تاريخ العالم في سبعة أشياء رخيصة.. دليل إلى الرأسمالية والطبيعة ومستقبل الكوكب
تأليف: راج باتل وجاسون مور
ترجمة: وفاء م. يوسف
الناشر: صفحة سبعة، 2024م
يؤرخ الأكاديمي والصحفي البريطاني راج باتل، وأستاذ علم الاجتماع بجامعة “بينغامتون” بنيويورك والباحث المتخصص في التاريخ البيئي الأمريكي جاسون مور، للاكتشافات والتطورات التي صنعت العالَم الحديث، عبر تحليل سبعة أشياء “رخيصة” بحسب وصفهما، وهي: الطبيعة والمال والعمل والرعاية والغذاء والطاقة وحياة الناس أنفسهم.
وقد أثار هذا الكتاب عند صدوره جدلًا في الأوساط الأكاديمية والثقافية، كما تشير كلمة غلافه الأخير في نسخته المترجمة إلى العربية حديثًا؛ فقد تناول فكرة الرأسمالية من زوايا مختلفة عن المعالجات التقليدية التي تناولتها من منظور متحيز ضيق، وذلك بربطها بالطبيعة التي استُغلت على نحو “خاطئ ومتوحش” مهَّد المجال لاستغلال البشر، وهو استغلال جعل من العالم “عالمًا رخيصًا”.
وقد خصص المؤلفان سبعة فصول تُشكِّل متن الكتاب، بخلاف المقدمة والخاتمة، لمناقشة “الأشياء الرخيصة” السبعة التي فسَّرا ما شهده العالم من حرَاك، مهما كان نوعه، تأسيسًا عليها. وقد حرصا في بداية عملهما على تعريف ما عنياه بمفهوم “رخيص” في سياق طرحهما النظري. يوضح “باتل” و”مور” أن كلمة “رخيص” تُمثِّل الوجه الآخر للصفقات الرابحة للرأسمالية، وتُعبر عن مجموعات من إستراتيجيتها التي تستخدمها بهدف التحكم في “الشبكة الكبرى للحياة” عمومًا؛ أي بالعلاقة المعقدة بين الطبيعة بعناصرها كافة والإنسان. ولا يعني “الرخيص” هنا، كما يُضيفان، التكلفة المنخفضة فحسب، لكنه ممارسة قد تصل إلى حد العنف من أجل الاستفادة من جميع أشكال العمل: البشري والحيواني والنباتي والجيولوجي، بأقل مقابل ممكن.
والرأسمالية، في نظر الكاتبين، تتكوَّن من السلطة والمال والطبيعة، وهي ليست نظامًا تكون فيه الأموال في كل مكان، لكنها نظام يتشكَّل من مجموعة جزر من التبادل المالي توجد “في محيطات من الطبيعة الرخيصة، أو التي من المحتمل أن تكون رخيصة”.
وهكذا، يتبلور تصور المؤلفين لفكرتهما المركزية في هذا العمل. فالسعي من أجل تحقيق أقصى فائدة من خلال أقصى استغلال للأشياء الرخيصة أوجد حلقات متتالية من الصراع. ومن ثَمَّ، “كان الرخص ساحة للمعارك”، وهو الأمر الذي يستلزم استطلاعًا للأشياء السبعة الرخيصة. كان هدف المؤلفين الرئيس من الكتاب رؤية أفق الإمكانات بوضوح، واستيعاب التحديات فيما تشهده المجتمعات الإنسانية من نزاعات في الوقت الراهن، ووضع خطة لتحديد الإصلاحات التي من الضروري أداؤها لفهم ما سمَّياه “الإيكولوجيا الرأسمالية”؛ أي العلاقات التي توضح الكيفية التي يعمل بها العالم، والتي يمكن من خلالها “تفسيره وتغييره”.
وقد أنهى راج باتل وجاسون مور كتابهما بخطوط عريضة يمكنها المساهمة في مثل هذا الفهم المأمول، من بينها ضرورة الاعتراف بالدور السلبي الذي مارسته الرأسمالية في سبيل تحقيق مآربها على حياة البشر والطبيعة معًا، وضرورة البحث عن طريقة لتعويض ما حدث من خسائر، مع أهمية “إعادة تصوُّر” نمط حياتنا في عالم اليوم، وذلك عبر تقصّي العالم الآخر المنشود الذي تودُّ الأغلبية العظمى العيش فيه، وهو الأمر الذي لم تفعله الرأسمالية قطُّ.
اترك تعليقاً