استعاد جيف بيزوس في مطلع شهر مارس من عام 2024م، لقب أغنى شخص في العالم، وفقًا لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات. وبيزوس هو الرائد الفعلي للبيع عبر الإنترنت والرئيس والمدير التنفيذي لشركة “أمازون دوت كوم”، التي أحدثت ثورة في عالم التسوق الإلكتروني، وأصبحت أكبر سوق إلكتروني في العالم، تتعدى قيمة سلعه منذ عام 2016م، مائة مليار دولار سنويًا.
إن قصة نجاح بيزوس المدوية، يشبهها اليوم المئات من قصص النجاح في جميع أنحاء العالم، التي يجمعها مجال البيع عبر الإنترنت، ذلك المجال أو السوق الذي اكتسح العالم أجمع، وتطور بشكل لا يمكن تصديقه. فقبل سنوات قليلة لا تتجاوز خمس سنوات، لم تكن فكرة الشراء عن طريق الإنترنت مستساغة لدى أكثر الناس، وكان كثيرون يتشككون في مستوى أمانها. أمَّا اليوم، ومع تقدم هذا السوق ومنافسته للأسواق التقليدية، فإن مفهوم التسوق بشكله القديم بات مهددًا. فالجميع، كبارًا وصغارًا، من سكان المدن الكبيرة أو الضواحي الصغيرة، أصبحوا يبتاعون أشياءهم وهم في غرف نومهم، أو مضطجعون على أرائكهم الوثيرة، وهو ما جعل معظم رواد العمل في هذه السوق من الأغنياء اليوم، وعلى رأسهم بيزوس الذي بدأ عام 2000م، في تنفيذ أفكاره الواعدة من خلال موقعه لبيع الكتب على الإنترنت، لتتضخم الفكرة مع الوقت، وليصبح موقعه أعظم سوق إلكتروني في العالم، يبيع كل شيء تقريبًا.
وينقسم البيع عن طريق الإنترنت إلى قسمين: القسم الأول والأصغر، يتمثّل في المتاجر الإلكترونية، وهي كيانات صغيرة لا يمكن أن ننعتها منفردة بـ”السوق”. أمَّا القسم الآخر، فهو الأضخم، ويحتوي على كل ما يمكن بيعه وتوصيله إلى المشترين من خلال شركات التوصيل، ويمكن النظر إليه على أنه سوق قائم بحد ذاته؛ إذ يمكن عن طريقه ممارسة التسوق والتبضع المعادلة لمفهوم الأسواق بشكلها التقليدي. ومن أشهر هذه الأسواق: أمازون، وعليّ إكسبرس، وإيباي، وغيرها.
أثره على السوق التقليدي
أثّرت هذه الأسواق الإلكترونية سلبًا في الأسواق التقليدية. وقد أجريت دراسات مكثفة حول هذا التأثير، منها دراسة معمقة أجرتها كلية هارفارد للأعمال بواسطة ألبرتو كافالو، الذي وجد أن تأثير أمازون يسبب تغييرات عديدة في سوق التجزئة، منها زيادة مرونة الأسعار والتسعير الموحد في المتاجر التقليدية. وكشفت دراسات أخرى مختلفة أن تأثير أمازون قد أجبر مراكز البيع بالتجزئة وتجار التجزئة غير المتصلين بالإنترنت، على إنشاء تجربة تسوق خارج الإنترنت من أجل سحب الأعمال بعيدًا عن التجارة الإلكترونية.
أسعد نجاح السوق الإلكتروني أصحابه، ولكنه كان بمنزلة الكارثة المحزنة التي حلّت على كثيرين من أصحاب المتاجر في الأسواق التقليدية. فبعضهم انسحب، وبعضهم استمر، ومعظمهم يترقب. ولكن…
كما هو حال معظم الابتكارات الحديثة، من المرجّح أن السوق الإلكتروني سيغيّر المزيد من أحوال الأسواق التقليدية في العالم. ولكن من شبه المستحيل أن يقضي عليها نهائيًا. فالسوق التقليدي لم يكن للبيع والشراء فقط، بل كان ولا يزال أكثر من ذلك. وحتى اليوم، لا يزال كثيرون يستمتعون بزيارة السوق التقليدي، ويفضلونه على السوق الإلكتروني.
في معجم الاقتصاد
بتطور علم الاقتصاد ونظم التجارة وتنوع أشكال التبادل الاقتصادي في العصر الحديث، صارت لفظة السوق تُطلق على أمور عديدة غير ما يشير إليه ذلك السوق التاريـخي الذي كان قائمًا في المدن الصغيرة، ولا تمتُّ بعضها إلى بعض بصلة، ومنها:
• السـوق الحرّة أو السوق المفتوح: وهي سوق تباع فيها السلع من غير جمرك أو خارج البورصة.
• السوق المشتركة: وحدة اقتصادية تتألف من دول تتعاون فيما بينها بهدف تقليل العوائق التي تعرقل التجارة بين الدول الأعضاء أو إزالتها.
• السوق الخيرية: سوق تُصرف أرباحها في وجوه الخير.
• سعر السوق: السعر السائد أو الشائع الذي تباع به البضائع.
• سياسة السوق الحرة: منهج عمل تتبعه البنوك المركزية في بيع الأوراق المالية وشرائها لتغيير حجم النقد المتداول.
• اقتصاد السوق: حركة الإنتاج والتوزيع والتبادل وفقًا لقواعد الاقتصاد الحر، المُعتمد على حرية التجارة ورأس المال، بعيدة عن قبضة الدولة.
• القيمة السوقية: قيمة الأصول لشيء أو لشركة مضافة إلى قيمة ما تنطوي عليه من إمكانات تطوير، أو تحقيق أرباح شبه مؤكدة على المدى المنظور.
اترك تعليقاً