مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
نوفمبر – ديسمبر | 2024

ابن بطوطة

ومراكب عصره

مهى قمر الدين

معلوم أن ابن بطوطة انطلق في القرن الرابع عشر الميلادي في رحلات شاقة عبر كثير من البلدان في العالم الإسلامي وخارجه، استغرقت حوالي ثلاثين سنة، قطع خلالها 75,000 ميل، أي ما يعادل 121,000 كيلومتر.

وقد اهتم ابن بطوطة بتنوع أسماء المراكب المختلفة التي استخدمها ووثقها، منها أسماء عربية وأخرى مستمدة من لغات أجنبية. وقد عكس هذا التنوُّع في الأسماء التفاعل الثقافي والتجاري بين الشعوب المختلفة، وأظهر تقنيات البناء وأغراض الاستخدام. وفي هذا المجال، يُمكن الإشارة إلى نوعين اثنين من المراكب استقلّهما هو شخصيًا، وهما: الجلبة والجاكر.

ففي بداية رحلته عام 1330م، ركب ابن بطوطة سفينة “الجلبة”، التي كان قد وصفها كتاب “الطواف حول البحر الإريتري”، وهو دليل ملاحة يوناني روماني، قبل أكثر من ألف عام، بأنها كانت مصنوعة من ألواح مخيطة معًا بجوز الهند ومُعالَجة بزيت سمك القرش. حدث التجربة الأولى لابن بطوطة على هذا المركب عندما كان يستعد للإبحار من جدة إلى اليمن. وعلى الرغم من روحه المغامرة، فإنه شعر بالقلق من الإبحار على متن سفينة محملة بالإبل، وهو ما زاد من مخاوفه من الإبحار في البحر أوَّل مرة. وكانت بالفعل مخاوفه في محلها؛ إذ جرفتها الرياح بعد يومين من الإبحار، وانحرفت عن مسارها لترسو على الساحل الإفريقي بدلًا من شواطئ اليمن.

وخلال رحلاته إلى جزر المالديف وسومطرة، استخدم ابن بطوطة سفينة أكبر تُعرف باسم “الجاكر”، التي كانت قادرة على حمل عدد كبير من الركاب والبضائع. وقد وصفها بأنها متينة، مصنوعة من خشب قوي، وهو ما جعلها قادرة على مواجهة العواصف والأمواج العالية. كما كانت مزودة بمرافق متعددة مثل أماكن لتخزين الماء والغذاء تكفيها للقيام برحلات الطويلة.

بالإضافة إلى ما ذكره عن تلك السفن، كان ابن بطوطة أول رحَّالة تحدث عن قيام بعض البلدان بتخصيص يوم يُحتفل فيه بالبحر، يجري فيه سباق للمراكب البحرية والتراشق بالماء، وتُوزَّع فيه الجوائز. وقد عُرِف هذا اليوم في جزر المالديف باسم “يوم التبحّر.”


مقالات ذات صلة

الربيع قُل “الربيع”، فتعصف في الذهن صورة الأرض الخضراء المزهرة، والنسيم العليل. ولكن الربيع أكثر من ذلك. فهو “شباب الزمان”، كما قال عنه أحمد أمين. وهو احتفال وتذكير بهيج بأن الحياة دورية ومتجددة باستمرار. كما أن جماله لا ينحصر فقط في الطبيعة المذهلة أو الأصوات المبهجة، ولكن أيضًا في الشعور العميق بالأمل. فعندما نشهد صحوة […]

إذا ما أخذنا درسًا من أسلافنا، فلا ينبغي لنا أن نعدَّ قدوم الربيع أمرًا حتميًا، بل ربَّما علينا إعادة النظر في أفعالنا التي تؤثر في التغيُّر المناخي، وتعطِّل إيقاع المواسم والتناوب الطبيعي للفصول، وذلك لتجنب وقوع ظاهرتين اثنتين باتتا من معالم فصل الربيع في مواقع عديدة من العالم. منذ مدة ليست ببعيدة برز مفهومان حديثان […]

يقول الفيلسوف الأمريكي، رالف والدو إيمرسون، إن “الأرض تضحك في الزهور”. وبالفعل فإن أكثر ما تظهر هذه الضحكة من خلال الزهور المتفتحة في الربيع. ولذلك نجد أن الزهور هي الرموز الأكثر تمثيلًا لهذا الفصل الواعد. فلكل زهرة رمزيتها الفريدة في كل ثقافة على حِدة، وهو ما يُسهم في السَّرد العام للتجدّد في فصل الربيع.  تشمل […]


0 تعليقات على “ابن بطوطة ومراكب عصره”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *