لأن اليد أول ما يراه الآخرون منا بعد الوجه، كانت محل تجميل منذ قديم الزمان، سواء أكان بالحلي أم بالخضاب وحسن تشذيب الأظفار وتقليمها.
الحناء
من بين كل أنواع التزيين قد تكون الحناء أعرقها. فهي زينة ضاربة في عمق التاريخ والعادات الاجتماعية. وتُعدُّ ثقافة شرقية بالأساس من الهند حتى بلاد المغرب العربي، حيث صارت رمزًا لمعانٍ متعددة جميلة، منها: الجمال والتقدير والفرح والبركة والحماية من الحسد. والحناء نبات تُطحن أوراقه الجافة، وعند الاستخدام تُخلط بالماء لتصبح عجينة يُخضَّب بها الجلد وتُترك لتجف عليه، فتبقى رسومها التي صارت فنًا. وقد جذب الغربيين كذلك بوصفه البديل الأفضل من الوشم الذي قد يسبب متاعب صحية، ويصعب التخلص منه لاحقًا.
يقال إن الفراعنة كانوا أول من عرفوا الفضل الطبي للحناء فاستخدموها في التحنيط، لكنها انعتقت من لحظة موت الرجال والنساء إلى اللحظة الأجمل في حياة المرأة؛ لحظة الزواج وبدء حياة جديدة. بعض المجتمعات تسبغ فرحة الحناء على العريس كذلك.
“ليلة الحناء” في التقاليد العربية والهندية، هي ليلة العروس، وهي الحفل الأساس للنساء القريبات من العروس وصديقاتها. وللحناء في كل البلاد العربية أغنياتها التراثية، كما هو الحال في الخليج العربي:
جيبو الليلة الحنة وحنّوها
هي ست العرايس زفّوها
جيبو الليلة الحنة للعروس
والذهب قلايد والملبوس
واجبلن بالحنة يا بنات
وشموع بديكن مضويات
كما دخلت الحنّاء في التراث الغنائي الرسمي بأغنية شادية الشهيرة، من ألحان بليغ حمدي، وكلمات مرسي جميل عزيز:
حِنة يا حِنة يا حِنة يا قطر الندى
وقطر الندى المقصودة هي ابنة خمارويه بن أحمد بن طولون، التي حظيت بأفخم زفاف في التاريخ العربي، في زيجة سياسية بين مصر الطولونية والعراق العباسية؛ إذ زُفت إلى الخليفة المعتضد في بغداد.
طلاء الأظفار
لأظفار اليد خطابها الخاص، منها ما هو خاص بثقافة محددة، كما كان الحال في الصين قديمًا؛ إذ كانت إطالة ظفر الخنصر دليلًا اجتماعيًا على الانتماء إلى الأرستقراطية، ومنها ما هو مشترك بين معظم ثقافات العالم، مثل طلاء الأظفار.
ثمَّة دلائل على أن طلاء الأظفار كان معروفًا في الصين منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد. وكان أفراد الأسر المالكة يستخدمون اللونين الذهبي والفضي بشكل حصري. ومن ثَمَّ، حل الأحمر والأسود محل هذه الألوان المعدنية منذ أواسط الألفية الأولى قبل الميلاد.
وفي مصر الفرعونية، كانت الطبقات الدنيا تستخدم الألوان الباهتة في طلاء أظفارها، فيما كان الفراعنة يصبغون أظفارهم بالحناء الحمراء.
وثمَّة دلائل من عصور مختلفة تدل على شيوع طلاء الأظفار بلون محدد في فترة معينة، كما سجّل ذلك السياسي والرحّالة الإنجليزي فريدريك دوغلاس عند زيارته اليونان، ولاحظ أن كل النساء يطلين أظفارهنَّ بلون وردي.
بالقفز إلى العصر الحديث، يمكن القول إن طلاء الأظفار، بوصفه صناعة عالمية، يعود إلى باريس في عشرينيات القرن الماضي، عندما صنّع الفرنسي أنطوان دي باري باكورة الطلاءات الحديثة للأظفار.
ومع أن اللون الأحمر يبقى سيد الألوان المستخدمة في طلاء الأظفار، فإن تطوُّر هذه الصناعة بات يتيح طلاءات بكل الألوان، وبعشرات التفعيلات من كل لون. ووصل الأمر إلى ظهور فن الرسم على الأظفار، وتزيينها بحبيبات من الكريستال وما شابه.
وللدلالة على حجم هذه الصناعة في العصر الحديث، أشار تقرير صدر قبل عقد من الزمن، إلى أنه بلغ في الولايات المتحدة الأمريكية وحدَها 768 مليون دولار عام 2011م.
الحـلي والجواهر
غير أن أكبر الصناعات وأعرقها في مجال تجميل اليدين هي صناعة الحلي والجواهر، وتحديدًا الخواتم والأساور.
ولحلي اليد وظائف عديدة غير التجميل. فما من بيت في العالم إلا وفيه حلية لليد، حتى ولو اقتصر الأمر على خاتم واحد؛ لأن الخاتم في الإصبع صار إعلانًا عالمي الوضوح بأن صاحبه متزوج. وكان قديمًا للدلالة على المكانة المرموقة، يحمل رمزًا أو اسمًا، ويُستخدم للتوقيع.
فمن إجمالي حجم صناعة الجواهر في العالم، الذي بلغ نحو 300 مليار دولار في عام 2023م، استحوذت صناعة الخواتم على ما يُراوح بين %25 و%30، والأساور ما بين %10 و%15.
اترك تعليقاً