الغيب في علم الله وحدَه. ولكن هذه الحقيقة الإيمانية لم تمنع الناس في مختلف أنحاء العالم من السعي في معرفة ما قد يخبئه المستقبل، فنشأت صناعة تاريخية تزعم معرفة المستقبل من خلال تفسير خطوط وتموجات راحة اليد: “قراءة الكف”. وهذه الشعوذة واحدة من الممارسات القديمة والمستمرة، ومصدرها غير معروف. لكن الموسوعة البريطانية تُرجح أن تكون قد نشأت في الهند في إطار الكهانة التقليدية للغجر، ومن الهند انتشرت إلى الصين والتبت وفارس وبلاد ما بين النهرين ومصر، وشهدت تطورًا كبيرًا في اليونان القديمة.
في العصور الوسطى، صارت قراءة اليد ممارسة سيئة السمعة بوصفها عملًا من أعمال السحر، وكان قرّاء الكف يُعاقبون بالحرق. ثم شهد القرن السابع عشر محاولة لوضع أسس تجريبية لمبادئ قراءة الكف استنادًا إلى المعارف التي كانت متوافرة آنذاك. ولكن هذه المحاولة انتكست في عصر التنوير، ثم عادت لتنتعش شعبيًا في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، في توازٍ مع انتعاش دراسات علم النفس، من قِبل أتباع كارل يونغ وآخرين.
لا توجد شواهد علمية تدعم الادعاء بإمكانية التقاط معنى تنبؤي أو نفسي من اليد، لكن زعم ذلك يتغذى من قلق الإنسان وفضوله، ويلجأ كثيرون من الأوساط المختلفة للمنجمين، بهذه الدرجة أو تلك من السرية أو العلانية. ومهما كان الأمر، فالخوف من المستقبل والفضول بشأنه هما القاعدة النفسية التي تضمن بقاء هذه الممارسة التي تحقق للبعض ثروات عندما يبتسم له الحظ ويجد طريقه إلى أصحاب الثروة والنفوذ، بينما تبقى بديلًا للتسول في الشوارع عند غير الموهوبين. وبين المحظوظين وغير المحظوظين من قرّاء الكف، تقف في المنتصف طائفة كبيرة من مؤلفي الكتب حول هذا الموضوع، يكرر بعضها محتوى البعض الآخر، وتُصنف دائمًا بين الأكثر مبيعًا. ومن بين هذه الكتب الصادرة بالإنجليزية: (Palmistry: How to Chart the Lines of Your Life) “قراءة الكف: كيف تحدد خطوط حياتك؟”، و(The Complete Book of Palmistry) ويمكن أن نترجمه على طريقة العناوين التراثية العربية بـ “الكتاب الوافي والعلم الكافي في قراءة الكف”، وهناك كتاب (Talk to the Hand: A Field Guide to Practical Palmistry) “الحديث إلى اليد.. الدليل العملي لقراءة الكف”.
اترك تعليقاً