مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
مايو – يونيو | 2020

لمس الوجه
لغزٌ مشفّر في بنيتنا البيولوجية والنفسية


فلانتينا شيرنشيفا
باحثة في العلوم البصرية والإدراكية

مع انتشار فيروس الكورونا المستجد، تتواصل الدعوات إلى الامتناع عن لمس الوجه درءاً لانتشار المرض. لكن ذلك ليس سهلاً؛ إذ بالرغم من عفوية وبساطة هذه العادة، فإنها تحمل كثيراً من الدلالات والألغاز المشفَّرة في بنيتنا البيولوجية والنفسية والاجتماعية، مما يجعلها عصية على الكسر. وهذا يشكِّل معضلة كبيرة أثناء انتشار الأوبئة. فالفرد يلمس وجهه بشكل تلقائي أكثر من 20 مرَّة في الساعة، كما أظهرت دراسات عديدة. وأثبتت دراسات أخرى أن الأجنة تلمس وجوهها في الرحم، مما يعني أننا جميعاً اعتدنا على هذه الحركة من قبل أن نولد.

تأتي أهمية عدم لمس الوجه من كون فيروس كورونا، كما معظم الفيروسات، ليس كائناً حياً يستطيع الانتقال من مكان إلى آخر. إنه مجرد أجزاء من الحمض النووي الريبوزي (RNA)، ننقله بأيدينا إلى الفم أو الأنف أو العينين من على الأسطح المختلفة التي يبقى عليها لفترة، أو من خلال تطاير الرذاذ من فم مصاب إلينا. بعد ذلك يدخل إلى الخلايا ويتكاثر داخلها مسبباً المرض. ولهذا السبب، فإن الوقاية الأساسية هي عدم لمس الوجه خاصة إذا كانت أيدينا من دون غسل.
لكننا نلمس الأسطح الملوثة بمسببات الأمراض باستمرار وغير قادرين دائماً على تنظيف أيدينا. فننقل الفيروسات عند التقاط الأشياء والإمساك بمقابض الأبواب وغير ذلك إلى العينين والأنف والفم، التي تشكِّل مسارات الفيروس إلى الحلق والرئتين.
ولمعرفة كم مرَّة يلمس المرء وجهه، وجدت ماري لوس ماكلاوس، خبيرة مكافحة العدوى في جامعة نورث ساوث ويلز في سيدني في أستراليا، وزملاؤها في دراسة قائمة على ملاحظة سلوك طلاب الطب في عام 2015م، أن الطلاب لمسوا وجوههم بمعدل 23 مرَّة في الساعة؛ وأن حوالي %44 من الحالات كانت ملامسة العينين أو الأنف أو الفم. ونظراً لأنهم طلاب طب، وجب أن يكونوا أكثر وعياً بمخاطر هذه العادة من غيرهم، مما يعني أن هذا يُعدُّ لمساً كثيراً. وقد نُشرت هذه الدراسة في “المجلة الأمريكية لمكافحة العدوى”، في فبراير 2015م.

الطلب من الناس (الامتناع) عن فعل شيء ما يحدث من دون وعي مشكلة كلاسيكية. من الأسهل كثيراً الطلب منهم أن يغسلوا أيديهم باستمرار من أن يلمسوا وجوههم مرَّات أقل.

صعوبة الامتناع
للتأكيد على مدى صعوبة التوقف عن هذه العادة، انتشر مقطع فيديو على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، وبثه أيضاً تلفزيون “سي إن إن” في 19 مارس 2020م، ظهرت فيه المسؤولة الصحية في ولاية كاليفورنيا، سارة كودي تلمس وجهها خلال مؤتمر صحافي مخصصٍ لإرشاد الناس إلى كيفية الوقاية من كوفيد19-. وقالت: “ابدأ بعدم لمس وجهك، لأن إحدى الطرق الرئيسة لانتشار الفيروسات هي عندما تلمس فمك أو أنفك أو عينيك”، ثم لحست إصبعها لقلب الصفحة من ملاحظاتها. وكانت على ما يبدو غير مدركة أنها لم تتبع نصيحتها.
وفي هذا الصدد، يقول مايكل هالسوورث، وهو عالِم سلوكي في جامعة كولومبيا، إنه من الصعب حقاً وضع النصائح موضع التنفيذ: “إن الطلب من الناس “الامتناع” عن فعل شيء ما يحدث من دون وعي مشكلة كلاسيكية. من الأسهل كثيراً الطلب منهم أن يغسلوا أيديهم باستمرار من أن يلمسوا وجوههم مرَّات أقل”.

ارتباط بالعمليات التنظيمية الدماغية
يزيد المسألة تعقيداً كون هذه العادة مرتبطة بالعمليات الدماغية. فقد جاء في دراسة نشرتها مجلة “برين ريسرش” في 4 أبريل 2014م، حول ما إذا كانت “إيماءات اللمس الذاتي للوجه التلقائية” مرتبطة بتغيرات محدَّدة في نشاط الدماغ الكهربائي، التي قد تشير إلى علاقة بالذاكرة وعمليات التنظيم العاطفية. ولهذا الغرض، قام أربعة عشر شخصاً بمهمة تذكر بواسطة محفزات لمسية. فكان عليهم التعرف واستكشاف هذه المنبهات أولاً ثم تذكرها لمدة 5 دقائق. وخلال هذه الفترة، تم بث أصوات مزعجة، لصرف الشخص عن التذكر خلال هذه الفترة؛ وأحياناً أخرى، تم التذكر لفترات قصيرة خالية من إزعاج. خلال التجربة، تم تسجيل الاستجابات الدماغية بواسطة أجهزة تخطيط أمواج الدماغ وأجهزة كهرباء العضلات عند لمس وجوههم. وكانت النتائج واضحة: إن لمس الوجه التلقائي يرتبط بالعمليات التنظيمية القشرية الدماغية في مجالات الذاكرة العاملة والعواطف والأحاسيس.

نلمس الأسطح الملوثة بمسببات الأمراض باستمرار وغير قادرين دائماً على تنظيف أيدينا. فننقل الفيروسات عند التقاط الأشياء والإمساك بمقابض الأبواب وغير ذلك إلى العينين والأنف والفم، التي تشكِّل مسارات الفيروس إلى الحلق والرئتين

وأكدت هذه العلاقة العضوية عالمة النفس نتاشا تيواري، في برنامج على تلفزيون “بي بي سي” في 15 مارس 2020م، إذ قالت: “إن لمس وجوهنا هو عمل نقوم به من دون تفكير، وهو جزء من حمضنا النووي. وهناك سببان رئيسان لذلك: للتعبير عن العاطفة، والاستجابة للأحاسيس التي تظهر على وجوهنا”.
وتضيف إننا عندما نلمس مناطق معيَّنة من وجوهنا، فإن ما نقوم به حقاً هو تهدئة أنفسنا. هناك نقاط ضغط معيَّنة على الوجه تُنشِّط الجهاز العصبي اللاوُدِّي (parasympathetic)، وهو الجهاز المسؤول عن الفعاليات التي تتطلب حركات سريعة، مثل الهروب من وحش أو من القتال أو أي موقف محرج، كما أنه مسؤول عن الفعاليات التي تحدث في وقت الراحة والاسترخاء وإفراز الدموع واللعاب وغير ذلك؛ إنه باختصار آلية التكيف الداخلية للجسم.
ويمكن أن يفسِّر هذا سبب لمسنا وجوهنا عندما نشعر بالصدمة أو بالدهشة أو التوتر أو التركيز أو القلق أو الانزعاج. فبدون شعور، يلمس أحد أعضائنا مناطق من الوجه، عادةً الجبين والذقن والفم، لتهدئة القلق بتفعيل الاستجابات الحسية، وبالتالي حمايتنا.
أما وفقاً لداشر كيلتنر، عالم النفس في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، فقد يعمل لمس وجوهنا كنوع من آلية تهدئة الذات. إذ أظهرت بعض الأبحاث أن تلامس الجلد مع الجلد يؤدِّي إلى إطلاق هرمون الأوكسيتوسين، مما يساعد على زيادة الهدوء وتقليل الإجهاد. وفي أوقات أخرى، نستخدم لمس الوجه من دون وعي من أجل الملاطفة الذاتية”. وكأن للمس وظيفة “تعمل كالستائر على خشبة المسرح، حيث تشير إلى انتهـاء عمـل درامـي، والدخـول في المرحلة التالية”.

