تأليف: مارك كوكيلبيرج
ترجمة: عبدالنور خراقي وعبدالرحيم فاطمي
الناشر، خطوط وظلال، 2024م
يبدأ أستاذ فلسفة الإعلام والتكنولوجيا بجامعة فيينا، مارك كوكيلبيرج، كتابه باقتباس السطور الأولى من رواية “المحاكمة” لـ”كافكا” المنشورة عام 1925م، التي أشارت إلى واقعة القبض على “جوزيف. ك” صبيحة أحد الأيام دون أن يرتكب خطأ، والذي سيُعدم لاحقًا بعد محاكمة افتقرَت إلى العدالة؛ وذلك لأجل أن يُقارِبَ بين هذه الواقعة المتخيلة، وأخرى واقعية بطلها الأمريكي روبرت جوليان ويليامز، الذي تلقى ظهيرة أحد أيام شهر يناير عام 2020 مكالمة من قسم شرطة ديترويت للحضور؛ ولأنه لم يرتكب أي خطأ هو أيضًا رفض الامتثال، فجرى اعتقاله، وحين أطلعه المحققون على تصوير فيديو من إحدى كاميرات المُراقبة لرجل أسود يسرق من متجر راق، نفى أن يكون هو الشخص نفسه الذي يظهر فيه؛ ولأنه كان صادقًا فقد أُطلق سراحه.
وما يبقى صحيحًا في هذه الواقعة كذلك هو أنه كان ضحية نتيجةٍ خاطئة صدرَت عن خوارزمية التعرُّف على الوجه الذي يَستخدم الذكاء الاصطناعي وفقًا لتقنية تعلم الآلة، وعلى هذا الأساس، اعتُقل دون وجه حقّ.
وتُمثِّل خلاصة هذه المقاربة بين قصة كافكا وحكاية روبرت جوليان ويليامز الطرح الأساس الذي قدَّمه كوكيلبيرج في هذا الكتاب، وطالَبَ فيه بضرورة التفكير في الفلسفات الحاكمة لاستخدام التقنيات فائقة الذكاء، وأهمية إجراء نوع من “التصالح” مع الفكر التكنولوجي الخاص بها لتُوجَّهَ أخلاقيًّا بحيث لا تُمثِّل في نهاية المطاف أداة لتكريس ضروب من التفاوتات تفضي إلى سيادة أنماط جديدة من الظلم والعنصرية وسلب الحريات.
ويتجاوز مضمون الكتاب رصد الفلسفة السياسية وتحليلاتها الخاصة باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في عالم البشر، إلى استعراض عواقبها على غير البشر، فيطرح المؤلف كذلك أسئلة حول إمكان تمتُّع أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات بوضعٍ سياسي بعينه، مثل المواطنة وحقوقها وما يستدعيه ذلك من إعادة التفكير في مفاهيم الحرية والعدالة لتشمل الآلات أيضًا.
ويتجاوز مضمون الكتاب رصد الفلسفة السياسية وتحليلاتها الخاصة باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في عالم البشر، إلى استعراض عواقبها على غير البشر، فيطرح المؤلف كذلك أسئلة حول إمكان تمتُّع أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات بوضعٍ سياسي بعينه، مثل المواطنة وحقوقها وما يستدعيه ذلك من إعادة التفكير في مفاهيم الحرية والعدالة لتشمل الآلات أيضًا.
ويؤكد مارك كوكيلبيرج، بعد بحثه المتعمق في كثير من النظريات السياسية الكلاسيكية والمعاصرة وربط فرضياتها بموضوع عمله الرئيس المرتكِز على الفلسفات السياسية للذكاء الاصطناعي الذي بدأ يُهيمن على الواقع اليومي للحياة الإنسانية في مجالات شتى، أن خوارزميات هذا النمط من الذكاء غير البشري الفائق ليست محايدة أبدًا على المستوى السياسي، ولكي نتجنب تأثيراته المُجتمعية الضارة ثمَّة حاجة ملحة إلى ما سمَّاه “التفكير معًا” في العلاقة بين السياسة والتكنولوجيا لجعل “سياسات الذكاء الاصطناعي أكثر تشاركية وعامة، وديمقراطية وشاملة”، تضع في اعتبارها السياقات العالمية، والاختلافات الثقافية التي تنشأ فيها القضايا المرتبطة بها، مع ضرورة تحديد ما التكنولوجيات التي نحتاج إليها فعليًّا، وكيف نستخدمها على أفضل وجه.
اترك تعليقاً