The Haunted Wood: A History of Childhood Reading by Sam Leith
تأليف: سام ليث
الناشر: 2024م، Sutherland House Books
مما لا شك فيه، أن الطريقة التي يتخيل بها الأطفال العالم، والشكل الذي يتخيل بها العالم الأطفال، مسألتان مهمتان دائمًا. ومن هنا، فإن العملية، التي أدَّت إلى تحول “أدب الأطفال” إلى صنف أدبي له خصائصه المميزة، مسألة تستحق الاستكشاف.
يُقدِّم الكاتب البريطاني سام ليث، في هذا الكتاب، دراسة واسعة النطاق لتطور قصص الأطفال عبر الزمن، مستكشفًا أدب الأطفال من الحكايات القديمة إلى الكلاسيكيات المعاصرة. ولا يقتصر الكتاب على سرد زمني فحسب، بل يتأمل بعمق في كيفية تشكيل هذه القصص لهويتنا وتأثيرها على فهمنا للعالم. ويبدأ مع بردية “أعمال هرقل” التي تعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، والتي تتحدث عن سلسلة من المهمات التي يقوم بها هرقل، أقوى الأبطال اليونانيين. ومن ثَمَّ، ينتقل إلى حكايات “إيسوب” الخالدة، التي قدَّمت دروسًا أخلاقية لقرون، ويرجع ذلك إلى حدٍّ بعيد إلى “الأسلوب العامي المختصر” لحكاياته الخرافية.
في رحلة تطورها، تحوَّلت كتب الأطفال من “التعليم والوعظ” إلى “الإمتاع والبهجة” في طريق لم يكن واضحًا تمامًا. فكانت الكتب الأولى المخصصة للأطفال، التي ظهرت في أواخر القرن الثامن عشر، عبارة عن قصص تتميز بالوعظ الديني ومصممة لإجبار القرَّاء الصغار على الخضوع بإظهار العواقب الصارمة للاستسلام لطبيعتهم المتمردة. ويستشهد “ليث” بالكاتبة فرانسيس هودجسون بورنيت، مؤلفة كتاب “الحديقة السرية”، التي قالت إن مثل هذه الكتب التي كانت تقرؤها في صغرها تركتها مع شعور “بأنها ولدت شخصًا شريـرًا بطبيعته”. ثُمَّ ننتقل إلى العصر الذهبي لأدب الأطفال، الذي بدأ مع “مغامرات أليس في بلاد العجائب” للكاتب لويس كارول عام 1865م؛ إذ تغيَّر كل شيء، وظهر أسلوب جديد في الكتابة للأطفال، “باتت فيه المتعة والغوص في عالم الأحلام سحرًا في حد ذاتها”، بحسب ليث. وبينما “عادت أليس إلى جحر الأرنب”، فإن القرَّاء لم يرغبوا في العودة إلى الواقع، فبقيت “القبعات المجنونة” و”الجرعات العجائبية” حاضرة في أذهانهم، واستُبدل كلام مثل “يا حبيبي العزيز” بالشر الفطري، كما يخاطب روديارد كبلينج جمهوره الصغير في مجموعته القصصية “فقط هكذا قصص”، وأصبح الأشرار هم الذين تكون نهاياتهم مأساوية.
أمَّا عن مكانة قصص الأطفال في عالمنا المتقدم تكنولوجيًا، فإن “ليث” متفائل؛ إذ يرى أن هناك علاقة تكافلية وثيقة بين ألعاب الكمبيوتر والإنترنت وكتب الأطفال.
اترك تعليقاً