكتاب. كما وضع مقولة شهيرة عن كرة القدم قبل كل فصل من الكتاب، كقول الرئيس الليبيري، نجم كرة القدم العالمي، جورج ويا: “كرة القدم لم تَعُد مجرد لعبة بل أصبحت أسلوب حياة”، والقول الذي اشتهر في دولة الأوروغواي: “للدول تاريخ ولأوروغواي كرة القدم”، ومجموعة من الأقوال الأخرى التي تؤكد على تحوُّل كرة القدم إلى ظاهرة ثقافية تستحق البحث والسؤال: لماذا كرة القدم؟
مداخل إلى الأدب الأمازيغي الحديث
تأليف: مبارك أباعزي
الناشر: مجلة الفيصل، 2017م
يؤكد الكاتب أن الأدب الأمازيغي لا يقترن فقط باللغة الأمازيغية، بل قد يكون أدباً مغربياً أو مغاربياً أو إفريقياً أو مناطقياً (سوس- الريف-الأطلس)، كما أنه ليس وليد حركة النشر الأمازيغي التي بدأت في نهاية الستينيات من القرن العشرين، وفي الوقت نفسه ليس وليد الحراك الثقافي الذي ظهر في بداية السبعينيات من أجل الاعتراف باللغة والهوية الأمازيغية.
فالأدب الأمازيغي أدب عريق وقديم وضارب بجذوره في الهوية والأدب المغربيين ومتأصل في حياة الأمازيغ وحضارتهم وفنونهم التي نقلت وأبدعت داخل النسق الجمالي للغة الأمازيغية عاكسة تصورهم لمحيطهم وتاريخهم وقيمهم الاجتماعية وعاداتهم وتقاليدهم، مثل الشعر والحكايات والأمثال والقصص والحكم والمواعظ ووقائع التاريخ بأحداثه الكبرى والصغرى، رغم أن العامل الشفوي في تناقل موروثات ذلك الأدب أدى إلى ضياع كثير منه.
يتضمَّن الكتاب دراسات عن الشعر والقصة والرواية والأدب الأمازيغي المكتوب بالعربية والفرنسية من نتاج الحقبة الحديثة. ومن خلال تلك الدراسات، يتبع الكاتب إطاراً منهجياً يعتمد على أدوات ومفاهيم نظرية متنوِّعة ومتشعبة الاتجاهات، مما يسمح بإعطاء هذه الدراسة عنوان “مداخل” إلى الأدب الأمازيغي الحديث وليس مدخلاً واحداً، اعتقاداً من أباعزي أن دراسة هذا النوع من الأدب تقتضي مقاربته من أكثر من مدخل.
البيوت الدمشقية الأثرية
تأليف: د. مسلم سقا أميني وفريقه
الناشر: دار نينوى، 2018م
يشتهر البيت الدمشقي بجماله وأصالته، ويُعد مأثرة من مآثر العمارة العربية. ومن هنا جاء هذا الكتاب، الذي أشرفت عليه مؤسسة التراث والعمارة برئاسة الدكتور المهندس المعماري مسلم سقا أميني، الفائز بجائزة بريتزكر العالمية، التي تكاد أن تكون مرادفة في الهندسة المعمارية لجائزة نوبل في الآداب.
فعلى مدى عشرين عاماً عمل الدكتور أميني والفريق التابع له على ترميم ودراسة مجمل البيوت الدمشقية الجميلة المعروضة في هذا الكتاب، الذي يوثق بالصور والشرح الوافي أنواع البيوت الدمشقية وتفاصيل هندستها المعمارية اللافتة. فيعرض أهم تفاصيل البيت الدمشقي من المساقط والمقاطع والواجهات وتقطيع الغرف والمشربيات والأبواب والأسقف والجدران والأرضيات، وحتى تصميم البحرات والمواد المستخدمة في كل منها، وغيرها من التفاصيل الهندسية الدقيقة.
وعرضت هذه البيوت الدمشقية الأثرية ضمن نظام عرض فني موحَّد لتسهيل المقارنة في ما بينها. فكان هذا الكتاب، الذي يُعد مرجعاً مهماً للباحثين والمعماريين والمؤرخين والفنانين والمهنيين والمهتمين بالإرث العظيم الذي خلفه معماريو دمشق، إضافة مهمة للمكتبة المعماريـة العربيـة والإسلاميـة وحتى العالمية، لما يحتويـه من معلومات جديدة عن التراث المعماري العربي الإسلامي.
صورة الغبار في الشعر الجاهلي
تأليف: صالح بن سالم الحارثي
الناشر: النادي الأدبي والثقافي بنجران ، 2018م
بما أن هناك تردداً غالباً في الحديث عن الغبار في الشعر الجاهلي، يسلِّط هذا الكتاب الضوء على الغبار في الدواوين والمختارات الشعرية من الجاهلية، من حيث وصف غبار المعارك، حيث أكثر الشعراء من الحديث عنه والتفنن في وصفه فتناولوه بأشكاله المختلفة، وتحدثوا عن الظلام الذي يتأتَّى من تصاعد الغبار أثناء القتال وعن بريق السيوف التي تلمع في عتمته، ووصفوا تزاحم الجيوش وهي تشق طريقها مع ارتفاع غبار المعارك الضارية.
كما يتناول الأسماء المتعدِّدة للغبار التي استخدمت في الشعر الجاهلي، حيث تبيَّن أن له في المعاجم العربية أكثر من ستة وثلاثين اسماً للغبار مثل: النقع والنحس والقترة والقتام وغيرها الكثير.
ومن بعدها ينتقل الحارثي إلى مسألة الغبار في الأغراض الشعرية فيتابع تطور الصورة الفنية للغبار في العصور المختلفة. ففضلاً عن غبار المعارك يتحدَّث عن أنواع مختلفة من الغبار في الشعر الجاهلي، حيث هناك غبار الطرد وغبار الأقدام وأخفاف الإبل، و الغبار الناتج عن الرياح، فضلاً عن المعنى المجـازي للغبار، حيث يستخدم لتصوير المشاعر والأحاسيس، فهناك غبار الذل والمهانة إذ وُصف الجبان بأنه شخص يعلوه الغبار كناية عن خوفه وهلعه، كما كان هناك غبار الحزن والفتن.
التأثير السّيبراني، كيف يغيّر الإنترنت سلوك البشر
تأليف: ماري آيكن
ترجمة: مصطفى ناصر
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2017م
يُقدِّم هذا الكتاب الذي يتضمن تسعة فصول تفسيراً لكيفية تغير سلوكيات الناس ومشاعرهم وقيمهم حين يستخدمون شبكة الإنترنت، وكيف يستغل مجرمو الشبكات تلك التغيرات. حيث نعيش الآن مرحلة فريدة من تاريخ البشرية، يتدفق فيها سيلٌ هائل من المعلومات، ونشهد خلالها كثيراً من التحولات التي تشوش الأفكار، بسبب الانتشار السريع للتقنيات الحديثة وهيمنتها على حياتنا اليومية، إذ غيّرت كل هذه الأشياء علاقتنا مع الآخرين، وأساليب عملنا، وطرق تسوقنا، وتجمعاتنا.
كما يصف الكتاب كيف يمكن أن يتعرض الطفل وهو يمارس الألعاب على الإنترنت للمضايقات والمخاطر من دون أن يتنبه إليها، ويتطرق إلى نواحي الفضاء السيبراني، وما ينبغي أن تكون عليه أخلاقيات استخدام الإنترنت، وما هي السياسات التي تتبناها الدول في هذا الخصوص.
ويذكر الكتاب في المقدمة أن بعض الجوانب السيكولوجية للإنترنت خضعت للدراسة وأصبحت من الأشياء المعروفة والموثقة. ومن الأمثلة على ذلك تأثير الإحساس بعدم وجود الرقابة حين يكون المرء على الهواء، وتشكل هذه الحالة المُعادل في العصر الحديث للبطل الخارق الذي يلبس “طاقية الإخفاء”، إذ يشعر المرء أن هويته مجهولة بسبب تأثير “عدم التحفظ على الهواء”.
الفلاسفة والأنغام:
مقاربات فلسفية في فن الموسيقى
تأليف: كمال بومنير
الناشر: دار الأيام للنشر والتوزيع، عمّان، 2018م
يقول الكاتب، الأكاديمي الجزائري كمال بو منير عن هذا الكتاب، إنه جاء بهدف تطوير وتعزيز الدراسات الفلسفية في مجال الجماليات الموسيقية في الثقافة العربية، لا سيما وأن الدراسات والأبحاث العربية المتخصّصة في مجال فلسفة الموسيقى غير كافية، ولم تنل إلى حدّ اليوم الاهتمام الكافي في دراساتنا الفلسفية وبحوثنا الأكاديمية، وأنه بالمقارنة مع الدراسات الفلسفية والأبحاث الأكاديمية المتخصّصة في الجماليات الموسيقية في العالم، هناك نقص واضح في مجال المباحث الموسيقة أكثر بكثير من الفنون الأخرى.
فما لا شك فيه أن الفلاسفة تأثروا بالموسيقى واستوحوا منها، كما أثرت فلسفاتهم وأفكارهم في المؤلفات الموسيقية. ويعرض بو منير لكتابات الفلاسفة عبر التاريخ حول الموسيقى وما كان لتلك الكتابات من تأثير على تطور هذا الفن وتقدُّمه في العالم. فقد انشغل عديد من الفلاسفة، بعضهم من العصر القديم من أمثال ابن سينا والفارابي وافلاطون، وبعضهم من العصر الحديث من أمثال هيغل ونيتشه وروسو، بمسائل تتعلق بطبيعة الموسيقى وكيفية تأثيرها على المشاعر والأحاسيس البشرية، وكيف تساعد على فهم الطبيعة وما إذا كان لها لغة خاصة بها. ويؤكد الكاتب أن لكتابات هؤلاء الفلاسفة والنظريات التي وضعوها دوراً في إرساء نظريات جمالية في فن الموسيقى، أثّرت بشكل مباشر أو غير مباشر في مسار تطوّر الموسيقى نفسها عبر التاريخ.
كتب من العالم
جمهورية الحروف العربية: الإسلام والتنوير الأوروبي
The Republic of Arabic Letters by
تأليف: الكسندر بيفيلاكوا
الناشر: 2018 ,Harvard University Press
لطالما ساد الاعتقاد بأن المفاهيم الخاطئة والنظرة السلبية تجاه المسلمين في العصور الوسطى لم تتغيَّر حتى بداية عصر التنوير الأوروبي. ولكن هذا الكتاب يكشف وضُعت أسس الفهم الغربي الحديث للثقافة الإسلامية بالفعل في وقت مبكِّر من القرن السابع عشر.
ففي القرنين السابع عشر والثامن عشر، وضع مجموعة رائدة من المفكِّرين والعلماء الغربيين الأساس لفهم الحضارة الإسلامية، فقدَّموا أول ترجمة دقيقة لمعاني القرآن الكريم إلى لغة أوروبية، وكتبوا التاريخ الإسلامي باستخدام المصادر العربية. ويعيد كتاب “جمهورية الأحرف العربية” صياغة هذه العملية، ويكشف تأثير المثقفين الغربيين على فهم التنوير العلماني للإسلام وتقاليده المكتوبة.
فبالاعتماد على المصادر العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية واللاتينية، يقدَّم ألكسندر بيفيلاكوا تاريخاً فكرياً غنياً، يعيد فيه رسم المسارات “الفكرية والمادية” التي اتخذها هؤلاء المفكرون للحصول على النصوص العربية ودراستها وفهمها. وقد نجح هؤلاء في جمع آلاف المخطوطات العربية والتركية والفارسية من أسواق الشرق الأوسط، وانتهى كثير منها في المكتبات “الشرقية” الكبرى في ليدن بهولندا وأكسفورد وباريس. وقد استمدت الحضارة الغربية كثيراً من هذه الترجمات والدراسات حتى وصلت إلى مفكِّرين من أمثال المؤرِّخ والكاتب التنويري الفرنسـي فولتيــر والمؤرخ الإنجليزي إدوارد جيبون.
اللوز المحروق: كيف يؤثر تغيُّر المناخ على قائمة طعامنا
Verbrannte Mandeln: Wie der Klimawandel unsere Teller erreicht by Wilfried Bommert &Marianne Landzettel
تأليف: ولفريد بومرت، ماريان لاندزيتل
الناشر: 2017 ,dtv Verlagsgesellschaft
يأتي هذا الكتاب في ظل استفحال أزمة التغير المناخي وتداعياتها السلبية على جميع الصُّعد. أما الرسالة التي يؤكد عليها مؤلفا الكتاب فهي أن نظام إنتاج الأغذية واستهلاكها يجب أن يتغيَّر.
تركِّز فصول الكتاب الاثنا عشر على المحاصيل والسلع التي يهدِّدها تغيُّر المناخ، بما في ذلك اللوز والبن والجزر والعنب. إذ تكشف دراسات كثيرة عن سلبيات الزراعة الأحادية، التي يمكن تعريفها بزراعة محصول واحد في مساحة واسعة من الأرض أو لسنوات متتالية (مثل زراعة حبوب الصويا والذرة في ولاية أيوا الأمريكية والبرازيل).
فالمياه – إما من خلال ندرتها أو توفرها بشكل فائض- تقع في صميم عديد من المشكلات الزراعية المتصلة بالمناخ. ويوضِّح الكتاب أن السياسات الحكومية والمحلية لها دور كبير، إذ إن الطريقة التي تخصِّص فيها الحكومات المياه للزراعة والاستهلاك البشري تتضمِّن قرارات صعبة بشأن التجارة وحقوق الإنسان والاهتمامات البيئية. وتظهر هذه الصراعات المتضاربة في كتاب “اللوز المحروق” من خلال بحث المؤلفين الدقيق الذي يشارك فيه مزارعون وباحثون زراعيون في جميع أنحاء العالم، مما يؤكد صحة الحجج والفرضيات التي يقدِّمها الكتاب، ويعزِّزها بأمثلة مستقاة من التجارب اليومية للمزارعين.
في أقاصي الغضب.. تأملات في انفعال معاصر
Au bout de la colère de Michel ERMAN تأليف: ميشال إيرمان
الناشر: 2018 ,Plon
ماذا يعني الغضب؟ ما هي أسباب هذه العاطفة القوية التي تبدو الأكثر اضطراباً وفي الوقت نفسه الأكثر إنسانية؟ هذه هي بعض الأسئلة التي يحاول هذا الكتاب الإجابة عنها، من خلال وصف جميع أنواع التعبيرات والتجسيدات للغضب مثل التمرد والانتقام والحقد.
فلا شك في أن الغضب بأشكاله المختلفة التي تتراوح بين السخط والكراهية يغذِّي الروح بطريقة مجزية. ولكننا الآن، وفي أوائل الألفية الثالثة، نميل إلى النظر إلى الغضب كعاطفة محبطة. ولهذا السبب، ظهرت ضغوطات اجتماعية لمنعها وحظرها من الفضاء الاجتماعي. فمن الناحية السيكولوجية، يُنتج الغضب “موجات مؤذية” تؤثر سلباً على علاقاتنا بالآخر، ولكن من الناحية الفلسفية يمكن للغضب أن يكون من أسلم الانفعالات. فهو كما يصفه مؤلف هذا الكتاب ميشيل إرمان “قوة دفاع وتأكيد للذات”، كما أنه لا يتضارب مع الفرح، بل مع الخجل والحزن واللامبالاة، وكلها مشاعر تؤدي إلى الخضوع.
معرفة كيفية الغضب أحياناً تبدو شرطاً من شروط الوجود في عالمنا المعاصر، وهو علامة على أنه في عصر الفردية، تتكوَّن الروابط الاجتماعية في المقام الأول من الانفعالات.
يسمح لنا هذا الكتاب باستكشاف نظرية أنثروبولوجية ثابتة، ألا وهي أن الإنسان ليس عقلاً فقط، بل هو أولاً وآخراً محكوم بمشاعره التي يختبر بها العالم.
يستمر العالم
The World Goes On by László Krasznahorkai (Author), George Szirtes (Translator), Ottilie Mulzet (Translator),
تأليف: لازلو كراسناوركاي
ترجمة: جورج شيرتز، أوتيلي ملزت
الناشر: 2017 ,New Directions
الراوئي الهنغاري لازلو كراسناوركاي، الفائز بجائزة مان بوكر الدولية لعام 2015م، يتحدَّث في بداية هذا الكتاب بشكل مباشر. ثم يروي عدداً من القصص القصيرة والغامضة والتأملية، ثم يودِّعنا بقوله: “هنا أود أن أغادر هذه الأرض وهذه النجوم ولن آخذ أي شيء معي”.
يقول كراسناوركاي نفسه عن قصصه القصيرة تلك: “إن كل قصة منها تحاول جذب انتباهنا بعيداً عن هذا العالم، وتسرّع جسدنا نحو الفناء، وتغمر أنفسنا في تيار من الأفكار”.
في القصة الأولى بعنوان “معبر التنين التاسع”، البطل هو مترجم هنغاري ذهب في مهمة إلى شنغهاي وهام على وجهه في شوارعها المتعرِّجة. وفي قصة “ذات مرة على 381” نتابع حكاية رجل بعد تخليه عن عمله في مقلع للرخام في بلده البرتغال، وانطلاقه في السير على الطريق السريع 381 في عالم من سريالي غريب. كما نقرأ عن قصة الرجل الذي يحلم بالسفر إلى الفضاء وهو قابع في مستشفى الأمراض النفسية ويتقمص شخصية رائد الفضاء الروسي يوري غاغارين.
وهناك سلسلة من القصص الأخرى المظلمة والغامضة، ولكن أبطالها نادراً ما يقفون ساكنين، بل يتحركون من خلال تدفق من النثر والجمل المتتالية والأماكن الجغرافية المختلفة، بين كييف وشانغهاي وفاراناسي وهنغاريا وكلها ترسم خلفية متغيِّرة باستمرار لترحال الروح في هذه المجموعة القصصية الفريدة.
مقارنة بين كتابين
من أين يأتي الإبداع؟الجنس البشري المبدع: كيف يعيد الإبداع البشري تكوين العالم
تأليف: ديفيد إيغلمان، أنتوني برانت
الناشر: 2017 ,Catapult
The Runaway Species: How human creativity remakes the world by David Eagleman, Anthony Brandt
أصول الإبداع
تاريخ أدبي لمعالجة الكلمات
تأليف: إدوارد ويلسون
الناشر: 2016 ,Liveright
The Origins of Creativity by Edward O. Wilson
من أين يأتي الإبداع؟ وما الذي يكمن وراء قدرتنا على الابتكار؟ وما الذي يجعلنا الجنس الوحيد على الأرض القادر على إعادة تشكيل العالم على النطاق الواسع الذي نقوم به؟ تلك هي بعض الأسئلة التي يسعى كتابان صدرا مؤخراً الإجابة عنها، وهما “الجنس البشري المبدع” و”أصول الإبداع”.
حاول المؤلِّف الموسيقي أنتوني برانت وعالِم الأعصاب ديفيد إيغلمان، مؤلفا كتاب “الجنس البشري المبدع”، تحديد منابع الإبداع، ومعرفة لماذا يبذل البشر مثل هذا الجهد الكبير في استكشاف مواقع الخيال وفي تحويل “الفكرة إلى واقع”. وأكدا أن الإبداع البشري يتم بناءً على ما هو موجود أصلاً، وذلك من خلال تطبيق ثلاثة مبادئ أساسية، وهي: الإخضاع والتجزئة والمزج. ويتعلَّق الإخضاع بتحويل النموذج الأولي القائم وإدخال بعض التعديلات عليه، مثلما فعل المهندس المعماري فرانك جهري على سبيل المثال عندما قام بإخضاع خطوط وزوايا المبانى وتحويلها إلى أشكال وتموجات ومنحنيات. وتنطوي التجزئة على التفتيت وإعادة التجميع بطريقة مختلفة، مثل ابتكار علماء الوراثة الأوائل طريقة لقراءة الشيفرة الوراثية من خلال تقسيم الحمض النووي إلى أجزاء متسلسلة. وأما المزج فهو عبارة عن الجمع بين عناصر مختلفة، وهو الذي جعل الترجمة على غوغل مسألة تتعلَّق بالإحصاءات، وسمح للأشخاص بتنزيل ملايين الصور عبر الإنترنت.
إضافة إلى ذلك، نشهد الإبداع عندما يقوم البشر بتقديم خيارات مختلفة لعمل معيَّن. ولعل المثل الأبرز على ذلك هو ما قام به الروائي الأمريكي الشهير إرنست همنغواي في عام 1929م، عندما وضع 47 نهاية لروايته “وداعاً للسلاح”، وعندما رسم بيكاسو 58 عملاً مستوحى من لوحة “لاس مينيناس” أو “الوصيفات” للإسباني دييغو فيلاسكيز.
أما كتاب ويلسون “أصول الإبداع” فيتناول المسألة من زاوية علم الجينات ونظرية التطور، ويرسخ الاعتقاد بأن للإبداع جذوراً وراثية. فبدراسة الأصول العميقة للغة ورواية القصص والفنون، يظهر كيف بدأ الإبداع منذ أكثر من مئة ألف سنة في العصر الحجري القديم، وكيف أن ازدياد حجم الدماغ قد أنتج الإنسان العاقل وحقَّق الزيادة في الذكاء الاجتماعي والقدرة على التعاطف، مما مهَّد الطريق للغة رمزية. ومن ثم يبيِّن كيف أن العلوم الإنسانية، التي انطلقت مع اختراع اللغة، قد لعبت دوراً لم يتم اكتشافه بعد بشكل كامل في تعريف الجنس البشري وقدرته الفريدة على الإبداع.
ومن أجل اكتشاف هذا الدور وتطوير فهمنا للعلوم الإنسانية يدعو ويلسون إلى عصر “تنوير ثالث”، يدمج بين نقاط القوة التجريبية في العلوم مع الطرق التحليلية للتجربة الإنسانية، التي تحفزها العلوم الإنسانية. ويقول إن العلوم الإنسانية تحتاج إلى الالتقاء مع ما يسميه الاختصاصات الخمسة الكبرى: الأنثروبولوجيـا وعلـم الأحيــاء التطــوري وعلم الأعصاب وعلم المتحجرات، وعلم النفس.
في كلا الكتابين استكشاف للعقل الإبداعي، وتوضيح لما يمكن أن نتعلمه عن الطبيعة البشرية من مجموعة من الإنجازات الإبداعية التي أتت بشكل غريزي من إنشاء الحدائق وتشييد المباني وتأليف الموسيقى والرسم والغناء. كما أكد كلاهما أننا ننفرد بالقدرة على الإبداع لأننا نمتلك السعي الفطري للأصالة، مدفوعاً بالحُب الغريزي للحداثة.
اترك تعليقاً