يكشف مهند طهبوب في هذه القصيدة عن شاعر شاب ذي تجربة مستوفية الشروط. ف”له احتمال” هي قصيدة الاحتمالات والتحمّلات. أي احتمال أن يحدث الأمر، أو تحمّل الأمر لأسباب يذكرها في القصيدة المناسبة كأنها مكتوبة لتغنى، هذا مع العلم أن الشاعر كتب عدداً من القصائد التي تحوّلت إلى أغانٍ.
المستحيل له احتمال كما للقاعدة استثناء. لكن احتمالية المستحيل ترتبط بالمنادى في القصيدة، الآخر الذي قد يكون الشاعر نفسه أو أناه، أو صورته في عين القصيدة، وربما هو آخر في مكان خارج الشاعر، يظهر تارة أنه معه في نفس المكان، وتارة أخرى أنه هناك في أمكنة مختلفة يروح ويجيء إلى خيالات الشاعر عبر كلماته ومجازاته.
وقصيدة له احتمال هي قصيدة دائرية، أي بلا بداية ولا نهاية، يمكن قراءتها من الأعلى إلى الأسفل أو العكس من الأسفل إلى الأعلى، وستؤدي المعنى نفسه، لأن الاحتمالات المرفوعة مشروطة بإجابات، بالإجابة الأولى يمكن أن تسبق الثانية والثالثة أن تحل محل السادسة، وهكذا، وهذا لن يغيّر في المعنى.
لا يمكن إرجاع الصورة الشعرية في هذه القصيدة إلى قصائد ما أو سياق شعري أو الوقوع على تأثر بلغة ما. هي خاصة وكأنها نابتة من اللامكان، أو من المكان اللصيق بصاحبها وحده، ذاك الذي حين يخلط جسده بالاحتماليات وبآليتها التي تفرز مشاعر الداخل، بالحبيبة الغائبة والمدينة المنقوعة بآثامها، ينتج عن كل هذا الخليط عصير النص الخاص.

غنيَّ لها:
المستحيلُ له احتمالٌ عندما نبقى معاً

قالت له:
لسنا سوانا كي نصدِّق ما نقول لبعضنا
فالمستحيل
له احتمالٌ
عندما نبقى
بعيداً عن سراب الأغنياتِ
له احتمالٌ
عندما نصحو قليلاً من سبات الأمنياتِ
له احتمالٌ
عندما نشفى من الهذَيان ننسى ذكرَ ذكرِ الذكرياتِ
له احتمالٌ
عندما تعلو الذوات على الصفاتِ
له احتمالٌ
عندما يرقى الكلامُ المستعارُ
إلى موازاة السكاتِ
وإنّهُ
أحرى بنا أن لا نكون سوى الذي كنَّاه قبل لقائنا
فالمستحيل لقاؤنا يوماً مصادفةً على طرف الطريق له احتمال
عندما نبقى فرادى: أنتَ أنتَ، أنا أنا.
وإلى وصول الاحتمال من المجاز إلى الحقيقة
ربما
ألقى غريباً ما على طرف الطريق
أحبّه، فيحبّني
ولربما
غنَّيتُ في يومٍ مجاملةً له:
المستحيلُ له احتمالٌ عندما نبقى معاً