النفط الخام عبارة عن مزيج معقَّد من عدد كبير من مركبات هيدروكربونية وأخرى غير هيدروكربونية، وعناصر كيميائية مختلفة، ويتفاوت التركيب الكيميائي للنفط نوعياً وكمياً من نفط إلى آخر، إلا أن السمة المشتركة التي تربط بين معظم المركبات الداخلة في تركيبة هي وجود ذرات الكربون والهيدروجين، ويمكن القول إن اختلاف خواص النفط ينبع من القدرة المتميزة لعنصر الكربون على الاتحاد مع العناصر الأخرى، ليشكل تكوينات جزيئية بسيطة أو معقدة.
المهندس أمجد قاسم، عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين، يتناول هنا الأسس الكيميائية والمقاييس الفيزيائية لتصنيف النفط الخام، وما يميز كل صنف منها عن الآخر.

تقسم مكونات النفط إلى صنفين أساسيين هما البارافينات Paraffins والنافثينات Naphthenes، فالبارافينات هي مركبات هيدروكربونية ذات سلاسل كاملة الاستقامة تسمى بالبرافينات العادية paraffins أو برافينات متفرعة iso – paraffins.

وتتكون من أعداد متنوعة من ذرات الكربون والهيدروجين، أما النافثينات فتتميز بتركيبها الكيميائي الحلقي Ring compounds، وقد تتكون من حلقة أو أكثر وأساس تركيبها الكربون والهيدروجين، إلا أن النفط يتكون أيضاً من عدد آخر من المركبات غير الهيدروكربونية، كمركبات الكبريت ومركبات النيتروجين ومركبات الأوكسجين وبعض مركبات المعادن كالفاناديوم والنيكل والحديد وعناصر أخرى كالكالسيوم والصوديوم والمغنيسيوم بالإضافة إلى بعض الأملاح والماء، وتكسب هذه المركبات أنواع النفط اختلافات مهمة، وتحدد بالتالي جودته وطرق التعامل الكيميائي معه.

تصنيف النفط الخام حسب تركيبه الكيميائي
يُعد التركيب الهيدروكربوني أساساً للتصنيف الكيميائي للنفط الخام، ويتم تحديد ذلك بعد إجراء عملية تقطير بسيطة لعيِّنة منه عند درجات حرارة مختلفة، وقد صنف النفط الخام إلى ثلاثة أصناف رئيسة هي:

1 – 
نفط برافيني الأصل: ويتكون هذا النوع من النفط من الهيدروكربونات البرافينية، وهو خالٍ أو يكاد يكون خالياً من المواد الإسفلتية، ويعطي هذا النوع من النفط كميات جيدة من الشمع البرافيني وزيوت التزييت عالية الجودة.

2 – 
نفط نفثيني الأصل: ويتألف هذا النوع من النفط من النفثينات ومن نسبة عالية من المواد الإسفلتية، ويحتوي على كميات قليلة من شمع البارفين أو يكاد يخلو منها، ولإنتاج زيوت التزييت من هذا الخام لتكون بكفاءة الزيوت التي يتم إنتاجها من الخامات البرافينية الأصل، يستلزم إجراء معالجات كيميائية خاصة.

3 – 
نفط مختلط الأصل: ويتكون هذا النوع من النفط من مزيج من البرافينات والنفثينات ونسبة قليلة من المركبات العطرية ويحتوي على مقادير متفاوتة من شمع البرافين والمواد الأسفلتية.

تجدر الإشارة إلى وجود تداخل بين هذه الأصناف من النفط، وأن النسبة الأكبر من النفط الخام في العالم تكون من النوع المختلط الأصل.

أما مكتب المناجم الأمريكي فقد اعتمد تصنيفاً خاصاً للنفط، يعتمد أيضاً على التركيب الكيميائي للمنتجات الموجودة فيه، وهذا التصنيف هو:

1 – 
بارافينية / بارافينية: وتكون المنتجات النفطية سواء الخفيفة والمتوسطة والثقيلة من النوع البرافيني، أي إن تركيبها الكيميائي على شكل سلاسل.

2 – 
نافثينية / نافثينية: وتكون المنتجات الخفيفة والمتوسطة والثقيلة من النفط في معظمها نافثينية، أي على شكل حلقات.

3 – 
بارافينية / نافثينية: وتكون معظم المنتجات الخفيفة بارافينية، أما المنتجات المتوسطة والثقيلة فتكون نافثينية.

4 – 
نافثينية / بارافينية: وتكون المنتجات الخفيفة في معظمها نافثينية، أما المنتجات المتوسطة والثقيلة فتكون في معظمها بارافينية.

هذا ويبين الجدول التالي تصنيفاً للنفط الخام حسب نسبة كل من البارافينات والنفثينات والإسفلت فيه، والذي قلما نجد نفطاً خاماً ينطبق عليه هذا التصنيف بشكل دقيق:

من جهة أخرى، فقد تم ابتكار مقياس كيميائي آخر لتصنيف النفط الخام، يعتمد على نسبة الكبريت فيه، نظراً لأثره الكبير على تآكل المعدات والتجهيزات في مصافي تكرير النفط وقدرته العالية على تلويث الهواء الجوي، وفي العادة تتراوح نسبة الكبريت ( بالوزن ) من تقريباً صفر إلى %6.

وبناء عليه تم تصنيف النفط الخام إلى نفط حلو Sweet تكون نسبة الكبريت فيه منخفضة، ونفط حمضي أو مر Sour تكون نسبة الكبريت فيه عالية، وترتفع جودة النفط كلما انخفضت نسبة الكبريت فيه، إذ إن احتواء الخام على عنصر الكبريت بنسبة عالية يتطلب معاملات ومعالجات كيميائية خاصة في مصافي التكرير. ويبين الجدول التالي نسبة الكبريت في بعض خامات النفط المختلفة:

كذلك يتم قياس نسبة الأملاح Salt content في النفط الخام، ويعبر عنها بكمية كلوريد الصوديوم، فإذا زادت عن (0.001 lb/bbl) فإن ذلك يؤثر على سعر النفط الخام، إذ إن وجود الأملاح في النفط يؤدي إلى تكوين ترسبات في الأنابيب الناقلة له وحدوث انخفاض في الضغط، كما يؤثر على عمل المضخات ويتسبب في تآكل المعدات وهذا يتطلب إزالة تلك الأملاح قبل إخضاع الخام لعمليات التكرير.

تصنيف النفط الخام حسب المقاييس الفيزيائية
بالرغم من أهمية التصنيف الكيميائي للنفط، سواء ما كان مبنياً على أساس وجود البارافينات والنفثينات، أو ما كان له علاقة بنسبة وجود الكبريت في الخام، إلا أن تعدد أنواع النفط والتي تصل إلى 160 نوعاً، فرضت اعتماد مقاييس فيزيائية للنفط نذكر منها:

1 – الكثافة النسبية والوزن النوعي
تتعدد التعبيرات المستخدمة للتعبير عن الكثافة والوزن النوعي، وهي في مجملها تشير إلى النسبة بين كتلة الجسم (وزنه) إلى حجمه، فالكثافة النسبية تدل على نسبة كثافة المادة المختبرة (النفط الخام) على درجة حرارة 25 سلسيوس إلى كثافة الماء على درجة 4 درجة سلسيوس (عند هذه الدرجة من الحرارة يكون للماء أعلى كثافة)، ففي مثل هذه الظروف الفيزيائية تتساوى الكثافة النسبية مع الوزن النوعي النسبي. ومعرفة كثافة النفط الخام مهمة جداً، إذ إن النفط الذي يحتوي على قطفات منخفضة الغليان تكون كثافته منخفضة، ويؤدي وجود الراتنجات والأسفلتينات إلى زيادة كثافة النفط، وتتراوح كثافة النفط في الغالب بين 0.82 غم/سم3 و 0.9 غم/سم3 وقد تنخفض إلى 0.75 وقد تصل إلى واحد، وتدل كثافة النفط على تركيبه بشكل تقريبي.

2 – الوزن الجزيئي الغرامي
يعرف الوزن الجزيئي الغرامي للمركب الكيميائي بأنه مجموع أوزان الذرات المكونة له مقدراً بوحدات الأوزان الذرية، ويتوقف الوزن الجزيئي للنفط ولقطفاته، على الوزن الجزيئي للمركبات الداخلة فيه وعلى النسبة فيما بينها، ونظراً لأن النفط الخام يتكون من عدد كبير من المركبات بعضها معقَّد التركيب، لذلك لا يمكن تحديد الوزن الجزيئي الغرامي له بدقة، بل يتم حساب ما يعرف بالوزن الجزيئي الغرامي المتوسط ، ويزداد الوزن الجزيئي الغرامي لقطفات النفط بارتفاع درجة غليانها.

3 – اللزوجة (الاحتكاك الداخلي للسائل)
اللزوجة هي مقاومة السائل لإزاحة إحدى طبقاته بالنسبة لطبقة أخرى تحت تأثير قوة خارجية، وهي مقياس لمدى مقاومة الزيت للسريان. وتتعدد تعاريف اللزوجة، فمنها الدينامية Dynamic والكينماتية Kinematic وهي النسبة بين اللزوجة الدينامية والكثافة النسبية للسائل عند درجة الحرارة نفسها، وارتفاع اللزوجة مؤشر على الطبيعة الغروية للنفط أما انخفاضها فهو مؤشر على سيلان النفط وانخفاض درجة غليانه، وعند حساب اللزوجة للنفط ، تحسب في العادة بواسطة جهاز اللزوجة Saybolt universal viscometer والذي يقيس الزمن بالثواني اللازم لتدفق عينة من الزيت مقدارها 60 مل موضوعة في أنبوب، والتدفق يكون من خلال ثقب في قاع ذلك الأنبوب عند درجة حرارة ( 100 F0 , 130 F0 , 210 F0 )، وتسجل القيمة بوحدة Saybolt universal seconds , SUS. وتجدر الإشارة إلى أن انخفاض اللزوجة يُعد ميزة تجارية للنفط الخام ومؤشراً مهماً على مواءمته للنقل في الأنابيب، كما يعطي دلالة أولية على طرق معالجته كيميائياً في مصافي التكرير، ونظراً لأهمية معرفة لزوجة النفط، تم وضع دليل خاص باللزوجة Viscosity Index والذي يستند إلى مخططات بيانية على أساس معرفة مقدار اللزوجة عند بعض درجات الحرارة.

4 – الخصائص الضوئية ومعامل الانكسار
للون النفط أهمية خاصة في معرفة نسبة الراتنجات والاسفلتينات في النفط الخام، ويتراوح لون النفط الخام من اللون البني الغامق حتى اللون الأسود وذلك في الأنواع التي تحتوي على نسبة مرتفعة من الإسفلت والمركبات الكبريتية. ويتم تقدير لون النفط بواسطة جهاز قياس الشدة اللونية Colorimeters، حيث تتم مقارنة عينة النفط مدار الدراسة مع مجموعة من المحاليل القياسية ذات الألوان المختلفة.

كذلك من ضمن القياسات الضوئية للنفط، اختبار معامل الانكسار، حيث إن مرور شعاع ضوئي بين وسطين مختلفين يؤدي إلى تغير في اتجاه ذلك الشعاع، ويعرف معامل الانكسار بأنه النسبة بين زاوية سقوط الشعاع وزاوية الانكسار، ونظراً لاحتواء النفط الخام على مجموعة كبيرة من المركبات الهيدروكربونية فإن معامل الانكسار يختلف من نوع نفط إلى آخر، فالهيدروكربونات البارافينية يكون معامل انكسارها قليلاً، يليها الهيدروكربونات النفثينية ثم الأروماتية، وبشكل عام يزداد معامل الانكسار بازدياد الوزن الجزيئي للهيدروكربونات.

5 – نقطة الانسكاب
تستخدم نقطة الانسكاب Pour point لمعرفة تركيز المواد البارافينية أو الأروماتية في النفط الخام، وكلما كانت هذه الدرجة عالية كانت نسبة البارافينات كبيرة.

6 – دليل العلاقة
تم وضع دليل العلاقة Correlation Index , CI بناءً على أن البارافينات المستقيمة لها دليل علاقة يساوي صفرا، أما البنزين العطري فله دليل علاقة يساوي 100، وكلما كان هذا الدليل منخفضاً كان النفط بارافيني الأساس، أما إذا كان الدليل كبيراً فإن النفط يكون أروماتي أو نفثيني الأساس.

7 – الكربون المتبقي
تُعد نسبة الكربون في النفط الخام، أحد أهم المعايير التي يتم بموجبها الحكم على مدى جودة النفط، ولتعيين الكربون المتبقي Carbon Residue يتم تقطير عيِّنة من النفط الخام تقطيراً كاملاً بغياب الهواء، وما يتبقى من كربون يدل على محتوى النفط الخام من الإسفلت ومدى إمكانية استخلاص زيوت التزييت منه، وكلما كان الكربون المتبقي قليلاً تكون قيمة النفط أفضل، ويسمى هذا الاختبار باختبار كونرادسون Conradson test.

مقاييس تجارية لتصنيف النفط الخام
أدى ازدهار تجارة النفط في العالم، إلى اعتماد عدد من المقاييس التجارية والتي تهدف الى تسهيل عملية تصنيف النفط الخام، وتقلل الحاجة إلى إجراء عمليات التحليل الكيميائية المعقدة والباهظة التكاليف، ومن أهم تلك المقاييس التجارية نذكر:

أ) 
مقياس درجة الوزن النوعي لمعهد النفط الأمريكي (American Petroleum Institute API ) حيث يتم قياس هذه الدرجة لأي نفط إذا عرف وزنه النوعي والذي يتناسب عكسياً مع هذه الدرجة كما تحددها العلاقة التالية:

ودرجة API تتراوح بين 10 و50، وفي معظم أنواع خام النفط تنحصر القيمة بين 20 و45، وهذا المقياس يحدد سعر النفط الخام، فإذا ارتفعت درجة API، فإن ذلك يعني أن النفط خفيف، وبالتالي تكون قيمته التجارية مرتفعة، علما بأن هذا المقياس يستخدم بالإضافة للبترول الخام للمشتقات النفطية وخصوصاً القطفات الثقيلة.

ب) معامل التصنيف K.U.O.P
توصل الباحثون في شركة يونيفرسل أويل Universal Oil Products إلى علاقة بين نوع الهيدروكربونات الموجودة في النفط الخام ونسبتها من ناحية والكثافة النوعية للخام ودرجة غليانه المتوسطة من ناحية أخرى ، وهذه العلاقة عرفت باسم معامل التصنيف K.U.O.P، ويتراوح هذا المعامل بين 10.5 للخامات النفثينية الثقيلة و 12.9 للخامات البارافينية الخفيفة، ويبين الجدول التالي بعض أنواع النفط العربي وقيم API و K.U.O.P لها:

خامات النفط القياسية
يختلف النفط في طبيعته من مكان إلى آخر، نظراً لاختلاف نسبة الهيدروكربونات الداخلة في تركيبه، وكذلك تفاوت نسبة بعض المواد الكيميائية الأخرى الموجودة فيه كالكبريت والنيتروجين والأملاح وغيرها من العناصر والمركبات، وقد استخدمت لتصنيف أنواع النفط المختلفة ولتسهيل تسعيرها بعض خامات النفط القياسية، كخام برنت وخام وسيط غرب تكساس، حيث يتم تسعير النفط الخام، بناءً على مدى اختلافها عن تلك الخامات القياسية سواء من ناحية الكثافة أو الحموضة أو غيرها من المؤشرات الفيزيائية المختلفة.

ويُعد خام برنت Brent من أشهر خامات النفط القياسية، ويستخدم لتسعير ثلثي إنتاج النفط في العالم، ويتكون هذا الخام من مزيج نفطي من 15 حقلاً نفطياً مختلفة في منطقتي برنت ونينيان في بحر الشمال، وهاتان المنطقتان تنتجان نحو 500 ألف برميل من النفط يومياً، ويتميز خام برنت بأنه من أنواع النفط الخفيفة ووزنه النوعي يبلغ 0.835 درجة، كما أن نسبة الكبريت فيه منخفضة وتبلغ نحو %0.37، أما درجة API له فحوالي 38.06، ويباع هذا الخام في الأسواق العالمية بسعر أعلى قليلاً (نحو دولار أمريكي) عن سلة نفط أوبك وبسعر أقل (نحو دولار أمريكي) عن خام وسيط غرب تكساس.

أما خام وسيط غرب تكساس West Texas) Intermediate WTI)، فيبلغ وزنه النوعي 0.827 درجة وهو نفط خفيف ونسبة الكبريت فيه قليلة وتبلغ نحو %0.24، ودرجة API له بحدود 39.6، ويستخدم هذا الخام بشكل أساسي لإنتاج الجازولين في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو من أحد خامات النفط القياسية التي تستخدم لتسعير الخامات الأخرى خصوصاً في أمريكا الشمالية.

أما منظمة الدول المصدِّرة للنفط أوبك (OPEC) فقد وضعت نظاماً مرجعياً خاصاً بها، عرف بسلة أوبك (The OPEC Reference Basket ORB)، والتي تضم مجموعة من خامات النفط، وهذه الخامات هي، الخام العربي السعودي الخفيف، وخام مربان الإماراتي، وخام صحارى الجزائري، وخام التصدير الكويتي، وخام البصرة الخفيف العراقي، والخام البحري القطري، وخام السدر الليبي، والخام الإيراني الثقيل، وخام بوني الخفيف النيجيري، وخام جيراسول الأنجولي، وخام ميري الفنزويلي، وخام أورينت من الأكوادور

ويلاحظ أن سلة أوبك، هي مزيج من عدد من أنواع النفط الخفيفة والثقيلة، وبالتالي فإن سعرها في العادة يكون أقل من سعر خام برنت وخام وسيط غرب تكساس.