كتب عربية
القراءة التناصية الثقافية
تأليف: معجب العدواني
الناشر: المركز الثقافي للكتاب، 2019م
ينشغل الأكاديمي السعودي مؤلِّف هذا الكتاب معجب العدواني، بقضية “التناص” منذ ما يقارب ثلاثين عاماً. ويعتقد، كما يكتب في سطوره الأولى، أن هذا المصطلح لم يحظ إلى الآن بمعالجة مناسبة تتوافق مع الحقل النقدي العربي وتناسبه سواء في تجربة نقله من فضاء النظرية الغربية أو في تطبيقاته. ولهذا يقترح الكاتب مدخلاً مختلفاً للدرس النقدي العربي وهو القراءة الثقافية بوصفها منطلقاً جديداً وحرّاً يسهم في إنجاز قراءة مفتوحة للنصوص، ويدرس العلاقات الكامنة بين عوالمها، ويعدّها أقدر على الولوج إلى المنتجات الأدبية أو الثقافية.
يضم الكتاب ثلاثة فصول رئيسة، يراجع الفصل الأول نظرياً مفهوم القراءة التناصية الثقافية، ثم يناقش الفصل الثاني العلاقة بين الرواية وأشكال القراءة التناصية من منظور ثقافي، أما الفصل الثالث فذو طابع تطبيقي، حيث يُحلّل ثقافياً النص التراثي “رسالة ابن فضلان” والحكايات الشعبية والصور البيانية.
ولن يكون بوسع القارئ أن يفهم تحديداً المقصود بالقراءة التناصية الثقافية إلاَّ بعد اطِّلاعه على التعريف الذي قدَّمه العدواني له. فكما يقول تسعى هذه القراءة إلى “بناء سياقات واسعة للدراسة الأدبية، والتركيز على الأبعاد التاريخية والثقافية للنصوص والقضايا مثل العنصرية والجنس والعِرق والطبقة، في علاقتها بالمنتج الثقافي”. وعلى ذلك إن لم يضع الناقد في حسبانه ارتباط النصوص بسياقات إنتاجها فسيظل عمله ناقصاً.
ينتقل القارئ بعد ذلك إلى التطبيقات العملية لما سبق عرضه نظرياً من قواعد تحليل التناص الثقافي، فيقف على أشكال التناص ووظائفه في الرواية العربية من خلال آليات توظيف التراث فيها، التي تتنوَّع بين الاستفادة الكاملة من العمل الموروث أو الاستفادة منه بشكل يتوازى مع المسار السردي الحديث للرواية، أو أخيراً عبر إدراج بعض الشخصيات التراثية في العمل الروائي.
وتظل القراءة الثقافية التحليلية التي قدَّمها في “رسالة ابن فضلان” أبرز تجليات الجانب التطبيقي في الكتاب، وهي الرسالة التي كتبها أحمد بن العباس البغدادي المعروف بأحمد بن فضلان في العصر العباسي عن رحلته إلى بلاد الترك والروس والصقالبة. وهنا، لا يكتفي الكاتب بتحليل النص الرئيس لابن فضلان، لكن يقارنه بعملين غربيين هما رواية “أكلة الموتى” للروائي الأمريكي مايكل كرايتون، والفِلْم السينمائي “المحارب الثالث عشر” المستمد منه، وذلك بهدف إثبات الفرضية التي تذهب إلى أن بوسع نص معيَّن ينتمي صاحبه إلى ثقافة بعينها، أن يلهم أعمالاً إبداعية أخرى إلى حد التطابق.
المعالجة الآلية للغات
تأليف: محمد أمطوش
الناشر: عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع، 2019م
يؤكد الباحث المغربي محمد أمطوش في تمهيده لهذا الكتاب على التطور السريع للغاية الذي يشهده مجال المعالجات الآلية للغات. فما يُعدُّ اليوم قفزة نوعية يتقادم بسرعة خيالية. لكنه يشير في الوقت نفسه إلى ضعف الاهتمام بهذا المجال عربياً على صعيد الجامعات. وفي هذا السياق، يأتي نشر الكتاب الصادر حديثاً وهو موزع على ثمانية فصول تعالج الترجمة الآلية وإشكالياتها، ومعالجة اللغة الطبيعية ومسائل استخراج المعلومة آلياً، والبحث عنها والتذييـل الآلي ومعالجـة الزمن داخل اللغة.
يرى المؤلِّف أن التحدي الأكبر الذي يتعيَّن مواجهته عند التصدي لمثل هذا المجال المتخصص يكمن في ضرورة فهم طريقة التحليل ومنهجية تطبيقات المعالجات الآلية للغة. لذا، فهو يحذر من منزلق طالما وقع فيه كثيرون وهو ظنهم “أن الحاسوب عقل يفكِّر على طريقة تفكير البشر بتاريخه ورصيد تجربته، فما الحاسوب إلاَّ مطبق لما بُرمج له”.
ويحدِّد الكاتب منذ البداية منبعين أساسيين للاهتمام بدراسة المعالجة الآلية للغات الطبيعية، وهما: الرغبة في تنميط كفاءة لغوية يكون بوسعها اختبار فرضيات على آليات التواصل البشري، ومن جهة أخرى امتلاك تطبيقات قادرة على معالجة المعلومات المتوفرة رقمياً بفاعلية.
وعلى الرغم من أهمية مثل هذا الطرح الذي يطمح إلى تطوير معالجة المعلومات آلياً بما تتضمَّنه من آليات متعدِّدة للبحث عن المعلومات واستخراجها وتحليلها وترجمتها، يلفت المؤلِّف إلى التحديات الكثيرة التي تواجه مثل هذا الطموح، لأن تحليل اللغة يتطلب “معرفة ببنيتها على عدة مستويات: ماهية الكلمات؟ وماذا تعني؟ وكيف تتألَّف لتشكِّل جملة؟ وكيف تسهم في معنى الجملة؟”. وهو يعدِّد مثل تلك الإشكاليات؛ فمنها ما هو نحوي، ومنها ما هو دلالي يرتبط بالمعنى، ومنها أيضاً ما هو تركيبي وهو الخاص بعلاقات التبعية الموجودة بين الكلمات. وثَمَّة إشكاليات أخرى تخص معالجة الزمن داخل النصوص.
ويفهم القارئ على مدار صفحات هذا الكتاب أن وجود تحديات وإشكاليات معالجة المعلومات آلياً لا يعني استحالة تحقيق بعض التقدُّم في هذا الميدان، وهو ما برهن عليه المؤلِّف. فهو في الوقت الذي يقر فيه بأن بلوغ أقصى درجات الكمال في تطبيقات معالجة المعلومات آلياً لا يزال يحتاج وقتاً وجهداً، يؤكد أنه لا ينبغي اعتبار ذلك “عقبة تمنع من الغوص في حوسبة اللغة واستعمالها بشرط معرفة استخدامها”.
الموسيقى والميتافيزيقا
تأليف: علي الشوك
الناشر: المدى، 2018م
ينقسم كتاب “الموسيقى والميتافيزيقا” للباحث العراقي علي الشوك، إلى أربعة عشر فصلاً لا يحمل أي منها عنواناً، لأنها كلها تعالج فكرة واحدة ترتبط بما سمَّاه المؤلِّف: “الاستعذاب الفطري للموسيقى لدى كل إنسان”، ويقصد به ميل الطبيعة الإنسانية إلى سماع الموسيقى والتأثر بها. وعلى الرغم من أن الكتاب يُعدُّ سرداً ذاتياً عن علاقة كاتبه بالموسيقى، فقد يمكن التعامل معه أيضاً بوصفه بحثاً طويلاً عن الآلات والمقامات الموسيقية وصُنّاعها، وهو ما أكده وصف الكتاب المدوَّن على غلافه، فهو ليس سيرة ذاتية أو مقالات إنما هو “دراسة”.
يشرح الكتاب طبيعة العلاقة بين “الموسيقى والميتافيزيقا”، وكيف يمكن أن تصير الموسيقى لمحبيها مثل العالم المثالي لأنها تنقلهم إلى عالم بديل يحقق لهم راحتهم المنشودة. وعن هذا يطرح المؤلِّف سؤاله الأساسي: “ما هو موقع الموسيقى في حياة البشر؟ وما هو موقعها بين الفنون الأخرى؟” ويجيب: “للوهلة الأولى يبدو أن للموسيقى سحراً خاصاً قد يختلف عن سحر أي من الفنون الأخرى”، ويشير في هذا الصدد إلى “العامل التخديري في الموسيقى” ومفعوله على جموع المستمعين.
ويتوقف علي الشوك في كتابه عند جملة أشياء ترتبط بأشكال التأليف الموسيقي، ويبحث في بدايات هذا التأليف، مثل المتتالية، التي تدعى بالعربية “النوبة”، وقد ظهرت إلى الوجود في العصر العباسي عندما كان المغنون والعازفون الذين يحضرون في ساعات معينة في أيام معينة يؤدون أدوارهم، كلٌّ حسب نوبته.
وعلى هذا النهج في التأصيل والمقارنة يعالج المؤلِّف أشكالاً موسيقية أخرى مثل السوناتا والكونشرتو والسيمفونية. ويبحث كذلك في فلسفة الآلات الموسيقية وعملها التي تتماشى كما يقول مع سحرها الحسي وما فوق الحسي. وهكذا يتعرَّف القارئ في سياق الكتاب على تفاصيل خاصة بتاريخ آلة العود، وهل هي آلة عربية أو شرقية أم لها أصول أو “هوية” أخرى، ويفهم كذلك تقنية عمل آلة البيانو التي يعدُّها المؤلِّف “أكبر إنجاز ثوري في تاريخ الموسيقى”، ويقارنها بآلة الكمان التي يعدُّها حسية، ويكتب عن ذلك: “أنا أشعر عندما أستمع إلى الكمان أنني هنا دائماً. أما عندما أستمع إلى البيانو فإنني أشعر أنني هناك”.
عالمنا الافتراضي.. ما هو؟ وما علاقته بالواقع؟
تأليف: بيير ليفي
ترجمة: د. رياض الكحال
الناشر: هيئة البحرين للثقافة والآثار، 2018م
كتاب يتوجَّه بشكل خاص إلى الذين يلتبس عليهم أمر الواقع الافتراضي. ومؤلِّف هذا العمل هو الفرنسي بيير ليفي، أستاذ الفلسفة في جامعة باريس، وهو ليس بعيداً عن هذا الحقل المعرفي، فله مؤلفات سابقة عن الخيال الصناعي، وتقنيات الذكاء، وعن برامج الحوسبة وأنثروبولوجيا الفضاء السيبراني، لكنه في هذا الكتاب بات أوضح لأنه صاغ فيه أكثر من فرضية ترتبط بتخوف أصبح متأصلاً في مجتمعاتنا عن احتمال الانفصال عن الواقع جرّاء الاستغراق في العوالم الافتراضية. لكنه ينقضها جميعها؛ لأنه لا يفضل السيناريوهات التشاؤمية التي تذهب إلى اقتراب حدوث انهيار كامل للمفاهيم التقليدية للزمان والمكان، أو أن البشر يعرّضون أنفسهم بسبب انسحاقهم الرقمي إلى خطر الاختفاء الشامل، كما أشار من قبل الفيلسوف الفرنسي جون بودريار.
يكتب ليفي: “إن الافتراضي المعرّف تعريفاً دقيقاً لا يمتّ إلا بصلة ضعيفة إلى الزائف أو الوهمي أو الخيالي. ليس الافتراضي ضد الواقعي أبداً. إنه على النقيض من ذلك، نمط وجود خصب وقوي يثري عمليات الإبداع ويفتح آفاق المستقبل ويحتفر آباراً من المعاني تحت سطحية الوجود الفيزيائي الآني”.
ويدلِّل الكاتب على رأيه هذا عبر الكتاب الذي توزعت صفحاته على تسعة فصول تعقبها خاتمة حملت عنوان: “أهلاً بكم في دروب الافتراضي” التي تؤكد توجهه المتفائل. فالعالم الافتراضي، إذاً، حسبما يطرح ليس مخيفاً، بل هو عالم رحب يتيح فضاءات مغايرة وسرعات جديدة ويفتح أوساطاً جديدة للتفاعل.
ويشير المؤلِّف إلى أن معنى الافتراضي هو انعدام الوجود أو الوهم، بينما تفترض كلمة “الواقع” إنجازاً مادياً ووجوداً ملموساً. وأن الواقعي ينضوي تحت معنى “أنا أمسك به” بينما ينضوي الافتراضي تحت معنى “ما ستحصل عليه”، ويخلص إلى أن تلك المقاربة رغم أنها تُعدُّ جزءاً من حقيقة جديرة بالاهتمام، فإنها “لا تصلح أبداً لتأسيس نظرية عامة” بشأن طبيعة الافتراضي والواقعي.
ويرصد ليفي، وفقاً لمفهومه الخاص عن الافتراضي ليس باعتباره بديلاً عن الواقع الملموس وإنما باعتباره امتداداً له. ويؤكد في رصده هذا وتتبعه لهذه الظاهرة على أنه “لا علاقة للافتراضية بعالم مزيف أو خيالي، بل على النقيض من ذلك، فالتحوُّل إلى الافتراضي هو دينامية العالم المشترك وهو الذي نتقاسم الحقيقة من خلاله”.
كتب من العالم
لماذا تظهر المدن بالشكل الذي تبدو عليه؟
Why Cities Look the Way They Do
by Richard J. Williams
تأليف: ريتشارد ويليامز
الناشر: 2019 ,Polity Press
نميل في تفسير رؤيتنا للمدن التي تظهر كما هي عليه اليوم إلى عمل المهندسين والمعماريين والمخططين والبنائين الواعي، ولكن ماذا لو كانت صورة المدن أقل ارتباطاً بالتصميم، وأكثر تأثراً بالعمليات الاجتماعية والثقافية والمالية والسياسية التي يتفاعل الناس معها؟ ماذا لو كانت المدينة ضمن عملية مستمرة أكثر من كونها ترجمة لتصميم محدَّد ينتهي مع انتهاء تنفيذه؟
يرى المؤلِّف ريتشارد ويليامز أن اللحظة التي يتم فيها الانتهاء من تشييد المباني هي مجرد نقطة البداية، لتفاعل عمليات لا تُعدُّ ولا تُحصى ينتج عنها مظهر المدينـة العالمية المعاصرة.
ويقول ويليامز إن تلك العمليات تدور حول المال والسلطة والعلاقات الإنسانية والعمل والحرب والثقافة. وتكمن فرضيته الأساسية في أن المدن ليست مخططة أو مصممة، بل إنها تنمو وتتطور مع تطور هذه العمليات. ومن خلال كل ذلك يقدِّم نظرة فلسفية إلى المدن يتناول فيها آراءً لعالِم النفس سيغموند فرويد، والفيلسوف الفرنسي بول-ميشيل فوكو وغيرهما ممن تناولوا أفكاراً في هذا السياق. وهكذا فإن الكتاب يدور حول تصوراتنا للمدن والصور التي نرسمها لها في الأفلام والروايات، وكذلك حول الطوب والخرسانات الإسمنتية. ومع ذلك، هناك أيضاً عديد من الأمثلة الملموسة للمباني والمساحات الفعلية للمدينة والطريقة التي تم تشكيلها بواسطة واحد أو أكثر من العمليات التي تحدَّث عنها ويليامز، مثل المباني ذات الجدران الزجاجية كمبنى بلدية لندن ومبنى الرايخستاغ في ألمانيا المصممين على ما يبدو لإظهار الشفافية السياسية؛ ومبنى “ووكي توكي” الشهير في لندن الذي يتميَّز بالطوابق العليا المنتفخة اعترافاً منه بسوق الإيجار الذي يقرُّ بأن الطوابق العليا يمكن أن تجتذب إيجارات أعلى من تلك الموجودة في الطوابق الأدنى؛ وعديد من المستودعات الصناعية القديمة التي تحوَّلت إلى مساحات إبداعية.
طنين ولدغ وعض: لماذا نحتاج إلى الحشرات
BUZZ, STING, BITE: Why We Need Insects, by Anne Sverdrup-Thygeson. Translated by Lucy Moffatt
تأليف: آن سفيردروب – ثيغيسون
ترجمة: لوسي موفات
الناشر: 2019 ,Simon & Schuster
الحشرات موجودة منذ حوالي 479 مليون سنة، ولدى (معظمها على الأقل) ستُّ أرجل وأربعة أجنحة وهوائيان وجسم ثلاثي الأجزاء؛ كما تشكِّل أكثر من نصف الكائنات متعدِّدة الخلايا المعروفة في العالم؛ ويبلغ عددها 200 مليون حشرة لكل إنسان يعيش على هذا الكوكب اليوم. في الواقع، نحن نعيش على كوكب الحشرات، وذلك حسب مؤلِّفة هذا الكتاب آن سفيردروب – ثيغيسون، أستاذة البيولوجيا في الجامعة النرويجية لعلوم الحياة.
تسأل ثيغيسون لماذا يوجد كثير من الحشرات؟ وتجاوب، وببساطة، لأنها “صغيرة ومطواعة ومثيرة”، كما يمكنها العيش في أي مكان تقريباً، بما في ذلك المواقع الجليدية والينابيع الحارة وفي أعماق الكهوف وأعالي الجبال وحتى في أنوفنا. وهناك مجموعات متنوِّعة وغريبة من الحشرات من نوع من الدبابير التي يمكنها أن تحط على طرف شعرة الإنسان من دون أن تحدث أي اهتزاز، إلى حشرة عصا المشي الصينية، التي يصل طولها إلى حوالي قدمين.
وتتطرَّق ثيغيسون إلى خصوصيات بعض الحشرات مثل قدرتها على الذوبان والتحوُّل والتواصل من خلال الرائحة والتذوق من خلال القدمين والرؤية بالركبتين والاستماع بأذنين موجودتين في أفواهها، لكن هذه الخصوصيات ليست سوى جزء من الصورة الأكبر التي تضع الحشرات في العمليات الطبيعية الأوسع للتلقيح والتحلل، وتكوين التربة، وتوفير الغذاء للكائنات الأخرى، والسيطرة على الكائنات الحية الضارة ونشر البذور، وحتى إظهار نماذج للحلول للمشكلات التي يمكن للبشر تبنيها. ولمعرفة مدى أهميتها ولكل من يسأل: ما فائدة الحشرات؟ تقول ثيغيسون: عليه فقط أن يعرف أنه يمكن للحشرات أن تتعايش بسعادة من دون وجود البشر لكن البشر لا يستطيعون البقاء من دون حشرات.
تاريخ الملكية الفكرية في 50 منتجاً
A History of Intellectual Property in 50 Objects by Claudy Op den Kamp, and Dan Hunter
تحرير: كلودي أوب دن كامب، دان هانتر
الناشر: 2019 ,Cambridge University Press
ما الشيء المشترك بين الموناليزا والمصباح الكهربائي وقطعة الليغو؟ قد تكون “الملكية الفكرية”. إنه جواب مفاجئ، لأنه على الرغم من أن قوانين الملكية الفكرية هي حولنا جميعاً لكننا قلّما نعترف بها. فهي معقَّدة وغامضة، وليس هناك سوى عدد قليل من الناس يهتمون بحقوق النشر وبراءات الاختراع والعلامات التجارية.
في هذا الكتاب جمع المؤلفان كلودي وهانتر مجموعة من المساهمين – من جميع أنحاء العالم في مجالات تشمل القانون والتاريخ وعلم الاجتماع والعلوم والتكنولوجيا والإعلام وحتى البستنة – ليرويا تاريخ الملكية الفكرية في 50 منتجاً.
يتناول هذا الكتاب خمسة عصور أساسية: عصر ما قبل الحداثة، وعصر الاختراع، والعصر الحديث، وعصر الاستهلاك، والعصر الرقمي الحالي. ويتضمَّن عصر ما قبل الحداثة منتجات مثل الموناليزا وخارطة مدينة روما التي وضعها أنطونيو تيمبيستا والتي كانت نقطة مهمة في تطوير حقوق الملكية الفكرية، حيث إنه بعد مرور أكثر من 400 عام عليها ما زال عديد من مطالبات تيمبيستا بالحقوق الحصرية حينها تكمن وراء تطلعات المؤلفين لنظام حقوق النشر الحديث. ويغطي عصر الاختراع منتجات مثل المصباح وكاميرا “كوداك” والطباعة الورقية وقصة ماكينة الخياطة “سنجر” التي كانت من بين أوائل المنتجات التي حصل فيها مخترعها على براءة اختراع. ويشمل العصر الحديث الأسبيرين وأول تقنية للاستنساخ الميكانيكي للموسيقى التي برزت معها النقاشات حول وجود حقوق الملكية الفكرية القابلة للتنفيذ في الموسيقى والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم. ومن عصر الاستهلاك هناك منتجات مثل آلة التصوير ودمية باربي وقطع الليغو، بالإضافة إلى حقيبة يد شانيل. ومن العصر الرقمي نطلع على اختراعات مثل واي-فاي وبيتكوين والطباعة الثلاثية الأبعاد. والجدير بالذكر أن الكتاب يقدِّم كل اختراع كقصة قصيرة مصحوبة بالصور في بداية كل قصة مع تاريخ تسجيل براءة الاختراع وتحديد المعلومات الأساسية عنه في أعلى الصفحة واقتراح مزيد من القراءات الخاصة به في النهاية.
أستطيع أن أراك
I Can See U by Matthias Morgenroth
تأليف: ماتياس مورغنروث
الناشر: 2019 ,Coppenrath
في هذه الرواية يحاول الكاتب ماتياس مورغنروث، تسليط الضوء على مسألة انتشار التكنولوجيا وتأثيرها على حياتنا، ويستكشف الأبعاد الإنسانية للعالم الرقمي الجديد والأخطار المرتبطة به.
عندما ينضم تلميذ جديد إلى صف التلميذة ماري في المدرسة تبدأ التغييرات مباشرة في صفها. فالتلميذ الجديد الذي يدعى “بن” تلميذ مثالي، كما أنه وسيم وخارق الذكاء ولديه نصائح مناسبة في مختلف الأمور. لكن بعد سلسلة من الأحداث الغريبة، تبدأ ماري وصديقاتها في الشك في أن هناك أمراً غريباً يحدث، وبأن ليس كل شيء كما يبدو عليه. كان “بن” دائماً أول طالب يحضر إلى الفصل وآخر من يغادره، وكان يرسل رسائل إلى زملائه، ولكنَّ أحداً لم يشاهده أبداً، وهو يستخدم هاتفاً خليوياً. تزداد الشكوك لدى الأصدقاء عند اكتشافهم لغرفة مغلقة في المدرسة مليئة بأجهزة مراقبة متطورة ورأوا “بن” يخرج منها. ومن ثم يتبيَّن لهم أن “بن” ليس في الحقيقة إنساناً ولكنه آلة أو روبوت من نتاج الذكاء الاصطناعي تم وضعه في مدرسة ماري لمراقبة تفاعلات التلاميذ ومنع التنمر. ولكن، من كان يقف وراء مشروع المراقبة هذا ولماذا تم تنفيذه؟ عندما شعر “بن” باكتشاف أمره خطط للهروب من المدرسة، ولكنَّ ماري وأصدقاءها أصروا على اللحاق به والقبض عليه من أجل اكتشاف الحقيقة.
مقارنة بين كتابين
المشي للعودة إلى الذات
أسفل قدمي.. كتاب عن المشي
تأليف: دانكن مينشول
الناشر: 2019 ,Notting Hill Editions
Beneath My Feet: Writers On Walking BY DUNCAN MINSHULL
المشي.. خطوة خطوة
تأليف: إيرلينغ كاج
الناشر: 2018 ,Pantheon
Walking: One Step at a Time BY ERLING KAGGE
قبل ظهور الأدلة العلمية والتوجيه الفلسفي حول أهمية المشي، ازدهرت القصائد والكتابات الأدبية التي تثني على الفوائد الإبداعية والصحية للمشي. وعلى هذه الكتابات الأدبية ركَّز المحرر البريطاني دانكن مينشول في كتابه “أسفل قدمي.. كتاب عن المشي”، حيث جمع 36 شهادة حول “قوة المشي الأدبية” على وجه الخصوص. يقول مينشول إن في الفترة الرومانسية أصبح المشي والكتابة متشابكين بشكل لا ينفصم، ففي مقال نشر عام 1902م، قال الناقد وكاتب السيرة ليزلي ستيفن إن السبب في الرؤى الساطعة للعالم الطبيعي التي ظهرت في الأعمال الأدبية في العصر الرومنسي: “ترجع إلى حد كبير، إن لم يكن بشكل أساسي، إلى الممارسة المتجدِّدة المتمثلة في المشي”. وقد كتب كثير من أدباء وشعراء تلك الفترة عن فوائد المشي وكان من أبرزهم ويليام وردزورث الذي قال: “إن المشاعر الجوهرية للقلب تجد تربة أفضل في بيئة ريفية”. ففي الحقبة الرومنسية كان المشي في الطبيعة وسيلة للتعهد بالولاء لحرية شعرية متاحة فقط في الفضاء المفتوح.
ومع الكتَّاب الذين انتقلوا إلى المدينة، ظهرت شخصية المتسكع في أواخر القرن التاسع عشر في باريس، الذي عرّفه شارل بودلير بأنه “المتفرج العاطفي” للمشهد الحضري، وأنتج أدباً أدار فيه ظهره للطبيعة وانغمس بدلاً من ذلك في ضجيج المدينة. وبينما طمح وردزورث إلى رؤية خيالية غير مقيدة، صور بودلير صخب المدينة المضطرب، لكنهما تشاركا في الميكانيكا الفيزيائية نفسها للإنتاج الأدبي: المشي ثم الملاحظة ثم الكتابة.
وفي القرن العشرين استمرت صورة الكاتب الذي يمشي بوعي كممارسة أدبية، ولكنه مع القرن الواحد والعشرين انتقل المشي إلى كونه شكلاً من أشكال الاحتجاج على عصر الاستهلاك السريع وصرخة ضد الانشغال الدائم بأهداف محدَّدة، أو كما كتبت الكاتبة الأمريكية ريبيكا سولنيت في مقتبس من كتابها “شهوة الطواف: تاريخ المشي (2001): “إن عدم القيام بأي شيء في هذا العصر المتسارع أمر صعب ولكن أقرب شيء إلى ذلك هو المشي”.
المستكشف والناشر النرويجي إيرلينغ كاج، ينطلق في كتابه “المشي.. خطوة خطوة” بموافقة الكاتبة سولنيت بأن المشي هو نوع من الاعتراض على حياتنا المعاصرة، ولكنه لا يوافقها على أن المشي يوازي عدم القيام بأي شيء. فهو الأعلم، لا سيما أنه من الأشخاص الذين مارسوا المشي طول حياتهم. فقد استطاع أن يمشي إلى القطبين الشمالي والجنوبي وتسلَّق قمة جبل إفرست، وقطع الأنفاق تحت مدينة نيويورك سيراً على الأقدام، ومشى على طول الأرصفة في مدينة لوس أنجلوس، واختبر في كل هذه التجارب كيف أن المشي يبعث في الروح السلام الداخلي ويثير تأملات غير متاحة لمن لا يمارسونه. وهو، بالإضافة إلى خبرته الطويلة بالمشي يعتمد في هذا الكتاب على المفكِّرين والكُتَّاب الذين تحدَّثوا عن المشي من المؤرّخ الإغريقي هيرودوتس إلى الفيلسوف الفرنسي ميشيل دي مونتين، والمؤلّف الأمريكي ديفيد ثورو، والفيلسوف الدانماركي سورين كيركارد، ورئيس شركة آبل ستيف جوبز. ومن خلال كل هذه التأملات يقدِّم حجة مقنعة حول أهمية المشي. فبالنسبة له، ليس المشي مجرد سلسلة من الخطوات ولكنه شيء مثير ومدهش و”مزيج من الحركة والتواضع والتوازن والفضول والروائح والأصوات والضوء.. وهو المرافق الطبيعي للإبداع، ومناسبة لحوار صامت بين الأفكار الداخلية”.
فما يظهره هذان الكتابان هو أن المشي ليس مجرد نشاط بدني، بل هو ممارسة ثقافية يمتد تأثيرها إلى الأدب والفن وعلى انفتاحنا الأوسع على كل ما هو غير ملموس من عواطف وروحانيات وأحاسيس عميقة.
اترك تعليقاً