معلوم أن ابن بطوطة انطلق في القرن الرابع عشر الميلادي في رحلات شاقة عبر كثير من البلدان في العالم الإسلامي وخارجه، استغرقت حوالي ثلاثين سنة، قطع خلالها 75,000 ميل، أي ما يعادل 121,000 كيلومتر.
وقد اهتم ابن بطوطة بتنوع أسماء المراكب المختلفة التي استخدمها ووثقها، منها أسماء عربية وأخرى مستمدة من لغات أجنبية. وقد عكس هذا التنوُّع في الأسماء التفاعل الثقافي والتجاري بين الشعوب المختلفة، وأظهر تقنيات البناء وأغراض الاستخدام. وفي هذا المجال، يُمكن الإشارة إلى نوعين اثنين من المراكب استقلّهما هو شخصيًا، وهما: الجلبة والجاكر.
ففي بداية رحلته عام 1330م، ركب ابن بطوطة سفينة “الجلبة”، التي كان قد وصفها كتاب “الطواف حول البحر الإريتري”، وهو دليل ملاحة يوناني روماني، قبل أكثر من ألف عام، بأنها كانت مصنوعة من ألواح مخيطة معًا بجوز الهند ومُعالَجة بزيت سمك القرش. حدث التجربة الأولى لابن بطوطة على هذا المركب عندما كان يستعد للإبحار من جدة إلى اليمن. وعلى الرغم من روحه المغامرة، فإنه شعر بالقلق من الإبحار على متن سفينة محملة بالإبل، وهو ما زاد من مخاوفه من الإبحار في البحر أوَّل مرة. وكانت بالفعل مخاوفه في محلها؛ إذ جرفتها الرياح بعد يومين من الإبحار، وانحرفت عن مسارها لترسو على الساحل الإفريقي بدلًا من شواطئ اليمن.
وخلال رحلاته إلى جزر المالديف وسومطرة، استخدم ابن بطوطة سفينة أكبر تُعرف باسم “الجاكر”، التي كانت قادرة على حمل عدد كبير من الركاب والبضائع. وقد وصفها بأنها متينة، مصنوعة من خشب قوي، وهو ما جعلها قادرة على مواجهة العواصف والأمواج العالية. كما كانت مزودة بمرافق متعددة مثل أماكن لتخزين الماء والغذاء تكفيها للقيام برحلات الطويلة.
بالإضافة إلى ما ذكره عن تلك السفن، كان ابن بطوطة أول رحَّالة تحدث عن قيام بعض البلدان بتخصيص يوم يُحتفل فيه بالبحر، يجري فيه سباق للمراكب البحرية والتراشق بالماء، وتُوزَّع فيه الجوائز. وقد عُرِف هذا اليوم في جزر المالديف باسم “يوم التبحّر.”
اترك تعليقاً