مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
مايو – يونيو | 2020


في عددها لشهر رمضان 1386هـ (ديسمبر 1966م)، نشرت “قافلة الزيت” استطلاعاً للأستاذ علوي شرف هاشم عن المكتبات في أرامكو. وبعد إلقاء نظرة عامة على تاريخ المكتبات، جال بنا الكاتب على مكتبات الشركة، حيثما توزعت، وعدّد الكتب الموجودة فيها، والنُظم التي تدار على أساسها. وهنا مقتطفات من هذا الاستطلاع:

يمكن إرجاع تأسيس أول مكتبة عامّة إلى اليونانيين القدماء. بيدَ أنّ أشهر المكتبات اليونانيّة وأهمّها في ذلك العهد، هي مكتبة الإسكندريّة التي أسّسها “بطليموس سويتر” والتي تعود شهرتها إلى المساعدة التي قدّمها الفيلسوف الكبير “ديمتريوس دوفالير”. تلك المساعدة التي كان لها أثر فعّال في زيادة عدد مؤلّفاتها. ويذكر التاريخ أنّ عدد المؤلفات التي وجدت في هذه المكتبة قد بلغ نحو مليوني كتاب. وتأتي بعد هذه المكتبة من حيث الشهرة والأهميّة مكتبة أرسطو التي أودعها كلّ مؤلّفاته ومدخراته الأدبيّة.
أمّا عن تاريخ المكتبات عند العرب فقد جاء في دائرة معارف (تروسيه) تحت كلمة مكتبة ما يلي: “كان للعرب مكتبات عظيمة القيمة في القاهرة والإسكندرية، وممّا يُذكر أنّه كان عدد المؤلفات التي في مكتبة الحكمة بالقاهرة يبلغ مليون وستمائة ألف كتاب. وكان لهم فيها 70 مكتبة عامّة، منها مكتبة قرطبة التي يبلغ عدد كتبها أربعمائة ألف مجلّد”.
ولعلّ أصدق دليل على حبّ العرب للمكتبات هو الشرط الذي وضعه الخليفة المأمون في معاهدة الصلح بينه وبين الأمبراطور ميشيل الثالث، وهو أن يعطيه إحدى مكتبات القسطنطنيّة التي زخرت بذخائر ثمينة من أبرزها كتاب “بطليموس” في الرياضيّات…
وفي العالم اليوم عدد لا يُستهان به من المكتبات الشهيرة غير أننّا في مقالنا هذا سنحصر الحديث في تناول مكتبات أرامكو وأثرها الواضح في نشر الوعي بين صفوف الموظّفين.

تأتي في مقدّمة مكتبات أرامكو من ناحية الأهميّة المكتبة الفنيّة المركزيّة بالظهران، وقد تأسسّت في شهر سبتمبر عام 1956م. وفي هذه المكتبة من الكتب والمراجع القيّمة ما يسدّ حاجة الأديب والعالم والقانونيّ والمهندس والصحفيّ والمؤرخ وطالب المعرفة.

أمور متقاربة في مكتبات أرامكو
إنّ زائر مكتبات أرامكو يُلاحظ ولا شكّ أنّ نظام هذه المكتبات موّحد من حيث ترتيب الكتب، ومتقارب من حيث مواعيد العمل. فجلّ هذه المكتبات وخاصّة في منطقتي الظهران ورأس تنورة، تعمل على نوبتين متواصلتين من الساعة السابعة والنصف صباحاً حتّى الحادية عشرة والنصف مساءً… أمّا النظام المتّبع في ترتيب الكتب فهو نظام “ديوي”. ومن ميزات هذا النظام أنّ الكتب تُرتّب حسب مادة الكتاب من جهة، وحسب عنوان الكتاب واسم مؤلّفه من جهة أخرى، هذا بالإضافة إلى إعطاء الكتب أرقاماً عشريّة متسلسلة، يحيث لا يجد أمين المكتبة أو الزائر صعوبة في البحث عن أيّ كتاب والعثور عليه. وهناك نظام مشترك عامّ بين جميع المكتبات وهو نظام الإعارة. إذ إنّ مدّة إعارة أيّ كتاب يجب ألّا تتجاوز 14 يوماً، وإلّا اعتبر المستعير مخالفاً للنظام وفرض عليه جزاء رمزي عبارة عن بضعة قروش يدفعها لتفادي النسيان…

أولى المكتبات أهميّة
تأتي في مقدّمة مكتبات أرامكو من ناحية الأهميّة المكتبة الفنيّة المركزيّة بالظهران، وقد تأسسّت في شهر سبتمبر عام 1956م. وفي هذه المكتبة من الكتب والمراجع القيّمة ما يسدّ حاجة الأديب والعالم والقانونيّ والمهندس والصحفيّ والمؤرخ وطالب المعرفة. وقد بلغ مجموع ما بها من كتب ومجلّات وفهارس ومراجع فنيّة، ما يزيد على 38,000. ولهذه المكتبة ميزة خاصّة تنفرد بها عن بقيّة المكتبات في أرامكو، وهي أنّها وُجدت لتساعد مختلف إدارات أرامكو في الحصول على أيّ معلومات فنيّة تتعلّق بعمل الشركة. والجدير بالذكر أنّ المكتبة تتسلّم ما يقارب السبعة آلاف مجلّة شهريّاً، وتقوم بتوزيعها على جميع إدارات أرامكو في المناطق الثلاث. أمّا أوقات عملها فتختلف عن بقية المكتبات. إذ إنّها تعمل نوبة واحدة فقط حسب الدوام الرسميّ.
ولهذه المكتبة فرعان صغيران في كلّ من بقيق ورأس تنورة، تقوم بتزويدهما بالكتب، والمراجع المطلوبة. ويُقدّر مجموع الكتب الموجودة في كلّ من هاتين المكتبتين بما في ذلك الفهارس والمراجع بخمسة آلاف كتاب معظمها فنيّة وهندسيّة. أمّا عن تاريخ تأسيسها فيعود إلى عام 1959م.

جانب من مكتبة الأبحاث العربية في الظهران

مكتبة الأبحاث العربيّة بالظهران
وعلى مقربة من المكتبة الفنيّة المركزيّة في مبنى مقرّ المكاتب العامّة في الظهران تقع مكتبة الأبحاث العربيّة، وقد تأسسّت عام 1947م لإجراء الأبحاث المتعلّقة بالشركة فيها. وتحتوي هذه المكتبة على 2000 مجلّة وحوالي 8000 كتاب متنوّعة الأغراض والمشارب، بعضها إنجليزي والبعض الآخر عربيّ، من بينها ما يُقارب 500 مرجع. وبهذه المكتبة آلتان إحداهما للصور السينمائيّة المتحركة والأخرى للصور الثابتة، وتُعرف باسم “الفانوس السحريّ”. أمّا مواعيد هذه المكتبة فهي مواعيد العمل الرسميّة.

السيد علوي سعود العوامي، أمين مكتبة حي المنيرة بالظهران، يرقم عدداً من الكتب الجديدة الواردة إلى المكتبة

المكتبات الطبيّة
يعود الهدف من تأسيس المكتبة الطبيّة في الظهران وفرعيها في منطقتي بقيق ورأس تنورة، إلى شعور المسؤولين والإداريين بحاجة الأطباء الدائمة إلى الدراسة والبحث والاطلاع على التطورات الحديثة في علم الطب والعلاج. ومنذ تأسيس هذه المكتبة عام 1956م وهي في تطوّر مطّرد. وقد بلغ مجموع كتبها حتى الآن حوالي 3500 عدا المجلّات والنشرات الطبيّة العالميّة الأخرى. وقد أٌرسل مؤخراً إلى المكتبة الطبيّة في الجامعة الأمريكية في بيروت السيد رسول محمد الفشخي، المسؤول عن هذه المكتبة، وذلك لأخذ فكرة عامّة عن كل جديد فيها، وللاطلاع على أحدث طرق العناية بمثل هذه المكتبات.

