كشفت دراسة بحثية مشتركة بين جامعة برمنجهام وجامعة أوروبا الوسطى، ونُشرت نتائجها في مجلة علمية (PNAS) بتاريخ 9 يوليو 2024م، أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عام واحد يمكنهم الجمع بين المفاهيم البسيطة وتحويلها إلى أفكار معقدة، وهو ما يوضح أن الإبداع يبدأ منذ الطفولة. وتشير الدراسة إلى أن الأطفال ليسوا قادرين على التفكير الإبداعي قبل وقت طويل من بدء التكلم فحسب، بل إن هذا النوع من التفكير قد يكون ضروريًا لاكتساب اللغة.

وتقول الباحثة الرئيسة، الدكتورة باربرا بوميتشوفسكا: “لا حدود للإبداع البشري: لقد أخذنا إلى القمر وسمح لنا بعلاج أمراض مميتة. ولكن على الرغم من أهميته، فإننا لا نعرف بعدُ متى وكيف تظهر هذه القدرة الرائعة على الجمع بين الأفكار وابتكار أشياء جديدة. ويُظهر هذا البحث أنه يجب علينا العودة إلى بداية اكتساب اللغة لحل هذا اللغز”.

فقد وجد الباحثون مثلًا، أن الأطفال كانوا قادرين على تعلُّم كلمات جديدة تصف كميات صغيرة بسرعة كبيرة، وهو إنجاز مثير للإعجاب، والجمع بين هذه الكلمات تلقائيًا مع الكلمات المألوفة لفهم العبارة بشكل كامل.

أجرى الباحثون دراسة على مجموعة مكوَّنة من 60 طفلًا، جميعهم في سن 12 شهرًا تقريبًا. وبدؤوا بتعليم الأطفال كلمتين جديدتين تصفان الكمية: mize وتعني “واحدًا”، وpadu وتعني “اثنين”. ثم طُلب من الأطفال الجمع بين هذه الكلمات الرقمية الجديدة وأسماء أشياء مختلفة، مثل تحديد “بط”padu  من بين مجموعة مختارة من الصور. ومن خلال تعليم الكلمات الجديدة لتمثيل الكميات، تمكن الباحثون من اختبار قدرة الأطفال على الجمع بين المفاهيم في الوقت الفعلي، بدلًا من مجرد تذكر مجموعات من الكلمات التي يعرفونها بالفعل من تجربة سابقة.

وباستخدام تقنية تتبع العين لمراقبة المكان الذي ينظر إليه الأطفال، تمكن الباحثون من إظهار أن الأطفال يمكنهم بنجاح الجمع بين المفهومين لفهم ما يُسألون عنه.

وتضيف الدكتورة أغنيس كوفاكس، من قسم العلوم الإدراكية في جامعة أوروبا الوسطى: “بالنسبة إلى الأطفال، من المرجح أن تساعد هذه القدرة على الجمع بين المفاهيم المختلفة ليس في تفسير المدخلات اللغوية المعقدة فقط، بل أيضًا في التعرُّف على جوانب مختلفة من العالم المادي والاجتماعي. أمَّا بالنسبة إلى البالغين، فإن هذه القدرة تساعد على تجاوز كل ما جرى التفكير فيه سابقًا، وفتح العقل نحو احتمالات جديدة لا حصر لها”.