شهدت أنظمة التعليم في العالم خلال العام الجاري اضطراباً غير مسبوق بفعل جائحة الكورونا، فأغلقت معظم مدارس وجامعات العالم أبوابها أمام أكثر من 1.5 مليار دارس، أي ما يزيد على %90 من إجمالي الدارسين، وذلك بحسب أرقام حديثة صادرة عن معهد اليونيسكو للإحصاء. وقد اتفق خبراء التعليم على أن التعليم ما بعد الكورونا لن يكون كما قبله، خاصة مع ظهور بنية تحتية عالية الأتمتة باستخدام مُعطيات الثورة الصناعية الرابعة، وأنظمة الذكاء الاصطناعي، وأن ثمَّة تحوُّلات متوقَّعة سوف تكون كبيرة وهيكلية في أنماط التعليم، وأساليبه، وتوجهاته، وسياساته، ونظمه، سواء على صعيد التعليم العام أو الجامعي، وقد بدأت بوادر هذه التحوّلات بالظهور فعلاً.
من أبرز تحوُّلات التعليم في زمن ما بعد كورونا، وقد بدأنا نتلمس بعضه، هو الاتجاه المُتصاعد بقوَّة نحو استخدام التقنيات المتقدِّمة، وإنشاء مزيد من البوابات والمنصَّات، لمختلف مراحل التعليم، خاصة بعد أن أثبتت فاعليتها في وقت شِدة الجائحة. وأهم الأنماط الجديدة ذات البنية الرقمية في التعليم هي التالية:
• التعليم عن بُعد: وقد استُخدم هذا النمط، في كثير من دول العالم، كبديل للتعليم التقليدي، منذ بداية ظهور الجائحة. ومن حيث نتائجه الإيجابية، كان مُبهراً للجميع. إذ يقول أ. د. خالد الصالح، نائب مدير جامعة عجمان بدولة الإمارات العربية المتحدة: “لقد كانت مُفاجأة سارة أن تواصل العمل بلا انقطاع، وعلى نحو أفضل مما توقعته معظم مؤسسات التعليم، من حيث تقديم الدورات، واستجابة الطلاب، وتكيُّف أعضاء هيئات التدريس مع هذا النمط من التعليم، حتى حُضور الطلاب كان أفضل من واقع الحضور في فصول الدراسة”. ويُشير روبرت جينكينز، مُدير التعليم في اليونسيف، إلى أن الجهود التي بُذِلت من جانب كثير من الحكومات، للوصول إلى التلاميذ أثناء الإغلاق، كانت كبيرة ومُثمِرة، وصارت لدينا أدلَّة على أن التعليم وصل إلى تلاميذ لم يكن يتم الوصول إليهم، عندما كانت المدارس مفتوحة.
التعليم المُدمج صار الأسلوب السائد في 213 مؤسسة تعليمية أمريكية، كونه فعَّالاً، ويفضله أغلب الطلاب، كطريقة تعليم مُحفِّزة.
• التعليم الإلكتروني: الذي يجمع بين التعليم عن بُعد، والتعليم داخل الفصل الدراسي، وذلك من خِلال وسائل وآليات الاتصال الحديثة، من حاسبات وشبكات ووسائط مُتعدِّدة، تجمع بين الصوت والصورة والرسومات، وآليات البحث، ومكتبات رقمية، بهدف الوصول إلى الدارس بأقصر وقت، وبأقل جهد، وأكبر فائدة. ومن المُتوقَّع أن يسود هذا النمط التعليمي، في مُعظم مؤسسات التعليم حول العالم، خلال المستقبل المنظور، ومن أهم أشكاله ما صار يُعرف بالتعليم المُدمج، الذي يجمع بين التعليم المُعزَّز بالتقنيات، والتعليم المباشر (وجهاً لوجه)..
وفي دراسة أمريكية، نُشِرت نتائجها مؤخراً، وتضمَّنت تحليلاً لطبيعة تحوُّلات نظام التعليم في 213 مؤسسة تعليمية، تبيَّن أن التعليم المُدمج صار الأسلوب السائد في هذه المؤسسات، كونه فعَّالاً، ويفضله أغلب الطلاب، كطريقة تعليم مُحفِّزة..وعلى الضِفَّة الشرقيَّة من الأطلسي، أصدرت الرابطة الأوروبية للتعليم الإلكتروني (EADTU)، تقريراً حول مُستقبل التعليم في القارة، ورد فيه أن ثمة زيادة كبيرة في عدد المؤسسات التعليمية، بجميع مراحل التعليم، التي اعتمدت بالفِعل نموذج التعليم المُدمج. وأرجعت ذلك إلى أهمية هذا النموذج في رفع مُستوى المهارات، سواء لدى الطلاب أو المُعلِّمين، وأنه مثالي لمواجهة ازدياد أعداد الطلبة المُنتسبين، كما أنه يدفع نحو زيادة مُستوى جودة العملية التعليمية.. وكانت اليونيسكو أكَّدت أهمية التعليم المدمج، باعتباره نهجاً يعزِّز التعلُّم، ويدفع نحو تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المُستدامة، الوارد في التقرير الأُممي، المعروف باسم “Education 2030”.
لم يسبق لنا أبداً أن شهدنا هذا الحد من الاضطراب في مجال التعليم. وسبيلنا الوحيدة للمضي قُدماً، هي إقامة الشراكات. وهذا ما نأمل أن يقوم به التحالف الجديد، الذي يحثُّ على العمل المُنسَّق والمُبتكَر، لإيجاد حلول لا تقتصر على دعم المُتعلِّمين والمُعلِّمين في الوقت الراهن فحسب، بل تستمر معنا طوال عملية التعافي، وذلك مع إعطاء تركيز خاص لمبادئ الإدماج والإنصات.
• الذكاء الاصطناعي: يتصاعد الاتجاه نحو اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي، من أجل تعزيز التعليم عبر الإنترنت، وبرمجيات التعلُّم التكيفية، وأدوات البحث التي تُتيح للطلاب سُرعة التفاعل، والاستفادة من المعلومات، واكتساب المهارات.
وأفضت نتائج كثير من الدراسات الأكاديمية، إلى أن استخدام التعليم التكيفي (Adaptive Learning)، يفيد تقدُّم الطالب في مساره التعليمي، ويعزِّز التعليم النشط، ويساعد الطلاب المتعثرين، ويقيِّم العوامل المؤثرة في نجاح الطالب. إلَّا أن الدمج الفعَّال لهذه التقنيات الجديدة، في المناهج الدراسية، يتطلّب التخطيط الجيّد، وتوفير الموارد اللازمة.
ويرتبط بنمط الذكاء الاصطناعي أيضاً استخدام الروبوتات في مجال التعليم، حيث إن اعتماد المؤسسات التعليمية للروبوتات في التدريس، يتزايد يوماً بعد آخر، خاصة بعد نجاح تجربة الروبوتات التي تقوم بتدريس اللغات، وكذا تدريس بعض المواد الأساسية، كما هو الحال في الصين، وبعض البلدان الإسكندنافية.
تحوُّلات في المدارس..والمناهج
عندما تتراجع شِدة الجائحة، وتبدأ الدول في فتح مدارسها أمام الطلاب – وسيكون ذلك غالباً على مراحل – فإن ثمَّة تحوُّلات مُهمَّة سوف تطرأ. إلَّا أن هذه التحوُّلات سوف تتباين، وفقاً للإمكانات المادية، والخطط التي تعتمدها كل دولة. وسيشهد قطاع التعليم الأساسي أوضاعاً جديدة في كثير من دول العالم على وجه العموم، من بينها:
• التباعد الاجتماعي: حيث سيكون الولوج إلى الفصول الدراسية مُتدرجاً، وسيُراعي على نحو مدروس مبدأ التباعد الاجتماعي. فلا مُصافحات، ولا تقارب جسدي. وستبقى الصداقات، والشبكات الاجتماعية، وكثير من الأنشطة، مُعلَّقة.
على وقع تداعيات الجائحة… تعليم المملكة يستشرف المُستقبل
استشرافاً للمستقبل، يتجه التعليم في المملكة نحو التوسُّع في الرقمنة، من خلال استخدام تطبيقات وبرامج التعليم المُتقدِّمة، القائمة على معطيات الذكاء الاصطناعي. فقد فرضت تداعيات الجائحة، تعظيم هذا الجانب، من أجل مواصلة سير العمليات التعليمية، وفي الوقت نفسه تحقيق الحماية والأمان للطلاب. وتشير الدكتورة عهود الفارس، المشرف العام على الإدارة العامة للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد بوزارة التعليم، إلى أن هذه المرحلة تشكِّل منعطفاً جديداً لتطوير الأدوات والاستراتيجيات التعليمية، تزامناً مع استئناف الدراسة عن بُعد، لقد صار يُنظَر للتعليم الإلكتروني باعتباره أحد أهم الخيارات المُستدامة للعملية التعليمية، التي من شأنها تعزيز جودة المُنتَج التعليمي.
ومن أهم مشروعات التعليم عند بُعد، التي أطلقتها المملكة، قنوات عين للدروس التعليمية، التي تم تطويرها، لتواكب مستجدات العصر، وما فرضه الواقع من تحديات، ودُشنت منصة التعليم التفاعلي “منصة مدرستي”، التي تتضمَّن منذ انطلاقتها الأولى أكثر من 45 ألف محتوى تعليمي متنوِّع، وأكثر من 450 ألف خطة درس إلكتروني بمشاركة المعلمين. وجُعِلت هذه المنصة التفاعلية – التي تهدف إلى رفع كفاءة العمل في التعليم عن بُعد – محاكاةً افتراضية للواقع التعليمي، حيث يبدأ اليوم الدراسي لتلاميذ المرحلة الابتدائية، عند تمام الساعة الثالثة عصراً، ولطلَّاب المرحلتين المتوسِّطة والثانوية، عند تمام الساعة التاسعة صباحاً.
وعقب تسجيل الدخول، يؤدَّى النشيد الوطني، ثم تمارين رياضية، بعد ذلك يُعرَض الجدول الدراسي، والانتقال إلى الاستماع لشرح الدرس المُجدوَل، وأداء المهام والتكليفات المُقدَّمة من قبل المُعلِّم، ويتواصل اليوم الدراسي الافتراضي التفاعلي إلى نهايته.
إن توجُّه تعليم المملكة نحو مزيد من الرقمنة، ليس فقط ضرورة حتمية، لمواجهة تداعيات الجائحة، ولكن أيضاً لبناء جيل جديد، قادر على الاستفادة من مُعطيات الثورة الصناعية الرابعة، ويمتلك من المعارف والمهارات التي تمكّنه من الانخراط في وظائف الغد.
واستُحدِثت إدارة عامة للتعليم الإلكتروني، لتكون المظلَّة الرسمية لمنظومة التعليم الإلكتروني الموحَّد، الذي سيستفيد منه المعلِّم، ويتصاعد دوره في التوجيه والإشراف على تعلُّم الطلاب، من خلال خَلق مواقف تعليمية، وأساليب تعلُّم حديثة.. كما أن الطالب لا يبقى مُجرَّد مستمع أو متلقٍّ فقط، بل سيكون مشاركاً بفاعلية أكبر، ومعتمداً على ذاته، في الحصول على المعلومات، وقادراً على تنمية مواهبه، مستفيداً من الأنشطة التعليمية المُختلفة، التي تُراعي الفروق الفردية بين المُتعلمين.
وسيُتاح لولي الأمر المُتابعة بشكل دائم، ويكون على دراية بكُل ما يتعلَّق بالمُستوى الدراسي لابنه، بحصوله على البيانات الصحيحة، وسيصبح مؤثراً في رسم خارطة جودة التعليم، من خلال مشاركاته في الاستبيانات والنقاشات، فالتغذية الراجعة من ولي الأمر يُعتَد بها لتحسين الأداء والجودة.
• تعدُّد فترات الدوام داخل المبنى المدرسي الواحد: فالحاجة إلى التباعد الاجتماعي بين الطلاب ستفرض عدداً أقل منهم داخل الفصل. ومن ثم سيُصبح من الضروري أن تعمل المؤسسات التعليمية فترتين، وربما ثلاثاً كل يوم، خاصة في المدارس المُكتظَّة بالطلاب. وهذا بلا شك سوف يضع مزيداً من الضغوط على أعضاء هيئة التدريس والطاقم الإداري.
• تراجع الدراسة في الخارج: حيث تأثَّرت كُل أشكال التعليم الدولي بالجائحة، وسيستمر ذلك لبعض الوقت على الأقل، ويمتد هذا التأثير إلى خطط الدراسة بالخارج، وبرامج التدريب، وتبادل الخبرات.
• اكتساب مهارات جديدة: بعد قضاء شهور في التعليم المنزلي، خلال فترة الإغلاق، أصبح الطلاب على معرفة أكبر بأدوات ووسائل تكنولوجيا التعليم، مع تمتعهم بالقدرة الكافية على التحكم في دروسهم الخاصة، فلن يكونوا طلاباً يتعلَّمون الدروس الموجَّهة وفقاً للمناهج الدراسية فقط، بل سيكتسبون أيضاً الخِبرات في عديد من التطبيقات الجديدة المتاحة، التي يمكنهم استخدامها للدراسة والتعلُّم.
• إعادة تعريف دور المُعلِّم: وسيتغيَّر مفهوم دور المعلم باعتباره صاحب المعرفة، الذي يُضفي الحِكمة على طلابه، خاصة مع توسُّع دوائر ولوج الطلاب إلى الموارد المعرفية عبر نظم التعليم الرقمي، التي يتقلص فيها دور المعلِّم التقليدي.
• الحقيبة المدرسية ستُصبح أخف: في المُتوسِّط، يحمل تلميذ في مدرسة هندية على سبيل المثال، ما بين 3 و8 كيلوغرامات من الوزن كل يوم، عند ذهابه إلى المدرسة. وعادة ما يحمل إلى جانب الكُتب الدراسية والمُفكِّرات، صندوق غذاء، وزجاجة ماء. إن التوسُّع الذي طرأ في استخدام التكنولوجيا، سيُساعد حتماً على التخلُّص من بعض هذا الوزن، والواجبات المدرسية / المنزلية أيضاً ستتحرَّك بشكل متزايد على الشبكة الرقمية.
وعلى مُستوى المناهج الدراسية، فإن تحوُّلات مهمة أيضاً سوف تفرض نفسها، لتواكب واقع ما بعد الجائحة، خاصة مع ظهور برامج تعليمية جديدة، تتبنَّى الاستراتيجيات الذكية في بناء المُحتويات التعليمية، عبر استخدام أحدث التطبيقات، التي تطوِّرها الشركات الناشئة، وكُبرى المؤسسات في قطاع التعليم.
فمن المعلوم أن في منظومات التعليم التقليدية، يتعلَّم الأطفال، من فئة عُمرية واحدة، المناهج نفسها تقريباً، من دون النظر إلى اهتمامات كُل طفل، أو مهاراته الفردية. إلَّا أنه في المناهج الجديدة، وبفضل ما استُحدِث من بنية تحتية رقمية عالمية، سوف يُتاح للطلاب إمكانية الاختيار، والتعلُّم بالوتيرة التي تُناسبهم، والانتباه أكثر للأشياء التي يستمتعون بفعِلها.
يقول خبير التعليم الدولي ساندريب غويال: “إن وجود قصور في فاعلية المنهج التقليدي “مقاس واحد يُناسب الجميع”، سوف يدفع نحو الاتجاه إلى استخدام تحليلات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي بشكل صحيح، ورُبما يُمكِّن من إنشاء تجارب تعلُّم شخصية، وهذا سيُساعد بدوره على حل بعض هذه التحديات، من خِلال تجربة تعليمية مُخصصة، تجعل لكُل طالب منهجاً فريداً تماماً، مُصمماً بالكامل وفقاً لقُدراته واحتياجاته الفردية. وهذا من شأنه زيادة الحافزية لدى الطلاب، والتقليل بشكل كبير من احتمالية التسرُّب، كما يُمكن أن يوفِّر أيضاً للمعلمين فهماً أفضل لعملية التعلُّم لكل طالب، والتدريس على نحو فاعل..
وسيخضع الفحص والتصحيح للتغيير، حيث إن مُعطيات ثورة التقنية الحديثة، ستُساعد المُعلِّمين على التعامل مع التقييم، وتتبُّع أداء كل طالب بملل أقل، ووضع الدرجات على نحو عادل.. إن هذه المهام ستصبح بسيطة، مما سيتيح للمعلمين مزيداً من الوقت والجهد للتركيز على تحسين الدورة التعليمية وجودة التدريس وتطوير الكفاءة.
وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة البحوث السوقية (Global Market Insight)، فإنه من المُتوقع بحلول العام 2025م، أن يتجاوز حجم سوق هذه التطبيقات التعليمية على المُستوى العالمي 300 مليار دولار أمريكي.. وعلى المُستوى العربي، وبحسب “مؤسسة دبي المُستقبل”، فإن حجم سوق التقنيات التعليمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، سوف يتجاوز 40 مليار دولار، بحلول عام 2022م.
بين التجربتين الدانمركية والألمانية
ومن التجارب الجديرة بالتأمُّل في إعادة فتح مدارس التعليم الأساسي، بعد انحصار الجائحة، نذكر التجربة الدانمركية. فمُنذ شهر مايو 2020م، قرَّرت الحكومة فتح المدارس الابتدائية أمام التلاميذ، ووضعت نظاماً جديداً للدوام الدراسي، يقوم على قواعد رئيسة، أبرزها:
• تقسيم التلاميذ إلى مجموعات صغيرة، على ألا يحتكُّوا بغيرهم قدر المُستطاع.
• يقضي التلاميذ وقتهم في المدرسة، في ما يُشبه الشرانق الافتراضية أو الطوق، من دون أن يكونوا عرضة للآخرين.
• تصل المجموعات الصغيرة من التلاميذ إلى مدارسها في أوقات مُختلفة من الصباح. ويتناول التلاميذ الغداء مُنفصلين، ولا يُفارقون المناطق المُحددة لمجموعتهم. وتتلقَّى كل مجموعة دروسها على يد مُعلِّم/ة واحد/ة.
• لا يزيد عدد التلاميذ في كُل مجموعة على 12 تلميذاً، وهو العدد المُناسب لمساحة حُجرة الدراسة، في إطار اشتراطات وقواعد التباعد الاجتماعي.
• اتجهت بعض المدارس، التي ليس لديها فصول كافية، إلى تنفيذ نظام الفترتين (فترة صباحية، وفترة بعد الظهر).
• تم تخصيص فُسحة من الوقت، كُل فترة، من أجل غسل الأيدي.
• يستطيع المُعلِّم الذي لديه مُشكلة صحيَّة، أو لدى أحد من أفراد أسرته، مواصلة التدريس باستخدام الإنترنت من البيت.
وتقول دوتي لانغ، نائبة رئيس نقابة المعلمين في الدانمرك: إن المشورة الطبيَّة، تُركِّز على استراتيجية حِفظ المسافات بين التلاميذ، في مجموعات مُنعزِلة، مع الاهتمام الشديد بالنظافة، وتُضيف: “نحن سُعداء، إن إعادة فتح المدارس حتى الآن كانت تجربة ناجحة”.
وإذا كانت التجربة الدانمركية بدأت بإعادة فتح المدارس أمام تلاميذ المرحلة الابتدائية دون غيرهم، فإن التجربة الألمانية، التي انطلقت في وقت قريب من التجربة الدانمركية، بدأت بعودة الطلاب الكبار. وقد طُبِّقت فيها قواعد التباعد الاجتماعي بشكل أكثر صرامة، مع التشديد على لبس قناع الوجه.
ويقول شارون روبرتس، مُدير إحدى المدارس الدولية في مدينة كولون: هناك مكان مُخصَّص لكُل طالب، والتفتيش الصحي مُستمر على مدار ساعات الدوام، فإن تبيَّن وجود طالب مصاب بالفيروس، تم الإسراع بعزله، ومعرفة من كان يجلس قريباً منه، لاتخاذ التدابير المُناسبة، وإجراء عمليات المسح.
وفي التجربة الألمانية، فُتِحَت في بادئ الأمر قاعات الامتحانات، لتكون أماكن تطبيق التباعد الاجتماعي، ثم بعد ذلك فُتحت الفصول، مع الأخذ بالاحتياطات اللازمة. وقد جُعِلت الممرات في المدارس بنظام الاتجاه الواحد، للحد من الاحتكاك بين الطلاب. ويتوزَّع وقت الراحة، بطريقة التناوب، بين المجموعات الطلابية. ويتسم اليوم الدراسي بالقِصر. كما أن الدروس فيه خليط من الدروس في الفصول التقليدية، وعبر الإنترنت، وكُل مجموعة دراسية تتألف من 10 طلاب، ولا يُسمَح بأكثر من ذلك.
عندما ستتراجع شِدة الجائحة، وتبدأ الدول في فتح مدارسها أمام الطلاب – وسيكون ذلك غالباً على مراحل – فإن ثمَّة تحوُّلات مُهمَّة سوف تطرأ..
التحالف العالمي للتعليم.. وتحوُّلات ما بعد الكورونا
وفي إطار الجهود الدولية، التي تُبذَل لمُساعدة البلدان، في مواجهة تداعيات الجائحة، وترشيد تحوُّلات التعليم المُتوقعة، أُنشئ برعاية أُممية، “التحالف العالمي للتعليم”، وإلى جانب اليونيسكو، سارعت بالانضمام إلى هذا التحالف منظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة التعاون والتنمية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف)، والاتحاد الدولي للاتصالات، والبنك الدولي، ومؤسسات وشركات تقنية كُبرى، مثل مايكروسوفت، والجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول، ووايدونغ، وجوجل، وفيسبوك، وزوم، وكيه بي إم جي، وكورسيرا، وكثير من الهيئات والمُنظمات الأهلية الخيرية وغير الربحية ذات الصِلة.
وتقول أودري أزولاي، المديرة العامة لليونيسكو: “لم يسبق لنا أبداً أن شهدنا هذا الحد من الاضطراب في مجال التعليم. وسبيلنا الوحيد للمضي قُدماً، هو إقامة الشراكات. وهذا ما نأمل أن يقوم به التحالف الجديد، الذي يحث على العمل المُنسَّق والمُبتكَر، لإيجاد حلول لا تقتصر على دعم المُتعلِّمين والمُعلِّمين في الوقت الراهن فحسب، بل تستمر معنا طوال عملية التعافي، وذلك مع إعطاء تركيز خاص لمبادئ الإدماج والإنصات”.
وحدَّد التحالف العالمي للتعليم، مجموعة من الأهداف يسعى إلى تحقيقها، وأهمها:
• مساعدة البلدان في تعبئة الموارد، وتنفيذ حلول مبتكرة ومناسبة للسياقات المحليَّة، لتوفير التعليم عن بُعد، وتعزيز المناهج القائمة على التكنولوجيا العالية أو البسيطة، أو تلك غير القائمة على التكنولوجيا.
• التوصل إلى حلول منصِفة، تكفل حصول الجميع على التعليم.
• ضمان الاستجابة على نحو مُنسَّق، وتجنُّب تداخل الجهود.
• تيسير عودة الطلاب إلى المدرسة، والحرص على تجنب ارتفاع معدَّلات التوقف عن الدراسة.
اترك تعليقاً