يرتبط لمس الوجه التلقائي بالعمليات التنظيمية القشرية الدماغية في مجالات الذاكرة العاملة والعواطف والأحاسيس

الجنين في الرحم
وهناك دلائل تشير إلى أنه عندما يكون الجنين في الرحم فإنه يجس وجهه بيديه باستمرار. وأكدت ذلك دراسة نشرت في مجلة “لاتيراليتي” في عددها الأول لعام 2015م، حيث استُخدمت الموجات فوق الصوتية على 15 امرأة من الأسبوع 24 إلى الأسبوع 36 من حملهن، ووجدت أن الأجنة كانت تلمس وجوهها بأيديها اليسرى عندما أبلغت النساء عن الشعور بالتوتر. ونشر الباحثون أنفسهم دراسة صغيرة أخرى في مجلة “أكتا بيدياتريكا” في مارس 2015م، تشير إلى أن أجنة النساء اللواتي يدخِّن السجائر قد تلمس وجوهها أكثر من النساء غير المدخنات.
وثمَّة دراسة أخرى نُشرت في الدورية الرقمية “بلوس وان” في نوفمبر 2018م، وحاولت معالجة الموضوع نفسه عن طريق قياس كيفية تلقي وجه الطفل ارتكاساً حسياً خلال الشهر الأول من سن الرضاعة ارتباطاً مع عملية التغذية. وطوروا لهذه الغاية أدوات لقياس موجات دماغ الأطفال الخُدَّج عند لمس وجوههم، وخلصوا إلى أن هذه القدرة الحسية “حاسمة للرضاعة الطبيعية في الأيام الأولى من الحياة”.
ومن المثير للاهتمام أن الباحثين أنفسهم الذين كشفوا عن تلميحات في صور الموجات فوق الصوتية أن الأجنة تلمس وجوهها بأيديها اليسرى عندما تتعرَّض الأمهات للتوتر، وجدوا أيضاً أدلة تشير إلى أن الأجنة في مراحل لاحقة من التطوّر تفتح أفواهها تحسباً للمس المناطق حول فمها. وتساءل المؤلفون ما إذا كان هذا السلوك في الرحم يمكن أن يكون مؤشراً على نمو الدماغ الضروري للتطور الصحي لسلوك التغذية.

الحكة من الأسباب الشائعة للمس الوجه، خاصة أننا نشعر بالراحة المؤقتة عند خدشها من خلال تخفيف الألم اللحظي الناتج عنها. ويدفعنا هذا إلى تكرار اللمس لاستدعاء الإحساس نفسه، حتى بغياب الحكة الفعلية، فتتكرَّس مع الوقت كعادة

الحكة
الحكة هي من الأسباب الشائعة للمس الوجه، خاصة أننا نشعر بالراحة المؤقتة عند خدشها من خلال تخفيف الألم اللحظي الناتج عنها. ويدفعنا هذا إلى تكرار اللمس لاستدعاء الإحساس نفسه، حتى بغياب الحكة الفعلية، فتتكرَّس مع الوقت كعادة. لكنها لا تزال، مثل لمس الوجه نفسه، غامضة كما يقول تشابمان: “لا تزال الحكة وخدشها، من الدوافع الرئيسة للمس الوجه وأماكن أخرى، ومصدر حيرة علماء الأعصاب والدماغ. لكنهم شبه متيقنين أنهما ظاهرتان مترابطتان في رد فعل تلقائي، مما يعني أننا نفعل ذلك دون تفكير. عندما يكون لدينا حكة، فإنها تثير إحساساً يشبه الألم. عندها يُعدُّ خدش أو لمس الحكة جيداً لأنه يعيق الازعاج مؤقتاً، وفقاً للأكاديمية الأمريكية للربو والحساسية والمناعة”.
والحكة، من الناحية البيولوجية، هي إحساس عام ينشأ عن تهيج خلايا الجلد أو الخلايا العصبية المرتبطة بالجلد. وفي حين أنه يمكن لهذا التهيج أن يكون مصدر إزعاج، فإن الحكة تعمل كآلية حسية مهمة وآلية للحماية الذاتية، كما تفعل أحاسيس الجلد الأخرى مثل اللمس والألم والاهتزاز والبرد والحرارة. ويمكنها أن تنبهنا إلى العوامل الخارجية الضارة، ولكن يمكنها أن تصبح لا تطاق إذا لم يتم علاجها.
وتنطوي الحكة بشكل عام على تنشيط مستقبلات الخلايا العصبية المتخصِّصة، التي تسمى الألياف سي (C). وتتشابه هذه الألياف مع تلك المرتبطة بإحساس الألم، ولكنها متميزة من الناحية الوظيفية وتنقل إحساس الحكة فقط. وعند تحفيزها على سطح الجلد، تحمل هذه الألياف إشارات بواسطة العصب إلى النخاع الشوكي وإلى الدماغ، حيث تتم معالجتها، مما يولِّد رد فعل خدش أو فرك. بعد ذلك يتداخل الخدش والفرك مع الأحاسيس الناشئة عن المستقبلات عن طريق تحفيز مستقبلات الألم واللمس المختلفة في المناطق نفسها.
لكن الحكة لا تزال، كما قال تشابمان غير مفهومة طبياً وعلمياً، وجاء هذا أيضاً في خلاصة دراسة نشرت في دورية “ديرماتولوجي براكتيكال أند كونسيبتشوال” في أبريل 2019م: “إن دورة الحكة – الخدش – الحكة هي إحساس معقَّد يرافقه ارتكاس يشبه الاستجابة للألم. وعلى الرغم من كونها واحدة من أكثر الأعراض الجلدية شيوعاً، إلا أن الحكة تستمر في إرباك المتخصِّصين في الرعاية الصحية لأنه من الصعب السيطرة عليها”.
وقد تمحور جانب مهم من الدراسات العديدة في السابق حول ما إذا كان ينبغي اعتبار الحكة آلية ذاتية للحماية، أم آلية لم يعد البشر بإمكانهم السيطرة عليها لأن التطور جعلها متقادمة. لكن لم يتم التوصل إلى إجماع حول ماهيتها.

سبب لمسنا وجوهنا عندما نشعر بالصدمة أو بالدهشة أو التوتر أو التركيز أو القلق أو الانزعاج. فبدون شعور، يلمس أحد أعضائنا مناطق من الوجه، عادةً الجبين والذقن والفم، لتهدئة القلق بتفعيل الاستجابات الحسية، وبالتالي حمايتنا.

لخدمة أغراض اجتماعية
لا يقتصر لمس الوجه على البُعد الذاتي، بل يتعداه إلى العلاقة مع الآخر وبالتفاعلات الاجتماعية والعلاقات بين الناس من أوجه متعدِّدة. فقد تبيَّن في بحث نشر عام 2015م في مجلة “إي لايف” الإلكترونية البريطانية، أن لمس الوجه قد يخدم غرضاً اجتماعياً. إذ رُبط متطوعون بأجهزة قياس تدفُّق الهواء عبر الأنف من دون إخبارهم عن سبب ذلك، وقاموا بتصويرهم سراً وهم يلتقون الناس ويصافحونهم. أظهرت التجربة أن المتطوعين غالباً ما يحرِّكون أيديهم إلى أنوفهم بعد مصافحة أشخاص آخرين من الجنس نفسه. وعندما فعلوا ذلك، تضاعف تدفُّق الهواء عبر أنوفهم. ووفقاً لهؤلاء العلماء، لم يكن الأشخاص يخدشون حكة ما، بل كانوا بالفعل يختبرون روائح الأشخاص الذين التقوا بهم. فهل لهذه الظاهرة علاقة بما تفعله بعض الثدييات الأخرى، أي تمرير الروائح لبعضها بعضاً، كما سنرى لاحقاً؟ هذا لا يزال لغزاً.
لكن من الواضح، بالمقابل، أن عادة لمس الوجه تخدم نزعة التميز إزاء الآخرين، كما يقول عالم النفس كيفن تشابمان، مؤسس ومدير مركز كنتاكي للقلق والاضطرابات النفسية: “إنها واحدة من أكثر العادات شيوعاً بين الناس”. وهي لا تتعلَّق فقط بالتكرار، ولكن أيضاً بالتفاخر الذاتي. ويضيف: “إنها عادة تهدف إلى التأكد من أن وجوهنا تعطي انطباعاً كما نريد للآخرين”. فيمكن أن تشير آثار الطعام حول الفم، على سبيل المثال، إلى أن هذا الشخص كسول أو لا يهتم بمظهره. ولكن لمس الوجه ينظِّم حضوره، كي يظهر للآخرين أنه مدرك لذاته.
وأضاف تشابمان لمجلة “بيزنس إنسايدر” في 5 مارس 2020م: “يشير الوعي الذاتي العام عموماً إلى وعينا بأنفسنا من منظور أشخاص آخرين، الذي يتم إظهاره أثناء التفاعلات الاجتماعية. وبطبيعة الحال، يفحص الناس وجوه الآخرين، وهم حساسون لإشارات الوجه المختلفة، لذلك قد يكون لمس الوجه مرتبطاً جزئياً بهذا الميل الطبيعي”.
ويضيف: “بطريقة ما، إنها طريقة لتنظيم العواطف، وهي طريقة للتمعن والانتباه إلى ما نشعر به في لحظة معيَّنة. كما نفعل ذلك أيضاً لنقل بعض جوانب هويتنا للناس. ويمكن أن يكون لمس وجهك طريقة غير لفظية للتعبير عن مشاعرك وأحاسيسك للآخرين. على سبيل المثال، قد تلمس وجهك عندما تشعر بالحرج أو عدم الارتياح، أو عندما تحاول مجاملة شخص ما”.

مقارنة مع الحال عند الثدييات الأخرى
من الواضح أن لمس الوجه لا يقتصر على البشر. فكثيراً ما نشاهد كلباً يغطّي أنفه بقدمه الأمامية، أو قطة نائمة تغطي عينيها بمخالبها. وكما هو الحال مع البشر، لا يزال من الصعب فك رموز هذه العادة مع الثدييات الأخرى. وأكدت دراسة تفصيلية عن المداعبة الذاتية التي تقوم بها السناجب الأرضية، أوردتها مجلة “وايرد” في 18 مارس 2020م، أن “غسل الوجه” عند الحيوانات قد يكون سلوكاً مرتبطا بالرائحة. ولاحظ المؤلف أن السناجب “تغسل” وجوهها بمقدِّمة القدم، وأن الذكور غالباً ما يفعلون ذلك قبل الانقضاض على ذكور آخرين في قتال. ويُعتقد أن هذا قد يكون إجراءً لمساعدة القوارض على نشر الروائح حول أجسامهم من الغدد الإفرازية.
فهل سلوك السناجب هذا يتشابه مع الاختبار الآنف الذكر، التي نشرته نشرة “إي لايف” عند البشر؟
على الرغم من أن لمس الوجه لا يقتصر على البشر، إلا أن عالِم النفس في جامعة لايبزيغ، ألمانيا، مارتن جرونوالد يقول إن اللمس الذاتي بهذه الطريقة هو “سلوك أساسي لجنسنا. اللمس هو حركات ذاتية التنظيم للتواصل، لا يتم عادة تصميمها بوعي بل تتحقق في كثير من الأحيان بوعي قليل أو من دون وعي. إنها تلعب دوراً رئيساً في جميع العمليات المعرفية والعاطفية، وتحدث مع جميع الناس”؛ وبهذا المعنى هي مختلفة نوعياً عن دوافع بعض الثدييات الأخرى.

محاولة الامتناع
على الرغم من أنه من الممكن أن تلمس وجهك أقل، أو لا تفعله على الإطلاق كما توصي مراكز السيطرة على الأمراض، إلا أن تشابمان يقول إن كونك قاسياً على نفسك لن يساعد على الإطلاق، لأن قمع الأفكار لا يساعد الأشخاص عادةً على الحد من سلوكياتهم المعتادة.
واقترح اتباع نهج مرن بدلاً من ذلك: “بدلاً من أن تقول لنفسك، “لن ألمس وجهي على الإطلاق في الأماكن العامة اليوم”، قل، “أنا بحاجة إلى أن أكون أكثر وعياً بلمس وجهي اليوم”.


مقالات ذات صلة

في عام 2077م، شهد معظم سكان أوروبا كرة نارية تتحرك في عرض السماء، ثم سقطت كتلة تُقدّر بألف طن من الصخور والمعادن بسرعة خمسين كيلومترًا في الثانية على الأرض في منطقة تقع شمال إيطاليا. وفي بضع لحظات من التوهج دُمرت مدن كاملة، وغرقت آخر أمجاد فينيسيا في أعماق البحار.

نظرية التعلم التعاضدي هي: منهج تتعلم عبره مجموعة من الأفراد بعضهم من البعض الآخر من خلال العمل معًا، والتفاعل لحل مشكلة، أو إكمال مهمة، أو إنشاء منتج، أو مشاركة تفكير الآخرين. تختلف هذه الطريقة عن التعلم التعاوني التقليدي، فبين كلمتي تعاون وتعاضد اختلاف لغوي بسيط، لكنه يصبح مهمًا عند ارتباطه بطرق التعليم. فالتعلم التعاوني التقليدي […]

حتى وقتٍ قريب، كان العلماء مجمعين على أن الثقافة هي سمةٌ فريدةٌ للبشر. لكن الأبحاث العلميّة التي أجريت على الحيوانات، منذ منتصف القرن العشرين، كشفت عن عددٍ كبيرٍ من الأمثلة على انتشار الثقافة لدى أغلب الحيوانات. وعلى الرغم من الغموض الذي يلفّ تعبير الثقافة، حسب وصف موسوعة جامعة ستانفورد الفلسفيّة، هناك شبه إجماعٍ بين العلماء […]


0 تعليقات على “لمس الوجه لغزٌ مشفّر في بنيتنا البيولوجية والنفسية”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *