١- الحياة السرية لبائعي الكتب وأمناء المكتبات
قصصهم أفضل من الكتب الأكثر مبيعًا
The Secret Lives of Booksellers and Librarians Their stories are better than the bestsellers
by James Patterson, Matt Eversmann
تأليف: جيمس باترسون، ومات إيفرسمان
الناشر: 2024م، Little, Brown and Company
٢- امرأة المكتبة
The Bookshop Woman by Nanako Hanada Translated by Cat Anderson
تأليف: ناناكو هانادا
ترجمة: كات أندرسون
الناشر: 2024م، Octopus Publishing
لطالما كانت المكتبات أكثر من مجرد منافذ لبيع الكتب بالتجزئة، بل هي بوابات إلى عوالم أخرى، وفضاءات حيوية تضج بالأفكار، ويزدهر فيها الأدب، وتتقاطع فيها الحياة من خلال القصص المشتركة. في حين أن القيِّمين عليها هم بمنزلة أبطال فعليين يعملون على مساعدة الزبائن في تحديد اختياراتهم وينمّون لديهم متعة القراءة. لذلك، وفي تحية للكتب والمكتبات صدر، مؤخرًا، كتابان هما: “الحياة السرية لبائعي الكتب وأمناء المكتبات” للمؤلفين جيمس باترسون ومات إيفرسمان، ويضم مجموعة دافئة من الذكريات والحكايات والشهادات التي ترسم صورة حية للحياة اليومية والتحديات والانتصارات لأولئك الذين يكرسون أنفسهم لتعزيز حب القراءة في مجتمعاتهم؛ وكتاب “امرأة المكتبة” للكاتبة اليابانية ناناكو هانادا، التي تنسج فيه مذكراتها الشخصية بشكل تتداخل فيه موضوعات الهوية والتواصل والنمو الشخصي من خلال عدسة بيع الكتب.
يأخذنا كتاب “الحياة السرية لبائعي الكتب وأمناء المكتبات” إلى داخل حياة باعة الكتب وأمناء المكتبات، ويتضمن مجموعة من الملفات الشخصية التي تضم محترفين من جميع الأنواع، من بائعي الكتب المستقلين، ومنهم المؤلفة جودي بلوم، التي بدأت متجرها في ولاية فلوريدا الأمريكية في عمر الـ78 عامًا، وباعة الكتب في سلسلة المتاجر الشهيرة “بارنز ونوبل”، وأمناء المكتبات في المدارس والكليات الخاصة والعامة. يروي هؤلاء ذكرياتهم عند اكتشافهم المبكر لحبهم للكتب، والفرص غير المتوقعة التي أدخلتهم إلى عالم بيع الكتب، وبالنسبة إلى لبعض، امتلاك مكتبتهم الخاصة. وعلى الرغم من العنوان الذي يشير إلى الحياة السرية لبائعي الكتب وأمناء المكتبات، فإن القليل من المساهمين عاشوا حياة سرية، ومع ذلك، لدى البعض خلفيات غير متوقعة، بحيث أصبح كثير منهم أمناء مكتبات أو أصحاب متاجر بيع الكتب بعد مهنة مختلفة في العقارات، أو مراسلي صحف، أو في حالة الكاتبة بلوم، بعد 50 عامًا من عملها كاتبةً ناجحةً.
يتعمق باترسون، والمؤلف المشارك مات إيفرسمان، في قدرة بائعي الكتب وأمناء المكتبات على الإلهام ودورهم في تعزيز القراءة لدى الصغار والكبار معًا. وعن هؤلاء الخبراء، يكتب باترسون في مقدمة كتابه، فيقول: “إنهم يأخذون المرتبكين والخائفين والمحبطين ويساعدونهم على أن يصبحوا أكثر ذكاءً ووعيًا”. ويضيف أنهم ليسوا مجرد مروجين للكتب، بل هم محققون وصائدو كنوز ووسطاء ودعاة ورؤيويون. وفي كل قصة قد جرت مشاركتها داخل صفحات الكتاب يظهر كيف يخلق هؤلاء المحترفون “متعة القراءة” من خلال ربط القراء بالعناوين المثالية التي يتردد صداها في حياتهم، بحيث إن فعل سحب كتاب من الرف والقول “يجب أن تقرأ هذا. ستحبه حقًا”، يلخص جوهر مهمتهم.
وبينما يحتفي كتاب “الحياة السرية لبائعي الكتب وأمناء المكتبات” بالكتب والمكتبات من خلال مذكرات هؤلاء الخبراء، تحاول الكاتبة اليابانية ناناكو هانادا في كتابها “امرأة المكتبة” الاحتفاء بها أيضًا، ولكن من خلال مذكراتها الشخصية. تنطلق هانادا من المكان الذي تجد فيه نفسها على مفترق طرق في الحياة بعد انفصالها عن زوجها، وخيبتها من وظيفتها في إحدى المكتبات في مدينة طوكيو التي راحت تتراجع فيها المبيعات بشكل مطَّرد. فشرعت في رحلة لاكتشاف الذات من خلال انضمامها إلى إحدى منصات التواصل التي تُدعى “غرباء تمامًا” القائمة على فرضية مثيرة للاهتمام، فهي مصممة للأفراد للالتقاء في محادثات مدتها ثلاثون دقيقة تتمحور حول اهتماماتهم المشتركة. وسعيًا منها للتميز، قرَّرت هانادا استخدام شغفها بالكتب بوصفها نقطة التعريف الأساسية في ملفها الشخصي، فقالت عن نفسها إنها تستطيع أن توصي بكتاب مثالي من خلال معرفتها الواسعة بأكثر من عشرة آلاف عنوان.
تنطلق هانادا بسلسلة من المحادثات مع مجموعة متنوعة من الأشخاص بحيث تكتشف فيها قدرة الأدب على إثارة محادثات هادفة وبناء روابط عميقة. وتوصي بكتب لكتَّاب من أمثال الروائيين الأمريكيين جاك كيرواك وريتشارد باخ، والكاتب الياباني كازوو إيشيغورو، والأسترالي جيمس كلافيل، والأديبة الفرنسية فرانسواز ساغان، من بين آخرين. وفي حين أن توصياتها تحظى بالتقدير في كثير من الأحيان، إلا أن جهودها، حسنة النية، تنتهي بالفشل أحيانًا. فعلى سبيل المثال، عندما اقترحت كتبًا عديدة على رحالة رقمي يُدعى “تاكاشيما”، أجابها بأنه قرأها بالفعل منذ زمن طويل. وبعد هذه التجربة المخيبة للآمال، طوَّرت مجموعتها الخاصة من الإرشادات للتوصية بالكتب، مشيرة إلى أن العملية تتطلب كيمياء دقيقة، تشبه إلى حد ما قراءة الطالع. في حين اعترف لها أحد الأشخاص الذي يُدعى “إندو” أنه لا يعرف شيئًا عن المكتبات، بل يقول إنه يُفضِّل عدم الذهاب إليها، وإنه لا يقصدها إلا إذا اضطر إلى ذلك عندما لا تتوفر نسخة رقمية للكتاب الذي يريده، وفي الحالات الأخرى يحصل على الكتب من خلال منصة أمازون.
مما لا شك فيه أن هذين الكتابين اللذين يُقدِّمان رسالة حب للكتب والمكتبات، كلٌّ على طريقته، سيكون لهما صدًى لدى محبي الكتب في كل مكان؛ إذ فيما يشهد كتاب “الحياة السرية لبائعي الكتب وأمناء المكتبات” على الرضا العميق الذي يشعر به أمناء المكتبات عند إسهامهم في تعزيز حب القراءة لدى كل من يقصدهم، يستكشف كتاب “امرأة المكتبة” قدرة الأدب على تعزيز التواصل الإنساني الصادق.
اترك تعليقاً