مكتبات مراكز التدريب
كذلك أنشأت أرامكو في مراكز التدريب الصناعية الثلاثة، مكتبات مدرسيّة زوّدتها بمختلف الكتب العلمية والأدبية والمراجع الثقافية. ففي مكتبة الظهران يبلغ عدد الكتب العربية حوالي 4181 كتاباً بينها ما يربو على 349 مرجعاً، وعدد الكتب الإنجليزية 4423 كتاباً بينها 447 مرجعاً. أمّا في كل من بقيق ورأس تنورة فيبلغ عدد الكتب والمراجع حوالي 5000. وقد أفاد المسؤولون في مركزي التدريب في بقيق ورأس تنورة بأنه سيجري تطوير هاتين المكتبتين وزيادة عدد كتبهما في المستقبل القريب.
تأسست مكتبة الظهران في شهر أغسطس 1956م، وضمّت إليها الكتب التي كانت موجودة في مكتبتيّ مدرسة الجبل ومدرسة التدريب العالي. كما تأسست مكتبة بقيق في عام 1955م، ومكتبة رأس تنورة في عام 1957م. ومعدّل زائري كلّ من المكتبات الثلاث حوالي 500 طالب يومياً، ثلثهم لاستعارة الكتب والباقي للمطالعة والدراسة في قاعة المكتبة، حيث الهدوء والسكينة. وجميـع هذه المكتبــات تابعـة لإدارة التدريب.

لفيف من الأطباء في مكتبة مركز الظهران الصحي، ويبدو إلى يمين الصورة، في المقعد الثاني، أحد أطباء مستشفى السلامة في الخبر

مكتبات الأحياء
في كلّ حيّ من أحياء سكن الموظّفين توجد مكتبة كبيرة مزوّدة بالقصص والكتب والمجلات، يُشرف عليها موظّفو وحدات الترفيه. ففي حيّ المنيرة في الظهران مكتبة تأسّست في أواخر سبتمبر عام 1952م، وضُمّت إليها مؤخراً مكتبة حيّ السلامة، فأصبح عدد الكتب والمراجع العربية والإنجليزية والأردية فيها حوالي 8700. ويزورها يوميّاً حوالي 400 موظّف لاستعارة الكتب ومطالعة المجلّات والجرائد والدوريات التي تصل إلى المكتبة بانتظام.
أمّا مكتبة حيّ الفرحة في بقيق فقد تأسست عام 1954م، وتحتوي على مجموعة كبيرة من الكتب والمراجع القيّمة تُقدَّر بستة آلاف وخمسمئة كتاب باللغات العربية والإنجليزية والأردية، ويُقدّر معدّل روّاد هذه المكتبة بحوالي مئة شخص يوميّاً.


مقالات ذات صلة

يستطيع المتأمل في تجربة محمد الفرج بسهولة ملاحظة ملمح يتكرَّر في أعماله، وهو أن الفنان لا يتورَّع عن كشف الذهنية التي أوصلته إلى تنفيذ عمله الفني.

صاحب حركة النهوض التي عاشتها الثقافة العربية، أثناء القرن التاسع عشر وامتدادًا إلى العقود الأولى من القرن العشرين، تدفق عدد من المفاهيم أوروبية المنشأ التي قُدّر لها أن تغيّر مسار الثقافة العربية نتيجة لجهود العديد من المترجمين والباحثين والمفكرين لا سيما من تعلم منهم في أوروبا أو أجاد لغات أجنبية. وهذه المفاهيم كثيرة ومتنوعة تمتد […]

من الملاحظات المهمة التي سمعتها من عدد من الفلاسفة الذين شاركوا في مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة في ديسمبر 2021م، أن الحضور الغالب كان من غير المحترفين في الفلسفة. والمقصود بالمحترفين هنا هم أساتذة الجامعات وطلاب الدراسات العليا تحديدًا. فالمعتاد في مؤتمرات الفلسفة في العالم هو أن يحضرها أسـاتذة الجامعات الذين يقدمون أوراقًا علمية في المؤتمر […]


2 تعليقات على “المكتبات في أرامكو”

  • محزن جداً أنه في حين أن أرامكو تبني مثل هذه المكتبات في كل حي- كما هو مذكور في المقال ومنذ ذلك التاريخ-أقول محزن جداً أن لانجد مثلها وبمثل مستواها تنشؤها مؤسساتنا الحكومية بدل مكتباتنا العامة التي ما إن تهم بزيارتها حتى تصاب بالاكتئاب !!

    وماهو موجود منها مقتصر فقط على الرياض المقدسة كمكتبة الملك فهد ومكتبات دارة الملك عبد العزيز التي قد تنافس مكتبات أرامكو ..!

    حالنا محزن صراحة ..


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *