مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
مايو - يونيو | 2018

من جبال أجا وسلمى إلى صحراء النفود


فريق القافلة

قصر القشلة التاريخي

حين اعتدل الطقس، دعانا أصدقاؤنا إلى زيارتهم في مدينة حائل للقيام برحلة برية في صحراء النفود، ومنها إلى جبل أجا، حيث واحات النخيل الوارفة الظلال تنساب بينها مياه الينابيع المنحدرة من أعالي الجبل إلى الوادي المنبسط والممتد أحمر اللون، بسبب فتات الغرانيت التي تحملها إليه الريح والمطر. واكتمل المشهد الواحد في تلك المنطقة، بالتخييم فوق رمال صحراء النفود.

ليس من الضروري استذكار حاتم الطائي لتوصيف تاريخ الكرم في منطقة حائل والقرى الصغيرة المنتشرة فوق الجبال المحيطة بها. فزائر حائل اليوم يلتقي بكثير من الذين يدخـل حُسن الضيافة والاستقبال في صلب جيناتهم. فيؤدون طقوس حفاوتهم بشكل طبيعي ومن دون تكلّف، ما يجعل الرحلة برفقتهم سفراً إلى الزمن الاجتماعي والثقافي والبيئي والديني الذي جعل هؤلاء القوم كرماء إلى هذه الدرجة رغم قسوة الطبيعة من حولهم. فمن جهة، هناك صحراء النفود الشهيرة، الممتدة تحت شمس الجزيرة من شمالها إلى جنوبها، ومن جهة ثانية جبال غرانيتية سوداء اللون، حفر فيها الهواء والماء أخاديد وأشكالاً ومنحوتات سوريالية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ.
واحدة من الأساطير الموحية حول هذه الجبال ما رواه “ياقوت” في كتابه “العلماء بأخبار العرب”، أن رجلاً من العماليق اسمه أجأ بن عبدالحي أحب امرأة من قبيلته اسمها سلمى، وصار يلتقيها في منزل حاضنتها واسمها العوجاء ولما عرف أقرباؤهما خبرهما، قرَّروا الانتقام منهما. فاتفق إخوتها الخمسة، وهم: الغُميم، والمُضل، وفدَك وفايد والحدثان، على التربص بالمحبين، فعرفت العوجاء وأنذرت أجأ وسلمى، وفرَّ الثلاثة فلحق بهم الخمسة وقتلوهم، كلاً على جبل سمي باسمه. وأنف المنتقمون أن يرجعوا إلى قومهم فسار كل واحد إلى مكان وأقام به فسمي ذلك المكان باسمه…إلخ.
هذه الأسطورة التي تلقي الضوء على عادات سكان الجزيرة العربية عموماً وتلك المنطقة تحديداً، تؤنسن الجبال وتمنحها أحاسيس البشر. فتبدو حياة البشر مشتركة مع حياة تلك الجبال التي تقف مدينة حائل حائلاً بينها، وكأنها تبعدها عن بعضها لئلا تشتبك.

الوصول إلى حائل
من الطائرة بدت حائل مجموعة بلدات صغيرة موزّعة بين التلال الصغيرة المنتشرة في السهل، كأنها نباتات عملاقة انبثقت من الأرض. بعض المدينة انحدر نحو السهل، على شكل مجمعات سكنية مسطحة وممتدة، فبدت من الطائرة كأنها صخور دحرجتها السيول من فوق الجبال.
الهواء الجاف والبارد والشمس الساطعة والجبال العملاقة المحيطة من كل الجهات، كلها تشعرك بالرهبة، فأنت في طبيعة مختلفة ومغايرة. لقد عدت صغيراً أمام الجبال والصحراء بعدما كنت مرتفعاً وعالياً في الطائرة.

قلعة أعيرف

خضرة حائل
أبدع الرحَّالة الفنلندي جورج أوغست فالين في وصف كيفية تأسيس مدينة حائل بعد رحلته في عام 1845م إلى جزيرة العرب. واعتبر توصيفه قيمة أدبية وتاريخية مهمة جداً في أوروبا، وقد قال: “….يزور المزارعون مزارعهم مرتين وثلاثاً في السنة لتفقُّد الأشجار، أو أنهم يذهبون إليها في حالة سقوط أمطار غزيرة لتحويل الجداول إلى البساتين لإشباعها رياً، إذ إن ماءها يكون قد شح بالنسبة إلى مساحتها، ويغامرون بزراعة بعض الحنطة والشعير معلقين أملهم على السماء لعلّها تمطر. فإذا نجح الموسم زادوا في مساحة ما سيزرعونه في حقولهم السنة التالية.
وتحتاج هذه الحقول لعناية خاصة. فيبقى فيها معمْران أو أكثر مدة طويلة لتنظيم الري، ويبنون كوخاً صغيراً من السعف. ولا يلبث أن يتبعهم في ذلك آخرون في السنوات التالية ويعملون عملهم. وفي قليل من السنين ترتفع الأكواخ لتصير عشرين أو أربعين. وفي كل سنة تغري القرية الحديثة المزدهرة وحياتها الهادئة بعض البدو بالبقاء. فتقوم أكواخ أخرى وتحفر آبار وتمتد المزارع بازدياد السكان. وهكذأ تنشأ القرية تدريجياً في الوادي بعدما بدأت كمجموعة أكواخ مؤقتة. ويزور القرية أيضاً التجار المتجولون يطلبون الربح. ويعودون إليها مرة أو مرتين في السنة؛ ليأخذوا التمر والصوف والزبدة وغيرها من محاصيل الصحراء لقاء حاجات أخرى يحملونها إليها. ويتعلّم بعضهم عادات السكان وينتقون زوجات من فتيات الصحراء اليانعات. وينتهي بهم المطاف بالإقامة في هذه القرية طوال العمر. ومن الطبيعي أن ينزح الحرفيون والتجار إلى القرى المستجدة، حيث الأغنياء أكثر عدداً. ونتيجة لمثل هذا النزوح صــارت حائل تُعد عاصمة المنطقة وسكانها ينتمون إلى مختلف الفئات. (بتصرف عن كتاب رحلات فالين إلى جزيرة العرب، دار الورّاق للنشر 2009، الطبعة الثانية).

ليس بالضرورة استذكار حاتم الطائي لتوصيف تاريخ الكرم في منطقة حائل. فالزائر سيلتقي بكثير من أصحاب الكرم الحاتمي الذين يدخل حُسن الضيافة والاستقبال في صلب جيناتهم

وصف فالين ما زال ينطبق على حائل إلى يومنا هذا من حيث توصيف سكانها وتنوعّهم، وكونها عاصمة المنطقة أو الإمارة التي تضم عدة محافظات، وفي كل محافظة عدد من البلدات الكبيرة أو المدن الصغيرة وعدد كبير من القرى الصغيرة والمزارع. وبما أن حائل باتت مركز إمارتها، فقد انتقلت إليها مباني المؤسسات الحكومية والجامعات والمصارف والشركات الخاصة والمراكز التجارية الكبيرة. ونشأت عند طرفها مدينة صناعية ضخمة توازي مساحتها مساحة المدينة نفسها. وهذا ما أدَّى بكثير من الموظفين الحكوميين وموظفي الشركات وعمال المصانع إلى القدوم من سائر مناطق المملكة إلى هذه المدينة الناشئة والحديثة. فدخل في نسيج المدينة الاجتماعي خليط من البشر الذين، بتنوعهم واختلافهم، يزيدون في حداثتها ويدفعون بها إلى العصرنة. بينما يحافظ سكانها الأصليون من أبناء القبائل التي سكنتها منذ القدم على مجمل تقاليدهم وعاداتهم الخاصة بهم، منها ما يتعلق بالزيجات ومنها ما يتعلق بدوام الخروج إلى البر.

منظر علوي لمدينة حائل

أجا وسهوله وقراه
مباشرة بدأت رحلة الخروج من حائل نحو جبل أجا الذي كان يبدو من وسط المدينة كعملاق شاهق يحرسها، ناظراً إليها من جهة وناظراً إلى الأفق الخلفي من جهة أخرى، وكأنه يمنع عنها أي اعتداء قادم من هناك.
السهل أحمر اللون، البعض يعتقد أنه يحتوي على النحاس، البعض الآخر يقول إنها فتات الصخور الغرانيتية التي ينحتها الماء والهواء. كان سهلاً واسعاً، تتخلله بقع كبيرة من الماء المتجمع بعد الأمطار. وسريعاً، نبتت فيها وحولها أنواع مختلفة من الأعشاب التي بدت وكأن بذورها كانت تنتظر تحت التراب كي تهطل أول قطرة لتطل برأسها معها. وهنا وهناك في السهل المتشكِّل بين سلسلتي أجا وسلمى، تنتشر جبال صغيرة من الصخور المتراكمة فوق بعضها بعضاً. تبدو هذه الجبال كما لو أن مجموعة من الأولاد العمالقة (تلك الأرض كانت تسمى أرض العماليق) بنوها كتلة فوق كتلة ثم جاء الماء والهواء وأسهما في إعطائها شكلها الحالي، الذي لن يكون نهائياً طالما أن الهواء والماء موجودان على وجه الأرض، وما زالا مصرّين على الحفر في هذه الصخور.
كتل من الصخر تأخذ أشكالاً فنية وتعبيرية، لو وضعت في معرض ستظن أنها من عمل فنان سوريالي. صخرة على شكل وجه، وأخرى على شكل جماعة من المحاربين، وصخور تراها تقف وكأنها معلَّقة في الهواء، أو كأنها ستسقط بين فينة وأخرى. ويبدو كل جبل صغير وكأنه “فرخ” جبل من الجبلين الكبيرين، اللذين تركهما أولادهما ليلعبوا في السهل المنبسط.

منطقة جبال أجا وسلمى

وأثناء المسير تظهر القرى الصغيرة، التي ربما كانت مزارع صغيرة في ما مضى ثم كبرت شيئاً فشيئاً لتتحوّل إلى مجموعة منازل متقاربة تؤلف قرية صغيرة. ومن اللافت أن لكل قرية بئر الماء الخاص بها، ويقال إن المياه الجوفية تزداد غزارة في ذلك السهل كلما اقترب حفارو الآبار من طرف السلسلة الغرانيتية، وكأن الأنهار تحفر لها مسارات تحت الأرض بمحاذاة قواعد الجبال الغائرة في الرمال. وأسهم وجود الآبار في ازدهار الزراعة. أولاً النخيل الذي تجد منه بساتين كبيرة خضراء وحولها ماء يسيل أو متجمع. وتتوزع هذه البساتين على عدد كبير من الأودية التي تقع بين الجبال. ثم هناك بعض الأشجار المثمرة مثل الرمان والتين والزيتون، والمسطحات المزروعة بالخضار المختلفة. وفي كل قرية، وتحديداً تلك المحيطة بسد توران الذي يجمع مياه الأمطار، ستجد منازل تحوط بها حدائق خضراء غنَّاء.
وقرية توارن التي تتجمَّع في أعلاها مياه الأمطار بسبب السد، تقع في الجهة الشمالية من جبال أجا، أي على بُعد 48 كيلومتراً من مدينة حائل. وتكثر فيها مزارع النخيل القديمة وشجر الطلح. وتشتهر هذه القرية بعذوبة مياهها، وبأنها قرية حاتم الطائي “كريم العرب”، ومثواه الأخير، حيث يقع قبره وقبور بعض أبنائه. ويقول البعض إن المنازل الطينية القديمة والمهجورة الموزَّعة حول القبور هي بقايا قرية الطائي، وما زال يؤمها بعض المزارعين ممن آلت إليهم ملكية الأرض ليستفيدوا من المياه الصالحة للري والشرب، وليزرعوا الأرض.
بدأت الشمس تنحني بقوسها خلف الجبال الجبارة. فاقترح والد مضيفنا أن نخرج إلى التخييم فوق رمال صحراء النفود، في الجهة المقابلة لجبال أجا. هذا الوالد هو من يمتلك كل أدوات التخييم التي معنا، وقد جمعها غرضاً غرضاً خلال السنوات الماضية، وهو لا يفوّت سانحة كي يخرج إلى البر ويخيّم فيه، وقد نقل تلك الرغبة إلى ابنه وأصدقائه الذين باتوا يرافقونه في كل رحلاته. ويقول إن الخروج إلى البر هو من العادات المهمة التي يجب الحفاظ عليها هناك، كما هو الحال مع قرض الشعر الذي يٌعد أحد الفنون الشعبية الشهيرة عند أهل حائل وجوارها.

فن العمارة والبناء في حائل القديمة

وصلنا إلى صحراء النفود ذات الرمل الناعم الشهير، الذي يضرب به المثل لكثرته، فيقال عن الشيء الكثير جداً إنه كرمال النفود. كانت الشمس التي شارفت على الغروب تضرب بأشعتها في الغيوم فتجعلها حمراء، وترسل أشعتها إلى الرمال فتجعلها برتقالية. هناك قال الأب قائد الرحلة، إن النفود “أم حنون”، لأنها تهدأ في المساء، فلا تمرّ فيها نسمة هواء واحدة، ولأنه في أعلى كثبانها تنتشر أنواع من الأعواد التي تصلح غذاءً للجمال وحطباً لإشعال النار”.
وفي المعلومات العامة عن النفود أنها أحد أقاليم نجد المشهورة، تبدأ من محافظة الزلفي في المنطقة الوسطى مروراً بالقصيم وبمنطقة حائل شمال المملكة، وبالتحديد بمدينة جبة (100 كلم شمال حائل). وتمتد من منطقة الرياض وحتى منطقة سكاكا، آخر نقطة لها على الحدود السعودية. وتوجد في حائل منطقتان رمليتان هما من أشهر رمال العرب. ففي شمال وشمال غربي المنطقة تقع رمال النفود الكبير “عالج”، وهي الأكبر والأضخم وأغلبها في حدود المنطقة. ورمال النفود الصغير “الدهناء والمظهور”، وتقع في الشمال الشرقي وشرق منطقة حائل.

جلسات السمر والعادات والثقافات
خلال أقل من ساعة نُصبت الخيام خلف الكثبان الصغيرة، ثم توزَّعت السيارات حول مكان الجلسة، بحيث تخصص واحدة منها للغسل وأخرى للإضاءة والثالثة للأغراض. وفُرش السجاد حول النار، ومعه الأرائك، وبدأ طهي الكبسة التي يتقنها كل شباب المنطقة هناك ممن يخرجون إلى البر. ثم وضعت الفاكهة في صحونها الكبيرة.
بعد انتهاء العشاء، آن وقت المسامرة. فتم تحضير الشاي والقهوة، وأضيف قليل من الحطب للتخفيف من البرد الذي بدأ يتسرب إلى أجسامنا. ثم بدأ الأب ، قائد الرحلة، جولة المسامرة بقصيدة تتحدث عن النبل والكرم والشجاعة، وعن عادات الزمن القديم الذي يتمنى لو يعود، وعن اشتياقه لأهل وأصحاب ذهبوا وما عاد بإمكانه رؤيتهم. وبعد الاستحسان من الجميع، بدأ شاب بالرد، فقراً قصيدة باللهجة العامية أيضاً، وفيها فخر بالنسب وانتصار للفتوة والشباب. وهكذا تبادل الجميع الأحاديث وتناولوا موضوعات مختلفة حول حياة المدينة، وحياتهم اليومية فيها، ثم وجهوا إلينا نحن الضيوف كثيراً من الأسئلة حول بلادنا وأهلنا وعاداتنا وتقاليدنا.

تتخالط الألوان بين أصفر الرمال وأسود الجبال وأحمر الصخور وأخضر الأشجار مع أزرق السماء وأبيض الغيوم، فتجد نفسك وكأنك محاصر في عالم الألوان والصمت

كانت جلسة تحت القمر الساطع الذي يترك نوره فوق الكثبان كمسحة حنان على خد يتيم، تبادلنا خلالها كل ما يمكن من أحاديث تزيدنا تعارفاً وقرباً. وفي هذه الأثناء، كان الأولاد يشاركون الكبار في تلك الأحاديث وفي طرح الأسئلة، بل وكانت الأسئلة تطرح عليهم كما لو أنهم يعرفون الإجابات عنها، ويقدِّمون الاحترام للكبير والأكبر، وهذه حالة فريدة من نوعها في علاقة الآباء بالأبناء على مستوى التربية الاجتماعية في بلاد المشرق العربي. فنحن لم نصدِّق ما كتبه الرحَّالة فالين عن هذا الموضوع إلا حين رأيناه مرأى العين. فقد كتب يقول: “الأولاد هنا يُلقنون أصول الدين وشعائره، والكتابة والقراءة منتشرتان بينهم أكثر مما هي عليه في المدن العربية التركية… في بدء عيشي بين العرب الرُّحل دهشت كثيراً لرؤيتي الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث واثنتي عشرة سنة يرافقون المسنين ويسمح لهم بمبادلتهم الحديث، ويُستشارون أحياناً في مواضيع تفوق مستواهم فيصغى إلى أقوالهم. ويعيش الصغار مع أهلهم في محبة وأُلفة. ولم أرَ في الصحراء تلك المشاهد الكريهة المألوفة في مصر، مشهد والد حانق يضرب ابنه، ولا رأيت الاستعباد الذي يلقاه صغار الأتراك إذ لا يسمح لهم بالجلوس أو الكلام في حضرة آبائهم المتعجرفين. ولم أرَ في العالم كله أولاداً أكثر تعقـلاً وأحسن خُلقاً وأكثر طاعة لآبائهم من أبناء البدوي”.

الرسوم الصخرية في منطقة حائل
تنتشر الرسوم الصخرية في مواقع عدة بمنطقة حائل، وهي رسوم منّفذة على الواجهات الصخرية بالحز والحفر الغائر. وتمثل مظهراً حضارياً عبّر من خلاله سكان تلك المنطقة خلال العصور التاريخية السابقة عن أنشطتهم المعيشية وحياتهم اليومية، وممارساتهم الدينية، وتفاعلهم مع البيئة.

الرسوم الصخرية في منطقة جبة

يرجع معظم هذه الرسوم إلى فترة ما قبل التاريخ أو العصر الحجري الحديث (أربع عشرة ألف سنة قبل العصر الحاضر). وهي تصوّر أنواعاً عدة من الحيوانات التي يستخدمها الإنسان أو يصطادها مثل الأبقار الوحشية، والوعول، والغزلان، والنعام، والماعز الجبلي. وبعضها صور تجريدية لشخوص آدمية متجاورة تصور احتفالات جماعية، أو ممارسات دينية، أو معارك حربية ومبارزات ثنائية، يظهر فيها الإيقاع التعبيري والحركة في ممارسات الصيد، وصور الحيوانات الوحشية كالأسود، والنمور. كما توجد رسوم عائدة إلى الفترة الإسلامية المبكرة، ونقوش كتابية بالخط الكوفي بعضها مؤرخ بالقرن الثاني الهجري.
ومهما تكن دوافع الإنسان للقيام بهذه الأعمال الفنية، فإن الفن في هذه العصور على ما يبدو قد تبع تسلسلاً معيَّناً، هو تسلسل الفن في كل العصور، لا فن الكهوف فقط. فالمحاولات الأولى تكون خالية من المهارة تليها الصور والرسومات التي تظهر سيطرة الإنسان على موضوعه، وأصبحت هذه الأعمال ترسم بعد ذلك لذاتها بعيداً عن الشعائر والسحر. وفي المرحلة الثالثة يصل الفن إلى ذروته المثالية حين يتخلص من كل التفاصيل ويتجه إلى جوهر الأشياء، أي مرحلة الرمز. وعموماً سواء أكان الفن واقعياً أم رمزياً فهو يمثل تطور فكر الإنسان الذي لم يقف سلبياً أمام الطبيعة. بل لم يتردَّد فى إحداث التعديلات المتكررة تأكيداً لسيطرته على مجريات العملية الإبداعية التي كان يقوم بها.

*تصوير: عوض الهمزاني وماجد المالكي

 


مقالات ذات صلة

على الرغم من وجود العديد من التساؤلات حول مستقبل الكتب المادية، فقد أطلقت الفنانة الإسكتلندية المفاهيمية “كاتي باترسون” في عام 2014م فكرة إنشاء “مكتبة المستقبل” كمشروع فني تطلعي يجمع بين كونه كبسولة زمنية أدبية ومشروعًا بيئيًا. كرّست “باترسون” جلّ اهتمامها بما ستتركه البشرية للأجيال القادمة؛ لذلك ابتكرت فكرة إنشاء هذه المكتبة في مدينة أوسلو النرويجية. […]

استطاعت الدول الناطقة باللغة الألمانية (ألمانيا، والنمسا، وسويسرا) أن تخلق نموذجاً في النهضة والتفوّق بالاعتماد على الأيدي العاملة المؤهلة مهنياً، وقد حقَّق هذا النموذج نجاحاً باهراً على مستوى العالم، فيما تسعى دول كثيرة داخل أوروبا وخارجها للاستفادة منه، ففي هذا البلد المزدهر اقتصادياً، يُعدُّ التدريب المهنيّ سرّاً من أسرار نجاحه، بل وربما ريادته عالمياً، فبفضله […]

من المؤكد أن للعلوم والتكنولوجيا تأثيراً عميقاً على المجتمع، لكن العكس صحيحٌ أيضاً، بحيث يشكِّل المجتمع، بصورة كبيرة، الطرق التي تتطوَّر بها العلوم والتكنولوجيا. ومع ذلك، تُظهر التجربة أنه لا يمكن دائماً للعلماء، من ناحية، وعامة الناس والحكومات والشركات، من ناحية أخرى، فهم بعضهم بعضاً بوضوح، لهذا السبب كان لا بدَّ من وجود خبراء ذوي […]


رد واحد على “من جبال أجا وسلمى إلى صحراء النفود”

  • منطقة جمبله تجمع الكرم مع الحزم بعيده كل البعد عن التشدد والانغلاق وابياتهم الشعرية الجميله جدا , وتجمع الصغار مع كبار على تلك الرمال السحريه ليتكلم الكبار وينصت الصغار ويجيب الكبار عن كل تسالت الصغار ’اهل حائل هم اغنياء عن مدحي لهم فيكفي انهم احفاد حاتم الطائي.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *